استهل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كلمته أمام منتدى التعاون العربي الروسي، والمنعقد حاليًا في أبو ظبي، بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة على استضافتها الكريمة لأعمال الدورة الرابعة لمنتدى التعاون العربي-الروسي، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وأبدى تطلعه إلى العمل لتطوير ودفع التعاون القائم بين الدول العربية وروسيا الاتحادية، الشريك الدولي الفاعل، الذي يربط العرب به تاريخ طويل من العلاقات السياسية والمواقف المساندة للقضايا العربية. وقال إن المقومات التاريخية والثقافية بين العالم العربي، والاتحاد الروسي، تُمثل أرضية صلبة للبناء عليها لمواجهة الأزمات والتحديات المشتركة على كافة الأصعدة. وما من شكٍ في أن تركيبة النظام الدولي الحالية تُحتم على العالم العربي وروسيا مد جسور التعاون والتضامن والتنسيق المُشترك، وبحيث يجري العمل على بناء شراكة حقيقية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية، والبدء في تفعيل الأنشطة المدرجة في خطة العمل للأعوام 2016-2018. وأوضح أبو الغيط، أن المواقف والمساعي التي اتخذها الاتحاد الروسي في الآونة الأخيرة، تكشِف اهتمام لديه بالقيام بدور فاعل في منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها المنطقة العربية. وأعرب عن أمله في أن يكون هذا الدور دومًا متوازنًا، وأن يراعي التوازنات القائمة في المنطقة لأنها تعكس مُعادلاتٍ بالغة الدقة والحساسية يؤدي اختلالها إلى مزيد من التوترات والاضطرابات على المدى البعيد. وأضاف أن الدور الروسي مرحَبٌ به من حيث المبدأ، وجميع الدول العربية تسعى لعلاقات أوثق وصلاتٍ أكثر متانة مع روسيا، غير أن هذا لا يعني استبعاد الدول العربية والجامعة العربية من الاضطلاع بأي دور مؤثر في قضية مركزية وحيوية مثل الأزمة السورية. وأشار إلى أنه بالر غم من توالي الأزمات على المنطقة تظل المسألة الفلسطينية قضية العرب الأولى، وأن استمرارها من دون حل يؤثر على مُجمل الاستقرار الإقليمي، ويفتح الباب أمام تصاعد نزعات التطرف. وتابع: «إننا نُثَمن دور روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن تجاه القضية الفلسطينية العادلة.. ونشكرها علي تأييدها للقرار 2334 الصادر قبل نهاية العام الماضي. وكما أقر المجتمعون في مؤتمر باريس في 15 يناير من ضرورة الإنهاء السريع للاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967.. وهو ما يشكل المسار الوحيد لاستقرار المنطقة وفق الرؤية التي تبنتها المبادرة العربية للسلام من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو1967، وعاصمتها القدس الشرقي»ة. واستطرد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن «العالم بأسره يتابع بكل ألم الأزمة السورية وتداعياتها الخطيرة على امن واستقرار المنطقة والعالم، وما تنطوي عليه من مآسٍ إنسانية قاسية على سورية وشعبها، والجميع يعلم أنه لا حل عسكريًا لهذه الأزمة، ولا بديل عن عملية تفاوضية بين الحُكم والمعارضة تستند إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبالأخص القرار رقم 2254، وبيان جنيف (1) يتعين أن يكون الهدف النهائي لهذه العملية هو تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري، وإزالة الأسباب العميقة التي أدت إلى هذا الانفجار الذي دمر نسيج المُجتمع والدولة السورية. لابد أن تعود سوريا وطنًا لجميع السوريين بلا تفرقة، وأن يكون بلدًا آمنًا خاليًا من الإرهاب، وأن يُحافظ على سيادته وسيادة قراره في مواجهة أطماع إقليمية نرفضها جميعًا ونستنكرها ونرى أنها أسهمت في تأجيج الوضع في سوريا وتصعيد حالة الاحتراب الأهلي والصراع الطائفي داخلها. إننا جميعًا نتمنى النجاح لأي جهدٍ جاد لتسوية النزاع السوري سلميًا، ولكننا نُشدِّد من هذا المكان على أن الأزمةَ السورية تظل قضية عربية في المقام الأول والأخير حيث أن سوريا نفسها كانت وستظل دولة عربية.. وليس مُفيدًا ولا سليمًا أن يتم ترحيل الأزمة السورية برمتها لأطراف دولية وإقليمية مع استبعاد كامل للدول العربية والمنظمة الإقليمية التي تُمثلهم». وشدد أبو الغيط على أن جامعة الدول العربية ملتزمة بوحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها، وتُساند الدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية، وتقف إلى جوار أية جهود مبذولة للعملية السياسية الجارية. وهي تعمل بجدٍ على دعم أي جهود للاتفاق على الخطوات التوافقية المطلوبة من أجل تنفيذ اتفاق الصخيرات حول الحل السياسي للأزمة في ليبيا. وأكد على ضرورة الالتزام الصارم بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، مضيفًأ:«ومن هذا المنطلق فإننا ندعم الحكومة الشرعية موقنين بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية وفقًا لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، والقرار رقم 2216، فضلًا عن مقترحات مبادرة السلام الراهنة بقيادة الأممالمتحدة ممثلة في مبعوثها لليمن». وأضاف أن الاقتصاد يظل المدخل السليم لمعالجة التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة العربية. وتظل العلاقات الاقتصادية العربية الروسية أقل بكثير مما نطمح إليه، حيث كان التبادل التجاري بين الجانبين منذ اطلاق الدورة الأولى للمنتدى عام 2013 حوالي 14 مليار دولار، ثم انخفض للأسف بفعل الاحداث التي عصفت بالمنطقة العربية الى حوالي 13 مليار دولار عام 2015، وهذه المعدلات لا ترقى لعمق العلاقات التاريخية والثقافية والسياسية بين العرب والاتحاد الروسي.. إن الطريق أمامنا طويل لكي نصل إلى المستوى المأمول الذي يليق بعلاقة تاريخية وسياسية بهذا القدر من الأهمية والعُمق. وختم بأن تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين يتطلب منا تفعيل مجلس الأعمال العربي الروسي، ومشاركة القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرين العرب والروس؛ بما يُسهِم في تطوير التعاون لتحقيق شراكة بناءة تخدم مصالح الطرفين.. إن حجم الاستثمارات الروسية في الدول العربية لا يتعدى 3 مليار دولار عام 2015، بينما يبلغ حجم الاستثمارات العربية في روسيا 8 مليار دولار، وهناك مجال مفتوح لمُضاعفة هذه الأرقام على الجانبين.