فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    بعد سنوات من الغياب.. «مراكز متقدمة للجامعات المصرية فى «الآداب والعلوم الإنسانية»    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    تمهيد الاجتياح وتغطية امريكية.. الاحتلال يكثف قصف رفح بعد مجازر النصيرات في اليوم 196    الوداع الحزين.. ليفربول خارج الدورى الأوروبى    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    وزير الخارجية الإيراني: سنرد على الفور إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحنا    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    بركات قبل لقاء الأهلي: مباراة مازيمبي وبيراميدز شهدت مهازل تحكيمية    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    وزير دفاع أمريكا: الرصيف البحري للمساعدات في غزة سيكون جاهزا بحلول 21 أبريل    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحالمون بالقصر تحت المجهر
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 05 - 2012

من بين 13 شخصية نجحت فى الوصول إلى القائمة النهائية لمرشحى انتخابات الرئاسة التى تجرى الأربعاء المقبل برزت خمسة أسماء وتصدرت السباق وفقا لكل استطلاعات الرأى خمسة أسماء يجرى بينها التنافس الحقيقى من أجل الفوز بلقب أول رئيس منتخب انتخابا حرا ونزيها فى مصر.

وبتعبيرات كرة القدم فإن سباق الرئاسة يجرى بطريق «2 1 2» حيث لدينا اثنان من المرشحين محسوبان بطريقة أو بأخرى على النظام السابق هما عمرو موسى وأحمد شفيق واثنان محسوبان بدرجة أو بأخرى على جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص أو على التيار الإسلامى بشكل عام هما محمد مرسى وعبدالمنعم أبوالفتوح ويأتى الخامس من بعيد حاملا شعارات المرحلة الناصرية والاشتراكية وهو حمدين صباحى.

ويصبح الأمر أكثر إثارة وغموضا لآن المرشح المحسوب على النظام يؤكد أنه كان معارضا له أو على الأقل لم يكن جزءا من فساده ولأن المرشح المحسوب على الإخوان يقدم نفسه باعتباره فى قطيعة كاملة مع هذه الجماعة التى لها مرشحها الرسمى فى السباق. بل حتى المرشح الناصرى يعتذر عن الحقبة الناصرية فنصبح أمام صورة شديدة التعقيد.

فى ظل هذه التشابهات والتناقضات يصبح الاقتراب من الشخصيات الخمس الأبرز فى سباق الرئاسة ومحاولة تقديم صورة أوضح لملامح كل مرشح منهم أمرا مهما، خصوصا أنه لم يعد يفصلنا عن لحظة الاختيار الحاسمة أكثر من 4 أيام.


عمرو موسى.. «الكاريزما» أخرجته من جنة «مبارك» لترشحه خليفة له



ليس هناك شىء فى وجه أو حركات أو حتى سكنات المرشح الرئاسى والدبلوماسى السياسى المخضرم عمرو موسى لا يوشى بالثقة الثقة القاطعة. يتحدث واثقا حتى وإن غضب وينظر واثقا فى عين منتقديه إلى درجة تجعل عتاهم يرتبك، كما حدث خلال لقاء تليفزيونى مع واحد من أبرز منتقديه، ويسير واثقا حتى وهو يبدى تواضعا من منطلق مودة.

للثقة عند موسى اسباب، يتفق عليها مؤيدوه ومعارضوه، فهو الرجل الذى عمل لعشر سنوات وزيرا لخارجية مصر ولعشر سنوات تالية أمينا عاما لجامعة الدول العربية تفاعل خلالها مع أحداث جسام. كما وانه الوحيد من بين المرشحين الرئاسيين الذى يعرفه القاصى والدانى فى مصر، سواء اتفق معه او اختلف. بل إنه الوحيد من بين المرشحين الرئاسيين الذى نادى به البعض نائبا للرئيس بما يعنى فعليا وحسب اعتبارات السياسة المصرية حتى ذلك الحين رئيسا قادما فى منتصف عهد الرئيس المتنحى حسنى مبارك.

الثقة عند مؤيدى موسى، خاصة لهؤلاء الذين يعرفونه، هى صفة طبيعية يتسم بها الرجل الذى لديه أيضا كاريزما لا يستهان بها كانت جزءا رئيسيا من شعبيته الجارفة خلال سنوات عمله وزيرا لخارجية مصر وتسبب فى إثارة نعرات الغيرة لدى الرئيس المتنحى حسنى مبارك الذى كان من أبرز صفاته افتقاد الثقة وحرمانه الكامل من الكاريزما.

هذه الثقة وهذه الكاريزما، حسبما يقول مؤيدو موسى، هى مجرد كلمتى البداية حول صفات رجل الدولة التى يتمتع بها موسى صفات لا ينكرها أعتى المعترضين التى تجعله وحده دون غيره القادر على التصدى لمهمة ثقيلة وكبيرة هى ترأس مصر فى هذه الاوقات المليئة بالتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

خبرة موسى المكتسبة من خلال سنوات طويلة من العمل الدبلوماسى والسياسى، تعرض خلالها سواء إبان عمله وزيرا للخارجية أو أمينا عاما لجامعة الدول العربية لكثير من حيل القصر الرئاسى التى سعت حثيثا لكسر شعبيته التى كانت فى التسعينيات طاغية، هى بالتأكيد ما يبحث عنه هؤلاء الذين سيصوتون له وهم الأكثرية بحسب العديد من استطلاعات الرأى المستقلة فى الرئيس القادم لأن مصر بحسب ما يقولون تحتاج لرجل له الخبرة والدراية بكواليس السياسة الداخلية، وهى الكواليس الباقية على حالها، وبمجريات السياسة الخارجية التى هى دوما بالنسبة لبلد مثل مصر ملفات بالغة الحساسية والحيوية والتأثير على مصالح مصر الاستراتيجية.

