«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساهمة فى الجدل السياسى العربى حول الإصلاح .. نبيل زكي
نشر في المصريون يوم 25 - 05 - 2005

أخطر الظواهر السلبية فى عدد من المجتمعات العربية.. الخروج على مبدأ سيادة القانون او تجريد القضاء من سلطته فى مراقبة احترام هذا القانون.واعتبار القانون مجرد أداة طيعة فى خدمة سياسة الحكام مؤداه أن يضع الحكام أنفسهم فوق القانون، فى حين أن المعنى الأول لسيادة القانون أن يكون القانون متضمنا القيم التى تملى على الحكام سلوكهم وتحول دون أوجه العسف التى قد ينحدرون إليها نتيجة استحواذهم على السلطة وفرض إرادتهم عن طريقها . يتصاعد الجدل فى العالم العربى حول الاصلاح والموقف من القوى الخارجية.. ومع ملاحظة ان بعض انظمة الحكم العربية تفضل التنازل امام الخارج بدلاً من التنازل لشعوبها.. فان البحث يجرى الآن هو الطرق التى يمكن ان تسد الثغرات امام التدخل الاجنبى فى الوقت الذى تدرك فيه الشعوب العربية ان حكاما لديها يفتحون الابواب على مصاريعها امام هذا التدخل بينما يقدمون المواعظ لمواطنيهم حول اضرار هذا التدخل! أتذكر الآن كلمات معارض وطنى لاحدى الحكومات العربية.. وهو يوجه نصائح مخلصة الى تلك الحكومة.. داعيا اياها الى اجراء سياسى قد يتبدى للجبناء والمنتفعين من افرادها.. خيارا انتحاريا، ولكنه فى الحقيقة يكفى وطنه شر العدو الخارجى ويجعله فى مأمن منه ريثما تجد هذه الحكومة المخرج النهائى من هذه الدوامة العنيفة. ويقول: اخرجوا ايديكم من جيوبكم ومدوها تمهيدا لمصافحة كل من يشعرون بالقلق على الوطن سواء كانوا احزابا ام منظمات مدنية او افرادا. اذهبوا بأقدامكم اليهم واعقدوا الاتفاقيات السياسية معهم، لكن اياكم ان تجعلوا من اعادة الحقوق المصادرة.. مادة للمساومة، فلا داعى لأن تزيدوا من فرص النفور منكم.. فليس لدى معارضيكم ما يخسرونه سوى كرامة هذا الوطن. ناقشوا الوضع الداخلى المتعفن بكل شفافية دون خوف، فلا احد يرغب الآن فى قلب المائدة عليكم، اللهم الا اذا فشلتم فى كسب شارعكم الذى نأى بنفسه عنكم منذ زمن طويل استعدادا لمقاطعتكم نهائيا. أوراق اللعبة ويقول صاحب النصيحة المخلصة: اعلم انكم لاتثقون بشعوبكم وانكم تترددون الف مرة قبل مصافحتها، حتى ان البعض منكم يراها عالة على وجوده،وربما يتمنى ان يشترى بدلاً منها شعوبا اكثر خضوعا وطاعة، شعوبا ليست "جاحدة وناكرة للجميل"! اوراق اللعبة السياسية تتساقط من ايديكم الواحدة تلو الاخري، كما ألمس بكل حواسى العزلة التى تحيق بنظامكم وانفضاض الاصدقاء عنكم وتحول بعضهم الى اعداء، بينما صمت البعض الآخر وآثر السلامة لروحه من خصم يستعد لاختراع مئات الآلاف من الانسان الآلى "الروبوتات" لخوض حروبه، كما ان هذا الخصم يتمتع بخيال عدواني، وامكانات كبيرة لترجمة خيالاته الى واقع ملموس، بينما انتم تحاولون البحث فى الادراج والزوايا عن هدايا ترضونه بها او عن اقنعة جديدة تجعلكم موضع القبول من جانبه. الفساد العشوائى يسير فى اتجاه تقسيم الوطن وتوزيعه سياسيا واقتصاديا وجغرافيا على ملوك الطوائف. ومطلوب منكم مبادرة حيوية لرأب الشرخ الداخلي.. فالمعارضة الوطنية لقاح ضرورى للأمراض المستعصية. طبائع الاستبداد فى كتابه المعروف "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" يقول عبد الرحمن الكواكبى ان الاستبداد هو "اعظم بلاء" فى ديارنا، ويزيد الكواكبى الامر وضوحا.. فيقول: "الاستبداد فى اصطلاح السياسيين هو تصرف فرد او جمع فى حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة، وقد تطرأ مزايدات على هذا المعنى الاصطلاحي، فيستعملون فى مقام كلمة "استبداد" كلمات: