تجلت ثورة 25 يناير المباركة فى أربعة مطالب أساسية هى: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وكان من اللازم أن تنعكس هذه المطالب بوضوح فى الدستور الجديد الذى يعكف على صياغته الجمعية التأسيسية، ولعل باب الحقوق والحريات هو المعنى بتلبية مطالب الجماهير فى تحقيق الحرية والكرامة الإنسانية. وحيث نشرت بعض الصحف مسودة باب الحقوق والحريات بعد صياغتها فى 51 مادة. ومن خلال استقراء هذه المواد، ورغبة فى الوصول إلى دستور متطور يلبى حاجة المصريين فى التحول إلى مجتمع ديموقراطى حقيقى، وسعيا لإشراك المواطنين كافة فى إبداء الآراء وتفاعلها أود طرح بعض الملاحظات أمام اللجنة المعنية لأخذها فى الاعتبار عند الصياغة النهائية لباب الحقوق والحريات حيث إن هناك العديد من المؤشرات المنعكسة فى مواد باب الحقوق والحريات تتلافى سلبيات الدساتير السابقة، وتدفع نحو تحقيق مجتمع ديموقراطى يسوده الإخاء والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو اللون أو الانتماء العرقى أو السياسى أو الدينى، ولكن ما نسعى إليه ليس مجرد إدخال بعض التعديلات على الدساتير المصرية السابقة بما تنطوى عليه من تشوهات كثيرة، وإنما غايتنا صياغة دستور حديث نفخر به أمام الأمم ويضمن الحياة الكريمة للأجيال القادمة، وبالتالى اقترح إعادة النظر فى صياغة ما ورد بالمواد التالية:
1 مادة (8) «حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر مصونة وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة لممارسة شعائر الأديان السماوية على النحو الذى بينه القانون بما لا يخالف النظام العام».
والملاحظ أن العبارة الأخيرة «بما لا يخالف النظام العام» لا لزوم لها ويجب حذفها على اعتبار أن العبارة التى تسبقها «على النحو الذى بينه القانون» تكفل تماما عدم مخالفة النظام العام وبالتالى يكون التكرار ملتبسا وغير ذى معنى.
2 مادة (10) «حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة والرقابة عليها محظورة، وإنذار الصحف أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور، ويجوز استثناء فى حالة إعلان الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة». وكنا نأمل أن يخلو الدستور الجديد من بعض العبارات التى تلغى ما قبلها مثل «يجوز استثناء» أو «إلا إذا» أو «فيما عدا» أو «بما لا يخالف» حيث لا يجب أن يتضمن الدستور مثل هذه العبارات التى يشوبها العوار وتتيح تغول السلطة الحاكمة فضلا عن كون عبارة «رقابة محددة» التى تنتهى بها المادة تتسم بالغموض.
3 مادة (11) «حرية إصدار الصحف بجميع أنواعها وتملكها للأشخاص الطبيعية والاعتبارية بمجرد الإخطار مكفولة. وينظم القانون إنشاء محطات البث الإذاعى والتليفزيونى ووسائط الإعلام الرقمى بما لا يقيد حريتها واستقلالها».
والأفضل أن تختص هذه المادة بإصدار الصحف ويتم تخصيص مادة منفصلة للبث الإذاعى والتليفزيونى ووسائط الإعلام الرقمى وأقترح أن تنص على ما يلى: «ينشأ مجلس وطنى لتنظيم البث الإذاعى والتليفزيونى بقرار من رئيس الجمهورية ويضم مجموعة من الخبراء والمهنيين المستقلين عن الحكومة والأحزاب السياسية لفترة محددة ولا يحق لرئيس الجمهورية عزلهم خلال هذه الفترة لتنظيم تراخيص البث ومصادر التمويل وضوابط المحتوى الإعلامى والإعلانى فى ظل الاعتبارات المهنية الدولية».
4 مادة (36) «تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التشريعية والتنفيذية لترسيخ مبدأ مساواة المرأة مع الرجل فى مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى بما لا يخل بأحكام الشريعة الإسلامية... الخ.
والملاحظ أن صياغة هذه المادة أقحمت «أحكام الشريعة الإسلامية» دون ضرورة على اعتبار أن المادة الثانية من الدستور تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
وأخيرا أناشد أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور أن يفسحوا المجال لمناقشات مستفيضة لمواد الدستور الجديد من جميع الأحزاب والقوى السياسية وخبراء القانون والدستور والجامعات والنقابات المهنية.