تنسيق الجامعات.. ننشر أماكن اختبارات القدرات لكليات الفنون التطبيقية    اللجنة القانونية ب"العدل": استكمال أوراق مرشحينا بالقاهرة.. وتقديمها خلال يومين    كيف حمت مصر المواطن من ضرر سد النهضة ؟ خبير يكشف    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الأحد 6-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    وسط خلافاته مع ترامب.. ماسك يعلن إنشاء حزب سياسي جديد في أمريكا    استشهاد 5 مدنيين في قصف إسرائيلي على غزة    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن جميع الأسرى    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في كأس العالم للأندية    «اتباع وبيصور التقديم بتاعه».. الغندور يكشف مفاجأة تفريط الأهلي في وسام أبوعلي    "زيزو كان بيمثل قبل القمة".. مصطفى يونس يكشف كواليس مثيرة عن توقعيه للأهلى    أحمد فهمي: «ابن النادي» ملوش علاقة برمضان صبحي.. ولا أتمنى منافسة بيراميدز    إصابة 14 شخصًا في حادث انقلاب ميكروباص بالدقهلية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سير "نقل ثقيل" عكس الاتجاه بالدقهلية    السقا وفهمي يكشفان كواليس «أحمد وأحمد»: حلم عمره 11 سنة.. وقدمنا مشاهد السقالات من غير واير    بالدش البارد ورمي الأدوية.. السقا يكشف تفاصيل تعديل سلوك أحمد فهمي لإنقاذ فيلمهما الجديد    "هاتوا استشاري يشوف الطريق".. عمرو أديب يرد على مقترح وزير النقل    طارق الشناوي يشيد بمخرج مسلسل "فات الميعاد": نجاح يعيده إلى بؤرة الخريطة    د.حماد عبدالله يكتب: الحب "المؤرق" !!    الزمالك يجدد عقد عبد الله السعيد لمدة موسمين    «فخور بك.. والرحلة لم تنتهي بعد».. رسالة فينجاد ل شيكابالا بعد اعتزاله    إبراهيم صلاح: شيكابالا خرج من الباب الكبير    في عطلة الصاغة.. سعر الذهب وعيار 21 اليوم الأحد 6 يوليو 2025    صدق أو لا تصدق.. ميسي يُهدي هدفا لمنافسه بتمريرة كارثية "فيديو"    تفاصيل ارتفاع عدد المتوفين بحادث الطريق الإقليمي ل 10 ضحايا.. فيديو    أجواء مضطربة على سواحل البحر الأحمر.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 6 يوليو 2025    «تحوّل إلى مذبحة مفتوحة».. طلب إحاطة عاجل بالبرلمان بعد حادث «الإقليمي» الجديد    وفد إسرائيلى يتوجّه إلى الدوحة لاستئناف المحادثات حول المُحتجزين والهدنة    سعر السمك والسبيط والجمبري بالأسواق اليوم الأحد 6 يوليو 2025    تغييرات جديدة بمركز البحوث الزراعية لرفع الكفاءة ودفع عجلة الإنتاج    وزير النفط الكويتي يجدد دعم بلاده لجهود أوبك لاستقرار الأسواق العالمية للطاقة    بعد ظهوره العائلي.. طارق الشناوي: الزعيم لا يزال في قلب الجمهور    «وصمة عار».. مصطفى يونس يهاجم «الدراع اليمين في الأهلي» ويكشف تفاصيل مفاجئة    تفاصيل ظهور الزعيم عادل إمام في كتب كتاب حفيده بعد غياب طويل.. فيديو    يتم تحديده فيما بعد.. «المحامين»: إرجاء تنفيذ الإضراب العام لموعد لاحق    آل البيت أهل الشرف والمكانة    العدس والفاصوليا.. أطعمة فعالة في الوقاية من أمراض القلب    ابتعد عنها في الطقس الحار.. 