نقيب الصحفيين: استمرار جهود صرف زيادة بدل التكنولوجيا    هنا العلمين الجديدة: وجهة السياحة ومتعة الترفيه.. مهرجانات عالمية ونجوم من كل مكان    فوز فريقين من طلاب جامعة دمنهور بالمركز الأول فى "Health Care" و "Education Technology"    حزب شعب مصر: لقاء وزير الخارجية السعودى يؤكد قوة علاقات البلدين    الرئاسة السورية: نتابع بقلق بالغ ما يجرى من أحداث دامية فى الجنوب السورى    قطر والإمارات والكويت ترفض مخطط إسرائيل لتغيير وضع الحرم الإبراهيمي    بمشاركة الجدد.. الأهلي يخوض مران الأول في تونس    اقتربت العودة.. فليك يرغب في ضم تياجو ألكانتارا لجهاز برشلونة الفني    نتائج ألعاب القوى تتلألأ في البطولة الأفريقية بنيجيريا    محمد صلاح: أنا أعظم لاعب أفريقي.. ولقب دوري أبطال أوروبا الأغلى    تفاصيل سقوط كوبرى مشاة على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى.. فيديو    السيطرة على حريق بمخزن كرتون بالخصوص.. والمعاينة الأولية: شماريخ أفراح السبب    وسط أجواء هادئة.. كفر الشيخ الأزهرية تختتم أعمال تصحيح الثانوية    أنغام تغازل جمهورها فى مهرجان العلمين: بحبكوا أوى وانتوا الفرحة اللى ليا    عبد الله عمرو مصطفى يطرح أولى تجاربه فى عالم الغناء only you    افتتاح مهرجان الأوبرا الصيفى على المسرح المكشوف    "اللعب في الدماغ".. وثائقى ل"المتحدة" يرد على خرافة بناء الكائنات الفضائية للأهرامات    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    حسام حسن يزور المرضى بمستشفى العجمى خلال تواجده بالإسكندرية    ريال مدريد يرفع درجة الاستعداد: معسكر تكتيكي مكثف.. صفقات قوية.. وتحديات في روزنامة الليجا (تقرير)    تين هاج يغلق الباب أمام انضمام أنتوني إلى ليفركوزن    شقق بنك التعمير والإسكان 2025.. احجز وحدتك بالتقسيط حتى 10 سنوات    عبدالعاطي يلتقي نظيره السعودي.. وكاتب صحفي: أحداث المنطقة تستدعي تكاتفًا عربيًا    لف ودوران    نصر أبو زيد.. رجل من زمن الحداثة    حسام حبيب يتعرض لكسر في القدم قبل أول حفل رسمي له بالسعودية    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في تعاملات الظهيرة    قوات الإنقاذ النهري وغواصين الخير يبحثون عن شاب غرق بشاطئ كناري في الإسكندرية    مفاجأة في واقعة مصرع 5 أشقاء بالمنيا.. الأب يعاني في المستشفى وابنته الأخيرة نفس الأعراض    أعقبته عدة هزات.. زلزال يضرب نابولي بإيطاليا    فحص 1250 مواطنا ضمن قوافل مبادرة حياة كريمة الطبية فى دمياط    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    اتفاقية بين مصر وأمريكا لمنح درجات الماجستير    الصحة: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية الخاصة بغرب النوبارية بالبحيرة للتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية    المبعوث الأممي إلى سوريا يدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية فورا    ضبط المتهم بإدارة كيان تعليمي للنصب على المواطنين بالقاهرة    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    35 شهيدًا فى غزة منذ فجر اليوم بنيران الاحتلال الإسرائيلي    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    الهيئة الوطنية تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي ب"الشيوخ" 2025 عن دائرة الإسكندرية    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    إيطاليا: كنائس القدس قدمت 500 طن من المساعدات إلى غزة    «الإصلاح والنهضة» يطلق حملته الرسمية ل انتخابات الشيوخ 2025    سد النهضة وتحقيق التنمية والسلم الأفريقي أبرز نشاط الرئيس الأسبوعي    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا أعطتنى...؟؟؟؟؟!!
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 07 - 2009

لا شك أن كل مصرى يتمتع بنزعة عزة وطنية قوية يستغرب منها العرب والأجانب على حد سواء. فحتى الأجيال التى تربت بعد عهد الرئيس عبدالناصر والتى أنتمى إليها تتمتع بهذه النزعة.
بل وحتى الأجيال التى هجرت مصر إلى الخارج مازالت تتمتع بهذه النزعة، ولا تتردد فى الحديث عن أمجاد هذا البلد وثقافته وحضارته وتاريخه ودفء أهله وخفة ظلهم التى تميزهم عن بقية شعوب المنطقة التى يعيشون فيها.
ولاشك أن المصرى الذى عاش تجربة «الغربة» وهم بالملايين وأنا وأفراد عائلتى منهم يتضاعف لديهم هذا الشعور بحب مصر والانتماء إليها. فتتملكنا راحة وترتسم على شفاهنا ابتسامة فى كل مرة تدخل فيها الطائرة الأجواء المصرية.
وهذه المشاعر منبعها ليس فقط رؤية الأهل والأصدقاء من الذين لايزالون يعيشون فى مصر ولكن أيضا لشعورنا بالامتنان لأن لنا وطنا نشعر بالرابط الذى يربطنا به مهما بعدنا عنه ومهما صغر سننا.
ولا شك وهى الثالثة والأخيرة فى هذا المقال أن كل من ترتسم على شفاهه هذه الابتسامة يدرك أن بقدر ما وراءها من الحب لهذا البلد فوراءها أسى وحسرة بل وحزن وإحباط.
فالحياة فى مصر أضحت صعبة وأصبحت أسباب الهجرة والخروج من الوطن تتعدد يوم بعد يوم. لفت نظرى إلى جملة هذه الأسباب صديق كان مجتمعا معنا فى المدينة الجامعية بباريس خلال شهر رمضان حيث نجتمع للإفطار معا حين سأل تلقائيا وبأسى «إذا كنا لما بنحب نتعالج كويس بنسافر بره، ولما بنحب نتعلم كويس بنسافر بره، ولما بنحب نكسب كويس بنسافر بره.. تبقى هى بلدنا ادتنا إيه؟».
وانقسم المستمعين للسؤال بين مؤيد ومعارض ولكن يعلم كل من هو موجود خارج مصر الآن أن هذا السؤال أتى على جرح عميق. فالمصرى مهما طالت حياته فى الخارج ومهما كانت هذه الحياة مريحة ماديا ومترفة، يشعر بالغربة.
الغربة إحساس صعب خصوصا فى المجتمعات الغربية التى لا تشاركنا أعيادنا وتقاليدنا ولا يشعر المرء أنه «واحد من أبناء هذا الوطن». فبعض المهاجرين المصريين يشعر بالامتنان تجاه البلاد والمجتمعات الغربية أو حتى العربية التى احتضنتهم ووفرت لهم فرص كان نقصها السبب فى خروجهم من مصر.
وبعضهم يفرح بالعيش فيها وينقطع اتصاله تدريجيا بمصر وينخرط فى مجتمعاتها. لكن أبدا لا يشعر المهاجر المصرى أنه من أبناء «هذا الوطن الفرنسى أو البريطانى أو الأمريكى أو حتى الخليجى». هذا الشعور بالغربة مزمن ومؤلم لأن لا علاج له على المدى القصير.
فطالب التعليم العالى أو العمل أو العلاج فى الخارج يدرك صعوبة وأحيانا استحالة وجود بديل مصرى لما يبحث عنه. بل ويدرك أصحاب الشهادات العليا الأجنبية فى معظم الأحيان أن المقابل المادى والمعنوى فى مصر لشهاداتهم والمستوى العلمى الذى يصلون إليه والغربة والكفاح لإثبات الذات والتفوق على أبناء البلد ليس فقط غير مناسب، بل وأحيانا غير موجود.
فمعظم طلبة الدراسات العليا المصريين فى الخارج فى مختلف مجالات العلوم الاجتماعية يطمحون إلى العمل فى مجال التدريس فى الجامعات الحكومية المصرية ونقل العلم الذى حصلوا عليه لآلاف الطلبة المصريين الذين لم يتسن لهم الحصول على نفس فرصة التعليم فى الخارج.
لكن فى مصر، وغيرها من بعض الدول العربية التى اقتدت بالنظام المصرى، المستوى الفكرى والعلمى لا يعتد به داخل الجامعة إلا إذا كان الشخص ممن تم تعيينهم منذ التخرج، وبناء فقط على الدرجات التى حصل عليها طوال سنوات الدراسة فى الجامعة. حتى بالنسبة لأولئك الذين تم تعيينهم فى الجامعة الحكومية، فإن المقابل المادى يجعل الحياة صعبة ويجعل تكوين أسرة بالنسبة للذكور من أساتذة الجامعة مستحيلا.
وإذا كان بعض أساتذة الجامعة ينجح بطريقة أو بأخرى فى تخطى عقبة الإحباط المادى، فإن عقبة الإحباط المعنوى تبقى وتظل أكثر إيلاما. ولمن لا يعرف ذلك، فإن اللائحة الداخلية للجامعة تقدس الهيراركية الجامدة.
على سبيل المثال، لا يستطيع أى مدرس شاب أن يطور المنهج الذى يدرسه أو أن يطور القسم الذى يعمل فيه إلا بإذن من أستاذ المادة ورئيس القسم والعميد وغيرهم من المستويات. وغالبا ما يسمع المدرس(ة) الشاب عبارة «انت فاكر نفسك مين؟».
فصغر السن وحداثة الدكتوراه وسرعة الحصول عليها من الخارج كلها عوامل تعيق القدرة على التطوير. ويكون رد الفعل من المدرس الشاب هو إما الاستقالة والعودة من حيث أمضى سنوات الدكتوراه أو الصبر والمثابرة والتحسين فى حدود المسموح والممكن.
أعتبر نموذج التعليم هذا معبر جدا عن الرسالة التى أود أن أبعث بها من خلال هذا المقال. فيؤلم أى مصرى أن تكون اليوم بعض جامعات دول الخليج العربية والجامعات الإيرانية فى مستوى علمى متقدم على الجامعات المصرية التى سبقتها فى النشأة بعقود بل وقرون.
أكثر إيلاما هو ألا يستطيع المصرى أن يفيد بلده إن هو أراد ذلك. وفى رأى، فإن مصر البلد أعطتنا الكثير ولا مجال لرد نافى على سؤال صديقى المحبط حول مائدة الإفطار الفرنسية.
فمصر أعطتنا الوطن الآمن والبيت الذى نعود إليه إذا ضاقت بنا الأرض بما رحبت وأعطتنا التاريخ والحضارة والأصل والاحترام الذى يستثيره ذكر الجنسية التى نحملها حول العالم. لكن للأسف كلها عناصر تختفى بسرعة أمام الإحباط الذى تولده الصعاب التى نواجهها فى أحضان الوطن. وأخشى أن يدفع هذا الإحباط إلى تزايد إجابات العقول الشابة على عنوان هذا المقال بعبارة «عندك حق».
باحثة مصرية بفرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.