القائمة كاملة، قرار جمهوري بالحركة الدبلوماسية الجديدة 2025    القائمة كاملة.. قرار جمهوري بالحركة الدبوماسية الجديدة 2025    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عبدالصبور شاهين مثقف تحول إلى تكفيرى من أجل المال "الحلقة 4"    وزيرة التضامن: "تكافل وكرامة" أكبر فكرة للحماية الاجتماعية خلال 10 سنوات    البوصلة    البنزين المغشوش.. البترول: 2000 جنيه للمتضرر من تلف الطرمبة لكن بشرط    الأحد المقبل.. بدء تسليم أراضي الإسكان المتميز للفائزين بمدينة قنا الجديدة    تكريم رائدات أعمال برنامج «هى تقود» وإطلاق برنامج «قادة مدارس الجمهورية»    ممرات مخيفة.. نائب أمريكي ينشر فيديو لأنفاق سرية أسفل مبنى الكابيتول    لماذا لا تضرب مصر الحوثيين؟    البابا ليون الرابع عشر.. أمريكى بروح لاتينية عاش 30 عامًا خارج الولايات المتحدة منها 20 عامًا فى البيرو    رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    محمد عادل فتحي يكرم فريق السيدات بالمقاولون العرب في ختام الموسم    "ثلاث أقوال للصفقة".. شوبير يكشف نهاية حارس الأهلي ومفاجأة بشأن سيحا    جوميز: كل تركيزي مع الفتح حتى تحقيق هدفنا.. وكل شيء وارد بشأن تدريب الأهلي    تشكيل مباراة أهلي جدة والشباب المتوقع في الدوري السعودي    عقوبات حيازة كلب بدون ترخيص    اليوم ذروة الموجة الحارة.. الأرصاد: الحرارة تصل ل 43 درجة في الظل    هام من التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة هذا العام| الوزير يكشف    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بدمياط    انتشال جثة طالب من نهر النيل بسوهاج    حب مصر خطف قلبي، رسالة مؤثرة ل سعاد الصباح في عشق أم الدنيا    مواقع أجنبية : المتحف المصرى الكبير صرح حضارى وثقافى عالمى ويمتاز بتقديم قطع أثرية نادرة    إذاعة جيش الاحتلال: تجنيد لواءى احتياط بهدف توسيع العملية العسكرية فى غزة    «حقك هيرجع».. بوسي شلبي توجه رسالة ل«محمود عبد العزيز»    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    نصائح لحماية طفلك للسلامة من موجات الحر    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    باكستان: إلغاء 150 رحلة جوية وسط حالة عدم اليقين بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع الهند    الأونروا: لدينا آلاف الشاحنات جاهزة للدخول وفرقنا في غزة مستعدة لزيادة التسليم    النشرة المرورية.. كثافات متحركة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    استشهاد 10 فلسطينيين إثر قصف "الاحتلال الإسرائيلي " خيم النازحين بخان يونس    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    محطة كهرباء جديدة ب64 مليون جنيه في أبو الريش لضمان استمرار الرعاية الطبية للأطفال    دعاية السجون المصرية بين التجميل والتزييف.. ودور النخب بكشف الحقيقة    سعر طبق البيض اليوم الأحد 11 مايو    هل تصح طهارة وصلاة العامل في محطة البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    تشكيل ليفربول المتوقع ضد آرسنال اليوم.. موقف محمد صلاح    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    حظك اليوم الأحد 11 مايو وتوقعات الأبراج    خطة القوافل العلاجية الشهرية لحياة كريمة خلال شهر مايو فى البحر الأحمر    ترامب: أحرزنا تقدمًا في المحادثات مع الصين ونتجه نحو "إعادة ضبط شاملة" للعلاقات    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    بعد 21 يومًا من الرحيل الصادم.. نجوم الإعلام يودعون صبحي عطري بالدموع في دبي (فيديو)    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    محاكمة متهمين بقتل طالب داخل مشاجرة بالزيتون| اليوم    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    تفوق كاسح ل ليفربول على أرسنال قبل قمة اليوم.. أرقام مذهلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر الجديدة.. عندما تتحول مدينة الشمس إلى طريق للآلام والدموع
سكان الحى الراقى يشكون «جيرة الرئيس الجديد» بعد أحداث الاتحادية
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 12 - 2012

«ربنا يجيب العواقب سليمة، الواحد خايف على الأولاد اللى بره دول، دول شباب، حرام يئذوا نفسهم ويئذوا بعضهم، بس الواحد كمان خايف على المكان، ده انا اشتغلت فى المكان ده بعد ابويا اللى كان بيشتغل هنا، المكان ده من أقدم الأماكن فى مصر الجديدة والواحد خايف حاجة تحصل والدنيا تولع، ربنا يجيب العواقب سليمة،» هكذا تحدث حسن، العامل فى واحد من أقدم صالونات الشاى بحى مصر الجديدة حيث يقع قصر الرئاسة.

