حالة شديدة من الاستياء والاستنكار سادت ربوع شمال سيناء،عقب قرار وزارة العدل بنقل جلسات محكمة شمال سيناء الى محكمة الاسماعيلية، بعد الحادث الارهابى الذى راح ضحيته 3 من القضاة وسائقهم وإصابة قاض آخر بطلق نارى بالعريش السبت الماضي. وبات الصمت يخيم على قاعات مجمع محاكم العريش بعد توقف جميع الجلسات فى مختلف درجات التقاضى، والتى كانت تزدحم برجال القضاء والمحامين وأطراف النزاعات وتوقف جميع درجات التقاضى بما فيها المحكمة الابتدائية والجزئية والأسرة من العريش؛ التى كانت تعقد جلساتها مرتين أسبوعيا إلى الإسماعيلية بسبب حادث اغتيال القضاة وسائقهم. ووصف المحامى إيهاب البلك، عضو الأمانة العامة لنقابة محامى مصر ممثلا عن شمال سيناء ورئيس لجنة الحريات بالنقابة، حادث اغتيال 3 قضاة بالعريش ب»الكارثي»، مشيرا الى أن الحادثة القت بظلالها على الساحة السيناوية بشكل عام من محامين، ومواطنين، وأرامل، ومطلقات، ولها أبعاد بكل المقاييس. وقال المحامى محمود سعيد لطفي، عضو مجلس نقابة المحامين بشمال سيناء، انه يسعى الى لقاء السيد وزير العدل احمد الزند لرفع مظلمة المحامين بشمال سيناء والمطالبة بعودة المحكمة مرة أخرى الى العريش للتخفيف عن كاهل المواطن حتى لا يتكبدون مشقة السفر لعدة مرات، وإنفاق مبالغ كبيرة فى الإقامة والإعاشة وهذا يمثل عبئا إضافيا عليهم. وقال ايهاب البلك المحامى والقائم بأعمال نقيب المحامين بشمال سيناء ل«صوت الأمة» إن قرار وزير العدل بنقل جلسات محكمة شمال سيناء الى الاسماعيلية هو «قرار متعجل وضد الدولة وهيبتها، ولا يصب فى مصلحة الامن القومى المصرى بسيناء، لكونه يعد مثالا صارخا لتفريغ مؤسسات الدولة الحيوية». وأشار البلك الى أن تفريغ محكمة شمال سيناء يعد بمثابة غنيمة للجماعات الارهابية التى تجد فى مثل هذا القرار تحقيقا لأهدافها. وقال حسن رضوان المحامى، إن انسحاب القضاة من محكمة شمال سيناء لمباشرة عملهم من محكمة الاسماعيلية يعد اعترافا رسميا من أجهزة الدولة بموازين القوى فى سيناء حاليا والتى يبدو أنها ليست فى مصلحة الدولة للأسف الشديد، بموجب قرار وزير العدل الذى يعد قرارا غير صائب ولا يصب فى مصلحة البلاد، وأشار الى أن نقل دوائر محكمة شمال سيناء الى محافظة الإسماعيلية يجب ألا يمتد كثيرا نظرا لأبعاده الإنسانية والسياسية التى قد تعصف بالمجتمع وتحقق مطامع الآخرين على ارض سيناء. فيما استنكر سالم فرحان عضو مجلس نقابة المحامين بشمال سيناء، قرار نقل المحكمة، لأنه يمثل عدة اعباء على المحامون، حيث سيضطر المحامين للسفر قرابة 300 كم من العريش الى الاسماعيلية، إلى جانب عدم وجود مقر كنقابة لمحامى شمال سيناء بمجمع محاكم الاسماعيلية، بالإضافة الى الخطر الذى يهدد ملفات القضايا خلال نقلها للإسماعيلية، خاصة ان الطريق من العريش للإسماعيلية صحراوى وغير آمن تماما. ويرى محمد الشريف المحامى أن قرار نقل المحكمة للإسماعيلية اكبر من موضوع قتل القضاة، الذى يشوبه الغموض والتقصير الشديد لكون مدرعة كانت فى حراسة سيارة القضاة ولم تهاجم الجناة ولم تطلق رصاصة واحدة باتجاههم، يبدو أن هذا القرار يعد من ملامح المرحلة القادمة، لإخلاء وتفريغ مؤسسات سيناء الحيوية. وقال ابانوب جرجس المحامى، كنا كمحامين سنتقبل القرار بصدر رحب لو قضى بتعليق العمل بمحكمة شمال سيناء لمدة أسبوع أو أسبوعين، قرار النقل المتسرع سيضر القضاة والمحامين معا، وسيزيد من معاناة المواطنين، ويجب العدول عن هذا القرار فورا. وقال الدكتور قدرى يونس