سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نزلاء مستشفي الأمراض العقلية يرفضون ترشيح جمال مبارك للرئاسة عشان أصله من الفلاحين.. هنا العباسية مجدي قال : أنفلونزا الخنازير كنت باشتريها من محل «مرقص» في التوفيقية وبعد انتشار المرض توقفت عن شرائها
· عبدالوهاب :الناس خارج المستشفي مفيش علي لسانهم غير السب والقوي بياكل الضعيف · كريم : تركت شارون ونيتانياهو في الوايلي وجيت هنا عشان ما أشفهمش تاني .. ونفسي أتجوز جارتنا بحبها قوي بس هي بتخاف مني مستشفي العباسية.. المبني الإداري أو أحد قصور الأسرة الخديوية، من هنا انطلقت التسمية الشعبية «السرايا الصفرا».. عنابر المرضي معظمها من طابق واحد، غرف احتجاز الحالات الخطرة.. أسوار حديدية خارج المبني وداخله، وحول الساحة الواسعة التي يجلس فيها المرضي خارج العنابر، المرضي منتشرون في كل مكان، لا تبدو عليهم آثار القلق أو الانزعاج من أي شيء في الوجود، كلهم هادئون طيبون وودعاء، فالحالات الخطرة لا تختلط بجموع المرضي، بعضهم يتبادل الأحاديث، وآخرون يجلسون في هدوء يمضون فترة الاحتجاز التي قد تطول في بعض الحالات إلي ما لا نهاية .. هنا أشهر مكان للمرضي النفسيين في مصر، المنشأة التي درجت كثيراً علي ألسنة الشعب تعبيراً عن التندر والفكاهة، وارتبطت في أذهان الجميع بالأفلام القديمة، وشخصيات فنية مثل الخواجة بيجو والدكتور شديد، واسكتشات غنائية مثل «أوعوا من صوت العقلاء» التي قدمها إسماعيل يس في فيلمه الشهير، ولأن أحداً لم يذهب إلي هذا المكان إلا زائراً أو طبيباً مقيماً أو ضمن هيئة التمريض وأفراد الأمن، والإداريين، وكل من له علاقة بهذا المبني، ظل المكان مرتبطاً في الوجدان الشعبي بالفكاهة والضحك، وأيضاً الاستعاذة منه علي اعتبار أن الداخل إلي هنا لن يخرج إلي الحياة من جديد، وهو تصور غير حقيقي بالطبع، لكنها طريقة تعامل المصريين مع المريض النفسي، الذي يعاني النبذ والإبعاد والخوف من التواصل معه بكافة الأشكال، من المصريين من يعتبره «ملبوس» وهي كلمة شعبية للدلالة علي الاصابة بمس شيطاني، وكلها تصورات خرافية من اختراع الخيال الشعبي عبر السنين، المهم أن المرضي هنا يعيشون خارج التصورات الشعبية، يمارسون الحياة برضا كامل، رأينا أحدهم يمسك صحيفة قومية وعلي وجهه امارات الاهتمام، فهل يتابع المرضي هنا ما يدور خارج هذه الأسوار كشكل من أشكال التواصل مع العالم الذي تركوه خلفهم قبل أن يعبروا إلي هنا؟. في الساحة الواسعة بين العنابر كان مجموعة من المرضي الشباب يلعبون الكرة، وقد شكلوا فريقين ووضعوا علامتين علي الأرض كإشارة إلي المرمي ووقف بينهما الحارس الذي لم يسكت لحظة عن تشجيع زملائه وحثهم علي التقدم للمرمي الوهمي المقابل، كانت طريقة لعبهم عشوائية تماماً، لم نلاحظ أن أحدهم يمتلك إمكانات مهارية خاصة، لكنهم جميعاً كانوا سعداء بعشوائيتهم منخرطين في اللعبة والهتاف والتشجيع حتي وضع أحدهم حداً للمباراة عندما انسحب من المكان وعلي وجهه علامات الإرهاق من كثرة الصياح واللعب وسرعان ما تبعه آخرون. التقينا بالمرضي من مختلف الأعمار.. شباب وشيوخ، أقلهم عمراً تجاوز العقد الثاني من عمره بسنوات قليلة، واليكم تفاصيل المشهد. أسامة محمد - 40 عاماً: أتيت إلي هنا بعد أن شعرت بأزمة صحية نتيجة ضغوط نفسية شديدة، وشخص الأطباء حالتي بأنني أعاني اكتئاباً حاداً، وبعد عدة شهور تحسنت حالتي وكان مقرراً أن أعود إلي أسرتي وعملي من جديد، لكن لم أكن أريد الخروج من هنا، وأعمل الآن داخل المستشفي، في الشئون القانونية. عملت قبل