القصر الرئاسى، المعروف باسم الاتحادية، والمطل على شوارع إبراهيم اللقانى والأهرام والميرغنى (أو شارع النادى كما يعرف فى إشارة إلى نادى هليوبوليس) هو فى ذاته تحفة معمارية من قلب القاهرة البارونية التى لم يتبق من تراثها الكثير بعد أن نالت يد الإهمال والجشع من كثير من مبان بنيت على الطراز الإسلامى الآرت باروك فى مطلع القرن الماضى فهدمتها لتحل مكانها بنايات قبيحة.

«فى استخدام واسع للزجاجات الحارقة، والواحد مش عارف مين اللى بيرمى، بس مش مهم مين اللى بيرمى مش مهم إذا كانوا الإخوان ولا المتظاهرين لأن النار لو مسكت فى المبانى القديمة هتولعها، وساعتها مش هيفرق مين اللى حرق لأن مصر الجديدة هتكون اتحرقت»، هكذا تحدث مصطفى العامل فى واحد من أقدم محال بيع الزهور الواقع فى شارع بغداد وهو يسارع مساء الأربعاء لغلق أبواب المحل ووضع أرففا خشبية لحماية الواجهة التى كان قد زينها بنباتات قبل أيام من حلول عيد الميلاد المجيد فى هذا الشارع، الذى دشنه بانى مصر الجديدة البارون ادوار امبان فى مطلع القرن العشرين تحت اسم بوليفار عباس.

يلتقى شارع بغداد مع شارع ابراهيم اللقانى، المدشن بوليفار إسماعيل عند نشأة مصر الجديدة قبل أكثر من قرن، الذى تطل عليه البوابة رقم خمسة المخصصة لدخول وخروج رئيس الجمهورية. وخلال الأسبوع الماضى اتشح الشارعان اللذين طالما حملا ألق تلك الضاحية الواقعة فى شرق القاهرة والتى جمعت لعقود متتالية فى تآلف سلس وتلقائى أنماطا متداخلة من المعمار وطبقات اجتماعية ميسورة واخرى متوسطة وسكانا ومحالا تحمل اسماء تشهد على أيام كوزموبوليتانية لا تقل بهاء عن تلك التى عرفتها الإسكندرية قبل عقود الانفتاح وما سبقها من سنوات التأميم.

خلال حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى قطن مصر الجديدة منذ الخمسينيات لدى زواجه من سوزان ثابت التى نشأت فى هذا الحى وارتادت إحدى مدارسه، تمتع شارعى بغداد واللقانى وغيرهما من شوارع مصر الجديدة البارونية باهتمام ولو محدود وبالرغم من أن هذا الاهتمام لم يحل دون سقوط مبان رائعة لأغراض تجارية إلا أنه أبقى على الكثير من روح مصر الجديدة السابقة.

مبارك الذى انتقل لإحدى فيلات مصر الجديدة خلف نادى هليوبوليس عند توليه منصب نائب رئيس الجمهورية منتصف السبعينيات كان من حول قصر الاتحادية، الذى حصل على هذا الاسم نسبة لاستخدامه من قبل ممثلى حكومات مصر وليبيا سوريا خلال ايام اتحاد قصيرة مطلع السبعينيات، إلى مقر للحكم اختار مرسى ان يذهب إليه بعد تنصيبه رئيسا للجمهورية 30 يونيو الماضى عوضا عن غيره من القصور الرئاسية فى رسالة سياسية أن الإخوانى الذى تعرض للاضطهاد وزج به فى السجن تحت حكم مبارك اوصلته ثورة اسقطت حكم مبارك ليجلس على ذات كرسى سدة الحكم فى ذات القصر.

«لكن مبارك كان ساكن فى مصر الجديدة، ولكن ده مش من مصر الجديدة، وبعدين من يوم ما جاء إلى القصر والمظاهرات والإضرابات على الرصيف، وناس بتيجى مش عارفين من فين، ودى كلها حاجات تعمل مشاكل» يقول يوسف احد العاملين فى احد محال المجوهرات الواقعة فى شارع بغداد. يوسف يقول إنه وغير من اصحاب محال الجواهرجية وغيرهم اضطروا لزيادة تأمين محالهم خشية من أن تتعرض لعلميات سلب ونهب. «الحمد الله ما فيش حاجة حصلت واللى كانوا بييجوا بمشاكل قلوا جدا»، «يقول، قبل ان يضيف «لكن المشكلة اليوم اختلفت، احنا مش بنتكلم النهاردة عن مظاهرات وناس بتأيد وناس بتعارض وضرب نار وأمن مركزى، احنا هنضطر نقفل كده».

