لا يوجد بلد في العالم يخلو من الخطوط الحمراء التي تقوم بدور «براميل البحر» فتحذر كل من حاول تخطيها من خطر الغرق.. الغرق الذي لا تقوي عليه أطواق نجاة حقوق الإنسان وحرية التعبير.. ولكن تقوي عليه صيحات التمرد المطالبة بإبعاد هذه البراميل. ولكن مصر ليست كأي بلد في العالم.. فهي بلد تُحكم بالمزاج ولهذا فإن خطوطنا «الحمرا» تظهر فجأة ودون مقدمات لتمنع وتحرم وتحظر ما لم يأت علي مزاج أصحاب السلطة الذي نحاول تعكيره من خلال نشر هذه الممنوعات. · «الرئيس والمشير» هو ذلك النص الذي لم يكتب له أن يتحول لفيلم سينمائي، النص كتبه ممدوح الليثي وقرر إخراجه خالد يوسف ومنعته هيئة الرقابة علي المصنفات الفنية، وانضمت لصف الرقابة "الفنانة" برلنتي عبد الحميد زوجة المشير، وكأن الحكاية ناقصة. النص كتبه "الليثي" منذ عشر سنوات، بعدها اختار "خالد يوسف" ليكون مخرج العمل، وعندما تقدم الأثنان بالورق إلي الرقابة، رفضت الرقابة إعطاء تصريح تصوير لهما، وهو ما استفز «الليثي» و«يوسف» ودفعهما لرفع دعوي قضائية أمام مجلس الدولة، طالبا فيها بإلزام هيئة الرقابة علي المصنفات الفنية بإعطاء التصريح لهما.. «صوت الأمة» حصلت علي معالجة النص السينمائي لفيلم «المشير»، كما حصلت علي الأسباب الحقيقية التي وقفت في طريق تصوير الفيلم الفيلم اختار ثلاثين عاماً هي عمر العلاقة بين «جمال عبد الناصر» و«عبد الحكيم عامر» ليعرضها، وهي العلاقة التي بدأت في 1937 واستمرت حتي 1967، تبدأ الاحداث بالتحاق ناصر وعامر بالكلية الحربية، وسكنهما في شقة واحدة بمنطقة الفجالة بوسط القاهرة، وطلب والد جمال عبد الناصر من ابنه وصديقه الجديد بأن يقسما علي المصحف والمسدس، ويتعاهدان علي الإخلاص لبعضهما، وتستمر علاقتهما ببعض وتمر عليهما الحرب العالمية الثانية، ثم يشتركان في حرب 1948، ويعمل الاثنان مع بعضهما في السياسة ويكونا تنظيم الضباط الأحرار، حتي تقوم ثورة يوليو 1952، ومن هنا تبدأ مرحلة أخري من مراحل السيناريو، حيث يبدأ «عبد الناصر» في الاعتماد علي صديقه بشكل مبالغ فيه، فيعينه قائدا عاما للقوات المسلحة، دون أي خبرة عسكرية من وجهة نظر السيناريو بعدها تحدث أزمة مارس 1954 والتي يطيح فيها «ناصر» بالرئيس «محمد نجيب» ويتولي رئاسة الجمهورية، ويبقي علي المشير في مكانه كقائد عام للقوات المسلحة، بل ويبقي عليه رغم فشله في تحقيق أي انتصار عسكري في العدوان الثلاثي 1956، وهنا سيوضح الفيلم أن انتصار مصر في العدوان الثلاثي، اعتمد علي انسحاب الجيوش المعتدية، وليس لانتصار المقاومة أو الجيش كما يعتقد الغالبية العظمي من الشعب المصري، وتستمر الأحداث في التصاعد حتي توقع الوحدة مع سوريا ويعين «عبد الناصر» صديقه حاكماً علي إقليم سوريا، وينتقل "عبد الحكيم" للإقامة في سوريا مصطحباً معه بعض رجالاته الذين ارتكبوا بعض التجاوزات في غياب رقابة المشير، وهو ما وقف بقوة وراء فشل الوحدة بين البلدين، فقام عبد الناصر باعادة «عامر» إلي القاهرة، وفي هذه الفترة كان المشير في حالة نفسية سيئة مما دعا بعض الأصدقاء للوقوف بجواره في أزمته النفسية، وكان علي رأس هؤلاء «صلاح نصر» رئيس المخابرات العامة وقتها، فاصطحبه إلي عدة سهرات بغرض إخراجه من حالته، وعرفه «نصر» علي الفنانة «برلنتي عبد الحميد» التي أبهرت المشير، فوقع في حبها وتزوجها، وهو ما ساعده علي اجتياز الأزمة، والعودة للعمل من جديد. وقبيل نكسة 1967 يسأله «عبد الناصر» هل نحن مستعدون فيرد «المشير»: برقبتي ياريس.. ولكن الهزيمة تأتي لتثبت أن «عامر» كان الرجل غير المناسب لهذا المنصب. وبعد الهزيمة يتنحي «عبد الناصر» عن الحكم، ويقبع «عامر» في منزله بالجيزة، وعندما يعود عبد الناصر بناء علي رغبة الجماهير، تحدث فرقة بين صفوف الجيش فيأخذ البعض جانب «عبد الناصر» والبعض الآخر جانب «المشير» لدرجة أن تمر بعض سيارات الجيش بجوار منزل المشير بالجيزة وتهتف ضد «عبد الناصر» وتعلن مساندتها للمشير، وهنا يقرر «عبد الناصر» تحديد اقامة المشير. وعن كيفية موت المشير وهل هو الذي أنتحر أم أن عبد الناصر هو الذي قتله ..؟ يقدم السيناريو وجهتي نظر.. فمرة يصور سيناريو انتحار المشير وأخري يصور كيفية تدبير قتله.. وقد قصد «الليثي» من هذا عدم الانحياز لوجهة نظر علي حساب الأخري، خاصة أنه قصد بالفيلم تأريخ فترة من أهم الفترات التي عاشتها مصر.. وهذا من خلال عرض درامي لشخصيتين حكمتا مصر. أما عن أسباب المنع فقد علمت «صوت الأمة» أن الرقابة لم تعترض علي أي مشهد إلا بعد أن أرسلت نسختين من السيناريو إحداهما للمخابرات الحربية، والأخري للمخابرات العامة، فطالب الجهاز الأول بحذف مشهد ظهور سيارات الجيش حول منزل المشير وهي تهتف ضد عبد الناصر، وهو ما قد يسئ لصورة قواتنا المسلحة لدي المواطن العادي (وهي وجهة نظرهم)، أما المخابرات العامة فقد طالبت بعدم ظهور رئيسها الأسبق «صلاح نصر» علي أنه الشخص الذي عرف المشير بالفنانة برلنتي عبد الحميد، وهي المشاهد التي رفض حذفها "الليثي" بدعوي أنه أراد تأريخ ما حدث كاملا«الليثي» أكد ل"صوت الأمة" أنه لن يلجأ لمؤسسة الرئاسة حتي تتم الموافقة له علي الفيلم، خاصة أنه يثق في حصوله علي الموافقة دون تدخل أحد