سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الطن وصل إلى 700 جنيه والتكلفة لا تزيد على 220 جنيهاً الاحتكار يشعل سوق الأسمنت
تجار: بيع المصانع للأجانب والوكلاء سبب الأزمة.. والحل فى «التسعيرة الجبرية»
شهدت أسعار الأسمنت ارتفاعاً غير مسبوق خلال الفترة الماضية، فقد وصل سعر الطن إلى 700 جنيه، بينما سعر التكلفة لا يزيد على 220 جنيهاً، بزيادة قدرها 60٪ مقارنة بالعام الماضى. وإذا كانت أزمة الأسمنت ليست جديدة إلا أنها فى تصاعد مستمر دون توقف بفعل الممارسات الاحتكارية التى تمارسها الشركات من أجل تحقيق أرباح وصلت إلى 42 مليار جنيه العام الماضى.. فهل تصمت حكومة الدكتور هشام قنديل إزاء هذه الممارسات غير الشرعية التى تضر بالمستهلك والسوق والاقتصاد القومى. وكما قال الشاعر نزار قبانى: «إن من بدأ المأساة ينهيها» فيجب على الحكومة إنهاء أزمة الأسمنت التى بدأتها ببيع المصانع للأجانب وتركت لهم الحبل على الغارب للتلاعب بالسوق دون تدخل بحجة أننا نطبق نظام السوق الحر.. وإذا كانت حكومة قنديل لم تكن سبباً فى هذه الأزمة القديمة الجديدة فى ذات الوقت، فهى مسئولة عن حلها الآن من واقع مسئوليتها السياسية بعد أن تولت إدارة شئون البلاد، ولكن من الواضح أنها لا تريد إنهاءها والدليل على ذلك رفضها أو تقاعسها عن تنفيذ حكم محكمة أسيوط ببطلان بيع شركة أسمنت أسيوط، وهى من أكبر شركات الأسمنت العاملة فى مصر، والمملوكة للأجانب إلا أن الحكومة ترفض تنفيذ الحكم، الأمر الذى يثير الشكوك؟! حسب تصريحات المهندس حاتم صالح وزير الصناعة فإن استثمارات الأسمنت فى مصر تتجاوز 60 مليار جنيه بطاقة إنتاجية تتجاوز 60 مليون طن سنوياً، وقد بلغ حجم الإنتاج المحلى فى عام 2012 نحو 54 مليون طن. قامت «الوفد» بجولة على تجار الأسمنت الجملة والتجزئة لمعرفة آرائهم فى أسباب ارتفاع الأسعار ومدى تأثيرهم بهذا الارتفاع ومنهم سلامة لطفى سالم صاحب شركة مواد بناء بالجيزة ويرى أن الوكلاء هم سبب أزمة الأسمنت وهم أحد المسئولين عن التلاعب بالأسعار، فدورهم لا يقل أهمية عن دور أصحاب المصانع المحتكرين لسوق الأسمنت. ويقول «سلامة» من واقع خبرتى فى سوق الأسمنت على مدار 30 عاماً أستطيع الجزم بأن بيع مصانع الأسمنت للأجانب أفقد الدولة سيطرتها على صناعة الأسمنت وأصبح الأجانب هم المتحكم الأول والأخير فى السوق.. يقومون بتعطيش السوق ثم رفع الأسعار وقتما يردون من أجل تحقيق أرباح بالملايين على حساب التجار والمستهلكين مع العلم بأن سعر تصدير الأسمنت للخارج أقل من سعر بيعه فى السوق المحلي، فقد وصل هذه الأيام إلى 650 جنيهاً للطن مع العلم أننى أتسلمه من الوكيل ب625 جنيهاً أى أن مكسبى لا يزيد على 25 جنيهاً فى الوطن الواحد، لذا فإن الوكلاء يعتبرون الحلقة الثانية فى أزمة سوق الأسمنت فى مصر. ويؤكد «سلامة» أنه لا يمكن لأى تاجر أن يأخذ رخصة وكيل أسمنت، فهذا الموضوع يحتاج وساطة كبيرة للغاية أكثر مما يتصور الجميع، وقد كان فى عهد الرئيس السابق رموز كبيرة من جهات سيادية فى الدولة لديها رخص وكلاء أسمنت بأسماء مستعارة ومازال البعض منهم موجودا فى مناصبهم. واتهم «سلامة» مجموعة السويس بالتلاعب فى السوق لتحقيق مكاسب مالية، وقال على الرغم من أن شركة العريش للأسمنت المملوكة للقوات المسلحة تبيع طن الأسمنت بأسعار أقل بكثير من سعر الشركات الأجنبية، إلا أنه بعد إضافة مصاريف النولون والنقل تتساوى أسعار الأسمنت نظراً لأنها تبعد عن منافذ التوزيع مسافات كبيرة. وأوضح أن أسعار الأسمنت قبل الثورة لم تتجاوز 400 جنيه للطن، ووصلت العام الماضى إلى 450 جنيهاً ولكن لم يحدث من قبل أن ارتفع سعر الأسمنت لهذا المعدل الجنونى وهو 650 