يوصفه جمهور التويتر الذى لا يوصف بحال بأنه رواق لمؤيديه بأنه «القادر» وهو التعبير المصرى الذى يعنى بالتحديد القدرة على الفعل والمواجهة والتحدى.

ولكن هذه القدرة، بحسب رافضى موسى، لم تسخر لإنصاف حقوق مهدرة للمجتمع المصرى فى وقت كان الرجل فيه عضوا فى مجلس الوزراء، كما أن هذه القدرة فى حد ذاتها، كما وأنها، بحسب ما يضيفون، لم تسخر للانتصار لأبناء ثورة يناير فى وقت كان فيه رجال مبارك من الأمن والبلطجية يسحلون المتظاهرين فى ميدان التحرير ويقتلونهم بينما موسى يعلن عن رفضه لتلك السياسات ويطالب مصرا الاستماع لمطالب الشعب التى تعبر عنها الثورة دون أن يبادر باتخاذ خطوة ولو رمزية للتضامن الفعلى مع الثورة التى لولاها لم يكن لموسى يوما أن يشارف أعتاب الرئاسة وهو الذى قال فى أكتوبر من 2009 أنه من حقه أن يسعى للوصول لمنصب الرئاسة قبل أن يضيف بعد ذلك بشهور قليلة أن الطريق للرئاسة مسدود بحكم صياغات دستورية فصلت لأشخاص بعينها.

موسى إذن ليس بالمرشح الذى تدعمه القطاعات الثورية العميقة التى ترى فيه رجلا عمل مع مبارك وتصر أن إزاحة مبارك له من الخارجية لم يكن فقط بسبب المواقف الحاسمة التى تبناها الرجل فيما يتعلق بتسوية الصراع العربى الإسرائيلى بالمخالفة لتوجهات مبارك التى بدت معنية أساسا بتفادى المواجهة السياسية مع أمريكا أو إسرائيل وإنما لأن مبارك كان ببساطة يخشى شعبية موسى كما كان رجاله الدافعون بمشروع توريث الحكم للنجل الأصغر للرئيس، جمال مبارك، حفاظا على مصالحهم.

فموسى إذن لهؤلاء ليس معارضا تاركا لنظام مبارك، بل عضوا مطرودا من النظام لمخالفته قواعد اللعبة وهو على هذا الأساس لا يصلح لأن يكون رئيسا لمصر بعد الثورة التى أسقطت حسنى مبارك وتسعى لاستكمال إسقاط أركان نظامه.

لكن مؤيدى موسى يدفعون بأنه من غير الإنصاف توصيف كل من عمل فى الحكومة المصرية خلال 30 عاما طويلة قضاها مبارك فى سدة الرئاسة بأنه من رجال الرئيس المخلوع، خاصة عندما يتعلق الأمر برجل كرهه مبارك، كما أنهم يصرون أن الثورة ليس لها مرشح واحد تلتف حوله جميع الفئات السياسية التى تدافعت لميدان التحرير، ويزيدون أن المطلوب اليوم ليس بالضرورة رئيس من قلب الثورة بل رئيس قادر وعارف بأساليب الحكم وشئون السياسة الداخلية والخارجية ليكون ممكنا من تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية التى نادت بها الثورة، حتى وإن لم يكن بين من هتفوا فى ميدان التحرير يوم قامت ثورة يناير.

موسى كما يصرون ليس من فلول نظام مبارك لأنه خلع من قبل النظام قبل أن يخلع الشعب النظام، كما أنه المرشح غير الإسلامى الأوفر حظا فى وقتا لا يريد فيه حتى بعض من يتعاطف مع أبناء التيار الإسلامى أن يأتى لمصر رئيسا على خلفية إسلامية لتكتمل حلقات مؤسسات الدولة من برلمان وحكومة، قادمة، ورئاسة فى قبضة تيار واحد لأن فى هذا الامر، مهما حسنت النوايا، ما يؤطر لسيطرة اتجاه سياسى واحد دون غيره.

موسى، حسبما يضيف داعمه، لم يمارس فضيلة الاحتجاج العلنى الشديد عندما كان ذلك مفترضا أثناء الثورة ولكنه أيضا لم يقع فى خطيئة الصمت إزاء تجاهل النظام للثورة أو اعتدائه عليه.

موسى، يضيف المؤيدون، لن يتلقى تعليمات من مرشد الجماعة، حتى وإن سعى لتفادى الدخول فى مواجهة مع الجهة صاحبة التيار السياسى الأقوى على الساحة المصرية حاليا، وهو أيضا لن يخضع للعسكر بالطريقة التى قد يخضع بها غيره لأنه يعرف عن خبرة كيف يكون التعامل مع هؤلاء الذين تزامل مع أقطابهم وهو سيسعى لإرضاء الإرادة الشعبية لأنه يريد أن يكون الرئيس المصرى القوى الذى تعامل مع شعبه فى سياق ديمقراطى فذهب إليهم طالبا دعمهم وسخر خبرته المتراكمة لخدمتهم بالطريقة التى يريدونها، بل إن موسى سيسعى أيضا، بحكم طبعته الدبلوماسية الثانية، لمد الجسور مع رافضيه من أقطاب ثورة يناير والذين يقول بعضهم إنه من المؤسف أن يكون منصب الرئاسة من نصيب رجل تركه مبارك ولم يتركه هو حتى لو كان هذا الرجل يتمتع بالخبرة والقدرة والكاريزما.


