قد يكون البعض منا استيقظ صباح اليوم متخيلاً أنه كأي يوم، لكنه لم يخطر له ببال أننا استيقظنا جميعا في مثل هذا اليوم منذ تسعة أعوام، على نبأ سقوط بغداد في أيدي القوات الأمريكية عقب الغزو بدعوى التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل. ففي التاسع من إبريل عام 2003، سقطت بلد الرشيد وأعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم المناطق ونقلت وكالات الأنباء مشاهد لحشد صغير يحاول الإطاحة بتمثال للرئيس العراقي صدام حسين في وسط ساحة أمام فندق الشيراتون والتي قاموا بها بمساعدة من ناقلة دبابات أمريكية وقام المارينز بوضع العلم الأمريكي على وجه التمثال ليستبدلوه بعلم عراقي بعد أن أدركوا أن للأمر رموزا ومعاني قد تثير المشاكل.
وكانت احدي المحطات الفضائية العربية قد بثت لاحقا لقطات للرئيس السابق صدام حسين وهو يتجول في أحد مناطق بغداد في نفس يوم سقوط التمثال التي أصبحت من أحد المشاهد العالقة في ذاكرة الكثيرين.
تولى القائد العسكري الأمريكي تومي فرانكس قيادة العراق في تلك الفترة باعتباره القائد العام للقوات الأمريكية وفي مايو 2003 استقال فرانكس وصرح في أحد المقابلات مع صحيفة الدفاع الأسبوعي "Defense Week" أنه تم بالفعل دفع مبالغ لقيادات الجيش العراقي أثناء الحملة الأمريكية وحصار بغداد للتخلي عن مراكزهم القيادية في الجيش.
بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003، دخلت القوات الأمريكية مدينة كركوك في 10 أبريل وتكريت في 15 أبريل 2003، بعد 9 أبريل 2003 بدأت عمليات سلب ونهب واسعة النطاق في بغداد وبعض المدن الأخرى وقد نقلت هذه العمليات للعالم كله عبر شاشات التلفاز حيث قام الجيش الأمريكي بحماية مباني وزارتي البترول والداخلية فقط ومن ضمنها المخابرات العراقية وبقيت المؤسسات الأخرى كالبنوك ومخازن الأسلحة والمنشآت النووية والمستشفيات دون أي حماية وأرجع قيادات الجيش الأمريكي ذلك إلى عدم توافر العدد الكافي لجنودها لحماية المواقع الأخرى.
من الأماكن التي تعرضت إلى النهب والسلب وتركت جروح عميقة في ذاكرة العراقيين وجميع العالم هو سرقه المتحف الوطني العراقي، حيث سرق من المتحف 170 ألف قطعة أثرية وكانت بعض هذه القطع من الضخامة في الحجم ما يستحيل سرقته من قبل أفراد عاديين وبرزت شكوك على أن تكون هذه السرقة بالذات منظمة.
واستعانت القوات الأمريكية بمكتب التحقيقات الفيدرالي ليساعد في إعادة التاريخ العراقي المسروق ومن السرقات التي حدثت وكان لها دورا بارزا في الأوضاع السياسية في العراق بعد 9 أبريل 2003 كانت سرقة آلاف الأطنان من الذخيرة الحربية من معسكرات الجيش العراقي وسرقة مركز للأبحاث النووية في التويثة والتي كانت تحتوي على 100 طن من اليورانيوم، حيث قامت شاحنات بنقل محتويات هذا المركز إلى جهات مجهولة.
كان هذا ما حدث لبغداد "بلد الرشيد" وعاصمة الحضارة العربية والسؤال الآن أين حضارة بلاد الرافدين اليوم بعدما احتلت المركز الثامن ضمن أكثر الدول فسادا على مستوى العالم؟، ترى هل ستزهو أيامنا القادمة على جوانب دجلة و الفرات ونأكل تمر بغداد اشتياقا لعهد المجد الفائت؟.