جنيهاً وفى بعض المناطق 700 جنيه للطن، مؤكداً ركود حركة البيع والشراء منذ ارتفاع الأسعار من اضطررنا معه إلى تخفيض حجم المبيعات بنسبة 25٪ ولا شك أن ارتفاع أسعار الأسمنت انعكست على أسعار العقارات. وعن الحل قال «سلامة» لابد من تحديد سعر الأسمنت من المصنع مع وضع هامش ربح للمصانع وتحديد حصة لكل تاجر دون وكلاء. أحمد عبدالفضيل تاجر جملة يرى أن صغار التجار هم أول المتضررين من التلاعب بسوق الأسمنت وحسب قوله فإن رفع الدعم عن مصانع الأسمنت هو السبب وراء قيامها برفع الأسعار، مشيراً إلى أن شركات القطاع الخاص اتفقت فيما بينها على تقليل الإنتاج من أجل تعطيش الأسواق وهذا هو حال تجارة الأسمنت منذ بيع الشركات للأجانب ولكن طوال السنوات الماضية لم تصل الأسعار لهذا المعدل الجنوبى وللأسف جميع الشركات تعانى من ركود كبير بعد توقف حركة البيع والشراء، فقد توقفت الكثير من شركات المقاولات عن البناء لحين انخفاض الأسعار أو استقرارها على الأقل.. وقد انعكس ارتفاع أسعار الأسمنت على أسعار البناء، فقد زاد سعر تكلفة أساس العمارة الواحدة بمعدل لا يقل على 35 ألف جنيه بعد الارتفاعات الأخيرة فى أسعار الأسمنت مع العلم أن الدور الواحد يحتاج من 15 إلى 20 طن أسمنت مما أدى بالكثير من أصحاب شركات المقاولات لإيقاف أعمالهم. نفس الحال ونفس الأضرار تنطبق على بقية تجار الأسمنت خاصة صغار التجار الذين لا تتجاوز تجارتهم مئات الآلاف من الجنيهات، بينما الكبار فى مأمن دائماً فهم الذين يتلاعبون وهم الذين يجنون الأرباح وعلى الجميع الانصياع لأوامرهم طالما أن الحكومة لا تعترض أو ربما لا تملك حق الاعتراض كما يقول البعض. سألت عز الدين أبو عوض رئيس رابطة تجار الأسمنت ورئيس مجلس إدارة شركة جنوب الوادى للتعمير عن الحل للخروج من أزمة الأسمنت التى يعانى منها السوق المصرى منذ سنوات ليست قليلة أجاب بحزن «مافيش حل» بعد قيام ى عبيد ببيع شركات الأسمنت للأجانب أصبحوا يتحكموا فى السوق بما يخدم مصالحهم الخاصة والمصيبة أن الحكومة لا تستطيع إجبار المصانع على تحديد سعر الأسمنت لأن عقد بيع المصانع للشركات الأجنبية لا ينص على هذا الشرط مما جعلها تتلاعب فى السوق بشكل فاحش وعلى الرغم من أن عملية بيع معظم المصانع باطلة وهو ما أكدته محكمة أسيوط فى حكمها الصادر منذ عدة أشهر أن عقد بيع مصنع أسمنت أسيوط باطل بما يعنى عودة المصنع إلى ملكية الدولة إلا أن الحكومة ترفض التطبيق مما يثير شكوك كثيرة، وقد كنا نظن أن الوضع سوف يختلف بعد الثورة فقد كانت حكومات مبارك المتتالية تحمى الأجانب على حساب المصريين إلا أن الأيام أثبتت أن الوضع بعد الثورة أسوأ مما كان عليه قبل الثورة، فهناك مخطط لضرب الاقتصاد الوطنى وعندما رفعت قضايا ضد شركات الأسمنت بتهمة الاحتكار والتلاعب فى السوق حكمت المحكمة لصالحى ورفضت غرامة على كل شركة 10 ملايين جنيه، وهو ما استهانت به الشركات فهذا المبلغ لا يزيد على مبيعات يوم واحد لهذه الشركات. وأضاف أبو عوض حاولت أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة بعد ارتفاع أسعار الأسمنت التفاوض مع المجموعة الإيطالية من أجل تخفيض سعر البيع إلا أنهم رفضوا وكشف مفاجأة خطيرة وهى أن مشترى شركة العامرية للأسمنت هو نفس مشترك بنك القاهرة وهو إسرائيلى الجنسية مما يؤكد أن هناك مخطط لهدم الاقتصاد المصري. وأضاف منذ 30 عاماً أعمل فى تجارة الأسمنت وأحارب الممارسات الاحتكارية منذ سنوات طويلة وفى الفترة الأخيرة تعرضت لمضايقات كبيرة من قيادات الدولة منها خصم 2 مليون جنيه من حسابى بالبنك دون حق. وعلى الرغم من أن البعض يتهم جهاز حماية المستهلك بالتقاعس عن أداء دوره فى أزمة الأسمنت إلا أن عاطف