النظام السياسي العادل والصحيح هو مبدأ ومقصد, فهو مبدأ لانه يفرض نفسه وينظم جميع اوجه الحياة داخل اطاره, وهو مقصد لأن من غيره تفسد الأمة و يذبل الفرد. النظام هو الدستور و مجموعة القوانين المنظمة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم, وهو منظومة الأعراف والتقاليد الرسمية وغير الرسمية, وهو العقد الاجتماعي بين الفرد والدولة وبين الأفراد وبعضها. هذا كله تحميه المؤسسات القائمة عليه والموجودة بفضل تواجده لن أناقش هنا لماذا اراد ثوارنا اسقاط النظام المنقطع راسا والباقي ذيولا, فكلنا يعرف ذلك. ولكن سوف اجتهد لأجيب السؤال الاني, وهو متى يسقط هذا النظام. في رأيي, يكون سقوط النظام مكتملا عندما يحدث الاتي: 1- سقوط القائمين على النظام: في المجتمعات الدكتاتورية التي تدعي الديمقراطية توجد دائما مجموعة متحكمة تسمى "Oligarchy" في العلوم السياسية...وهي حفنة أفراد تتمركز في ايديهم مقاليد الأمور. في حالتنا هذه تتكون هذه المجموعة من عائلة مبارك وزكريا عزمي وصفوت الشريف وفتحي سرور ولجنة السياسات في الحزب الوطني كاحمد عز وامثاله وطبقة خاصة من رجال الأعمال كحسين سالم وخلفه 2- اجتثاث المنتفعين من النظام: وهؤلاء هم "الهتيفة" والمنافقين وبلطجية الرأي و المال والعنف...هؤلاء لا يكون لهم منصب أو مكانة الا عن طريق النظام لانهم كما يسميهم دكتور مصطفى حجازي "محدودي الكفاءة غير محدودي الطموح"...هؤلاء يجب خلعهم من جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وهي ليست بالقليلة, ومنها على سبيل الأهمية وليس الحصر الوزارات والمجالس النيابية والأجهزة الأمنية والنقابات والجامعات وأجهزة الاعلام والبنوك 3- تجفيف منابع الفساد: وهذا يحدث بمحاسبة كبار الفاسدين وتنقيح القوانين والسياسات التي تؤدي إلى جعل الفساد جزء من حياتنا اليومية كوضع سلطات مطلقة في أيدي أفراد أو فروق فاجرة في الأجور 4- كتلة حرجة فعالة وواعية سياسيا: هذه تتكون من مايسمى "الطبقة المبدعة - Creative Class " وهم قادة الرأي في مناحي الدولة والقادرين على صنع فكر وقيادة من حولهم نحو اصلاح ما افسده النظام...وهنا يأتي دورنا كلنا بأن نسعى إلى تطوير أنفسنا وخلق اليات للحوار والفكر لتكون نواه لكيانات سياسية ذات قاعدة شعبية وفكر لكيفية بناء الدولة, ويكون دورها الاني التوعية والحث على المشاركة 5- المشاركة السياسية من الجميع: من خلال خلق جماعات ضغط أو لوبي للمطالب الفئوية والعامة, ومجتمع مدني قوي لا يكتفي بالاعمال الخيرية والتنموية ولكن ينشط في رفع الظلم وتمكين الشعب, وايضا التصويت في جميع الانتخابات والاستفاءات القادمة هذه الخطوات الخمس من الممكن جدا تنفيذها بشرط تعاون الجميع وانكار الذات, والادراك أن انجاح الثورة هو فرض عين وليس كفاية ...وعليه فرجاء لكل من يحاول بدء احزاب للاستفادة من الشرعية الثورية أو منابر سياسية قائمة داخليا وخارجيا ما هو إلا محاولة ساذجة لاحلال نظام مكان نظام لم يسقط بعد