شبح تزوير الانتخابات الرئاسية عاد ليطل برأسه مجددا مع الإعلان عن انتهاء اللجنة التشريعية المشكلة برئاسة المستشار عادل عبد الحميد، وزير العدل، من إعداد التعديلات الخاصة بقانون انتخاب رئيس الجمهورية، بما يتضمن السماح للناخبين بالتصويت خارج دوائرهم الانتخابية دون وجود ضمانات حقيقية لمنع التلاعب فى التصويت وتكراره. مخاوف التزوير التى أطلقها كبار القانونيين قبل ساعات من عرض مشروع القانون المقترح على مجلس الوزراء، تمهيدا لاستصدار مرسوم بشأنه خلال الأيام المقبلة، حذرت من تمرير المشروع فى صورته الحالية، موضحة أن الإصرار على تلك التعديلات أمر غير مبرر. المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى القضاة السابق، كان فى مقدمة المحذرين من تلك التعديلات فى تصريحات ل«التحرير» أمس قال فيها «إن نص القانون المقترح عن إطلاق حرية التصويت فى أى لجنة انتخابية يفتح باب التزوير على آخره، لأن الناخب يستطيع الإدلاء بصوته فى أكثر من لجنة فى ظل استحالة توفير كشوف بأرقام وأسماء أكثر من 50 مليون مواطن لهم حق التصويت أمام اللجان الفرعية، وافتقار مصر لشبكة إلكترونية متصلة بين جميع اللجان الفرعية تسمح لمشرفى اللجان بالكشف عن تصويت المواطنين إلكترونيا، فضلا عن أن الحبر الفسفورى المستخدم فى الانتخابات ثبت بالتجربة سهولة إزالته بأى مواد كيميائية بسيطة، كما ثبت خلو كثير من اللجان منه». عبد العزيز أوضح أنه فى حالة حدوث تزوير واضح فى تلك الانتخابات، فإنه لا يمكن لأحد المضارين من مرشحى الرئاسة الطعن على تلك الانتخابات أمام أى جهة قضائية -وفقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى- التى تجعل قرارات اللجنة العليا للانتخابات والرئاسة لا يمكن الطعن عليها بأى صورة من الصور، لكون جميع قراراتها نافذة ومحصنة ضد الطعن، مشيرا إلى أنه بات من الواجب الوطنى على كل مصرى الوقوف فى وجه إقرار ذلك النص من التعديلات وإلزام الجميع بالإدلاء فى دوائرهم حتى لا تعود ممارسات استفتاءات عصر مبارك. أما المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، فقد أكد أنه لا توجد أسس دستورية أو قانونية قد بنى عليها ذلك المشروع، لأنه بالدرجة الأولى كان يتعين إصدار الدستور قبل انتخابات مجلس «الشعب» و«الرئاسة» لكى تتحدد طبيعة الدولة وهويتها أولا قبل وضع قواعد انتخاب الرئيس، مشيرا إلى أن كل الإشكاليات القانونية التى تعيشها مصر الآن مرجعها لجنة «البشرى» الإخوانية التى أقرت استفتاء الانتخابات قبل الدستور. رئيس مجلس الدولة الأسبق وصف مشروع القانون المقترح ب«القانون مجهول الهوية» قائلا «لا توجد أسس دستورية شاملة يمكن الاستناد إليها لوضع أى قانون، وما انبنى من أحكام محل نظر، لذلك يجب إجراء استفتاء على قواعد انتخاب رئيس الجمهورية قبل تطبيقها، إذا كانت هناك رغبة حقيقية فى نزاهة الانتخابات الرئاسية». على الطرف الآخر قال الدكتور عاطف البنا، عضو اللجنة المشاركة فى إعداد القانون «لن نأتى بشىء جديد، وكل ما فعلناه أشبه باللائحة التفصيلية لما تم الاستفتاء عليه فى الإعلان الدستورى»، موضحا أن جميع الاستفتاءات والانتخابات التى تجرى على مستوى الجمهورية لا تحد بدوائر انتخابية.