العبد، خبير التنمية المتكاملة بشمال سيناء إن غياب مؤسسات الدولة هو ما يتمناه ويعمل لأجله الإرهابيون، وان اركان اى دولة تستند على القضاء ثم الأمن، وفى حالة سحب المحاكم من شمال سيناء سيشير هذا الى تفريغ اهم مؤسسات الدولة بسيناء. وأشار الى أن انسحاب القضاة من محافظة شمال سيناء معناه انسحاب اكثر من ثلثى سلطات الدولة الثلاث منها على النحو التالى:السلطة التشريعية وهى ممثلة على المستوى القومى فى مجلس النواب وعلى المستوى المحلى المجالس الشعبية المحلية، وبهذا فإن السلطة التشريعية غير موجودة فى شمال سيناء اسوة بمحافظات مصر الاخرى، ما يعنى انسداد القنوات الشرعية المؤثرة بين المواطن والدولة، عدا الدور الشخصى للمشايخ (لو اعتبرناهم قناة شعبية) وهو دور اعلامى وبروتوكولى فى معظمه اكثر منه دور فعلى طبقا للتجارب المريرة التى مرت بها محافظة شمال سيناء. وأشار د. قدرى الى أن السلطة القضائية انسحبت مرتين من محافظة شمال سيناء: المرة الاولى فى اعقاب اندلاع احداث يناير 2011، والمرة الثانية نتيجة لحادث الاغتيال الأخير، فالسلطة القضائية حاليا منسحبة من سيناء،وهى رمز مهم من رموز سيادة الدولة على اراضيها. وقال المهندس عبد الله الحجاوى رئيس الجمعية الاهلية لحماية البيئة واحد رموز عائلات العريش إن: انسحاب القضاة سيجعل وجود الدولة فى محافظة شمال سيناء وجودا محدودا ممثلا فقط فى جزء من السلطة التنفيذية التى ترتبط بمقرات ادارية وأمنية محاطة فى معظمها بتلال التحصينات والسواتر الرملية والصخرية والأسمنتية، ووجود امنى متحرك على آليات مصفحة، مع عدم وجود عسكرى مرور واحد يقف فى شوارع المحافظة. ويقول الناشط السياسى والمجتمعى منصور الرياضى إن نقل محكمة العريش الى الاسماعيلية يعتبر نوعا من العقاب لأهالى شمال سيناء،والقرار يعد ايضا تعنتا وتعسفا بحق شعب سيناء، وتساءل قائلا: لو حدث اقتحام لمحكمة فى القاهرة او اسيوط فهل يتم نقلها لمحافظة اخرى كما تم فى شمال سيناء؟! اما الناشط السياسى محمود الاخرسى فطرح سؤالا يقول :هل يعقل أن تنقل جميع الدوائر القضائية من العريش الى الاسماعيلية لمجرد وقوع حادث ارهابى راح ضحيته 3 قضاة وهو الاول من نوعه؟ وطالب الاخرسى بالرجوع عن هذا القرار فورا حماية لأمن سيناء،ورحمة بأسر المتهمين الذين سيضطرون للسفر من العريش الى الاسماعيلية لحضور الجلسات ما يرهقهم بدنيا وماديا ويمثل عبئا شديدا إلى جانب اعبائهم. وفى المقابل،أكد اللواء السيد عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء، فى تصريحه المقتضب ل«صوت الأمة»: أن المحكمة بالعريش تعمل حاليا بشكل إدارى لكن الجلسات فقط هى التى تنتقل إلى الإسماعيلية، وان القضاة من حقهم أن يحافظوا على حياتهم وأرواحهم، تخوفا من أن يلقوا نفس مصير زملائهم الذين قتلوا السبت الماضى بالعريش. وتابع حرحور قائلا: «إن وكلاء النيابة يواصلون عملهم بالعريش للتصرف فى المحاضر والقضايا التى تصل من أقسام الشرطة لاستصدار قرارات فيها، ويواصل العاملون فى مجمع محاكم ونيابات العريش أعمالهم الإدارية لحين ورود تعليمات أخرى حول كيفية نقل ملفات وأوراق القضايا إلى محكمة الإسماعيلية لنظرها هناك. فيما اكد اللواء على العزازى مساعد وزير الداخلية لأمن شمال سيناء أن العمل فى سيناء رسالة، ولابد ان نستمر فى التواجد لاستكمال منظومة العمل وتحقيق الاستقرار، ومواجهة اى تحديات أمام النظام، وأنه تمت المطالبة بتعزيز التواجد الامنى لحماية القضاة ووكلاء النيابة وتيسير العمل داخل المحكمة.