سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاتحاد الأوروبى فى انتظار الضوء الأخضر من القاهرة للتفاوض على اتفاقية تجارة حرة المفاوضات بدأت مع المغرب وتونس ومصر.. والاتفاقية تشمل حماية المنافسة والاستثمار والملكية الفكرية
«فى الواقع نتطلع لتعاون أكثر لأنه سيعزز اقتصادكم من خلال تقديم مزيد من الدخول للسوق الأوروبية وإرساء قواعد الحوكمة فى دولكم»، هكذا بدأ مفوض الاتحاد الأوروبى لشئون التجارة، كاريل دى جوشت، حدثيه عن اتفاقية التجارة الحرة المعمقة والشاملة، التى شرع الاتحاد الأوروبى فى التفاوض عليها مع عدد من دول جنوب المتوسط، إلا أن الحوار مع مصر لم يبدأ. واتفاقية التجارة الحرة تتطلب أن تقوم الدول التى توافق عليها بتعديل تشريعات لتتماشى مع قوانين الاتحاد الأوروبى فيما يختص بمناخ الأعمال والذى يشمل حماية المنافسة، وحقوق الملكية الفكرية، والاستثمار، وفى المقابل ضمان دخول منتجات هذه الدول للاتحاد الأوروبى بدون قيود، فضلا عن تدفق الاستثمارات الأوروبية على هذه الدول.
وقال جوشت فى لقاء مع عدد من صحفيى مصر والمغرب وتونس والأردن فى بروكسل، إن «العلاقات التجارية مع دول جنوب المتوسط مهمة بالنسبة لنا للغاية خاصة بعد الربيع العربى، لكن الوضع السياسى والاقتصادى لابد أن يكون مناسبا لتحقيق الالتزام الصحيح، وعلينا الاعتراف بأنه فى الواقع تم تحقيق تقدم محدود منذ 2011 ولتحقيق نتائج ملموسة سيكون ضروريا أن نلتزم بالطابع العملى والبرجماتى، نريد أن نحقق خطوات قليلة لكن مهمة لتحقيق أهدافنا».
وقد بدأ الاتحاد الأوروبى المفاوضات مع المملكة المغربية وتونس بشأن هذه الاتفاقية نهاية الشهر الماضى، وكان من المقرر أن يعقد اجتماعا فى الأردن خلال الشهر الحالى لكنه ألغى، أما بالنسبة للمصر «فلا يوجد تاريخ لبدء المفاوضات»، بحسب جوشت.
وأوضح جوشت ل«الشروق» أن الاتحاد الأوروبى ناقش بالفعل هذه الاتفاقية مع القيادة المصرية فى عهد الحكومة الانتقالية «التى فضلت الانتظار لحين انتخاب رئيس وحكومة، وحاليا هناك مناقشات مع الإدارات لتوضيح هذه الاتفاقية بالتفصيل والآثار السياسية والاقتصادية التى ستسفر عنها»، على حد قوله.
«يمكن القول إننا الآن فى مرحلة الاستكشاف، لكن لا توجد قرارات تم اتخاذها عما إذا كنا سنطلق هذه العملية قريبا، وهذا لا يعنى إجابة سلبية لكنهم يريدون أن يستوضحوا أمورا إضافية ونحن فى مرحلة انتظار»، بحسب مفوض الشئون التجارية.
والاتحاد الأوروبى هو الشريك التجارى الأول لمصر بنسبة 32% من إجمالى تجاراتها، فضلا عن كونه المصدر الرئيسى للاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تتعدى 60% من إجمالى الاستثمارات، والتى بلغت فى 2010 فقط 208 مليارات يورو، فيما بلغ إجمالى التبادل التجارى فى السلع بين الجانبين إلى 23.4 مليار يورو فى 2011، بينما بلغ التبادل التجارى فى الخدمات 9.7 مليار يورو فى 2010.
وقد حقق الاتحاد الأوروبى ومصر تقدما جيدا فى تحرير التجارة بينهما، فمنذ دخول اتفاقية الشراكة بينهما حيز التنفيذ فى 2004 يتمتع الشركاء بمنطقة تجارة حرة على المنتجات الصناعية، نتيجة لإزالة التعريفات الجمركية على التجارة المتبادلة، حيث ألغاها الاتحاد الأوروبى بالكامل عن جميع المنتجات من اليوم الأول، بينما اختارت مصر إلغاء التعريفات الجمركية تدريجا حتى عام 2019.
