أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    رئيس شعبة الدواجن بالجيزة يحذر من الفراخ السردة: اعدموها فورا    رئيس بولندا يعارض فكرة توسك بدفع وارسو تعويضات لضحايا الحرب بدلا من ألمانيا    أسامة كمال لمنتقدي تسليح الدولة: لولا السلاح لما كان هناك طعام    استمرار تعثر خطة الصين لبناء سفارة عملاقة في لندن    الدوري الإنجليزي، نيوكاسل يتعادل 2-2 أمام توتنهام في مباراة مثيرة    مجموعة مصر: موعد مباراة الأردن والإمارات في كأس العرب والقنوات الناقلة    بحضور البطل الأوليمبي كرم جابر..وكيل الشباب بالدقهلية يشهد تدريبات المصارعة بالمشروع القومي للموهبة    ارتفاع عدد ضحايا حريق سوق الخواجات بالمنصورة إلى 5 وفيات و13 مصابا (صور)    بينهم أطفال وسيدات.. 9 مصابين في حادث تصادم مروع بمركز إطسا بالفيوم    إخلاء سبيل النائبة السابقة منى جاب الله بكفالة 30 ألف جنيه في قضية دهس شاب    محافظ الدقهلية يتابع جهود السيطرة على حريق في سوق الخواجات بالمنصورة    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    فيروز تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. والسبب غريب    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    بنك التعمير والإسكان يوقع مذكرة تفاهم مع مدرسة فرانكفورت    بابا الفاتيكان يعرب عن أمله في أن تكون رحلته الخارجية المقبلة إلى إفريقيا    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    أحمد فهمي يحسم الجدل حول ارتباطه بأسماء جلال    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    بعد فرض ارتدائها في بعض المدارس.. الصحة: الكمامات تقتصر على الطلاب المصابين بالفيروسات التنفسية    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    واشنطن تكثّف حربها على تهريب المخدرات: "بدأنا للتو"    غياب الكرتي ومروان.. قائمة بيراميدز لمواجهة كهرباء الإسماعيلية في الدوري    متسابقة بكاستنج تبكى من الاندماج فى المشهد واللجنة تصفق لها    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    لميس الحديدي بعد واقعة "سيدز": لازم الكاميرات تُعمم على كل المدارس    القانون يحسم جواز بقاء الأيتام رغم بلوغهم السن القانونية.. تفاصيل    السعودية تتفوق على عمان 2-1 في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    تشكيل أتلتيكو مدريد أمام برشلونة في الدوري الإسباني    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    الإحصاء: 37.1 مليار متر مكعب كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية 2024    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    بث مباشر الآن.. متابعة لحظة بلحظة لمباراة السعودية وعُمان في افتتاح مواجهات كأس العرب 2025    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتهت العولمة .. أم انتكست؟
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 03 - 2009

شتان ما بين الأجواء الملتهبة والمضطربة التي عقدت في ظلها الدورات السابقة لمؤتمر ميونيخ للأمن وبين الجو الذي أحاط بالدورة الأخيرة التي عقدت الأسبوع الماضي. في الدورات السابقة كان السباق بين وفد الولايات المتحدة من ناحية ووفد روسيا من ناحية أخرى جار لإثبات قدرة طرف على ترسيخ هزيمة الطرف الآخر وقدرة الطرف الآخر على رفض الهزيمة.
كان هناك أيضا الركض الأوروبي وراء أمريكا لتهدئة انفعالها وخفض درجة العنف في تهديداتها لإيران. في الحالتين كانت أمريكا مندفعة بكل قوتها لتصعيد استعداداتها لفرض حصار أشمل وأشد إحكاماً على روسيا باستخدام حجة التهديد النووي الإيراني للنفط العربي والعالم بأسره.
كنا نتحدث، وكان البعض في أوروبا يتحدث، عن أمريكا ذات الرأسين، رأس تطل منها عينان خافت بريقهما وزائغ بصرهما، ورأس بعينين تشعان عنفا وتطلقان شررا وغطرسة. كنا وكانوا في أوروبا وفي الصين وكان قادة الإرهاب والمقاومة وحركات الاحتجاج في كافة أرجاء العالم يدركون خطورة ما يمكن أن يصدر عن كائن عملاق برأسين إلى هذا الحد متباعدين وأحيانا متناقضان.
كل هؤلاء كانوا يعرفون بدرجات متفاوتة من التصديق أن اقتصاد أمريكا مقبل على عهد المشكلات المتراصة. كانت المؤشرات واضحة وبعضها صارم ولكن السمعة الطويلة الأمد لمرونة النظام الأمريكي وسرعته في التأقلم قللت في ذهن الرأي العام خطورة الأبعاد الحقيقة لهذه المشكلات.
قلل أيضاً من خطورتها الأمل المتجدد دائماً في أن تكون المشكلات الاقتصادية والمالية المتلاحقة ظواهر عابرة كإعصار كاترينا والفشل في العراق، أي أنها ومهما بلغت خسائرها لن تترك جروحا غائرة في الاقتصاد الأمريكي.
