أصبح الآن عندنا حكومة، وزراؤها طبعًا من الأرض، «حالهم فوق حالنا»، و«مالهم من مالنا»، هنجيب ناس تحكمكم منين؟ فنحن لم نستعمر المريخ بعد، ولم نتجاوز آثار التجريف بعد. لهذا اضطررت إلى القبول بنظرية «وماله.. اللى عنده شىء يقدمه، ونشوف»، لا فرق كبيرًا بين محلب ودحلب، أو زند وصابر، أو فهمى وشكرى، أو مسلمانى وعصفور.. كلهم مصريون عينهم بصيرة، وإن اختلفت الأيادى فى الطول والقصر! علينا أن نمضى، مش مهم يعنى حكاية الكراسى، ممكن نتحمل شوية، ونقبل شعار «4 ورا يا أفندية» عشان نوصل.. الضرورة يا جماعة.. الإرهاب.. داعش.. الأزمة الاقتصادية.. ال............. أوكيه موافقين.. مرحبًا يا حكومة، بس ممكن نتناقش؟ هل لديكم خطة تفصيلية معلنة ببرنامج زمنى؟! هل ظهر برنامج الريس لوضعه محل التنفيذ؟! هل لديكم إضافة ولّا هتقضوها إزالة؟! - لدينا الكثير. مثل ماذا؟ - الاستعداد لتنفيذ الاستحقاق الثالث.. الانتخابات البرلمانية، ولهذا أصدر السيد الرئيس قرارًا جمهوريًّا بتشكيل اللجنة العليا للإصلاح التشريعى برئاسة المهندس إبراهيم محلب. واللجنة دى بتتسلق ولّا بتتحمر، يعنى المواطن ياكلها إزاى؟ - هذا قرار مهم لتعديل القوانين القديمة بما يتلاءم مع الدستور الجديد. عظيم، يعنى ممكن إعادة النظر فى قانون التظاهر، وقيود الرقابة، وقوانين الانتخابات والممارسة السياسية، وتخصيص الأراضى، وتحصين مؤسسات وشخصيات فى المجتمع بما يتعارض مع منظومة الحريات ومبدأ المساواة؟ - مش هنقدر نعمل كل حاجة مرة واحدة، القوانين كثيرة جدًّا، واللجنة ستعمل حسب أولويات المرحلة. ومن يحدد هذه الأولويات؟ - رئيس اللجنة. اللى هو رئيس الحكومة؟ - نعم. اللى عيّنه رئيس الجمهورية؟ - نعم. ليه نخاطر بالتكويش من أولها، مش ده دور مجلس النواب ولّا إيه.. الانتخابات بعد رمضان؟ - تشكيل اللجنة حق للرئيس، لأنه يملك حاليا سلطة التشريع. هل يعنى هذا أن اللجنة مؤقتة، ينتهى عملها بمجرد انتخاب المجلس؟ - اللجنة دائمة، وستقدم جهدها للمجلس كمقترحات وتوصيات. مش فاهم.. لماذا «العجلة» إذن؟ ما نستنى المجلس التشريعى. - لأننا نحتاج إلى قوانين سريعة تناسب المرحلة، ولا بد من دراستها جيدًا لحين انتخاب البرلمان، وللعلم ليست كلها سياسية، فهناك مثلا مجال الاستثمار يحتاج إلى تشريعات كثيرة. آآه.. يعنى مش لجنة فنية لفرز القديم بس؟ - نعم، من اختصاصها أيضا إعداد القوانين التى سيصدرها الرئيس بمراسيم فى هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر. تقصد فترة الضرورة التى تذكرنا بالمحظورة؟ - هل تهزأ بقرار خطير يمثل حجر الأساس لمشروع إعادة بناء الكيان التشريعى فى الدولة؟ إطلاقا، أنا أكثر إحساسا بالخطر من سعادتك، وأعترف أننى أعانى من أزمة ثقة مع النظام، فهمنى بالراحة لأنى قلقان من حكاية إعادة بناء الكيان التشريعى من جانب سلطة تنفيذية، وفى غياب السلطة التشريعية المنتخبة! - ما قلنا فيه ضرورة. يعنى اللجنة ستنتهى بانتهاء الضرورة؟ - نعم. مش قلت قبل كده لأ؟ - الحقيقة مش عارف، القرار لم يوضح، اسأل متخصصًا فى القانون الدستورى مثل الدكتور رمضان بطيخ! كفاية بطيخ.. القرار مفهوم سيادتك، ومش محتاج أى بطيخ، بالنحوى كده: إنها لجنة عصرية للقضاء على ظاهرة «ترزية القانون» المسيئة، وتحويلها إلى مؤسسة ذات شكل قانونى، الجزء الخاص بدراسة وإعداد واقتراح القوانين سيستمر، لأنه يتبع مجلس الوزراء (حسب الدستور)، والجزء الخاص بتعديل التشريعات فيه قولان (حسب الظروف)، قول بانتهائه مع تشكيل البرلمان، وقول ببقائه (شرفيا) لينصح، ويوصى، ويبلغ للمجلس «توجيهات» السيد الرئيس، فيرفع النواب أياديهم بحماس واقتناع داخلى، يسبقهم صوت رئيس المجلس: موافقون. لكى نضمن أن كل شىء فى بلدنا يمشى بالقانون. دولة قانون دى، ولّا مش دولة قانون يا ديمقراطيين يا بتاع الليبرالية؟