استعباد، واعتساف، وتسلط، وتحكم، وفى مقابلها كلمات: مساواة، وحس مشترك، وتكافؤ، وسلطة عامة، ويستعملون فى مقام صفة "مستبد" كلمات: جبار وطاغية وحاكم بأمره، وحاكم مطلق. وفى مقابل "حكومات مستبدة" كلمات: عادلة، ومسؤولة، ومقيدة، ودستورية. ويستعملون فى مقام وصف الرعية "المستبد عليهم" كلمات: اسري، ومستصغرين، وبؤساء، ومستنبتين، وفى مقابلها: أحرار، وأباة، واحياء، واعزاء. وهذا تعريف الاستبداد بأسلوب ذكر المرادفات والمقابلات، واما تعريفه بالوصف فهو ان الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان فعلاً او حكما التى تتصرف فى شئون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين. صناعة امريكية بعض الحكام العرب يقدمون التنازلات للقوى الخارجية، حتى لايضطروا الى التنازل امام شعوبهم. وعلى الناحية الاخري، تبدو مؤشرات تدل على ان واشنطن قررت انهاء خدمة انظمة حكم عربية برمتها بعد ادائها وظيفتها على اكمل وجه، اما الشعوب، فقد ثبت لديها استحالة احداث اى نوع من الاختراق لشبكات قمع الانظمة الديكتاتورية العربية فى الوقت الذى تعرف فيه ان الانظمة الآيلة الى الزوال و"الديمقراطية" الموعودة.. كلها صناعة امريكية. وعلى مر السنين ذبلت وتهاوت شعارات من نوع "الحفاظ على المال العام" و"دولة قوية تحمى الضعيف من القوي" و"دولة قوية تكفل الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص" و"العمل وكرامة العيش حق لكل مواطن".. ولم تعد الحكومة مسؤولة امام الشعب، وانما امام قوى خارجية تقدم لها هذه الحكومة كشف الحساب على امل الفوز بالقبول. وهناك ايضا ما يدل على ان كل ماتسعى اليه انظمة عربية حاكمة هو احتواء الضغوط الخارجية عليها من اجل ضمان استمرارها واظهار انها قادرة على السير فى طريق الاصلاح اذا كان لا مفر من ذلك. قمع او تجاهل واذا كانت هناك بعض مواقف عربية رسمية تؤكد على ضرورة "انبثاق" هذا الاصلاح من الداخل وعدم فرضه من الخارج.. فهو قول صحيح، لأن الاصلاح الحقيقى هو عملية داخلية فى الاساس، ويعبر عن مصالح قوى اجتماعية محلية، بل هو نتاج مسار داخلى وتطور داخلي. ولم يكن الاصلاح فى يوم من الايام سلعة للتصدير او اختراعا اجنبيا.. فالعرب يطالبون بالاصلاح منذ القرن التاسع عشر ويتحدثون ويكتبون وينادون مطالبين بالحرية السياسية والحكومة الدستورية، كما يدعون الى "تحرير المرأة" بلسان رواد كبار من امثال قاسم امين وخير الدين التونسي، وكان احمد لطفى السيد واحداً من رواد الدعوة الى الديمقراطية فى بداية القرن الماضي. غير أن المشكلة كما يقول نواف سلام استاذ العلوم السياسية فى الجامعة الامريكية فى بيروت ان الانظمة العربية واجهت الدعوات الاصلاحية اما بالقمع او بالتجاهل. ومن الانظمة العربية، هناك من يتذرع بضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية والتاريخية.. ولا خلاف على ذلك، غير ان البعض يستخدم هذه الخصوصيات كوسيلة لرفض اى اصلاح سياسى وعلى نحو يخلق الانطباع لدى الكثيرين بأن هناك تناقضا بين الهوية المحلية وقيم اهل البلد.. وبين الحرية السياسية!! حكاية التدرج ومن الانظمة العربية من يتشبث بفكرة التدرج فى الاصلاح، وليس التدرج عيبا، ولا يمكن رفضه على اطلاقه، ولكن المشكلة ان هذا التدرج قد يتحول فى واقع الامر الى خطوات جزئية ومبعثرة لاتخدم مسار الاصلاح، ولا تفتح الطريق امامه وانها تحقق عكس ذلك، اذ تتحول الى اعاقة للاصلاح والى عملية التفاف من شأنها تكريس وحماية الاوضاع القديمة التى تسد الطريق امام الاصلاح. والتدرج يمكن ان يكون مقبولاً لو كان فى اطار خطة واضحة المراحل مترابطة الاهداف، وعلى اساس