حمدين صبَّاحى.. المنافسة على الرئاسة بكاريزما «الستينيات»




«انتهى عصر الكاريزما الرئاسية، نريد رئيسا يصدقه الشعب» هذه هى أولى الكلمات التى تصادف من يتفقد الموقع الرسمى لحمدين صباحى على الانترنت.. العبارة فى حد ذاتها تحمل رسائل عديدة: قد تكون بمعنى أن المفاضلة بين المرشح الرئاسى عمرو موسى الذى يبقى فى نظر كثيرين صاحب كاريزما رغم رفض البعض له لكونه عمل وزيرا للخارجية فى عهد حسنى مبارك وبين صباحى يجب أن تصب فى صالح صباحى الرجل الذى أمضى أعواما من الحياة فى معارضة نظام مبارك وسابقه أنور السادات الذى أخذ بيد مبارك للحكم عندما جعله نائبا.

الرسالة الأخرى قد تكون أن المقارنة بين صباحى الذى كان دوما مخلصا للفكرة اليسارية بتموجاتها المختلفة وبين عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسى صاحب الشعبية المتزايدة فى الكثير من الأوساط سواء الإسلامية التى نبع منها أبوالفتوح أو اللا إسلامية التى استطاع أن يتخللها فى هدوء ومثابرة يجب أن تكون لصالح الأول وليس لصالح الثانى الذى وصفه أبوالفتوح نفسه قبل أيام بأنه مرشح إخوانى بشرطة فى إشارة إلى عضوية أبوالفتوح السابقة فى الإخوان المسلمين.

الرسالة الثالثة وتلك ربما التى ينطق بها حال صباحى المرتبط اسمه بحلم الزعيم جمال عبدالناصر صاحب الكاريزما الأسطورية التى تكاد تكون غير ذات نظير فى التاريخ المصرى الحديث أن صباحى لا يسعى وإن أحب ناصر وآمن بحلمه للمساواة والعدالة الاجتماعية والنهضة المجتمعية والتنموية لأن يكون ناصر آخر بالمعنى الذى يروجه أعداء ناصر له، حتى يومنا هذا، بأنه الرجل الذى طغت كاريزمته على أفعاله حتى وقعت الهزيمة العسكرية فى 1967 وهى الهزيمة التى صور النظام للشعب فى أول أيامها ربما أملا فى تغيير الواقع بأنها انتصار عسكرى.

فكرة كون صباحى هو رئيس يصدقه الناس هى جزء من فكرة أوسع تحملها شعارات المرشح الرئاسى التى تحمل عبارة «واحد مننا»، كما أنها أيضا، وكما يقول مؤيدو صباحى، متكاملة مع تاريخ صباحى فى النضال السياسى منذ سنوات دراسته الجامعية فى سبعينيات القرن الماضى، أحد عقود وهج النشاط السياسى فى الجامعات المصرية، يوم أن وقف يناطح الرئيس المؤمن والمتوغل فى الحكم فى حينه، السادات، فى حديث حول أوضاع الناس فى مصر وليس للمطالبة بإنهاء وقف أحد كبار العلماء المسلمين من الخطابة، كما يضيف نفس المؤيدون اليوم بقدر من المرارة الناجمة عن الفارق فى مستويات الشعبية بين صباحى وأبوالفتوح المعترض فى سنوات دراسته الجامعية على إيقاف الشيخ الغزالى عن الخطابة.

ورغم أن معدلات القياس لشعبية صباحى لا تجعل منه مرشحا محتملا للصعود للدورة الثانية فإن مؤيديه، وهؤلاء يؤيدونه إما إيمانا بفكرته الاشتراكية النزعة أو لإدراكهم أنه بالفعل واحد منهم وأنه أحسن تمثل آلامهم وأحلامهم سنوات انتخب خلالها برلمانيا فى ظل حكم مبارك، يقولون إنه لا يمكن لهم أن يصوتوا لغيره حتى لو كان فى ذلك التصويت ما يصفه البعض بأنه إهدارا لأصوات قد تسهم فى الدفع بمرشح ثورى له حظوظ واقعية من الصعود للدور الثانى مثل أبوالفتوح أو مرشح لا إسلامى مثل عمرو موسى. ويصر هؤلاء أن الحديث بحتمية عدم وصول صباحى للدور الثانى من الانتخابات الرئاسية هو أمر غير منصف بل وانهزامى لأن منطق هذا الإصرار هو ذاته كان المنطق الذى دفع به البعض، بما فى ذلك من كانوا فى ميدان التحرير يوم 25 يناير، عندما كانوا يقولون إن أقصى ما يمكن أن تؤدى إليه المظاهرات هو إقالة وزير داخلية مبارك فى حينه حبيب العادلى وأن إسقاط مبارك نفسه مستحيل لأن مصر كما كان يقول الكثيرون فى حينه سواء من داخل أو خارج النظام ليست تونس، صاحبة كلمة الافتتاح فى قصة الربيع العربى، حتى يسقط رئيسها تحت ضغط شعبى. المنطق بحسب مؤيدى صباحى أن الفقراء هم الأغلبية وأن صباحى يطرح نفسه بالأساس مرشحا قادرا، وصاحب تاريخ يزكيه، فى الدفاع عن الفقراء وهو بالتالى قادر على أن يجنى أصوات الكثيرين من هؤلاء خاصة فى ظل تراجع الثقة فى الفكرة الإسلامية من جراء غياب الوجاهة والإنجاز عن أداء ممثلى تيار الإسلام السياسى أصحاب أغلبية ثلثى مقاعد البرلمان وأيضا مع تصاعد الاتهامات لمرشحى التيار الإسلامى سواء السلفى حازم أبوإسماعيل الذى تم استثناؤه من السباق الرئاسى فى أعقاب انفضاح كذبه لإخفاء جنسية والدته الأمريكية أو محمد مرسى مرشح الإخوان، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذى ترشح ليس فقط بديلا احتياطيا لرجل الجماعة القوى خيرت الشاطر فى ظل خشية من استبعاد الأخير بسبب المسوغات القانونية لترشحه ولكن أيضا ترشح نكاية فى ترشح أبوالفتوح الذى فصل من جماعة الإخوان التى وهبها ما يزيد على نصف عمره من جراء إصراره على الترشح للانتخابات فى وقت كانت الجماعة تقول فيه إنها لن تقدم مرشحا رئاسيا أو حتى عن أبوالفتوح نفسه الذى جاء بتأييد قطاع من السلفيين له ليثير مخاوف كامنة لدى مؤيدين لا إسلاميين حول مدى مصداقية نزع الرجل عباءة التيار الإسلامى واتشاحه بعباءة وطنية جامعة تضم الإسلامى والليبرالى وغيره.