يوما الثلاثاء والاربعاء وامس الخميس أغلقت بالفعل العديد من المحال التجارية فى شوارع اللقانى وبغداد والأهرام والميرغنى، وكذلك فى شارع الثورة المتقاطع مع يمين نهاية شارع بغداد.. البعض أغلق فى ساعة مبكرة والبعض أغلق بالكامل. بقيت تلك المحال التى تبيع الاطعمة وتوافد المحتشدون أمام قصر الاتحادية للتنديد بالرئيس على مطعم الفول والفلافل الكائن بشارع ابراهيم، المتقاطع مع يسار نهاية شارغ بغداد، لشراء سندويتشات، بينما ذهب البعض لمقاهى صغيرة تقدم الشاى والشيشة والسحلب لمن كان يبحث عن شىء من الدفء فى نفس الشارع أو بعض الشوارع الصغيرة المتفرقة منه. بقيت ايضا فى شارع ابراهيم بعض المحال التى تبيع الاحذية الخفيفة الرخيصة.

«احنا مش قريبين من المظاهرات، وبتشتغل، اليوم (الأربعاء) جاءت سيدة لشراء حذاء لأنها فقدت احد نعليها وهى تجرى من بعض ممن كانوا يحاولون الهجوم عليها،» يقول محمود البائع بأحد هذه المحال. «لكن المحال ممكن تقفل بس احنا نروح فين؟ احنا مش عارفين نعيش خالص، الواحد خايف ينزل من البيت وخايف يطلع البلكونة، معقول حد يصدق ان دى مصر الجديدة، انا اولادى مش بيعرفوا ييجوا لى بسيارتهم علشان بيخافوا يسيبوها امام العمارة خشية ان تتعرض للتكسير»، تقول نادية السيدة السبعينية والقاطنة فى احد الشوارع المتفرعة من شارع بغداد. وقبل ان تنته نادية من كلماتها تسمع صوت تحطيم زجاج سيارة حيث تجمع عدد من حراس المحال الواقعة فى شارع بغداد على ميكروباص يهشمونه بغضب كبير.

«ده واحد من خمس ميكروباصات كانت جايباهم، احنا طردناهم ومهمناش ان معاهم سيوف، الميكروباص ده السواق (..) جرى وسابه واحنا هندشه على (....)،» حسبما قال احد الشباب الغاضب وهو يلقى بعصاه الغليظ على الزجاج الامامى للميكروباص المزعوم لنقل انصار مؤيدين لمرسى وصلوا لمصر الجديدة مساء الاربعاء ضمن عملية حشد واسعة لمؤيدين جاءوا لنصرة الرئيس فى وجه معارضين كانوا قد تظاهروا ضده الثلاثاء وطالبه بعضهم بالرحيل.

«سواء يرحل، سواء ما يرحلش، انا خلاص مش عايزاه يفضل هنا.. احنا بصراحة زهقنا من الامن من ايام مبارك، ودلوقتى كل حاجة كما اسوأ، ومظاهرات واصحاب مشاكل ودلوقتى الغلب ده، لأ هو يمشى من هنا والقصر ده يرجعوه فندق ولا يعلموه متحف،» حسبما تضيف نادية.

فندق هليوبوليس بالاس، هو الاسم الحقيقى للبناء الرائع الذى يعرف اليوم بقصر الاتحادية، شهد ما يصفه كتاب «هليوبوليس مدينة الشمس» حفلات الشاى ايام الاحاد والموسيقى والرقص فى ايام الصيف.

«زمان الفندق ده كان بيعمل حفلة كبيرة يوم 25 ديسمبر علشان اعياد الميلاد للمسييحين الكاتوليك وحفلة تانية سبعة يناير علشان الاقباط، وكانت الاحتفالات رائعة،» يقول ابراهيم، احد العاملين فى محل لتصليح الملابس، ويضيف «طبعا دى حاجات من زمان ومش هترجع بس الواحد خايف الناس الغضبانة تضرب بعض بالمولوتوف وحاجة تصيب القصر، خسارة، ده قصر جميل جدا،» يضيف بأسى ابراهيم الذى يقول ان والده كان يعمل فى رعاية حدائق «الهليوبوليس بالاس» قصر الاتحادية الذى حاصرته صباح امس مدرعات الحرس الجمهورى، داعية المتظاهرين للذهاب عن ساحته التى شهدت عنف واراقة للدماء مساء الاربعاء فى اشتباكات وقعت بين انصار الرئيس ومعارضيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.