أزمة المرض في مديرية التنظيم والإدارة، ولا أريد الخروج من المستشفي علي الاطلاق، لأن الناس تنظر إلي كل الموجودين هنا نظرة متدنية، وهذه النظرة هي التي دفعتني للبقاء، الناس لا يعلمون أن المريض النفسي زي أي مريض عادي، من الممكن أن يتم شفاؤه. نحن نتابع هنا الأحداث التي تجري في الخارج ونطالع الصحف والفضائيات، ونعرف أن جمال مبارك هو الذراع المفرودة في البلد وأقول له «العملية كفاءة مش توريث» نعرف أيضاً قضية هدي عبدالمنعم وموضوع القروض والاختلاسات ولائحة التهم التي واجهتها، أما بالنسبة لقضية هشام طلعت مصطفي فهناك 17 بنداً في القانون كافية لاعدامه، وعن انفلونزا الخنازير مش عارف ليه كل شوية يطلعوا علينا بانفلونزا جديدة. أمنيتي الوحيدة ان البلد يتحسن، والناس تبقي واعية بمشاكلها أكثر من كده. عبدالوهاب محمد - 43 عاماً: يعمل فني كهرباء، موجود داخل المستشفي منذ 11 عاماً، مريض بالصرع: كنت أعاني من الصرع في البداية لكن الحمد لله بقيت كويس دلوقتي واتحسنت كتير عن الأول، وكل هذا بسبب ارتباطي بمجالس العلم وقراءة القرآن الكريم. أكتب الخواطر، وبتحسر علي الناس اللي بره المستشفي، ليه بيقلدوا بعض وليه يعملوا زي فلان وعلان وأنا أحب فقط رسول الله، والقرآن يقول «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله». الناس خارج المستشفي مفيش علي لسانهم غير السب والشتيمة والقوي بياكل الضعيف، دول بقوا زي الشياطين، وأقول لهم إن شفاء الأمراض يأتي بتنقية القلوب والرحمة والأمانة، أنا خايف عليهم وعلي أولادهم من البعد عن رحمة الله. عبده والي - 42 عاماً، سوداني الجنسية، ظل في مستشفي الخانكة أكثر من 20 عاماً حبيس غرفة مغلقة، رفض كل الأطباء التعامل معه إذ لا أحد يعرف لهجته، ولم ينجح طبيب واحد في التواصل معه، نقله الطبيب الذي تولي علاجه إلي مستشفي العباسية، ونجح في الوصول إلي اسم عائلته وبلده، عن طريق الاستعانة بوفد سوداني يدرس في الجامعة الأمريكية، استقبلهم في المستشفي وتركهم يتحدثون مع مريضه حتي علموا منه كل شيء عن حالته وهو ما ساعد الطبيب كثيراً في مهمة علاجه. كريم أنور - 32 عاماً، ظل يردد: حنوا علينا بقي وحسوا بينا، أنا موجود معاكم، بس كأني عايش في عالم تاني، يعني عشان دخلت العباسية تخافوا وتسخروا مني، انتوا عارفين أنا هنا ليه، تركت شارون ونيتانياهو في تليفزيون الوايلي، وقاعد هنا عشان مشفهمش. نفسي أتجوز جارتنا، بحبها قوي بس هي بتخاف مني. مجدي إسماعيل - 40 عاماً: والدي كان صحفياً بالجمهورية، ووالدتي صحفية كانت تعمل في مؤسسة الأخبار، وأنا هنا بسبب أخي، ويعمل في وزارة الخارجية، أقام ضدي قضية حجر، ومعرفش ليه بيضطهدني، أقمت قضية أخري لرفع الحجر عني واعادة أهليتي القانونية. أنا اتظلمت كتير من كل المسئولين في الدولة، من أول مبارك إلي جمال ابنه، أنا مش بحبهم، أصل دول ناس جاييه من الأرياف ومش من حقهم يحكمونا. انفلونزا الخنازير كنت باشتريها من محل اسمه «مرقص» في التوفيقية، لكن بعد انتشار المرض توقفت عن شرائها. تامر زغلول أحد الأطباء يؤكد أن هناك أنشطة عديدة داخل المستشفي لاعادة تأهيل المرضي منها التفصيل وأعمال السجاد، والنجارة والحدادة، وصناعة الأحذية، ويضيف: تعاقدنا مع الأمانة العامة للصحة النفسية وجمعية «كادتاس مصر» التي استحدثت أنشطة أخري مثل صيانة الكمبيوتر والموبايل وأعمال الكهرباء، وتعمل علي اعادة تأهيل المرضي النفسيين وإكسابهم مهارات متطورة، إنها الجمعية الوحيدة التي ترعي شئون المرضي وهي جمعية مثالية تتعامل مع المرضي بشكل محترم.