أصحاب الأصوات المتأرجحة وهى ليست بالقليلة، بحسب من يؤيد ويدعم صباحى، يمكن أن تذهب به بالفعل للجولة الثانية بعد استثناء المرشح الأوحد الذى يعرفه الجميع وهو عمرو موسى، بسبب عمل موسى وزيرا للخارجية فى حكم مبارك وبسبب أنه يبلغ من العمر 75 عاما وليس فى مطلع الستينيات مثل صباحى، ليواجه أبوالفتوح أو مرسى فيكون التصويت لصالح صباحى لأنه المرشح المسلم الذى أعلن التزامه بمبادئ الشريعة دون أن يجعل من الشريعة ذريعة لإقصاء أى من أبناء الوطن.

ويذهب أصحاب هذا السيناريو الحلم للقول بأن وصول صباحى لرئاسة مصر سيعنى أن الفقراء، الذين هم أغلبية متزايدة من تعداد سكانى يسير نحو المائة مليون، سيكونون فى القلب من عملية اتخاذ القرار سواء كان هؤلاء فقراء لهم توجهات إسلامية أو يسارية أو حتى دون أن يكون لهم أدنى توجهات سياسية لأن الهم الجامع لكل فقير هو البحث عن الستر وربما شىء من الارتقاء الاجتماعى.

لكن منتقدو صباحى والذين لا يعولون كثيرا على تحقيق حلم فوزه، بل إنهم يقولون إنه ولابد أنه يعرف أنه لن يصل لمنصب الرئاسة على الأقل ليس خلال الانتخابات التى ستطلع فى وقت لاحق من الشهر الجارى، غير أن بعض هؤلاء يضيف أن وصول صباحى المفترض للحكم لا يخدم مصالح الفقراء فى البلد بحال لأن الفقير يحتاج لرجل لديه خبرة الإدارة والعمل حتى يتمكن من تشغيل الاقتصاد بما يجابه الفقر كما أن المريض يحتاج لطبيب ليداويه وليس لمريض آخر يشاركه أوجاع مرضه.

أما أن يكون صباحى انتصارا للتيار المدنى على التيار الإسلامى فهذه بحسب منتقدى صباحى، ومن هؤلاء من هو شديد العداء للإسلام السياسى، نظرية لا أصل لها من الواقع لأن الإسلام السياسى، بحسب هؤلاء، يعتمد بالأساس على قوى التجيير والحشد لصالح كائن من كان إذا ما وصفه شيخ الجامع بأنه سيعلى كلمة الله، أما صباحى فهو، بحسب نفس المنتقدين، ليس فاقدا فقط لهذه القدرة على الحشد بل أيضا لقدرة أن يعرف الناس خارج دوائر محافظتى كفر الشيخ والدقهلية، حيث النسبة الأكبر من مؤيديه، وخارج دوائر الناصرية المحدودة لاسم حمدين صباحى.

مصير صاحب رمز النسر بحسب رافضيه وقطاع من مؤيديه هو الخروج من الجولة الأولى والسعى للعمل من أجل تحسين فرصه فى انتخابات 2016 أو القبول ربما بما قال مرارا وتكرارا إنه لن يقبل به وهو أن يكون نائبا لأحد المرشحين الذين سيذهبون للجولة الثانية.



عبدالمنعم أبوالفتوح.. طبيب إخوانى يداوى «شروخ» السياسة




له ابتسامة ودودة هادئة تتواءم مع قسمات وجه جادة وشخصية هى بالتأكيد متحفظة إلى جانب كونها محفظة، وله تاريخ سياسى يتفق تماما مع كل هذه الصفات، فعبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسى المستقل هو الطبيب الذى اختار أن يمارس الطب ليس من باب التخصص ولكن من باب الإشراف على المستشفيات، وأن يمارس السياسة من مظلة إسلامية حصرية. بدأت مع الجماعة الإسلامية وتواصلت عبر جماعة الإخوان المسلمين وصولا إلى ناصية الإسلام السياسى المستقل التى يبدو أنه يمتلكها، بل وربما يؤسس لمدرسة جديدة الأدق القول بأنها منشئة لها فى العمل السياسى المصرى.

يقول أنصار أبوالفتوح وداعموه، سواء من السياقات الإسلامية أو الليبرالية أو الاشتراكية، إن اختيارهم لدعم الرجل، المفصول من جماعة الإخوان المسلمين لإصراره على الترشح للمنصب التنفيذى الأرفع فى مصر رغم رفض سابق كانت الجماعة تقول به لطرح مرشح رئاسى، إنما يرجع لما يمكن أن يقدمه هذا المرشح، الذى لا ينفى انتماء إسلاميا، لمصر ما بعد ثورة 25 يناير وليس بالضرورة لما قام به سواء كانوا على اتفاق كلى أو رفض جزئى لتاريخ أبوالفتوح السياسى الذى تبقى واحدة من أبرز علاماته تلك المشادة الكلامية التى وقت بينه وبين أنور السادات، الرئيس المصرى الراحل، وقت أن حذر الأول الأخير من الالتحاف ببطانة سياسية بالغة الفساد.

