• محلل عقارات: نقص الغاز وتخفيض الطاقة الإنتاجية لم يمنع الأرباح.. فالشركات تحمِّل المستهلك الفاتورة برفع الأسعار • رئيس جهاز حماية المستهلك: الشركات لا تريد أن تتنازل عن هامش ربح تحدده لنفسها مهما كانت الظروف • الجهاز المركزى للمحاسبات: التكلفة الفعلية لإنتاج طن الأسمنت فى مصر 148 جنيهًا.. وسعر بيعه لا يقل عن 400 جنيه بمعدل ربحية 200% لم تتوقف شركات الأسمنت عن الشكوى من نقص الطاقة طوال العامين الماضيين، لا سيما فى العام الأخير، حيث انخفضت كميات الغاز الطبيعى التى تحصل عليها إلى أدنى مستوى، مما تسبب وفقا لما أكدته الغالبية العظمى من الشركات فى تخفيض الطاقة الإنتاجية بما يتراوح بين 25 و35% فى المتوسط شهريا. «تخفيض الطاقة الإنتاجية أدى إلى ضعف المعروض ومن ثم تراجع الأرباح»، بحسب عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة السويس للأسمنت. وبالرغم من الشكوى المستمرة للشركات من نقص الوقود وتخفيض الإنتاج، فقد كشفت نتائج الأعمال الخاصة بشركات الأسمنت لعام 2013، عن استمرار تحقيقها جميعا لنسبة «مرتفعة» من الأرباح فى هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، بحسب ما اكده هانى سامى، خبير فى قطاع العقارات. فقد أظهرت نتائج اعمال شركه «السويس للاسمنت» نمو ارباحها بحوالى 2.67%.، لتحقق صافى ربح 538 مليون جنيه فى 2013. وتمتلك السويس للأسمنت، حصة حاكمة فى كل من مصنع أسمنت بورتلاند طرة، وأسمنت حلوان. نفس الشىء بالنسبة لشركة مصر بنى سويف للأسمنت، حيث حققت صافى ربح 336.066 مليون جنيه، مقابل 332.840 فى 2012. بعض الشركات حققت زيادة فى أرباحها مقارنة بالعام الماضى بينما حقق بعضها تراجعا، إلا «أنها فى المجمل جميعا لا تزال تربح»، تقول المحللة، موضحة أن التراجع فى الأرباح لدى بعض الشركات طبيعى فى ظل توقف الحركة الاقتصادية للبلاد، ولا سيما سوق العقارات، وليس لأى ضغوط أخرى، تتعلل بها الشركات. فعلى سبيل المثال، حققت شركة «مصر للاسمنت قنا» تراجعا فى الأرباح قدره 15.43% فى عام 2013، محققة صافى ربح قدره 272 مليون جنيه، وتراجعت «الاسكندرية للأسمنت « بحوالى 22% فى 2013، حيث حققت الشركة صافى ربح بلغ 239.76 مليون جنيه فى 2013، مقابل صافى ربح ب306.23 مليون جنيه فى 2012. ويضيف سامى «هامش ربح شركات الاسمنت مرتفع جدا، ولذلك سواء كان السوق راكدا أم نشطا، أو سواء كانت الأسعار مرتفعة أو منخفضة، فهم مستمرون فى تحقيق الأرباح». ويوضح سامى أن الشركات الأجنبية، تتحكم فى السوق المصرية الذى تسيطر على الحصة الغالبة من إنتاجه. ويعتبر السوق المصرية من أهم الأسواق للشركات العالمية من حيث الحجم والمبيعات، بحسب سامى، مشيرا إلى أن صناعة الاسمنت انكمشت فى العالم فى السنوات الأخيرة بسبب ما تتسبب فيه من الأضرار البيئية. ووفقا لدراسة أعدها الجهاز المركزى للمحاسبات عن قطاع الاسمنت بعد ثورة 25 يناير، فإن أسعار الاسمنت فى مصر لا تخضع لرقابة صارمة، وذكر استنادا إلى بيانات ميزانيات شركات الاسمنت ذاتها، أن التكلفة الفعلية لإنتاج طن الاسمنت فى مصر تبلغ 148 جنيها، فى حين لا يقل سعر بيعه فى السوق المحلية عن 450 جنيها، بمعدل ربحية 200% لكل طن يوجه للسوق المحلية، أما بالنسبة للتصدير فسعر الطن يبلغ 108 دولارا بحوالى 600 جنيه مصرى بمعدل ربحية 300%. ووفقا لتقرير لوكالة بلومبرج الاقتصادية فإن إنتاج شركة سيمكس المكسيكية فى مصر يعد الأعلى خارج المقر الرئيسى لها فى أمريكا اللاتينية. «شركات الأسمنت، لا سيما التابعة للقطاع الخاص، دائما ما تحافظ على هوامش الربح الخاصة بها، مهما كانت الظروف من حولها.. وهذا يعنى إن أى زيادة فى مصادر الطاقة أو فى المواد الخام، يتم نقلها مباشرة إلى المستهلك من خلال زيادة الأسعار»، توضح محللة لشركات الأسمنت فى احدى شركات الأوراق المالية، مضيفة أن «هناك اتفاقا دائما بين الشركات على الأسعار بحيث تعوض أى فاتورة أخرى تتحملها». الشركات الخاصة «تبالغ» فى الأسعار ويتفق عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، مع هذا الرأى، مشيرا