تجاهل الناس حقيقة أنه كانت هناك مشكلات أخرى تنخر في الجذع الأمريكي تحميها مصالح مالية وإعلامية هائلة وعملاء أو وكلاء لهذه المصالح في النخبة الحاكمة كما في الكونجرس. من هذه المشكلات مشكلات اجتماعية مثل الفجوة المتزايدة الاتساع بين شريحة متميزة ومسيطرة بجشع رهيب على الحياة المالية والسياسية وغالبية الشعب الأمريكي المتراجعة أصوله المادية وموارد دخله الحقيقية، ومشكلة انهيار منظومة الأخلاق، وهى المنظومة التي كانت في وقت من الأوقات ركنا عتيدا من أركان تحقيق الحلم الأمريكي الشهير، ومشكلة انهيار الجسور والطرق السريعة وسوء أحوال قطاعات أخرى في البنية التحتية وتهالكها.
وفي العالم الخارجي حاول مبعوثون أمريكيون كثيرون، وفي مقدمهم دبلوماسيون بدرجات ومهام مختلفة إنكار وجود رأس لأمريكا منكسرة أو متعبة فبالغوا جميعاً في التعامل بالرأس الثانية، رأس العنف والعدوان والحصار والتهديد والابتزاز والغزو والغطرسة والعنصرية.
آخرون أصروا على إنكار وجود مشكلات وتجاهلوا الصورة التي يراها العالم. لذلك لم أخف إعجابي ببراعة أوباما وبالانجاز الذي حققه في حملة انتخاباته حين ركز بشدة على هذا الجانب من شخصية أمريكا وتحدث بشجاعة عن حقيقة ما يعاني منه المجتمع الأمريكي وانعكاس مشكلات أمريكا في العالم الخارجي. ولم يتوقف السياسيون في أمريكا عن الإنكار إلا عندما انكشفت الأزمة المالية وبخاصة عقب سقوط مؤسسة ليمان المصرفية.
منذ ذلك الحين لم يعد الإنكار بديلا مطروحا رغم ضغوط شديدة من مصالح متعددة وألقى باراك بكل ثقله الانتخابي وبشعبيته الجارفة وراء هدف تهذيب الرأس الشريرة وشفاء عللها. كان خياره واضحا، ولكن كانت الطريق ملبدة بالصخور والأشواك. ففي كل خطوة خطاها اوباما نحو الإصلاح شعر الأمريكيون وشعرنا، وقادة التبشير الأيديولوجي بيننا، بأن كثيراً مما اعتدنا عليه واعتقد فيه بعضنا حتى خرج إلى الناس يبشر به صار منذ السقوط وبتأثير أفكار أوباما التصحيحية مهدداً في صدقيته وفي أدائه.
حدث شيء مماثل في أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي وتحول اقتصادات الدول الاشتراكية ومجتمعاتها إلى اقتصاد السوق واستبدال بقرة مقدسة بأخرى أيضاً مقدسة. استبدلوا بقرة دور الدولة ببقرة آليات السوق. إن بعضا مما يفعله باراك اوباما يشبه بعض ما فعله جورباتشوف وفي عدد من جوانبه لا يقل خطورة لا لشيء إلا لأنه يمس الأسطورة ويشكك في أدائها ويهز أركانها ويهدد صدقية دعاتها ومدارسها وتلاميذها.
لقد وقع المس بالعولمة، قدس أقداس النظام الرأسمالي العالمي في آخر مرحلة من مراحل تطوره ثم تجاوز إلى التطاول ومن التطاول إلى تهديد الأسس. عاد مفكرون وسياسيون يطرحون شعار "أشتري البضاعة الأمريكية" في دعوة صريحة وصارخة للعودة إلى نظام الحماية وسياسات "القومية الاقتصادية"، النقيض الأعظم لمبدأ حرية التجارة. عادوا يطرحون قضية طرد العمال الأوروبيين من سوق العمل البريطاني في تهديد واضح لأحد أهم أحلام دعاة العولمة وبالأخص لأحد أهم دعائم الوحدة الأوروبية.
رأينا الأسواق وكيف انكمشت على مستهلكي الداخل والاستثمارات وكيف جفت منابعها لأن المدخرين فقدوا الثقة في العولمة الاقتصادية بعد أن عاشوا أياما كئيبة سقطت خلالها العولمة المالية في وحل فساد عالمي لا سابقة لحجمه أو أبعاده. ولا أظن أن الذاكرة ستخون البعض منا الذي تابع لمدة غير قصيرة ممارسات عبرت بدقة عن مرحلة في التاريخ الإنساني تدهورت فيها منظومة الأخلاق وتشوهت العلاقات بين الرجال والنساء وبين الآباء والأبناء وفسد أهل السياسة واستؤنفت حروب الاستعمار تحت مسمى صدامات الحضارة والمذاهب والأعراق.
الآن نستطيع أن نفهم لماذا صارت العولمة عند بعض الناس في دول الغرب والشرق كذبة روجت لها كوكبة من المفكرين والإعلاميين أو بالغت في تصوير ايجابياتها والتعتيم على سلبياتها، وصارت عند بعض آخر علامة بارزة من علامات آخر مراحل الرأسمالية وصارت عند بعض ثالث عقيدة حان أوان إصلاحها وتهذيبها.
أنظر حولي فأرى كثيرين بينهم مسئولون وقادة ومفكرون وكلهم في وضع انتظار شئ ما أو بالأحرى في انتظار إجابة على سؤال محير"هل اقتربنا من نهاية طريق لا نري عند الأفق طريقا بديلة له أم نقف عند مفترق طرق .. طرقنا بعضها ولم نطرق أكثرها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.