أبوالفتوح بحسب هؤلاء هو الرجل الذى يستطيع أن يكون رئيسا لمصر ما بعد الثورة لأنه يأتى من قلب المعارضة السياسية ولأنه الرجل الذى ألقى به نظام الرئيس المتنحى حسنى مبارك فى السجون ولأنه الرجل الذى كان فى ميدان التحرير مع الفوج الأول للمتظاهرين الذين نزلوا لمواجهة عِند وقسوة الأمن المركزى فى الخامس والعشرين من يناير 2011 ولأنه بحكم عمله الإغاثى الممتد عبر عقود يهتم فعلا ويشعر حقا بالضعفاء والفقراء الذين هم على الأقل نصف المجتمع المصرى، ولأنه قبل ذلك وبعده له خلفية إسلامية قادرة، بحسب رؤية متزايدة الاتساع، قادرة على التعايش مع، بعيدا عن الحاجة للانصهار فى، الميول السياسية الأخرى مما يجعله رئيسا قادرا على العمل فى إطار من التوافق مع أبناء التيارات المختلفة بما يمكن أن يؤدى، حسبما يأملون، لأن تتحول مصر إلى مجتمع يجد فيه كل أبنائه على مختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية أو حتى مع غياب هذه الانتماءات تماما ما يتواصلون معهم.

وبالنسبة لمساحات واسعة من مؤيدى أبوالفتوح، الذين يأتون بالأساس من قلب الطبقة الوسطى فى كبريات المحافظات المصرية، بعيدا عن القرى والمدن الصغيرة التى ما زال اسم أبوالفتوح بعد وبالرغم من العمل الدعائى الجيد لحملته غير قادر على اختراقها، فإن تصويتهم لأبوالفتوح هو تصويت لمستقبل توافقى لا تذهب فيه مساحات الاختلاف ولكن تتلاقى فيه القدرة على البناء بعيدا عن كل ما كان قبل الثورة بثمينة أو غثه.

لكن منتقدى المرشح الستينى، الذى طور كثيرا خلال أسابيع الترويج الرئاسى من اختياره لربطات العنق وإطار النظارات الطبية التى يرتديها، يصرون أن الإخوانى هو دوما إخوانيا ولو فصل من الجماعة تنظيميا، بل إن بعضهم يذهب إلى مدى عبثى فى وصفه بمرشح الإخوان المسلمين المستتر أو المرشح الإخوانى «بشرطة».

ويتحدث هؤلاء عن خشية من أن تمييزا حتميا سيأتى فى حال وصول أبوالفتوح لمقعد الرئاسة لأنهم يصرون أن كل تصريحات أبوالفتوح الواعدة بعدم الفرض القسرى لأى مظهر من مظاهر التدين المفترضة سواء الحجاب أو إطلاق اللحية ليست صادرة عن يقين وإنما لأغراض الحملة الانتخابية وأنها حتى لو كانت صادقة فإنها لن تصمد طويلا فى وجه ما قد تصر عليه جماعات الإسلام السياسى السلفية التى أعلن البعض منها بالفعل عن تأييدها له.

ويصر هؤلاء على أن من اعتنق الفكر الإخوانى، ومن قبله فكر الجماعات الإسلامية التى حملت يوما السلاح وسلكت طريق العنف لتحقيق أهدافها، لا يمكن له أن يغادر هذا الفكر المتشدد أو يعمل غيره إن وصل إلى سدة الرئاسة بما يعنى بالنسبة لهم أن تسير مصر فى اتجاه التأسلم الذى قد يجعلها على شاكلة إيرانية ما وليس الشاكلة التركية حيث إن التجربة التركية، كما يذكرون، هى نتيجة عمل الإسلام السياسى فى إطار علمانى يرفضه الإخوان المسلمون واعترضوا عليه عندما تحدث به رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان خلال زيارة لمصر ما بعد ثورة يناير كما أن أبوالفتوح لا يبدو راغبا فى طرح النموذج التركى مصدرا لإلهام رئاسة يسعى إليها رغم مواجهة فى الجولة الأولى من اثنين من المرشحين الإسلاميين هما محمد سليم العوا الذى ليس له روابط تنظيمية بالإخوان ويحمل قبعة المحامى والمفكر مما يجعله أقرب للصورة المفترضة للإسلامى الليبرالى لدى البعض ومحمد مرسى رئس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الذى يفتقد بالتأكيد لشعبية أبوالفتوح وصفاء طلته وحميمية حديثه السياسى المبسط وإن كان يمتلك بالمقارنة الماكينة التصويتية الكفؤة لجماعة يزيد عمرها على 80 عاما وتعرف كيف تمرر مرشحيها السياسيين.

فى وجهة نظر مؤيدى أبوالفتوح فإن مرشحهم الذى يجتذب قطاعات ليست بالقليل من النخبة، بما فى ذلك بعض من الليبراليين الذين كانوا يوما فى جماعات تأييد محمد البرادعى وانفضوا عنه ذاهبين إلى أبوالفتوح أو سعوا إليه بعد أن انفض البرادعى ذاته عن الجمع مع إعلانه عدم اعتزام الترشح لانتخابات الرئاسة فى وقت مبكر من العام الجارى، أن الرئيس عبدالمنعم أبوالفتوح سيمثل الإرادة الشعبية وسيتلاحم مع جماهير الثورة وسيحافظ على علاقات معتدلة مع العسكر وهو الذى حرص على ألا يبادر بانتقادهم إلا فى أضيق الحدود وألا يذهب بهذا الانتقاد لمدى بعيد، بل إنه سيدعم صياغة دستور توافقى لغالبية المصريين دون التشكك فى أن يكون لهذا الدستور منطلقات إسلامية قد تتجاور فى وجهة نظر البعض ما أقدم عليه السادات عندما عدل المادة الثانية من الدستور ليجعل الشريعة المصدر الأساسى وليس مصدرا أساسيا للتشريع.

