من جديد طرحت مختارات «شعراء من المتوسط»، التى صدرت حديثا فى اللغة الفرنسية عن دار جاليمار (وهى واحدة من أكبر دور النشر الأوروبية) أزمة التطبيع الثقافى على الشعراء المصريين والعرب، إذ ضم الكتاب الصارد فى نحو ألف صفحة مختارات لأبرز الشعراء العرب، وعلى رأسهم عبدالرحمن الأبنودى وعبدالمنعم رمضان وأنسى الحاج وأدونيس. وضمت القائمة عددا من الأسماء من مختلف الأقطار العربية منها: أحمد عبد المعطى حجازى، الراحل محمد عفيفى مطر، عبدالمنعم رمضان، وإيمان مرسال من مصر. ومن لبنان: عباس بيضون، عيسى مخلوف، فينوس خورى، صلاح ستيتيه، ومن سوريا: شوقى بغدادى، نزية أبوعفش، ومن ليبيا: محمد الفيتورى، ومن فلسطين: طه محمد على، وليد خازندار، غسان زقطان ومن الضفة الأوروبية ضمت أندريه شديد (ولد بمصر)، ولوراند جسبار، برنارد نويل من فرنسا، ومن إيطاليا اندريا زانزوتو، جوزيبى كونتى، أما الشعراء الإسرائيليون فهم: ناتان زاخ، نوريس زارخى، هافيفا بيديا، رونى سوميخ، افروم سوتخيفر، وإسرائيل إيليراز. من جهته أكد الأبنودى أنه لم يتلق أى طلبات لترجمة شعره، قائلا: «إن أحدا من هذه الدار أو غيرها لم يطرق باب بيتى، ولم يستأذنى فى نشر شىء من شعرى». وقال الأبنودى إن هذه المختارات تختلف عن فكرة الحرص على ألا نترك إسرائيل تنفرد بالمؤتمرات والندوات الدولية، فأن يضمنا كتاب واحد على أساس أن هذا شعر واحد يعنى أن التطبيع أصبح حقيقة واقعة، فلا يجب أن نعامل على أساس أننا منطقة (ثقافية) واحدة». وتابع: «لابد من احتجاج واضح المعالم والأسباب، فليس من حق أى دار نشر أن تنشر أدبا لا تستأذن أصحابه، وأظن أننا يجب أن نواجه هذه القضية لأنها ستكون فاتحة لأشكال عديدة وتكرارات مريبة لبقية فنوننا، فهذه محاولة خسيسة لوضع إسرائيل بيننا، وكأننا أبناء منطقة جغرافية واحدة دون النظر لقضية الاحتلال». أما عبدالمنعم رمضان فقد رفض أن يسمى هذا تطبيعا، ف«الشعراء العرب المدرجة أسماؤهم ليس لهم علاقة بالأمر، والمسئول عن هذه المختارات هم الفرنسيون، ونحن لا يحق لنا أن نلزمهم باتخاذ موقف مطابق لموقفنا ضد إسرائيل». وأوضح رمضان أن إسرائيل صارت دولة من دول البحر المتوسط «شئنا أم أبينا فلا يمكن أن نترك العالم ونخلى مكاننا لإسرائيل، المهم هو خطابنا وموقفنا». وقال رمضان: «كل مكان نتركه نحن الخاسرون» ومن هذا المنطلق أكد أنه ليس لديه تحفظ على المختارات أو المشاركة بأى مؤتمر دولى تشارك فيه إسرائيل. وتابع: «ما نفعله أننا نؤدى خدمة جليلة لإسرائيل وهى إخلاء أماكننا، ومن جهتهم يستخدمون رفضنا فى تبرير جرائمهم والتأكيد على أنهم مضطهدون». وثارت عدة أزمات فى مصر بسبب قضية التطبيع الثقافى وتزايدت مطالبات الكتاب المصريين باعادة النظر فى فكرة المقاطعة الثقافية لإسرائيل، إذ غالبا ما يكون الكاتب هو الضحية الأولى فى الموقعة بين جور المؤسسات الإسرائيلية على النصوص العربية، هجوم الآخرين عليه على الجانب المصرى. وهو ما علق عليه الأبنودى، قائلا: «هذه النغمة سائرة ودائرة بين المثقفين منذ بعض الوقت ولها جوانب من الممكن أن تناقش، ولكن يجب ألا نخلط أبوقرش على أبوقرشين، فما هى صلة الشعر الإسرائيلى بالعربى أصلا؟، فهذا عالم وهذا عالم، إذا الصيغة نفسها مزيفة، فالشعر العربى يتنافر مع شعر هؤلاء القادمين من كل بلد».