عمر مصطفى وشيماء شلبي ومحمد أبوالسعود : مرت عقود طويلة على ابتكار الكمبيوتر والتليفونات، حيث باتت أصغر حجما وأكثر فاعلية وقوة، ولم تعد بحاجة لكثير من المساحة، وبات بالإمكان اصطحابها معنا فى أى مكان.
ولكن يبدو أن علاقتنا بتلك الأجهزة لم تنته عند هذا الحد، فالحديث يدور فى عالم اليوم عن التكنولوجيا القابلة للارتداء Wearable Technology، كالملابس والنظارات والساعات والأحذية والتى يمكنها التواصل مع أجهزة أخرى كالتليفونات المحمولة، أو بإمكانها الشعور بوظائف أجسامنا الحيوية والتعبير عن حالتنا النفسية أو إعطائنا معلومات لحظية عن الكثير من الأمور..
الحقيقة أن التكنولوجيا القابلة للارتداء ليست شيئا جديدا، فهى فكرة موجودة منذ عقود، وألهمت الكثير من كتاب الخيال العلمى، حيث سمعنا الكثير عن زرع رقاقات ذكية فى جسم الإنسان تغنيه عن الكثير من الأجهزة، وبات هذا عمليا فى نطاق الممكن بالفعل، كما أننا منذ الثمانينيات نستخدم ساعات اليد التى تعمل كآلات حاسبة، ولكن ما يفكر به العالم اليوم أعقد من ذلك بكثير.
لقد بدأنا بالفعل فى مشاهدة بعض الابتكارات التى تذهب فى هذا الاتجاه، مثل نظارة جوجل الذكية «جوجل جلاس» التى سيتم طرحها تجاريا بنهاية هذا العام، والتى تمكنك من التفاعل مع العالم بشكل ذكى، حيث تكون الشاشة أمام عينيك طوال الوقت، ويمكنك التفاعل معها بصوتك أو بإشارات يديك، لفعل الكثير من الأشياء مثل البحث على الإنترنت أو التقاط الصور والفيديو والاطلاع على حساباتك الاجتماعية.
والحقيقة أن جوجل لن تكون وحدها فى هذا المجال، فالكثير من شركات التكنولوجيا الكبرى فى العالم أعلنت بالفعل نيتها الخوض فى هذه المساحة الجديدة، وخططها لطرح العديد من الأجهزة المشابهة فى الشهور المقبلة، ونذكر هنا شركات مثل مايكروسوفت وآبل وسامسونج ودل وغيرها.
الأجهزة القابلة للارتداء يمكن أن تكون فى أشكال كثيرة، فبعضها يكون ملابس كاملة، أو تكون أجهزة يتم تثبيتها على الرأس مثل «جوجل جلاس» أو فى معصم اليد كالساعات الذكية، حيث يمكن للإنسان الاعتماد على تلك الأجهزة فى العديد من الأشياء مثل الدخول على شبكة الإنترنت، الاتصال بالآخرين، إيجاد طريقه عبر الخرائط الذكية، الترفيه وغيرها، كما أنها تساعدك على الربط بين الأجهزة الأخرى التى تحملها مثل التليفون المحمول والكاميرات وغيرها.
الجديد فى الأمر أن هذا النوع من الأجهزة القابلة للارتداء يمكنها أن تشعر ببعض الوظائف الحيوية لجسمك مثل دقات القلب عن طريق (حساسات) خاصة، والذى بات أمرا شائع الاستخدام فى صناعة الأجهزة الطبية أو حتى بالنسبة للرياضيين، وتكون تلك الأجهزة على شكل ساعات يد أو أجهزة تعلق فى الملابس أو على الأذرع، لقياس ضربات قلبك وضغط الدم وغيرها من الوظائف، حتى إن بعضها يمكنه معرفة إن كنت متيقظا أو نائما، ويكون معظمها مرتبطا بالتليفونات الذكية أو الأجهزة اللوحية لقراءة تلك القياسات وحفظها، عن طريق عشرات التطبيقات المعدة لهذا الغرض، والتى تخبرك مع الوقت العديد من العادات المتكررة أو البيانات الحيوية لجسمك وصحتك، وربما تساعد تلك الأجهزة فى المستقبل القريب الأطباء على معرفة حالتنا الصحية وتاريخنا المرضى بشكل أسهل وأسرع.
فى الطريق أيضا ملابس كاملة يتغير لونها أو درجة شفافيتها حسب الحالة العاطفية للشخص الذى يرتديها، أو تعمل أجزاء منها كشاشات يظهر عليها بيانات ذات صلة بالوظائف الحيوية للجسم وهذه مخصصة للرياضيين، وكذلك توجد تحت الاختبار جوارب خاصة للرياضيين يمكنها احتساب عدد الخطوات والسرعة والنبض، أو أحذية رياضية تخبرك إن أسرعت أكثر من اللازم، أو أحزمة للخصر تهتز لتخبرك عن الاتجاه الذى عليك أن تسلكه، أو جاكت يمكن لمحبيك أن يحتضنوك عن طريقه عن بعد.
الكثير من الناس يتحدثون عن مدى تعرض خصوصيتهم للانتهاك فى حالة انتشار مثل تلك الأجهزة، خصوصا بعد الفضائح المتكررة عن انتهاك بعض الحكومات لبيانات ملايين المستخدمين بشكل سرى، وكون معظم تلك الأجهزة مربوطا بشبكة الانترنت، وإن كانت تلك المخاوف غير مؤكدة بعد، فإن الأمر لا يخلو من مغامرة، خصوصا أن بعض تلك البيانات سيمكن مشاركتها عبر الشبكات الاجتماعية، فهل هذا سيكون شيئا مقبولا فى كل الثقافات والمجتمعات أم لا.
تقدر بعض الدراسات صناعة الأجهزة القابلة للارتداء بأن قيمتها ستصل إلى 50 مليار دولار فى السنوات القليلة المقبلة، فى حين أن قيمتها السوقية حاليا هى من 3 إلى 5 مليارات دولار فقط، فهل ستكون تلك الأجهزة بانتشار التليفونات المحمولة والأجهزة اللوحية، وهل ستكون إضافة حقيقية لحياتنا اليومية، أم أنها ستكون مجرد موضة جديدة لن تلبث أن تختفى، وسيكون استخدامها محصورا فقط على فئات محدودة من الناس، الشهور القادمة تحمل لنا الكثير من الأخبار حول ذلك، فلننتظر.