إذا أقنع المجلس الأعلى للقوات المسلحة القوى السياسية بالإعلان الدستورى المكمل فسوف تكون لدينا انتخابات برلمانية بعد نحو ستة أشهر من الآن طبقا للخريطة الزمنية التى وضعها الإعلان. وإذا نجحت القوى السياسية فى إقناع أو إجبار المجلس الأعلى على إلغاء قرار حل مجلس الشعب وإعادته إلى الحياة وكأن شيئا لم يكن فهناك احتمال أن تكون لدينا أيضا انتخابات برلمانية بعد ستة أشهر أيضا على اعتبار أنه سيكون لدينا دستور جديد.
وقد تكون لدينا قريبا انتخابات على ثلث المقاعد فقط بفرض نظرى أن يبقى مجلس الشعب كما هو ويسقط ثلث أعضائه فقط.
وحتى إذا تحققت المعجزة الكاملة وعاد كل البرلمان للحياة، فلدينا انتخابات بعد نحو ثلاثة أعوام ونصف وهى فترة قليلة فى عمر الدول.
بعد كل هذه المقدمة الطويلة فإن السؤال الجوهرى هو: هل استعدت الأحزاب والقوى السياسية لهذا اليوم الذى يقترب؟!.
الاستعداد الذى نقصده هو وجود خطط تفصيلية جادة لهذه الأحزاب تستطيع عبرها المنافسة الحقيقية على مقاعد المجلس.
معروف أن المشهد الانتخابى فى البرلمان «المنحل» حتى الآن، أسفر عن سيطرة إخوانية سلفية تصل إلى الثلثين يضاف إليهم مجموعات متناثرة من الأحزاب لا تزيد نسبة أكبرهم على عشرة بالمائة.
انتخابات الرئاسة أسفرت بدورها عن متغيرين رئيسيين: الأول عودة بقايا الحزب الوطنى فى مواجهة تيار الإسلام السياسى المنظم، والثانى أن هناك فرصة حقيقية لوجود تيار ثالث حقيقى خصوصا بعد أن حصل المرشحان حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح على نحو أربعين فى المائة من أصوات الناخبين.
ليس قدر مصر السياسى أن تكون محاصرة بين التيار الدينى والتيار «الفلولى»، مصر تستحق أحزابا مدنية قوية كى تنقلها من مرحلة التكلس إلى تطبيق شعارات ثورة 25 يناير. هذه الفكرة ينبغى ألا نيأس من تكرارها، خصوصا أن الأرضية ممهدة لهذا الأمر.
لدينا ثلاث قوى رئيسية يمكنها أن تساهم فى التعجيل بظهور التيار الثالث، القوة الأولى هى تلك التى صوتت لصباحى وتبلغ خمس المجتمع، وهى كتلة يمكنها أن تكون نواة لحزب يسارى قومى شعبى يعبر عن الفقراء والمهمشين وأولئك الحالمين بعدالة اجتماعية حقيقية.
القوة الثانية ويمثلها الذين صوتوا للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وحصلت أيضا على أقل قليلا من خمس الأصوات، وتضم كل التيار المعتدل فى الحركة الإسلامية وبعض الليبراليين، وإن كنا نحتاج لمعرفة العدد الفعلى للسلفيين الذين صوتوا لأبوالفتوح، وهل هم على استعداد للسير معه حتى آخر الطريق، أم أن الأمر كان فقط تطبيقا لكلمة شرف عابرة من السلفيين.
الكتلة الثالثة ويمكن أن يمثلها حزب الدستور الذى يقوده محمد البرادعى، بحيث يكون معبرا عن التيار الليبرالى بصفة عامة. هذا الحزب إذا سار على الدرب الصحيح يمكنه جمع كل التيارات الليبرالية المتناثرة هنا وهناك.
لا يوجد وقت يمكن تضييعه.. إذا كانت هذه الأحزاب والقوى السياسية جادة فى كسر دائرة الاستقطاب الحادة بين «الدينى والفلولى» فعليها أن تبدأ من الآن فى إنزال كوادرها إلى الشارع فى النجع والكفر والعزبة والقرية والمدينة.
الطبيعى أن الإخوان والسلفيين سيسعون للحفاظ على مقاعدهم التى حصلوا عليها فى الانتخابات الماضية، والطبيعى أن أنصار الحزب الوطنى سيسعون لاستعادة «أمجادهم الغابرة» انطلاقا من تغير الأجواء التى سمحت لأحمد شفيق بالحصول على نصف أصوات المصريين.
إذن لو ان الذين يتحدثون عن الثورة والمستقبل جادون فعليهم أن ينزلوا إلى الناس فورا لإقناعهم بأنهم الأفضل.
لا يوجد بديل عن البديل الثالث.. فيا أيها المحترمون: ابدأوا الآن أو التزموا الصمت للأبد.