انتقد عدد من رموز القوى السياسية التى شاركت فى مليونية 8 يوليو خطاب رئيس مجلس الوزراء، د. عصام شرف، الذى بثه التليفزيون المصرى أمس الأول، والذى حاول من خلاله امتصاص غضب الثوار. القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير، عبدالغفار شكر، وصف الوعود التى تضمنها خطاب رئيس الحكومة ب«المرسلة»، موضحا أن رئيس الوزراء «لم يعلن عن جدول زمنى للاستجابة لمطالب الثوار وإنما استجاب لبعضها جزئيا». شكر قال فى تصريحات ل«الشروق»: «تجاهل شرف حسم المطالب التى تتعلق بوقف إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، وإلغاء الأحكام الصادرة بحق نحو 11 ألف مصرى خلال 6 أشهر الماضية، وتطهير وزارتى الداخلية والإعلام، رغم أن الاستجابة لهذه المطالب لا تستلزم وقتا أو تكلفة مالية». مضيفا: «اتضح لنا من الخطاب وقوع المجلس العسكرى فى مأزق واضطراره للدفع بشرف خوفا من إعلانه عن موقفه من مطالب الثوار»، مرجحا أن يكون المجلس «واقع تحت ضغوط خارجية من السعودية وأمريكا وإسرائيل تحول دون استجابته الجادة للمطالب المتعلقة بإحالة الرئيس المخلوع للمحاكمة، فضلا عن الضغوط الداخلية التى يمارسها عليه بعض رجال الأعمال»، بحسب تعبيره. ولفت شكر إلى أن شرف «لم يعلن فى خطابه، عن جدول زمنى ينتهى فيه عمل اللجنة التى كلف وزير التضامن الاجتماعى بتشكيلها للنظر فى المطالب الاجتماعية للمتظاهرين»، وانتقد «عدم إعلان رئيس الوزراء عن آليات محددة للحوار مع القوى الوطنية وشباب الثورة»، وتساءل مستاء: «لماذا لم يعلن عن لقاء أسبوعى يجمعه بهم لمتابعة تنفيذ المطالب؟». وأكد شكر مواصلتهم الاعتصام فى الميدان لحين الاستجابة لكل مطالبهم، مبديا استياءه من عدم استيفاء بعض الإجراءات التى تضمنها الخطاب من الناحية القانونية «مما يفرغه من مضمونه». مدللا على ذلك بقوله: «قد يطعن الضباط المتهمون بقتل الثوار فى قرارات إنهاء خدمتهم»، إلا أنه استحسن فى الوقت نفسه القرار المتعلق «بتفريغ دوائر معنية للنظر فى هذه القضايا دون التقيد بالإجازة القضائية مما يضمن سرعة إنجازها لمهامها»، حسب قوله. واتفق معه الناشط بحركة شباب من أجل العدالة والحرية، حليم حنيش، الذى شن هجوما حادا على شرف قائلا: «خرج علينا بكلمة جوفاء إنشائية لا تحمل سوى مجموعة من المصطلحات البلاغية التى تخاطب قلوب الناس دون عقولهم اتباعا لنفس أسلوب الرئيس المخلوع مبارك». مضيفا: «أتت الكلمة لتزيد من سخط المعتصمين وإحباطهم من الحلول السطحية التى اقترحها شرف دون أن يعلن عن إجراءات حقيقية فى بنية النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى، ودون تطهير حقيقى فى مؤسسات الدولة». وأكد حنيش استمرار آلاف المتظاهرين اعتصامهم فى الميدان، وقال: «لن نعلق اعتصامنا وننوى التصعيد فى حالة استمرار تجاهل مطالبنا». بينما علق عماد جاد، عضو لجنة تسيير الأعمال بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، على الخطاب بقوله: «خطاب عصام شرف لا يختلف عن خطب وكلمات