أستعاد متحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية بريقه من جديد بعد الإنتهاء من أعمال التطوير والتجديد وإعادة الترميم لمقتنياتة وتحديث قاعة العرض المتحفي التي تم تزويدها بفترينات مخصصة للمخطوطات والكتب النادرة بالتعاون مع إيطاليا . وصرح إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية ، أن المتحف أصبح يقدم للبشرية صورة كاملة لتطور الحضارات الإنسانية بصفة عامة وتطور فنون الكتابة والكتب بشكل خاص، وذلك بما يحويه من الكتب النادرة والمخطوطات مثل مجموعة من الكتب المنمنمة والتي بلغ عددها 154 كتابا، وطبعة قديمة من التوراة باللغة العربية كتبت على لفافة طويلة واهدتها إلى المتحف رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، ومجسم الحرم المكي، ومخطوطة باللغة العبرية داخل علبة خشبية ومجموعة من التراجم لمعاني القرآن الكريم بمختلف اللغات.
وأوضح سراج الدين أن قاعة العرض المتحفي قد شهدت توسعة شاملة وتطوير لأسلوب العرض سواء على مستوى الأفراد ممن يقومون بتقديم خدمة الإرشاد داخل المتحف، أو على مستوى المعروض من حيث المحتوى وطريقة عرضه ووحدات العرض ، مشيرا الى أن ذلك يتضح بشكل أكبر في استخدام أساليب إضاءة جديدة داخل المتحف، باستخدام كشافات ضوئية متطورة من شأنها أن تقلل من الضرر الذي يمكن أن يحدث للمخطوطات المعروضة إلى أقصى حد ممكن، هذا بالإضافة إلى طريقة تسليط الضوء وزواياه مما أضاف شكلاً جديداً للمتحف.
وقال أنة تم ترميم كامل لقطعتين من كسوة الكعبة والتي تعد من أهم وأجمل مقتنيات المتحف، ويرجع تاريخها إلى عام 1936، والتي أهداها الملك عبد العزيز آل سعود لرائد الاقتصاد المصري طلعت حرب.
وأشار إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية، أنه تم في مدخل المتحف تعليق جدارية لأقدم نسخة مخطوطة من الإنجيل باللغة العربية، مكتوبة بالخط الكوفي، مع إشارات للمناسبات التي تقرأ فيها هذه الآيات مكتوبة باللون الأحمر، ويرجع تاريخ نسخ هذه المخطوطة لسنة 482 هجرية، وهي مكتوبة على الرق ومحفوظة بدير سانت كاترين ويلي هذه الصورة" الجدارية" ثلاثة نماذج من مخطوطات للقرآن الكريم، لنسخ بديعة مزخرفة تمثل مجموعة من أبدع المخطوطات القرآنية الموجودة بالمكتبة.
وقال سراج الدين أنه توجد كذلك صفحات إحدى نسخ قصيدة البردة للإمام البوصيري، والتي يرجع تاريخها للقرن السابع عشر الميلادي، وهي نسخة خزائنية قيمة كانت محفوظة في خزانة السيدة عائشة ابنة إسماعيل الخازن ، وتعد أجمل النسخ، حيث تحتوي على قدر كبير من التذهيب والزخرفة، بالإضافة إلى كونها مكتوبة بطريقة " التخميس" وهو فن من فنون الأدب والشعر، ثم بعد ذلك صورة من مخطوط " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" لابن فضل الله العمري، وهي مخطوطة في التاريخ، ثم جدارية " صورة" من مخطوطة السنن لابن ماجة، وهي مخطوطة من أجمل وأقيم ما تحتويه المكتبة من مخطوطات.
وأضاف أنه روعي في عملية تطوير المتحف أن يعبر عن العديد من الثقافات التي لا يمكن فصلها بشكل أو بآخر عن الثقافة العربية، لذلك نجد جدارا كاملا تغطيه جدارية تمثل مجموعة من المنمنمات والتي كانت تسمى فيما مضى "التزاويق" حيث طور الفنان المسلم هذا الفن الذي ورث أصوله من الحضارات السابقة على الإسلام خصوصا الحضارات الهندية والفارسية، وهو ما يؤكده بشكل مباشر، وأن أول كتاب عربي ظهرت فيه
المنمنمات كان كتاب " كليلة ودمنة" وهو في أصله كتاب هندي، ترجمة الفرس إلى لغتهم قبل الإسلام بعدة قرون ثم ترجمه ابن المقفع إلى اللغة العربية في أوائل القرن الثاني الهجري.
وأشار الى أن المتحف يضم جدارية تمثل أحد مزامير داوود النبي، وكلمة مزامير جمع مزمور وهو نشيد للتسبيح، وهذا أول مزمور في كتاب المزامير المكون من 150 مزمورا يرجع لسنة 1743 ميلادية، ثم تليها جدارية تمثل مخطوطة القس عيسى بترو، وهي من أهم المخطوطات العلمية، وتحتوي على مجموعة من الرسومات العلمية لقطاعات مختلفة في الإنسان والنباتات وكذلك العديد من الخرائط.
ونوه سراج الدين إلى أن المتحف يحرص على عرض الإصدارات الرقمية للمخطوطات، والتي تمثل وسيلتنا لربط التراث بالعصر الرقمي الحديث، وذلك بعرض نسخ كاملة من المخطوطات العربية على شاشات تعمل باللمس، وباستخدام أحدث التقنيات الرقمية وبرنامج المتصفح التخيلي الذي تم تطويره بمركز المخطوطات، حيث يتمكن الزوار من الاطلاع على المخطوطة وتصفحها، وتكبير أجزاء بعينها، وكذلك الاستماع إلى التعليق والشرح المصاحب.