ازدادت الأمور تعقيدا في المشهد السياسي اليمني، مع استمرار المفاوضات بين القوى السياسية لحل الأزمة الدستورية والسياسية التي تشهدها البلاد، ولا يعرف أحد حتى من المشاركين فيها إلى أين ستؤدى وسط تباين المواقف بين المؤيدين للرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي استطاع بهروبه من الحصار الحوثي إلى عدن أن يؤسس لوضع جديد أدى بجماعة أنصار الله إلى التباطؤ في تنفيذ إعلانها الدستوري وعدم الإقدام على خطوات إضافية خاصة بعد الرفض الإقليمي والدولي بل والداخلي أيضا. كما أن دعوة هادي والأحزاب المؤيدة له لنقل الحوار إلى خارج اليمن تزيد من التساؤلات حول جدوى استمرار المفاوضات في صنعاء وما إذا كانت ستؤدى إلى اتفاق قبل نقلها إذا توافقت القوى اليمنية على ذلك، ليبقى الانتظار سيد الموقف في التطورات القادمة. وكانت القوى السياسية التي تتحاور في صنعاء قد توصلت أوائل الأسبوع الماضي إلى شبه اتفاق على تشكيل مجلس رئاسي أما عبر تعيين هادي 4 نواب له من القوى السياسية أو تشكيل مجلس مكون من 5 أشخاص برئاسته، وذلك يعني استمرار شرعية الرئيس. واتفق على قيام وفد من الأحزاب المؤيدة لشرعيته بالذهاب إلى عدن لعرض الأمر عليه. وذهب أيضا جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وتم عرض الأمر عليه، ولكنه اشترط أن تنفذ جماعة أنصار الله ما جاء في اتفاق السلم والشراكة، وشدد عليه أيضا قرار مجلس الأمن الأخير منذ عدة أيام بانسحاب ميليشيات الحوثيين من صنعاء، وإنهاء سيطرتها على المدن التي دخلتها والمزارات والمؤسسات الحكومية وفض الحصار المفروض على رئيس الوزراء المستقيل وعدد من وزراء حكومته. وتوقفت الأطراف في مناقشة شكل سلطة الرئاسة عند هذه الحد لحين الاتفاق على حل يرضاه الجميع والثلاثاء الماضي، رأت القوى اليمنية الانتقال إلى مناقشة شكل الحكومة في غياب الأحزاب المؤيدة لهادي لتواجدها في عدن وبحضور الحوثيين وحزب المؤتمر وحلفائهما، واستمرت الاجتماعات لمناقشة هذا الموضوع. وجاء اجتماع الليلة الماضية ليزيد من الاختلافات بين القوى السياسية حول نسبة مشاركة الأحزاب في الحكومة وهو ما يعيد إلى الأذهان ما جرى أثناء تشكيل حكومة خالد بحاح المستقيلة والاختلافات الشديدة التي حدثت بين القوى السياسية اليمنية التي أدت إلى إحجام حزب المؤتمر عن المشاركة فيها وانهيارها بعد المشكلات، التي حدثت من سيطرة فصيل واحد عليها وهم الحوثيين، حتى أن «بحاح» أعرب فى مرات عديدة عن استيائه من تدخلهم في إدارة البلاد وعرض الاستقالة ليديروا هم البلاد. وحتى أن تجاوزت المفاوضات هذه المشكلة فإن الحكومة الجديدة ستواجه نفس مشكلات حكومة بحاح، ولن تصمد إلا بوجود قوى سياسية متوازنة ودعم دولي وإقليمي يجبر هذه القوى على الالتزام بتأييد الحكومة حتى انتهاء الفترة الانتقالية التي سيتم الاتفاق عليها وهذه مشكلة أخرى إذ لم تتفق القوى على المدة الزمنية للفترة الانتقالية، فهناك من يرى أن تستمر ما بين سنتين إلى أربعة أعوام ومن يرى ألا تزيد عن سنة واحدة خاصة، وأن الفترة الانتقالية الماضية استمرت 3 سنوات ولم تؤد إلا لمزيد من الاختلافات بين القوى اليمنية وزيادة الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية سوءا . كانت القوى اليمنية قد اتفقت على تشكيل لجنة مصغرة الأربعاء الماضي لوضع حصص للأحزاب اليمنية للمشاركة في الحكومة القادمة. وعقدت اللجنة، اجتماعات وقدمت في اجتماع الخميس رؤيتها حول أسس تشكيل الحكومة وإعادة تشكيل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المنوط بها مراجعة مسودة الدستور المختلف عليه، ولكن الخلافات ظهرت بشدة بين القوى خاصة التي لم تحضر اجتماعات اللجنة، والتي عرضت 7 وزارات للحوثيين ومثلها للحراك الجنوبي و3 للمؤتمر واثنتين للتجمع اليمني للإصلاح وواحدة للاشتراكي والناصري وتوزيع بقية الوزارات على الأحزاب الأخرى. وأمام الاختلافات رفض هذا الاقتراح لتعود المشكلات والاختلافات بين القوى السياسية اليمنية إلى نقطة البداية، ويبدو أنهم في انتظار مظلة خارجية دولية كانت أم إقليمية تجرى المفاوضات تحتها لالزام كل الاطراف بتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه.