رغم تحذيرات الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الخفض الكبير في الميزانية إذا تم تطبيق التخفيضات التلقائية في الإنفاق اعتبارا من الأول من مارس القادم، فإن الوكالات الفيدرالية الأمريكية لازال أمامها فرصة ولو بسيطة للمناورة من أجل تخفيف وطأة هذه التخفيضات. ويقول محللو الميزانية إن الحكومة يمكنها أن تتخذ خطوات لتأجيل أثر هذه التخفيضات، من خلال تأجيل الإعلان عن عقود جديدة، وعدم شغل الوظائف المفتوحة وتأجيل الإعلان عن المنح الفيدرالية، التي لن تؤثر على الخدمات الحكومية الحيوية في الأجل القصير.
ومع اقتراب الموعد النهائي لتطبيق هذه التخفيضات، أجرى الرئيس باراك أوباما أمس الخميس اتصالين هاتفيين برئيس مجلس النواب جون بينر وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ربما للتوصل إلى حل اللحظة الأخيرة، ولم يكشف البيت الأبيض عن تفاصيل الاتصالين إلا أن المتحدث جاي كارني قال إنهما كانا جيدين.
وفي حين أعرب الجانبان عن اهتمامهما بضرورة تفادي على الأقل بعض التخفيضات التلقائية في الانفاق، فإن المراقبين يشيرون إلى أن الإدارة الأمريكية لازال أمامها فرصة ولو بسيطة لتأجيل بعض الالتزامات المالية إذا دخلت التخفيضات التلقائية حيز التنفيذ من خلال العديد من الخيارات للتخفيف من الأثر الكامل للاقتطاعات الاجبارية ولو لعدة أسابيع، ويقول بعض الجمهوريين الآن إن أوباما عمد إلى عدم الاستفادة من هذه الفرصة.
ويرى بعض المحللين أن الرئيس وإدارته كان بإمكانهما إذا تبنيا هذا الخيار التخفيف من تأثير التخفيضات التلقائية في الانفاق على المدى القصير، إلا أنهم يرون أن بعض الخيارات المتاحة أمام الإدارة أصبحت الآن غير مرغوب فيها كما كانت من قبل نظرا لمرور المزيد من الوقت من العام المالي مما قلل من المرونة التي كانت متاحة لتأجيل أثر التخفيضات..إلا أن بعض هذه الخيارات لازال قابلا للتطبيق ولكن الوقت المتاح أصبح أقل حتى تحقق الأثر المرجو منها.
ويمثل مبلغ التخفيضات التلقائية الذي يجب البدء في تطبيقه الأسبوع القادم وهو 85 مليار دولار الجزء الأول من 1.2 تريليون دولار يجب تخفيضها من الميزانية على مدى 10 سنوات للحد من عجز الميزانية وفقا للاتفاق الذى توصل إليه الرئيس أوباما مع الكونجرس منذ عامين.
وسيطلق الرئيس باراك أوباما هذا الاسبوع حملة للضغط على الجمهوريين في الكونجرس لتجنب الجانب الأسوأ من التخفيضات والدعوة لتحقيق المزيد من العائدات الضريبية، حيث يرى أن التخفيضات التلقائية سوف تضر بالاقتصاد وتفقد مئات الآلاف من الأمريكيين وظائفهم وتجعلهم عاطلين عن العمل.
ومن جانبه، أشار النائب الجمهوري توم برايس إلى إن الرئيس أوباما وديمقراطيين آخرين يقومون بتخويف الأمريكيين من آثار التخفيضات بدلا من التعاون مع الجمهوريين، وقال إنهم :"يعملون على تأجيج الخوف في أوساط الشعب الأمريكي، ويستغلون قواتنا المسلحة وغيرها من الخدمات الحيوية للترويج لأجندة زيادات ضريبية لتوفير الأموال لإنفاق وصل إلى مستوى عال لم يسبق له مثيل"، ونوه بأن التخفيضات التلقائية في الانفاق ليست أمرا جيدا، إلا أنه لا يمكن تجاهل الحاجة إلى الحد من العجز.
وقال برايس :"في عصر وصل فيه العجز إلى تريليونات الدولارات وطالت فيه حالة عدم اليقين الاقتصادي..فإن مسئولية الحد من الإنفاق أصبحت ضرورة مطلقة..وعلى الرئيس أوباما أن يتوقف عن وضع اختيارات كاذبة أمام الشعب الأمريكي، في الوقت الذى يطالبون فيه بتخفيضات كبيرة ودائمة في مستوى الإنفاق، حتى يمكننا أن ندفع اقتصادنا للأمام وخلق المزيد من فرص العمل."
وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد بيو الأمريكي أن الكثير من الأمريكيين لا يشاركون الرئيس أوباما قلقه بشأن التخفيضات الوشيكة في الانفاق، مشيرا إلى أن 29 % من الأمريكيين لم يسمعوا قط عن هذه التخفيضات في الانفاق، بينما رأى 40% ممن شاركوا في الاستطلاع أنه ينبغي السماح بدخولها حيز التنفيذ، بينما يرى 49% أنه ينبغي تأجيل تطبيق هذه التخفيضات في الانفاق.