أما الرافضون لأن يأتى يوم يكون فيه الإخوانى السابق رئيسا لمصر فإنهم يقولون إن وصول أبوالفتوح لمنصب الرئاسة فى مصر لا يعنى قدرته على ممارسة الرئاسة لأنه ليست لديه الخبرة التراكمية اللازمة للقيام بهذه المسئولية التى تحمل الكثير من التحديات فى المرحلة الحالية وأن هناك فرقا كبيرا بين عضوية مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين وبين ترأس دولة متمترسة فى المركزية مثل مصر ولأن رئيس مصر القادم وبعد القادم ودائما وأبدا يجب ان يكون بعيدا عن أى تحزب سياسى خاصة ذلك المنبعث من انتماء دينى فى بلد به من هو مسيحى ومن هو مسلم وبين بعض من هؤلاء حساسيات ليست بالقليلة.

أبوالفتوح فى رأى رافضيه هو رئيس إسلامى لن يكون قادرا على إنشاء دولة مدنية ديمقراطية بغض النظر عن أية تصريحات دعائية بينما هو فى رأى مؤيديه رئيس قادر على العمل لبناء دولة ديمقراطية لها صفات المدنية، حتى وإن لم تسمى بها، لأن الدولة التى يسعى إليها أبوالفتوح دولة تضع المواطن، خاصة ذلك الذى لم يلق اهتماما أبدا، نصب أعينها.


محمد مرسى.. مرشح «تأسيس دولة الإخوان» الذى لا يرحمه الشعب «الساخر»


لم يذهب بنفسه ليقدم أوراق ترشحه للرئاسة فى اليوم الأخير لقبول أسماء المرشحين، وهو ذات اليوم الذى ترشح فيه عمر سليمان نائب الرئيس السابق حسنى مبارك.

لم يكن يعلم إذا ما كان مصير هذا الترشح سيؤول للاستمرار أو الانتهاء المبكر لأنه كان يعلم وهو رئيس حزب الأغلبية البرلمانية الكبيرة الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين أنه مرشح احتياطى عن نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر الذى كانت الالتباسات القانونية تحيط بمسوغات ترشحه.

بالقدر نفسه لابد وأن محمد مرسى المرشح الرسمى للإخوان بعد استبعاد الشاطر من قبل اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة يعلم أنه لو وصل يوما لمنصب رئاسة مصر، وهو السيناريو الذى يراه البعض مستحيلا بالنظر لخلفيات ترشح مرسى، التى جعلت الساخرين يطلقون عليه المرشح الاستبن ويضعون صورته فوق صورة ميشلان رجل الإطارات الأول فى العالم، لن يكون بعيدا وإن قال عكس ذلك عن أن يكون الرئيس النائب عن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الذى قرر هو مكتب الإرشاد أن يترشح مرسى فقبل إعمالا لمبدأ السمع والطاعة أو عن النصائح المباشرة لخيرت الشاطر، المرشح الأصلى حتى وإن لم يكن الرسمى، وصاحب مشروع النهضة الذى يسير فى ركاب دعم مرسى فيما يطلق الساخرون على الأخير صاحب صاحب مشروع النهضة.

مرسى يعلم أيضا أن مهمته فى السعى للفوز لا تقتصر على تحقيق رغبة الجماعة بل أيضا على إقصاء المرشح صاحب الخلفية الإسلامى والدعم المتنوع عبدالمنعم أبوالفتوح المنافس التاريخى للشاطر داخل الجماعة الأقوى من كل فصائل الإسلام السياسى الذى فصل من مكتب الإرشاد بعد أن رفض إعمال السمع والطاعة وأصر على الترشح للرئاسة مستقلا.

مهندس وحاصل على درجة الدكتوراة فى مجال تخصصه. ليس له حظ من الكاريزما السياسية التى يحتاج كل مرشح منها ولو لقدر يسير وليس له أيضا تاريخ سياسى معروف يناطح به رجلا مثل أبوالفتوح أو حمدين صباحى، وليس له من خبرات إدارة الدولة ما يجعله يشارف الاقتراب مما يتمتع به عمرو موسى أو حتى أحمد شفيق، ولكن لديه ما ليس لدى هؤلاء وما كانوا يحلمون به جميعا: دعم جماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة الدعوية السياسية الفاعلة للعمل الاجتماعى بما يجعل مرشحها صاحب حظوة من المستفيدين من عملها الخيرى، حتى وإن صحت نظرية اختلاف الحال بالنسبة للانتخابات الرئاسية التى تكون فيها صفات المرشح أهم من انتمائه السياسى عن الانتخابات البرلمانية التى يكون لاسم الحزب فيها الفعل.

مرسى هو بالمعنى ذاته المرشح الذى لديه الإمكانات المالية التى تعفيه من الأزمة المالية التى تعانيها حملة أبوالفتوح أو حتى الادعاءات بالبحبوحة المفترضة لحملة عمرو موسى.

وعلى العكس من هذا وذاك، فمرسى ليس فى حاجة لأن يذهب لهذا البلد أو ذاك بحثا عن أصوات مغتربين من المصريين، لأن من هو فى عضوية الإخوان سيكون صوته فى الأرجح لرئيس الحرية والعدالة إن لم يكن من فصائل الشباب أو الفصائل الأكثر عصرية فى تسييسها فيكون داعما لأبوالفتوح.

ومن لن يصوت لصالح مرسى وهم غالبية الأقباط وكل اللا إسلاميين بتنوعاتهم المختلفة لا يعنون الكثير بالنظر لرجل يبحث عن الفوز بمقعد الرئيس بنسبة 51 بالمائة حتى وإن لم تزيد معدلات قبوله شعبيا قبل ثلاثة أسابيع من إجراء الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية عن 5 بالمائة أو نحوها.