يعقوب رئيس الجهاز تقدم ببلاغ الأسبوع الماضى إلى جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ضد شركات الأسمنت للتحقيق فيها إذا كان هناك اتفاق ضمنى أو غير معلن بين شركات الأسمنت لزيادة سعر الأسمنت الرمادى بما يحمل فى طياته احتمالية ممارسة الشركات الثلاثة لممارسات احتكارية. وأضاف يعقوب أن تقرير مركز معلومات مجلس الوزراء ودعم اتخاذ القرار كشف عن زيادة الأسعار فى منتج الأسمنت بنسبة وصلت فى بعض الأحيان إلى 30٪ وهى زيادة لا تتناسب مع الزيادة فى عدد المصانع وانخفاض الطلب على المنتج بسبب حالة الركود التى أصابت سوق العقارات حالياً، كما أنها لا تتناسب أبداً مع الزيادة الأخيرة فى أسعار الطاقة المستخدمة فى مصانع الأسمنت، الأمر الذى انعكس سلباً على حقوق المستهلك. وكشف يعقوب أنه وفقاً لتقرير مركز معلومات مجلس الوزراء فإن عدد مصانع الأسمنت فى 2010 كان 16 مصنعاً بإجمالى إنتاجية 43.3 مليون طن سنوياً، ثم زادت فى 2011 إلى 19 مصنعاً تنتج 44.7 مليون طن سنوياً، إلى أن وصلت فى عام 2012 إلى 21 مصنعاً تنتج سنوياً 48.3 مليون طن وهو ما يثير لدى الجهاز تساؤلاً حول وجود اتفاق ضمنى بين العديد من المنتجين لرفع الأسعار وذلك من خلال تعطيش الأسواق وخفض الكميات المنتجة لتقارب احتياجات السوق نتيجة للتراجع الملحوظ فى الطلب، مما يتيح الفرصة للمنتجين لزيادة الأسعار، الأمر الذى حدا بجهاز حماية المستهلك إلى إبلاغ جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لبدأ التحقيق مع شركات الأسمنت والإفادة عما إذا كان هناك اتفاق ضمنى بينهم على زيادة الأسعار يحمل فى طياته احتمالية قيام الشركات الثلاثة بممارسات احتكارية وفقاً لأحكام القانون رقم 3 لسنة 2005. وكان محمود العسقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء قد تقدم ببلاغ إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ضد الشركات المنتجة للأسمنت يتهمها باحتكار السوق وقد قام الجهاز بمناقشته فى بداية مارس الجارى، إلا أنه لم يعلن قراره بعد حول كون الشركات المنتجة تقوم بممارسات احتكارية أم لا! أكد العسقلانى أن الشركات الأجنبية العاملة فى مصر تقوم بالمغالاة فى سعر الأسمنت بدرجة كبيرة من أجل تحقيق أرباح الملايين حيث يصل سعر الأسمنت إلى 650 جنيهاً، بينما سعر التكلفة الحقيقية أقل من هذا بكثير بدليل قيام شركة العريش المملوكة للقوات المسلحة ببيعه بسعر 573 جنيهاً للطن وهذا السعر حقق لها أرباحاً العام الماضى وصلت إلى 450 مليون جنيه. أضاف العسقلانى أن وحدة الدراسات الاقتصادية بالجمعية أجرت دراسة حول أرباح شركات الأسمنت الأجنبية فى مصر مقارنة بأرباحها حول العالم، وتبين أن هذه الشركات تحقق هامش ربح يقل عن 5٪ فقط فى معظم فروعها حول العالم فى حين تحقق هذه الشركات فى مصر هامش ربح يزيد على 70٪ بسبب دعم الطاقة وقد وصلت أرباح شركات الأسمنت الأجنبية العاملة فى مصر إلى 42 مليار جنيها سنوياً وفقاً للدراسة. ويرى العسقلانى أن الحل الأمثل للخروج من أزمة الأسمنت التى لا تتوقف هو تسعير الأسمنت بمعنى الإعلان عن سعر محدد له طبقاً للمادة العاشرة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الخاصة بتحديد سعر المنتج لمدة محددة فى الظروف غير الطبيعية والسعر العادل هو سعر بيع شركة العريش والذى يصل حالياً إلى قرابة 440 جنيهاً للطن أى أقل بحوالى 280 جنيهاً عن الشركات الأجنبية. ومن جانبها طالبت لجنة الإسكان والمجتمعات العمرانية بمجلس الشورى الأسبوع الماضى بضرورة الحد من احتكارات الأسمنت فى السوق المصرى واتهمت اللجنة الأجهزة المعنية بهذه القضية بالدولة بالتقاعس عن أداء دورها للحد من هذه الأزمة.