إلى أن شركات الاسمنت، تبالغ فى رفع الأسعار فى أوقات يجب أن تشهد فيها تراجعا نتيجة ضعف السوق، «إلا أن الشركات لا تريد أن تتنازل عن هامش ربح معين تحدده لنفسها مهما كانت الظروف»، منتقدا ارتفاع الأسعار غير المبرر للأسمنت خلال الفترة الأخيرة. وقامت شركات الاسمنت التابعة للقطاع الخاص، والتى تمتلك حصة حاكمة فى قطاع الاسمنت، بعد خصخصة معظم الشركات العامة العاملة فى القطاع فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولم يتبق فى القطاع العام سوى شركتين هما القومية للأسمنت، والعريش للأسمنت، بإخطار وزارة التجارة والصناعة بداية الأسبوع الماضى برفع أسعار البيع للمستهلك إلى 800 جنيه للطن، ووضعت السعر الجديد على عبوات الأسمنت. وعلى الفور، قام جهاز حماية المستهلك برفع مذكرة إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار متهما شركات الاسمنت بالاتفاق من أجل رفع الاسعار، والضغط على الحكومة الحالية من أجل الإسراع فى الموافقة على استخدام الفحم فى الصناعة بدلا من الاسمنت. «كان من المفترض أن تسجل الأسعار تراجعا فى الوقت الحالى لا سيما مع ضعف حركة البناء وانخفاض الطلب»، يقول يعقوب. وكان جهاز حماية المنافسة والاحتكار قد ادان شركات الأسمنت فى عام 2008 بسبب اتفاقها معا على القيام برفع الأسعار فى السوق وتعظيم أرباحها. ويرى أحمد الزينى، نائب رئيس شعبة البناء باتحاد الغرف التجارية، أن شركات الاسمنت الحكومية، تمسكت بمتوسط السعر العالمى، وهو ما يدور حول 500 جنيه، ولم تقم بزيادة الأسعار، و«وإن دل على شىء ليس إلا أن شركات الاسمنت الخاصة تحرص على الحفاظ على هامش ربحها حتى لو كان ذلك على حساب المستهلك. فهى لا تريد أن تشارك بجزء ولو بسيط فى فاتورة الظروف التى تمر بها البلاد حاليا»، مشيرا إلى أن سعر طن الأسمنت فى السوق، شاملا تكلفة النقل والضريبة، لا يجب أن يتعدى 600 جنيه للطن. ويضيف الزينى «الشركات الحكومية تتعرض لنفس المشاكل، بل إن شركة أسمنت العريش، تتعرض بالعكس لضغوط أكبر مع تفجير خط الغاز المتكرر، ولكنها تبيع حتى الآن بمتوسط سعر لا يتعدى ال500 جنيه، وحققت أرباحا تتعدى ال45 مليون جنيه». صناعة الأسمنت فى مصر بدأ استخدام الأسمنت فى مصر عام 1900، وكانت البلاد تعتمد تماما على الاستيراد لاستيفاء احتياجاتها، ثم أنشئ أول مصنع للأسمنت المصرى فى 1911، بطاقة إنتاجية 100 ألف طن سنويا. وعلى مدار الخمسين سنة التالية، قامت الدولة بإنشاء عدد من المصانع، حتى صار عدد الشركات العامة المنتجة للأسمنت أربعة، بالإضافة لشركة واحدة قطاع خاص. وفى عام 1982، افتتحت الدولة (3) شركات عامة جديدة، ليصبح مجموع الشركات المملوكة لها فى هذا القطاع (7). إذا ما استعرضنا تطور ملكية شركات الأسمنت نجد أنها قد بدأت تابعة للقطاع الخاص ثم خضعت للتأميم عام 1961 بتطبيق القوانين الاشتراكية ثم انشئت شركات اخرى تابعة للقطاع العام (بنى سويف اسيوط العامرية) فيما عدا شركة السويس التى انشئت تابعة لقانون الاستثمار واعتبرت شركة قطاع خاص رغم تملك معظم اسهمها لشركات أسمنت وبنوك وشركات تأمين تابعة للقطاع العام. انتهجت الدولة سياسة الخصخصة بداية من عام 1995 ببيع شركة اسمنت بورتلاند حلوان للقطاع الخاص. فى عام 1999 تم بيع كل من أسمنت أسيوط، وأسمنت بنى سويف، وأسمنت الإسكندرية فأصبح عدد الشركات العامة (3) والخاصة (5). فى عام 2000 تم بيع شركة أسمنت العامرية تلتها شركة أسمنت طره فأصبحت الخريطة تضم شركة واحدة عامة، و(7) شركات قطاع خاص، وخلال هذه الفترة تم افتتاح (4) شركات قطاع خاص جديدة، ليرتفع عدد شركات الأسمنت الخاصة إلى (12) شركة. وما بعد سياسة الخصخصة تملكت عدد من الشركات العالمية عددا من الشركات المحلية مثل سيمكس، ولافارج، وتيتان، وإيتال سيمنتى. وصل حجم الانتاج السنوى لمصر من الاسمنت فى 2013 إلى 50 مليون طن، بينما لا يتجاوز إجمالى الاستهلاك ال35 مليون طن، وتستحوذ مصانع الأسمنت الأجنبية على 80% من الإنتاج. وقد تم إدانة الشركات فى عام 2008 بسبب اتفاقها معا على رفع الأسعار فى السوق المحلية.