مرسى هو المرشح الذى تنقسم الآراء حوله بصورة قطعية، فهناك من يقول إن جولة الإعادة ستكون حتما بين مرسى ومرشح آخر، البعض يقول موسى والبعض يقول أبوالفتوح. وهناك على الناحية الأخرى من يقول إن وصول مرسى لجولة الإعادة هو ضرب من الخيال خاصة مع توجه الجزء الأكبر من الأصوات السلفية لمصلحة أبوالفتوح الذى سيحصل فى أقل تقدير على ما يقارب ثلث اعضاء جماعة الإخوان المسلمين.

سيناريو وصول مرسى للاعادة، فى رأى من يصرون على تمكن صاحب رمز الميزان من الوصول لجولة الاعادة المقررة ليونيو، سيجعل النهاية حتما فى صالح كفة مرشح الإخوان لأن التصويت فى مصر هذا العام هو بامتياز تصويت لصالح الإخوان، حتى وإن تراجع قليلا. وصول المرشح الإخوانى المعلن لمنصب الرئاسة فى وقت تسيطر فيه الإخوان مع السلفيين على ثلثى البرلمان وتسعى فيه الجماعة لتشكيل الحكومة من خلال حزبها الحرية والعدالة يعنى ببساطة من وجهة نظر المتخوفين هو إقامة دولة الإخوان المسلمين لتحل محل جمهورية مصر العربية، وفى هذا ما هو أسوأ بكثير لرافضى الجماعة والخائفين من سطوتها من مجرد أن يكون مرسى مسيرا من قبل الجماعة والشاطر.

وصول مرسى للإخوان هو كابوس لليبراليين والأقباط وكل اللا إسلاميين وهو أمر وإن لم تستبعده العواصم العالمية والاقليمية الأقرب فى تعاملاتها لمصر فإنها أيضا لا تتمناه، على الأقل. مرسى رئيسا لمصر هو أمر أيضا لا تتمناه مواطنات يخشين الأفكار الرجعية التى تروج لها جماعة مرسى عن وضع المرأة فى مصر، وهى الأفكار التى تجعل هؤلاء متشككات أصلا فيما يبديه رجل مثل أبوالفتوح من مواقف معلنة إزاء عدم فرض زى بعينه على المرأة وتوصيفه بأنه الزى الشرعى. مرسى رئيسا لمصر ليس اسوأ ما يمكن أن يحدث، بحسب ما يناهض من يؤيدونه، فالرجل الذى ليس له صفات الكاريزما ليس له فى الوقت نفسه صفات الدكتاتور، والمرشح الإخوانى وإن كان «صاحب صاحب مشروع النهضة لصاحبه الأصلى خيرت الشاطر» فهو متعهد بتنفيذ المشروع على أية حال، كما ان انور السادات نفذ خطة وضع عبدالناصر أسسها لعبور القناة بعد احتلالها إبان هزيمة 1967، والمهم فى كل الأحوال ليس ما إذا كان مرسى يتلقى تعليمات صباحا مساء من مرشد الإخوان محمد بديع ومن نائب الجماعة القوى الشاطر، ولكن المهم فيما إذا كانت هذه التعليمات المفترضة تصب فى صالح مصر وهو، بحسب أحد الشخصيات الإخوانية المعروفة، «الأمر الأكيد لأن الإخوان يريدون للناس، كل الناس أن يصدقوا اننا نحمل الخير للجميع وليس خيرت للجميع كما تندر البعض بالقول».


أحمد شفيق.. رئيس «تكنوقراط» لدولة ثائرة



ارتبط اسمه فى أذهان الكثيرين بكنزة كحلية اللون كان يرتديها فى أيام توليه منصب رئيس الوزراء خلال أيام ثورة فأطلقوا عليه فى تعبير للرفض «شفيق أبوبلوفر»، لكن الرجل لم يغير من ملبسه لتفادى تلك التسمية، بل إنه حرص على أن يكون من بين الملصقات الدعائية لحملته الانتخابية صورة له بنفس البلوفر الذى أثار الموجة الساخرة.. وليس هذا هو الموقف الأوحد لرفض شفيق أن يبدو متراجعا أمام ناقديه، مهما كان تأثيرهم فى الرأى العام، فالرجل الذى استدعاه مبارك من منصب وزير الطيران المدنى ليكون رئيس وزراء الأزمة، وربما المنقذ للنظام، بعد أيام من بدء ثورة يناير لا يبدو معنيا كثيرا بانتقادات هؤلاء بل إنه لا يتردد أن ينال منهم بسخريته المنمقة من طرف دون الكثير من المباشرة والمواجهة.

وهذه الصفة هى بالذات التى تروق لمؤيدى شفيق الذين يقولون إنه فى حال وصوله لمنصب الرئاسة لن يخذلهم لأنه لا يطرح وعودا كاذبة ولا يحاول أن يحيط نفسه بهالة المخلص أو الزعيم السياسى القادم، بل هو يطرح نفسه كرجل لديه الرغبة والقدرة حسبما يقول على أن ينجز ما يريده الناس بالضبط كما أنجز ما يفتخر به من تطوير لمطار القاهرة الدولى الذى تحول من مطار سيئ الحال إلى مطار أحسن حالا.

