بدأت السلطات المصرية مجموعة من التحركات السياسية والدبلوماسية مع جنوب السودان، فى محاولة لمواجهة السياسات الإثيوبية، بمنطقة شرق أفريقيا، واحتواء التوتر، وأزمة المياه بين القاهرة وأديس أبابا، بسبب سد النهضة الإثيوبى. ومنذ انفصال جنوب السودان عن شماله قبل 3 سنوات تقريبا، تحاول مصر من خلال جامعة الدول العربية، كسب ود الجنوب وضمه للجامعة، إلا أنه أعلن أكثر من مرة رفضه الدخول كعضو فى الجامعة، على اعتبار أنه ليس دولة عربية، إلا أن محاولات مصر لم تتوقف وبدأت تتوسط لتوجيه الدعم العربى لحكومة الجنوب، خصوصا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، التى نفذها رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان على الرئيس سيلفا كير، مطلع شهر ديسمبر الماضى. وقال دبلوماسى مصرى، يعمل فى جامعة الدول العربية، إن نبيل العربى، الأمين العام للجامعة، طالب وزير خارجية جنوب السودان رسميا، بالتواجد فى الجامعة لإمكانية تقديم الدعم العربى الذى تطلبه بلاده، وتم الاتفاق على مذكرة تفاهم للتعاون فى مجالات اقتصادية وصحية وتعليمية، وهناك مشاورات حالية للتوقيع عليها قريبا. ونفى المصدر أن يكون جنوب السودان وافق على الانضمام إلى الجامعة، إلا أن مصر لا تزال تصر على ضمه للإبقاء على التواصل الدائم مع قيادته السياسية. وخلال زيارته للقاهرة فى 11 مارس الماضى، قال وزير خارجية جنوب السودان، برنابا بنجامين، إن بلاده لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدعم العربى، لكنه أكد عدم الرغبة فى الانضمام إلى الجامعة. وشرح مصدر دبلوماسى مصر ل«الشروق» التحركات المصرية الأخيرة مع جنوب السودان، حيث شاركت القاهرة للمرة الأولى بحضور نائب وزير الخارجية المصرى فى مفاوضات السلام والتسوية، بين الأطراف المتنازعة بجنوب السودان، التى انعقدت بأديس أبابا فى 22 مارس، وعرض جهود الوساطة والدعم السياسى المصرى، للوصول إلى حل الأزمة. ولم يقتصر الدعم المصرى على الجهود الدبلوماسية فى مفاوضات التسوية السلمية بين الأطراف المتنازعة، حيث عرضت القاهرة المشاركة فى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، لاستعادة الاستقرار فى جوبا، وأكد المصدر أن هذه الخطوة سيكون لها مردود واسع فى سياق التحركات المصرية فى المحيط الأفريقى. وقال العقيد فيليب أقوير، المتحدث باسم وزارة الدفاع بدولة جنوب السودان فى تصريحات ل«الشروق»، إن هناك اتفاقيات ومذكرات تفاهم وقعت بين القاهرةوجوبا، للتدريب العسكرى وتعزيز قدرات الجيش بجنوب السودان، والذى أنهكته الصراعات والتوترات الأخيرة، بسبب القتال المستمر مع الميلشيات المسلحة. ويعلق وزير المياه الأسبق، محمد نصر الدين علام، على الموقف المائى المصرى مع جنوب السودان، وإمكانيات التعاون الحالى، قائلا: «لا يمكن التفاوض مع جنوب السودان على مشروعات زيادة الحصة المائية، أو استقطاب الفواقد من مياه النيل فى الوقت الحالى». ويوضح علام أن أغلب المناطق المفترض إقامة هذه المشروعات بها، فى مستنقعات مشار فى نهر السوباط، ومناطق جونجلى، هى مناطق نزاع الآن، ويجب أن تتغير نظرة مصر فى السعى لقيام هذه المشروعات ليكون هدفها السعى لتنمية المجتمعات المحلية فى جنوب السودان، وليس استقطاب الفواقد من مياه النيل لصالح مصر فقط.