5 مشروبات باردة ترفع الكوليسترول وتضر القلب    مهمة لتفادي الأمراض.. الطريقة الصحيحة لتنظيف الفواكه والخضروات من الجراثيم والمبيدات    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    بالصور نائب محافظ الغربية يتفقد مشروعات تطوير مركز ومدينة بسيون    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا عاجلًا لتيسير إجراءات الكشف الطبي للطلاب الجدد    الثانية على التوالي.. أرنولد يواصل تقديم الهدايا في ريال مدريد    الصلح خير.. الكفن يُنهي خصومة ثأرية بين عائلتي «أبوسريع وأبو سته» بقليوب    قبل مناقشته غدًا.. تعرف على الجهات التي يسري عليها قانون تنظيم المهن الطبية    محمود مسلم: العالم غاضب من أمريكا وإسرائيل.. ومصر لا تريد إدارة غزة بل الحفاظ على حقوق الفلسطينيين    7 مرشحين تقدموا بأوراقهم باليوم الأول لفتح باب الترشح لمجلس الشيوخ بكفر الشيخ    بالصور| مصرع وإصابة 5 أشخاص حادث تصادم 3 سيارات بطريق الواحات    زيلينسكي: أوكرانيا أبرمت اتفاقات للحصول على مئات الآلاف من الطائرات المسيرة    وزيرا خارجية مصر والسعودية يبحثان تطورات الأوضاع الكارثية فى غزة    4 أبراج «قوتهم في هدوئهم»: شخصياتهم قيادية يفهمون طبائع البشر وكلامهم قليل    يُكفر ذنوب سنة كاملة.. ياسمين الحصري تكشف فضل صيام يوم عاشوراء (فيديو)    مدير دار الافتاء بمطروح يجيب.. هل نصوم مابعد عاشوراء أم قبله؟    مسيرة حافلة بالعطاء تدفع 8 سيدات لاقتناص جائزة «الإنجاز مدى الحياة» في نسختها الأولى    قرار الشعب وعودة الروح    مظاهرات غاضبة في ليبيا ومطالب أممية بالتحقيق في وفاة ناشط حقوقي    صيادو الضهرة ببورسعيد.. شِباك تُلقى فجرًا وتحمل خيرات البحر إلى الموائد    فيتامين الجمال، 10 مصادر طبيعية للبيوتين    «محتوى البرامج الدراسية» في ندوة تعريفية لطلاب علوم الحاسب بجامعة بنها الأهلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس العبودية من قطر
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 10 - 2013

فى عددها الصادر يوم 27 سبتمبر الماضى نشرت صحيفة Business Insider على صفحتها الرياضية 11 سببا يدعون الاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) إلى اعتبار استضافة قطر كأس العالم 2022 بمثابة كارثة. وكانت الأسباب المذكورة على التوالى: استخدام العبودية فى تشييد البنية التحتية، وارتفاع درجة حرارة الجو فى الصيف مما يدعو لبحث إقامة البطولة فى الشتاء، وعدم إباحة القانون القطرى الشذوذ الجنسى وبالتالى حرمان المثليين من صحبة أصدقائهم، وما تردد عن الرشاوى التى دفعت لبعض أعضاء الفيفا للتصويت لصالح قطر فى 2010، وأنه حتى الآن لم يشيد أى ملعب للبطولة، كما لم تشيد بعد المدن التى ستستضيف هذا الحدث الكروى الهام، ولم تنجز فكرة تكييف الملاعب، وسيحدث تداخل مع موعد تنظيم دورى الأبطال الأوروبى فى حال نقل كأس العالم للشتاء، وبناء على ذلك سيكون على الفيفا إعادة التفاوض على حقوق البث التلفزيونى لكل من كأس العالم والدورى الأوروبى، وسيحدث أيضا تداخل مع موعد تنظيم بطولة البيسبول فى أمريكا مما يؤدى لصرف الجمهور الأمريكى عن متابعة كأس العالم، وأخيرا يوجد احتمال لعدم السماح ببيع البيرة للمشاهدين!