شفيق، فى نظر بعض ممن يؤيدونه، ليس بالضرورة رجلا يحسن الكلام ولكنه رجل قادر على التنفيذ وما تحتاجه مصر ليس الكلام بل الفعل والتنفيذ، هكذا يشدد من يقولون إنهم سينتخبون شفيق على الأقل فى الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة المقررة، رغم أن بعضا من هؤلاء يقر أن فرص الرجل فى الوصول لدور الإعادة أمر صعب إن لم يكن مستبعد لأن وصوله لذلك الدور يعنى أن عليه أن يتجاوز اثنين من المرشحين لهما دعم شعبى من مساحات متفاوتة من المصوتين هما عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح وثالث مدعوم بآلة تنظيمية وماكينة دعائية حاسمة وهو محمد مرسى مرشح الإخوان المسلمين.

لكن البعض أيضا ممن يعتزمون التصويت لشفيق يقولون إن الرجل يمكن بالفعل أن يصعد للدور الثانى من الانتخابات الرئاسية الذى سيجرى فى مصر وللمصريين فى الخارج فى شهر يونيو توطأة لإعلان اسم الفائز فى السادس من العشرين من الشهر ذاته لأن هناك حالة متسعة المدى فى تقدير هؤلاء من السأم من الوضع الحال، بكل ما يحمله من تجاذبات سياسية وتراجع اقتصادى وانفلات أمنى، ومن اليأس من أن تستقر الأمور على يد رجال ونساء أطلقوا شرارة ثورة يناير وبالتالى فإن الاتجاه المتزايد هو استعادة استقرار كان بصورة أو أخرى فى ظل حكم مبارك مع شىء من التطوير الذى أصبح حتميا بحكم وقوع الثورة. وشفيق هو أيضا، بحسب نفس الجمهور، رئيسا محتملا لأن القطاع الراغب فى إنهاء حالة التجاذب هو ذاته القطاع الذى سعد بترشح مؤقت لعمر سليمان، نائب حسنى مبارك وساعده الأمنى الأيمن لعشرين عاما متتالية، سيصوت بالضرورة لشفيق سعيا نحو إنهاء حالة التراخى الحالية.

الخلفية العسكرية لشفيق هى من أساسيات اعتراض رافضيه لأنها تعنى أن الرئيس القادم لمصر هو أيضا من أبناء العسكر شأنه شأن الرئيس السابق والثلاثة الأسبقين، محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات، وهو ما يعنى أيضا رغم أن شفيق كان لقرابة عقد وزيرا للطيران المدنى استمرار ولو مقنع لحكم العسكر فى الوقت الذى تتعالى فيه فى كل ميدان من ميادين مصر بل وأمام مقر وزارة الدفاع بالعباسية ذاتها صرخة «يسقط يسقط حكم العسكر».

لكن من يدعم شفيق يرى أن مصر تحتاج اليوم لرجل له صفات العسكرية من حيث الانضباط ورفض التسيب والالتزام بتحديد أهداف واقعية وتنفيذه هذه الأهداف بنسبة تقارب المائة فى المائة فى التوقيتات المحددة وبالتوالى والتوازى المرسوم.

صاحب الخلفية العسكرية والطبع المنضبط، الرافض للممالأة وإن اعمل دوما أصول اللياقة يجعل من شفيق فى نظر من يصوتون له رجل مهمة الإنقاذ حتى لو لم يكن رجل تنفيذ أهداف الثورة، سواء انتمى لها أو لم ينتم، لأن الثورة وأهدافها فى نظر هؤلاء فرقعة سياسية لا يمكن أن يمتد أثرها، الذين لا يرونه إلا فى ظلال سلبية، لأكثر من ذلك.

كما أن خلفية عمل شفيق مع مبارك لسنوات طويلة استمرت حتى يوم سقوط بل وقول شفيق إن مبارك مثل أعلى له، وهى الصفة التى تجعله من وجهة نظر الثوريين من الفلول ومن وجهة نظر المتعاطفين مع الثورة رجلا تجاوزته الأحداث، هى بالذات التى تجعل مؤيديه يرونه رجلا عارفا بتفاصيل تسيير الدولة قادرا على التعامل مع الحكم من منظور صاحب الخبرة وليس منظور المجرب الذى يقولون إن الأوضاع لا تحتمله.

شفيق رجل الفعل وليس الكلام، هو تحديدا الشعار الذى اختاره هذا المرشح الذى كاد قانون العزل السياسى يقصيه عن السباق الرئاسى لولا قرار اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة الرافض لتطبيق القانون فى غياب الدعم من المحكمة الدستورية العليا. الشعار جاء مكملا لشعار أول أطلقه المرشح «مصر للجميع وبالجميع».

ويقول داعمو المرشح الذى اختار السلم رمزا انتخابيا له إن وصول شفيق لحكم مصر سيعنى أن الأوضاع ستأخذ فى الاستقرار وأن العمل الجاد سيبدأ على جميع المسارات وأن عجلة الإنتاج ستدور وهو سيؤدى إلى انزواء الأصوات الرافضة له التى كانت تظاهراتها وعداؤها العلنى لشفيق سببا فى اضطرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يدير شئون البلاد فى إقالة حكومة شفيق التى تجاوز عمرها تنحى مبارك فى الحادى عشر من فبراير 2011.

أما معارضو شفيق فإنهم لا يرون أن صعود المرشح صاحب رمز السلم لحكم مصر أمر وارد بأى حال فى ظل انتخابات ديمقراطية نزيهة ليس فقط بسبب تاريخ الرجل المتقاطع مع تاريخ الرئيس الذى أسقطته الثورة ولكن لأن حتى أبناء حزب الكنبة أى الفئة غير الفاعلة سياسيا يبحثون عن رئيس له صفات رجل الدولة وليس رجل تشغيل المطار مما سيجعل هؤلاء ينحون باتجاه عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عوضا عن شفيق الذى يعنى وصوله للرئاسة كما لو أن الثورة لم تسقط مبارك بالفعل ولكنها فقط أجبرته على تمرير السلطة لواحد من أقرب معاونيه أحمد شفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.