آلية تكفل دفع مسار الاصلاح من مرحلة الى اخري، اما اذا كان وسيلة للمماطلة والتسويف لشراء الوقت وذر الرماد فى العيون لتأجيل الاصلاح الى اجل غير مسمى واطالة عمر الانظمة الحاكمة.. فانه يتحول الى مجرد خدعة. التواطؤ مع التخلف وتتردد فى بعض الدول العربية فكرة ان الانتخابات الحرة النزيهة والاحتكام الى صناديق الاقتراع يمكن ان تؤدى الى فوز القوى الدينية المتطرفة. ولكى لاتتحول هذه القوى المتطرفة الى "فزاعة" لتخويف القوى الوطنية الديمقراطية، فانه ينبغى التأكيدعلى ان التطرف ينمو ويتفاقم مع غياب الحريات السياسية، بل ان قمع الانظمة الحاكمة لشعوبها كان من الاسباب الرئيسية لنمو حركات التطرف. وفى ظل مناخ الحريات المدنية والمساءلة الشعبية.. لايجد المتطرفون فرصتهم للتأثير، وفى ظل ترسيخ مبدأ المواطنة واعادة روح المبادرة وحرية الارادة واستقلال الرأى والفكر.. يصعب على قوى التطرف ان توسع دائرة نفوذها. ونحن نعرف انه كان هناك دائما ذلك التواطؤ بين العقل العربى الجامد، والمتخلف والحاكم العربى المتسلط. واستقراء التاريخ يثبت بما لايدع مجالا للشك ان الحكومة الدينية والاستبداد السياسى صنوان لايفترقان. وهذا يصدق على التاريخ الاسلامى فيما عدا الفترة القصيرة للخلفاء الراشدين فى فجر الاسلام، ويصدق ايضا على تاريخ المسيحية فى اوروبا، والحكومة الدينية لاتعرف التعددية الفكرية او الحزبية ولا مبدأ تداول السلطة، وتستخدم مفاهيم الكفر والمروق والزندقة اداة من ادوات السيطرة الشمولية وتنتهك حقوق الانسان الاساسية. تكافؤ الفرص ومن المبادئ التى تفتقدها مجتمعات عربية عديدة مبدأ تكافؤ الفرص، ومعنى هذا المبدأ تساوى جميع افراد المجتمع من حيث ان تقدم كل واحد منهم فى الحياة يقوم على جده واجتهاده ومواهبه، وليس على الامتيازات الطبقية او الاسرية او المالية. والمجتمعات العربية، فى معظمها، مصابة بأمراض المحسوبية والشللية والعصبية العرقية او الدينية، ولا تؤمن بحق كل فرد ان يشق طريقه فى الحياة وان يصل الى اعلى المراتب مهما كان تواضع اصوله الاجتماعية او معتقداته، ويترتب على مبدأ تكافؤ الفرص منح كل فرد فى المجتمع فرصة عادلة لتحقيق ذاته وتقدمه فى سباق الحياة، ولكن ذلك لايعني، بداهة، تساوى الجميع فى نتائج هذا السباق، فهو تعادل وتكافؤ عند خط الابتداء، ولكنه لايعنى تساوى النتائج عند خط الانتهاء، فهناك المجتهد المثابر والنابغ والموهوب، وهناك الكسول والمتواكل، وليس من العدالة فى شيء ان تتحقق المساواة بين هؤلاء جميعا عند نهاية سباق الحياة. ولا يتناقض مبدأ تكافؤ الفرص مع مبدأ الثواب والعقاب: ثواب المبدع وعقاب المسيء او المتخلف. سيادة القانون واخطر الظواهر السلبية فى عدد من المجتمعات العربية.. الخروج على مبدأ سيادة القانون او تجريد القضاء من سلطته فى مراقبة احترام هذا القانون. واعتبار القانون مجرد اداة طيعة فى خدمة سياسة الحكام مؤداه ان يضع الحكام انفسهم فوق القانون، فى حين ان المعنى الاول لسيادة القانون ان يكون القانون متضمنا القيم التى تملى على الحكام سلوكهم وتحول دون اوجه العسف التى قد ينحدرون اليها نتيجة استحواذهم على السلطة وفرض ارادتهم عن طريقها. وسيادة القانون واجبة الاحترام فى كل من حالتى السلم والحرب. ولا يصح التذرع بالظروف الاستثنائية للخروج على حكم القانون، على ان مبدأ سيادة القانون يتحول الى شعار اجوف اذا لم يقترن بضمانات من شأنها الزام السلطة بالمحافظة عليه واحترام مقتضاه، وتتعدد هذه الضمانات، ولكن تأتى فى المقدمة الضمانات القضائية والضمانة الجزئية، والضمانة الشعبية. قيود ملزمة ولا يمكن القول بأن القانون يسود المجتمع لمجرد