«إن وعدا أكيدا بإتمام الإفراج عن شاليط سيكون له أكبر الأثر على نجاح زيارة الرئيس حسنى مبارك لواشطن»، بهذه الكلمات المحددة أوجز مصدر دبلوماسى أمريكى استمرارية نفوذ إسرائيل فى واشنطن على العلاقات المصرية الأمريكية، حتى مع إدارة باراك أوباما التى ينظر إليها فى دوائر الدبلوماسية المصرية على أنها من أكثر الإدارات مقاومة لنفوذ اللوبى الإسرائيلى فى العاصمة الأمريكية. وبحسب مصادر دبلوماسية مصرية فى واشنطن فإن أقطاب هذا اللوبى نشطت خلال الأسابيع السابقة لقمة مبارك أوباما المقررة الثلاثاء لحث الإدارة الأمريكية على إبلاغ الضيف المصرى الأرفع بضرورة الحاجة إلى تكثيف الجهد للإفراج عن الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط الذى أسرته إحدى جماعات المقاومة الفلسطينية فى غزة الموالية لحماس فى يونيو 2006. وتبذل مصر جهودا متوالية لإقناع حماس بممارسة الضغوط على مختطفى شاليط بالإفراج عنه مقابل إفراج إسرائيل عن مئات من الأسرى الفلسطنيين الموجودين بالسجون الإسرائيلية. ولقد فشلت الوساطة المصرية كما فشلت محاولات أخرى للوساطة بعضها عربى قطر على وجه الخصوص والآخر أوروبى فرنسى على الأخص بالنظر إلى أن شاليط يحمل الجنسية الفرنسية فى إتمام ما يعرف باسم صفقة الأسرى. وفى أحيان ألقت مصر باللوم على حماس لعدم إتمام الصفقة بإصرارها على أن تشمل قائمة الأسرى الفلسطنيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية عددا ليس بالقليل ممن تصفهم إسرائيل «بأن أيديهم ملوثة بدماء يهودية» حيث أدانتهم من قبل محاكم إسرائيلية بالتورط فى عمليات مقاومة أودت بحياة مواطنين إسرائيليين. وفى أحيان أخرى القت مصر بالمسئولية تلميحا وليس تصريحا على دمشقوطهران، صاحبتا التأثير الأكبر على حماس إقليميا. وحسب مسئول رفيع فى مصر فإن «الصفقة كان مقررا أن تتم فى الصيف الماضى شهر يونيو على وجه التحديد. وكان من المفترض أن يتم تسليم شاليط إلى مصر لتفرج إسرائيل عن أول مجموعة من الأسرى الفلسطينيين فور وصوله إلى العريش ثم لتفرج عن المجموعة الثانية فور وصوله لإسرائيل ولكن اتصالا من طهرانلدمشق اتبعه استدعاء (خالد) مشعل (مدير المكتب السياسى لحركة حماس المقيم فى العاصمة السورية) أوقف الصفقة». وفى الأسابيع الماضية قالت مصادر متابعة لملف صفقة الأسرى أن إتمام الصفقة فى وارد التنفيذ ولكن شاليط لم يفرج عنه. وفى شهر يوليو، قال الرئيس مبارك، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره الإسرائيلى الزائر للقاهرة شيمون بيريز، أن هناك أملا بإفراج قريب عن شاليط. وفى حديث أدلى به للصحيفة اليومية الإسرائيلية يديعوت أحرونوت لام مبارك إسرائيل هذه المرة على عرقلة الإفراج عن شاليط. وقال: «هناك شروط لحل قضية جلعاد شاليط وكنا على وشك التوصل إلى هذا الأمر ولكنكم أخرتم القضية». وأضاف كنا على وشك تسلم شاليط من حماس والاحتفاظ به حتى تطلقوا سراح معتقلين فلسطينيين، لكنكم إسرائيل لم تتوقفوا عن القول سوف نطلق هذا ولن نطلق ذاك وتعقدت القضية عندما أدخلتم عناصر جديدة». وجدد مبارك تأكيداته على أن شاليط «سليم ومعافى». وفى القاهرة هذا الأسبوع استقبل الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية المتابع لملف صفقة الأسرى محمود الزهار أحد قياديى فتح فى غزة حيث تم التشاور مجددا حول «قضية شاليط». وعلى الرغم من تصريحات أدلى بها الزهار فى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة عقب لقاء مع أمينها العام عمرو موسى أفادت بأنه «لا جديد فيما خص شاليط»، إلا أن مصادر لحركة حماس فى دمشق توقعت فى حديث تليفونى مع «الشروق» أن يتم الانتهاء من هذا الملف شهر سبتمبر بعيد التوصل لاتفاق بين حماس وبين الرئيس الفلسطينى محمود عباس على صياغة جديدة لتقاسم السلطة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة فتح التى يترأسها عباس. وحسب مصادر مصرية فإن القاهرة تكثف جهودها للانتهاء من ملفى المصالحة الفلسطينية وصفقة الأسرى قبل نهاية الصيف الحالى حتى يتم تهيئة الأجواء لإطلاق مفاوضات سلام جادة ومنجزة بين الفلسطنيين وإسرائيل برعاية أمريكية فى الخريف المقبل. وحسب مصادر أمريكية فإن إنجاز «إطلاق شاليط» سيقدم لإدارة أوباما «كارتا مهما» أمام الرأى العام الإسرائيلى وهو ما قد يحتاجه الرئيس الأمريكى لمخاطبة الرأى العام الإسرائيلى والمطالبة بالضغط على الحكومة الإسرائيلية للموافقة على وقف أنشطة إسرائيل الاستيطانية غير الشرعية فى الأراضى الفلسطينية لمدة عام يخصص للتوصل إلى اتفاق سلام نهائى. وحسب المصادر نفسها فإن «إطلاق شاليط» سيكسب إدارة أوباما «وزنا أمام جماعات الضغط فى واشنطن» فيما يتعلق باستمرارية وتطوير الدعم الاقتصادى لمصر. ويقول مصدر «هناك أفكار يجرى التداول بين القاهرةوواشنطن حولها ولكن تمرير هذه الأفكار من الكونجرس ليس بالأمر السهل والإفراج عن شاليط يسهم كثيرا فى ذلك».