ونتيجة لهذه الاتفاقية؛ خلال عام 2004 وعام 2011 قفزت الصادرات المصرية للاتحاد الأوروبى بنسبة 125%، فيا ارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبى لمصر بنسبة 83%. وبالإضافة لهذا ففى عام 2010 استكملت منطقة التجارة الحرة تلك باتفاقية على التحرير الإضافى للتجارة فى المنتجات الزراعية، والتى حررت أغلب التبادل التجارى الزراعى، وفى العام الماضى أول عام كان يتم فيه تطبيق هذه الاتفاقية نمت صادرات مصر من المنتجات الزراعية للاتحاد الأوروبى بنسبة 15%.
بذلك تكون كل معوقات الجمركية قد أزيلت من خلال الاتفاقيات التجارية، إلا أنه وبحسب مسئولين فى الاتحاد الأوروبى ببروكسل فضلوا عدم ذكر اسمائهم، فإنه للمساعدة على رفع التجارة المتبادلة والتدفقات الاستثمارات إلى أقصى إمكانياتها، لابد من إزالة المعوقات غير الجمركية، وهو ما يرون أنه ممكن من خلال تنسيق المعايير الصناعية أو متطلبات سلامة الغذاء.
وفى هذا الإطار يستعد الاتحاد الأوروبى ومصر التفاوض على اتفاقية تقييم المطابقة وقبول المنتجات الصناعية ACAA والتشريع المتصل بها، والتى من شأنها، بحسب مسئولة بالإدارة التجارية بالمفوضية الأوروبية فى بروكسل، تسهيل تصدير المنتجات الصناعية لأوروبا، بتوفير دخول أفضل للمنتجات المصرية فى السوق الأوروبية المشتركة والعكس.
وتشرح المسئولة الأوروبية أن هذه الاتفاقية تعنى أن الدولة الشريك وفى هذه الحالة هى مصر، تنظر إلى تشريعات الاتحاد الأوروبى الخاصة بأمن المنتجات، وهى خاصة بالمنتجات الصناعية، والدول تختار بعض القطاعات، وقد كانت فى مصر لعب الأطفال والمنتجات الكهربائية، وتتبنى كل التشريعات الخاصة بأمن المنتجات الخاصة بالاتحاد الأوروبى، ومراقبة السوق، وتطوير المعامل. وفى هذا الإطار تعمل الدولة الشريك كثيرا بمساعدة الاتحاد الأوروبى لتبنى تشريعات الاتحاد الأوروبى، وفى المقابل كل المنتجات تدخل الاتحاد الأوروبى بدون تفتيش إضافى، وهذا يستهدف قطاعا نشير له باسم «المعوقات التقنية للتجارة»، وهى الأكثر تكلفة التى يواجهها المصدرون فى العالم، وهذا يسهل التجارة بقوة فى المجالات التى اختارتها مصر، والخطة المقبلة ستكون بحث اتفاقية التجارة الحرة الشاملة والمعمقة. وفى هذا الإطار يقول مسئول الاستثمارات بالإدارة العامة بالتجارة فى المفوضية، ليوبولدو روبيناتشى، «سنبحث آلية حرية حركة رأس المال، وسننظر فى الأحكام المتعلقة بالمصادرة التى تندرج ضمن حقوق الدولة السيادية، لكن فى هذه الحالة يكون هناك تعويض للمستثمرين، كما سنسعى لوضع منظومة جديدة للمستثمرين لفض المنازعات»، مشيرا إلى أن ثمة اهتماما واضحا من طرف المستثمرين الأوروبيين لزيادة الاستثمار فى جنوب المتوسط، إلا أن القضايا التى تشغلهم هى الاستقرار ودولة القانون، واحترام العقود، وإمكانية التوقع بمستقبل الاستثمار فى دولة ما».
وبحسب موقع بعثة الاتحاد الأوروبى فى مصر، فقد تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة من الاتحاد الأوروبى بشكل كبير بعد ثورة 25 يناير، حيث انخفض عدد الشركات الأوروبية المؤسسة حديثا إلى 324 خلال العام المالى 2010/2011 مقابل 441 شركة خلال السابق عليه، وهو ما يعكس نظرة المستثمرين لمناخ العمل المتدهور، والذى يعززه القدرة الإدارية الضعيفة فى تأمين الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى المرحلة الانتقالية غير المستقلة.
ورغم هذا فإنه وفقا لإحصاءات البنك المركزى المصرى فإن إجمالى تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة من الاتحاد الأوروبى بلغت 6.1 مليار دولار خلال العام المالى 2010/2011 وهى رغم تراجعها إلا أنها كانت تمثل النسبة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية فى مصر بنسبة 64% مقابل 61% خلال العام المالى السابق.