جاءت تصريحات الدكتور محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة الخارجية، بشأن تخفيض دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك مثل مصانع الحديد والأسمنت والألومنيوم والأسمدة والسيراميك ، خلال الأيام المقبلة، لتثير القلق حول نتائج ذلك القرار. وأكد العاملون فى تلك المجالات أن تأثير ذلك القرار سيتحمله المستهلك، نظرا لأن المصانع العاملة فى تلك الصناعات لن تقبل تخفيض أرباحها وتحمل أسعار الطاقة بمفردها، فى حين أكد الاقتصاديون أن هامش الربح لتلك المصانع يسمح بتخفيض دعم الطاقة دون زيادة الأسعار. وأكد عز الدين أبو عوض، رئيس الجمعية المركزية للأسمنت، عضو مجلس الاتحاد العربي للأسمنت، أن تطبيق قرار خفض دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام سيؤدي إلى رفع الأسعار على تلك السلع بشكل عام وعلى الأسمنت بشكل خاص، كما أنه سيؤدي إلى رفع أسعار الشقق، وسيتحمل المستهلك وحده نتيجة ذلك القرار، على حد قوله، قائلا "الاستعمار الأجنبي الإقتصادي المسيطر على قطاع الأسمنت فى مصر سيرفع الأسعار وتحميل فرق الطاقة على المستهلك". وأضاف: "منذ ثلاثة أعوام تقريبا، كانت هناك قضية احتكار الأسمنت الشهيرة، وحكمت المحكمة ب 10 ملايين جنيه غرامة على كل مصنع متورط فى القضية، فرفعت تلك المصانع فى اليوم الثاني سعر طن الأسمنت 50 جنيها، ثم رفعوا السعر مرة ثانية 50 جنيها أخرى، وال 10 ملايين التى دفعوها غرامة حصلوها من المستهلك 100 مليون جنيه، وهذا ما سيحدث عند رفع أو تخفيض الدعم عن تلك المصانع، لأنها لن تقبل بأي شكل من الأشكال أن تخفض أرباحها أو تتحمل مثل تلك النفقات، وبالتالي ستحيلها إلى المستهلك". وأشار "أبو عوض" إلى أن 90% من شركات الأسمنت مملوكة للأجانب، مضيفا "لن تتنازل الشركات عن جزء من أرباحها أبدا، ولن تستطيع السيطرة على الأسعار، وإذا كان لا بد من تخفيض دعم الطاقة للمصانع، فلا بد للحكومة أن تحدد سعر طن الأسمنت عند 350 جنيه وهو ما يشمل ثمن تكلفته الحقيقية والأرباح المعقولة". وأكد عبداللطيف رضوان، موزع حديد وأسمنت بالدلتا، أن تنفيذ قرار خفض الطاقة سيؤدي حتمًا إلى رفع الأسعار على المستهلك سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وأضاف أنه رغم الركود فى سوق العقارات فى الفترة الحالية إلا أن الأسعار سترتفع كثيرًا بارتفاع المواد الخام سواء كان حديد أو أسمنت . وقال: "وبالفعل الأسمنت تحديدا ارتفعت أسعاره فى هذا الشهر، حتى أن طن الأسمنت وصل إلى 450 جنيها و500 جنيه حسب نوعه، وهذا الارتفاع جاء بالرغم من أن المصانع لم يرفع عنها دعم الطاقة بعد ، لكن نتيجة رفع الأسعار عالميا" ، مضيفا "ستسوء الأوضاع بعد خفض الدعم عن المصانع ، لأن المستهلك سيصبح المتضرر الوحيد، فاليوم أسعار الشقق المتوسطة تبد أ من 200 ألف جنيه، وبعد رفع الدعم ستبدأ أسعار تلك الشقق من 400 ألف جني ، ولن يجد شخص منزل فى حدود إمكانياته ليسكنه". ومن جانبه، قال شريف دلاور،الخبير الاقتصادي، "الحديث عن خفض دعم الطاقة ليس جديدا، فمنذ أيام حكومة نظيف وهناك إتفاق مع المصانع بتخفيض دعم الطاقة تدريجيا على 3 سنوات ، ثم جاءت حكومة شرف الأخيرة لتؤكد نفس المعنى، واليوم توجد أزمة فى الموازنة العامة وهنا يجب عدم النظر للمصالح الخاصة لكل فئة، بل لا بد من النظر للمصالح العامة فى المجتمع". وأضاف "هامش الربح لتلك المصانع مرتفع جدا ويسمح بتخفيض الدعم عن تلك الصناعات، فمثلا كان سعر طن الأسمنت 100 جنيه و120 جنيهًا عندما كانت الشركات قطاع عام، وكانت تحقق أرباح كبيرة ، وبعد ما تمت خصخصة شركات الأسمنت إرتفعت الأسعار الضعف وتضاعفت الأرباح كذلك، وبالتالي تلك الشركات هامشها الربحي يسمح بخفض الدعم دون رفع الأسعار". وأضاف "دلاور" أن خفض الدعم لا بد أن يتم بالإتفاق مع هذه الشركات وليس بشكل أحادي، قائلا "من ناحية، تتنازل تلك الشركات عن جزء من أرباحها وتحسن هيكل الإنتاجية دون رفع الأسعار، ومن ثم تصبح الأرباح ناتجة عن إنتاجية حقيقية وليس عن دعم، ومن ناحية أخرى تخفض الحكومة جزءًا من الدعم وليس كله ، فالحل يأتي من الطرفين والتنازلات يتحملها الطرفين" ، وتابع "وفى حالة رفض الشركات لذلك ، تقوم الحكومة بتثبيت الأسعار، ولن تعتبر تلك اشتراكية أو شيوعية، فأمريكا وهي دولة رأسمالية على سبيل المثال طبقت وقت الأزمات تثبيت الأسعار، ويجب أن تعلم الرأسمالية المصرية أو الأجنبية التى جاءت مصر بهدف الربح السريع أن الوضع تغير، ويجب أن يعملوا وفقا لاقتصاد السوق الحقيقي، وأنه من غير المقبول أبدا أن تحقق الشركات ربحا على حساب المجتمع".