وجود نظام قانونى ملزم فى الدولة تستخدمه سلطة الامن للقضاء على الفوضى والاضطراب، والا تقلص معنى سيادة القانون ليقتصر على نطاق بوليسى محض، ولكن يجب ان تمتد سلطة القانون الى الحكام انفسهم فيكون قيداً على تصرفاتهم. وحتى الآن، لم تتوصل مجتمعات عربية الى ادراك ان مبدأ سيادة القانون يقتضى احترام السلطات العامة لاحكام القانون، سواء فى علاقاتها بعضها ببعض او فى علاقاتها بالمحكومين. ولم تدرك ان سلطة الحكم ليست مجرد قوة مادية مفروضة لقهر المحكومين، بل هى سلطة قانونية مقيدة بحدود لاتملك تجاوزها. وطبيعة السلطة فى اماكن كثيرة من العالم العربى تميل الى التوسع فى فرض سطوتها وتتجه دوما للدفاع عن نفسها ضد ما يتهددها من اخطار او ما قد تتوهمه من تلك الاخطار،ولذلك لايمكن الاعتماد على ان السلطة خيرة بطبيعتها، او انها قابلة للالتزام بالحدود المقبولة، وانما يقتضى واجب الحرص التحوط من كل عسف من جانب السلطة ان يتم تقرير ورسم الحدود الملزمة لها، والقانون هو الاداة الكفيلة بتحقيق ذلك. دولة المؤسسات وفى وقت من الاوقات، استخدم بعض الحكام العرب تعبير "دولة المؤسسات" وهذا التعبير يعني، من وجهة نظر الدكتور حلمى مراد: 1 انكار التسلط الفردى فى الحكم.. فلا يحق لفرد ايا كان مركزه الرسمى او وضعه الاجتماعى فى ظل دولة المؤسسات ان ينفرد بالحكم او يتخذ وحده القرارات المصيرية، وانما يتوجب عليه ان يشرك معه المؤسسات
الرسمية والشعبية القائمة فى الرأي، وتقليب وجهات النظر بشأن القرار المزمع اصداره قبل اتخاذه. 2 دعوة للعمل المنظم على مستوى الدولة، ومعنى دولة المؤسسات ان توجد فى الدولة عدة تنظيمات واجهزة رسمية ذات صلاحيات معينة ومسؤوليات محددة بحيث تعرف كل سلطة ومؤسسة حدود اختصاصها، فلا تطغى احداها على الاخرى او يؤدى الحال الى تداخل بين السلطات والمؤسسات، كما ينبغى ان تتوافر فيها القدرة والفاعلية والتخصص بحيث يكفل تعاونها معا دراسة شاملة مستوفاة ليخرج القرار محيطا بكل الابعاد، مدركا لجميع الاثار والعقبات بلا نقائص او ثغرات. 3 دعم المشاركة الشعبية الجماعية، ذلك ان احساس الشعب بمساهمته بالرأى فى اتخاذ القرارات الاساسية عن طريق المجالس النيابية المنتخبة والمنظمات الشعبية، والتعبير من خلال الصحافة والتجمعات السياسية من شأنه ان يخلق جو الترابط والتجاوب مع الحكام، وان يقوى الشعور بالانتماء للوطن والتحمس للعمل على نجاح القرارات. ضمان للحريات وقيام دولة المؤسسات عملاً وفعلاً وليس قولاً وشعارا، يعود بالخير على الحكام والمحكومين على حد سواء، ويحقق صالح الوطن فى حاضره ومستقبله، فمن مصلحة الحاكم الا يتحمل وحده مسؤولية ما يتخذ من قرارات انفرادية قد لاتحقق ماهو مأمول فيها من خير، ويجدر به ان يشرك معه فى تحمل تبعاتها كافة المؤسسات الممثلة لفئات الشعب المتعددة، كما ان دولة المؤسسات تحول دون خلق مراكز للقوى تضرب ستاراً من حديد حول الحاكم. ودولة المؤسسات تجنب الشعب تحمل الخطأ الفردى الذى يمكن ان يقع فيه الحاكم عند اتخاذه قراره، بمعزل عن مؤسسات الدولة، وهو امر كبير الاحتمال، لان الحاكم الفرد ليس الا بشراً تحتمل تصرفاته الخطأ والصواب، وقد يتخذ قراره فى عجلة دون إمعان فى التفكير او تحت تأثيرات انفعالية او معلومات غير صحيحة او مغرضة او ناقصة. دولة المؤسسات اذن تعتبر نوعا من الضمان لحريات الافراد، فلا يقعون ضحية بطش او تنكيل أو طغيان او ايذاء بفضل رقابة مؤسسات الدولة بعضها للبعض الآخر من ناحية، ولانتماء المواطنين الى منظمات شعبية تحميهم وتدافع عنهم اذا حل بهم مكروه.. من ناحية اخري.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.