كنت ساذجا وواهما حينما أعتقدت أن المستفيد من أحداث محمد محمود هم أعداء الثورة والساعون إلى شيطنتها والبلطجية وأنصار النظام السابق. لكن وبعد الانقلاب الكبير الذى نفذه الرئيس محمد مرسى مساء الخميس الماضى فإن المستفيد الوحيد من أحداث محمد محمود هو الرئيس نفسه وحكومته وجماعته، ونفر متفرقون هنا وهناك.
بغض النظر عن النوايا والمقاصد الطيبة التى يمكن أن يقولها الرئيس، وكل أنصاره بأنها كانت تقف وراء انقلاب 22 نوفمبر، فإنها لن تغير للأسف من الأمر شيئا، وهى أننا تخلصنا من ديكتاتور اسمه حسنى مبارك، وبدأنا فى صناعة ديكتاتور جديد اسمه محمد مرسى، بل إن السلطات الموجودة بحوزة مرسى الآن لم تكن موجودة فى حوزة مبارك أو السادات أو حتى عبدالناصر.
وعلى حد تعبير الناشط السياسى وائل غنيم فإن الوحيد الذى لا يسئل عما يفعل هو الله سبحانه وتعالى وليس محمد مرسى.
لم يقم المصريون بالثورة لكى يبدلوا ديكتاتور بآخر حتى لو كان «الدكتاتور العادل»، لكنهم كانوا يبحثون عن انتخاب رئيس عادى يمكن للشعب مساءلته ومحاسبته.
بعض القرارات التى أصدرها مرسى ظاهرها طيب مثل إقالة النائب العام، لكن تعيينه لنائب عام جديد هو كارثة بكل المقاييس، وكان أمامه أكثر من حل مثل أن يوكل هذا الأمر للمجلس الأعلى للقضاء مثلا.
تمديد فترة الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور خطوة جيدة فعلا تستحق التحية، لكن تحصين مقاضاتها كارثة كبرى تجعلنا نعتذر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة عن اختراعه للمادة 28 فى قانون انتخابات الرئيس التى استفاد منها للصدفة الغريبة محمد مرسى شخصيا.
صرف تعويضات بصورة أفضل لضحايا الثورة خطوة جيدة، لكن من قال إن المشكلة الرئيسية كانت فى التعويضات، الثوار يريدون تطهير وزارة الداخلية وبناء عقيدة أمنية جديدة تقوم على احترام الحريات وحقوق الإنسان، وقد ثبت من أحداث محمد الأخيرة ألا شىء قد تغير فى العقلية الأمنية.
قال أنصار الرئيس وسيقولون إن هناك مؤامرة محكمة تحاك ضد الرئيس وضد الثورة، وربما تشارك فيها أطراف كثيرة محلية وإقليمية وربما دولية، وربما يكون ذلك صحيحا، والسؤال: لماذا لا تتحرك الأجهزة المختصة لضبط هذه الخلايا؟
سيقولون إن بعض القضاة يتميزون بالبطء الشديد فى تحريك العديد من القضايا المهمة والحساسة، وربما يكون ذلك صحيحا أيضا، لكن السؤال أيضا: ولماذا لا يتم فضح أولئك الذين يقفون وراء ذلك؟
ألم ننتقد حسنى مبارك لأنه كان يتحدث دائما عن المؤامرة الخارجية، ألم ننتقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة لأنه فعل الأمر ذاته؟!
إذن ما الذى يدعونا لتأييد وتصديق نفس المقولة الآن؟!
كنا نؤيد قرارات ثورية لمصلحة الشعب، وكنا نطالب بقرارات ثورية تحقق العدالة الاجتماعية، وكنا نطالب باسترداد أموال الشعب المنهوبة، وكنا نطالب بأى قرارات تنصف المظلومين وتقيم العدالة، لكن الذى حدث أن معظم هذه القرارات صب فقط فى مصلحة تحويل الرئيس مرسى إلى مشروع ديكتاتور.
مرسى شخصيا قد يكون أفضل شخص، لكن تكريس كل السلطات فى يد شخص واحد مهما كانت نواياه سليمة ستحوله إلى مستبد، وربما ليس عادلا.
الآن فقط وبعد هذه القرارات بدأت أشعر فقط بالخوف من المستقبل.. ربنا يستر.