مبارك التى كانت دائما متأخرة وبعيدة عن المتوقع، شرف بهذا الخطاب وضع نفسه فى دائرة الاستهداف من جانب شباب الثورة». ووصف جاد شرف ب«غير المؤهل لقيادة حكومة فى مرحلة ثورية»، وقال إنه «مرتبك»، مشيرا إلى «مفاجئته وزير الداخلية بقرار إنهاء الخدمة على الهواء، إذ كان منصور العيسوى فى حوار مباشر على قناة الحياة الفضائية»، وقال جاد: «شاهدت بنفسى الوزير مضطربا، وهذا التصرف مثل أداء رجال مبارك». وشدد على أن الخطاب يفتقد جدولا زمنيا وخارطة طريق لتحقيق مطالب الثوار، وقال: «شرف حاول أن يبدى انطباعا أنه يملك مقاليد الأمور ولكن نعرف أنه موظف لدى المجلس العسكرى». وعن موقف الحزب من استمرار الاعتصام قال جاد: «الحزب من اللحظة الأولى تضامن مع المعتصمين ونحن مع قرارات شباب الثورة فى استمرار الاعتصام». وطالب المجلس العسكرى ب«التحرك وعدم الاختباء وراء شرف»، محذرا من «الموجة الثانية للثورة الموجهة ضد المجلس العسكرى». واعتبر حسين منصور، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، بيان شرف بأنه «خطوة على الطريق، لكنها لا ترقى إلى تطلعات الثوار لتجاهله مطالب المعتصمين التى تتعلق بالمحاكمة العاجلة لمبارك وعائلته ورموز النظام البائد»، وتساءل منصور: «كيف يحقق حسن يونس ومشعل مطالب الثورة بمهارة، وهم أنفسهم الذين كانوا يرسمون مخطط التوريث بمهارة فائقة؟». أمين اسكندر، وكيل مؤسسى حزب الكرامة، علق على بيان شرف: «كنت أتوقع أن يعلن شرف استقالته فى بيانه الأخير، فكان أشرف له من التدليس والتحايل»، معتبرا قرار إنهائه لخدمة الضباط المتورطين فى قتل المتظاهرين «جاء متأخرا»، مضيفا: «المشكلة إنهم متصورين أن الناس ممكن يضحك عليهم تانى». ودعا إسكندر الثوار إلى «الاستمرار فى اعتصامهم بالميادين والتمسك بمطالبهم»، وأضاف: «ثورة المصريين ستنتصر والعصيان المدنى شكل من أشكال التصعيد الذى يصب فى صالح الثورة». ووصف سعيد كامل، أمين عام حزب الجبهة، مضمون بيان شرف ب«العام»، وشبهه بالبيانات التى كانت تصدر عن رموز النظام البائد، كما انتقد عدم تحديد جدول زمنى لتنفيذ وعوده. وطالب كامل بالإعلان عن جدول زمنى لمحاكمة رموز الفساد، ولو استمر تجاهل الحكومة لمطالب الثوار سيضطر الثوار إلى اللجوء للعصيان المدنى. وقال عمرو حامد، عضو اتحاد شباب الثورة، إن الاتحاد «مستمر فى اعتصامه فى الميدان بعد بيان شرف الذى ذكرهم بخطابات الرئيس السابق مبارك»، لافتا إلى «ظهور مطالبات بالعصيات المدنى خرجت من قبل مجموعة شباب على المنصة الرئيسية بالميدان صباح أمس الأول، دعوا فيها موظفى مجمع التحرير إلى المشاركة فى اعتصام الميدان والإعلان عن العصيان المدنى وظهرت بوادر استجابة من عدد من موظفى المجمع». وأوضح حامد أن فكرة العصيان المدنى «مطروحة كأحد أشكال التصعيد التى من الممكن اتخاذها خلال الفترة المقبلة، ولكنها مازالت محل نقاش بين شباب الميدان»، وقال: «خطاب شرف زاد الثوار تمسكا بمطالبهم واستمرارا فى اعتصامهم، والجميع الآن يطالب بإقالة شرف».