●●●
من كل هذه القائمة الطويلة من الأسباب سأتوقف أمام السبب الأول المتعلق بأعمال السخرة فى تشييد البنية التحتية القطرية استعدادا لمباريات كأس العالم، وذلك لأنه يكشف الغطاء عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان فى دولة لا تتوقف عن توزيع دروس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان على العالم كله. فقبل يوم واحد من المقال المشار إليه، كانت صحيفة الجارديان قد نشرت مقالا لكبير مراسليها الرياضيين أوين جيبسون بعنوان « عبيد كأس العالم فى قطر» أحدث ضجة كبرى فى العالم بعد أن استعرض الظروف بالغة السوء التى تحيط بالعمالة الوافدة، تلك الظروف التى تقوم على العمل القسرى وتعيد إلى الأذهان عصر العبودية. فعلى الفور أصبح هذا المقال موضوعا لعناوين العديد من الصحف الدولية. ومع أنه سبق لسفيرة نيبال فى قطر، ونيبال هى الدولة التى استشهد بها للتدليل على العمل القسرى فى تشييد البنية التحتية لكأس العالم، سبق لها أن أشارت صراحة لهذه الظاهرة قبل عدة أشهر إلا أنه لأسباب غير معلومة لم يهتم أحد بما قالته السفيرة فى حينه، الآن فقط تم فتح ملف السخرة فى قطر، حتى إذا استخدمت السفيرة مصطلح « السجن المفتوح « فى وصف إمارة آل ثان احتجت الخارجية القطرية فاستدعتها دولتها للتشاور. نيبال التى لم يسمع كثيرون بها من قبل هى دولة صغيرة تقع على جبال الهيملايا بين كل من الهند والصين، وهى من ذلك النوع من الدول التى توصف بأنها حبيسة لأنها لا تطل على أى بحار أو محيطات، وهى أيضا واحدة من أفقر دول العالم إذ يبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج المحلى الإجمالى 1144 دولارا سنويا بواقع حوالى 3 دولار يوميا. هذا ويقدر عدد العمالة النيبالية فى تجهيز ملاعب قطر بحوالى 300 ألف عامل، وذلك على عهدة اذاعة ألمانيا «Deutsche Welle» فى 27 سبتمبر الماضى نقلا عن إحصاءات رسمية نيبالية. وفى المقال القنبلة عن عبيد كأس العالم حاول أوين جيبسون أن يسلط الضوء على بعض جوانب معاناة العمال النيباليين الذين حزموا أمتعتهم وغادروا ديارهم قاصدين إحدى أغنى دول العالم سعيا وراء الرزق. يحكى المقال عن غرف تبلغ مساحتها من 3 إلى 4 متر لا تكاد تتسع لفرد واحد فإذا بأحد عشر رجلا يحشرون فيها حشرا، وعن جهاز تكييف متهالك فى مناخ تزيد حرارة الصيف فيه عن 50 درجة مئوية وتكتم رطوبته الأنفاس، وعن الأجر الذى لا يتجاوز 900 ريال شهريا بينما كان الوعد ب 1500 ريال، وعن أنه لا حمامات للاغتسال بل مجرد دلو هنا ودلو هناك، وعن العمولات التى دفعها العمال لمكاتب السمسرة من قروض لم يسددوها بعد.
لكن المقال على إحكامه شىء، والفيديو الذى وضعته الجارديان على موقعها الإلكترونى شىء آخر تماما فليس من قرأ كمن رأى. يبدأ الفيلم بالتجول بين المبانى الشاهقة المتلألئة على خليج الدوحة، ثم ينتقل مباشرة ليصور صراخ وعويل نساء ضامرات يبكين أحد أقاربهن الأربعة وأربعين الذين سقطوا ضحية السخرة فى واحة الديمقراطية فى الشرق الأوسط. يتابع المشاهد المسار الحزين لجثمان شاب فى السادسة عشرة من عمره قضى نحبه فى العمل بعد أزمة قلبية مفاجئة، وتوقف المشاهد معه عند مسقط رأسه فى نيبال. تم وضع الجثمان على ألواح من فروع الشجر أمام الأهل، ووضع فوقه غطاء برتقالى بينما راحت النساء تنثر عليه أوراق الورد. تقدمت سيدة مسنة الأرجح أنها جدته فكشفت الغطاء البرتقالى عن جثمانه وراحت تضرب بيدها فى الهواء، لقد ذهب الحفيد إلى الدوحة لينفق على أسرته الممتدة لكنه عاد أدراجه بأسرع من المتوقع. حمله ستة رجال وذهبوا به إلى حيث أضرموا فيه النيران فتحول إلى رماد تذروه الرياح، ويغلق الفيديو على هذا المشهد الكئيب.
●●●
سيجد المدافعون عن قطر ما يردون به من مصر غيبتها، فستتكرر على ألسنتهم عبارات الفبركة الإعلامية والفوتوشوب، سيتحدثون عن المؤامرة الدولية التى تستكثر على قطر تنظيم كأس العالم، سيسألون ما بالكم تهتمون بحقوق العامل النيبالى الهندوسى، سيقولون ذلك وأكثر منه. لكنهم إذا عادوا إلى مقال أوين جيبسون وقرأوا الفقرة الخاصة بيوم فى حياة عامل بناء، سيجدون أن هذا العامل الذى يرمز له المقال بحرفين من اسمه (K.K) يشير إلى أن الغرفة الملاصقة لغرفته تكتظ بعمال من سريلانكا فيما تكتظ أخرى بعمال من مصر، نعم من مصر ولعل هذا يعنى لهم شيئا أو يلمس فيهم وترا.

أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.