أثار قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بإخلاء سبيل الضباط اللبنانيين الأربعة المتهمين فى قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريرى جدلا داخليا وخارجيا. حيث أكدت الولاياتالمتحدة أن الإفراج تم بسبب نقص الأدلة، وأن الضباط لا يزالون رهن التحقيق حول دورهم المفترض فى الاغتيال، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمركية روبرت وود: هؤلاء الجنرالات الأربعة لا يزالون رهن تحقيق يجريه المدعى العام للمحكمة دانيال بيلمار. ومن جهتها، اعتبرت الخارجية المصرية أن «الإفراج عن الضباط من شأنه أن يفتح الطريق أمام محكمة محايدة وغير مُسيسة لقضية اغتيال الشهيد رفيق الحريرى وكل الاغتيالات التى تلته». وطالب حسام زكى المتحدث باسم الخارجية الجميع بعدم القفز إلى أى نتائج حول براءة أو إدانة أى من المفرج عنهم فى المرحلة الحالية، مشددا على أهمية انتظار ما سيسفر عنه عمل المحكمة فى هذا الشأن. وجاء الإفراج عن الضباط الأربعة الذين كانوا موقوفين فى قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريرى بعد قرار المحكمة الدولية، لينتزع سهما من فريق الموالاة بزعامة تيار المستقبل ويضيفه إلى فريق المعارضة بزعامة حزب الله فى البورصة الانتخابية اللبنانية المتوترة، بحسب محللين لبنانيين، فى الوقت الذى تساءل فيه الكاتب البريطانى روبرت فيسك عما إذا كان هذا القرار «عربون صداقة من أمريكا لسوريا». وكان لافتا وجود نواب من حزب الله فى استقبال الضباط المفرج عنهم، وهو ما اعتبره رضوان عقيل المحلل السياسى فى صحيفة النهار اللبنانية «محاولة لقطف ثمار» الموقف الذى اتخذه الحزب دفاعا عنهم منذ اعتقالهم عام 2005. فخلال السنوات الماضية، كانت المعارضة تتهم الأكثرية المدعومة من الغرب بتسييس المحكمة، بينما تتهم الأكثرية المعارضة القريبة من سوريا بمحاولة عرقلة عمل المحكمة الدولية بهدف حماية سوريا. وكانت السلطات اللبنانية أفرجت الأربعاء عن الضباط الأربعة المحتجزين فى قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى من السجن الذى كانوا محتجزين فيه فى شمال شرق بيروت، بعد ساعات من قرار أصدرته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لعدم وجود أدلة كافية ضدهم. والضباط الأربعة هم جميل السيد المدير العام السابق للأمن العام والعميد مصطفى حمدان القائد السابق للحرس الجمهورى واللواء على الحاج المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلى والعميد ريمون عازار المدير السابق لمخابرات الجيش. وقال عقيل فى تصريحات ل«الشروق» إن حزب الله كان «أكثر الأطراف اللبنانية مواكبة لقضية الضباط الأربعة وطالما اتهم القضاء اللبنانى بالعمل بطريقة مسيسة لصالح تيار المستقبل بزعامة سعد الحريرى». وأضاف أن حزب الله سيستفيد من هذا الإفراج لتقوية موقفه وكسب مزيد من الأصوات فى المعركة الانتخابية، ووصف الإفراج عن الضباط بأنه «حقنة دعم» للمعارضة وحزب الله أمام الشارع اللبنانى خصوصا الناخبين المترددين الذين يمثلون ما يتراوح بين 15 و20% فى الدوائر الانتخابية الساخنة». وأصدر حزب الله بيانا رحب فيه بإخلاء سبيل الضباط «بعد طول احتجاز تعسفى فى الزنازين». وأشار عقيل إلى أن فريق الموالاة الذى طالما اتهم هؤلاء الضباط بالتورط فى اغتيال الحريرى خسر إحدى اوراق الضغط على المعارضة، مما يزيد من مصداقية حزب الله وحلفاءه أمام المترددين والمتعاطفين معه. ومن جانبه، رأى المحلل السياسى اللبنانى رغيد الصلح أن هذا الإفراج يعزز الوضع الانتخابى للمعارضة «فمنذ البداية قدم كلا الفريقين رواية كاملة لاغتيال الحريرى، والآن أصبحت رواية المعارضة الأكثر صدقا بشهادة المحكمة الدولية المحايدة». وأوضح أن الشارع المسيحى سيكون الأكثر تأثرا بهذا التطور الجديد حيث يتمركز فى الدوائر الساخنة التى تشهد استقطابا حادا بين المعارضة والموالاة. ومن جهة أخرى، رأى عقيل أن القضاء اللبنانى «قصر» فى هذه القضية وكان «ينبغى عليه إطلاق سراح الضباط وعدم انتظار المحكمة الدولية»، ملمحا إلى «وجود تأثر لدى بعض القضاة بالتجاذب السياسى»، لكنه أوضح فى الوقت ذاته أن تراجع القضاء يعنى تراجع الديمقراطية». لكن النائب بطرس حرب (من الموالاة) شدد على أن «استعمال قرار المحكمة لنعى القضاء اللبنانى وضربه هو أمر خطير»، مؤكدا أن «من غير الجائز للبعض أن يضرب صدقية القضاء، ويعتبره غير صالح». وفى حديث لإذاعة صوت لبنان، أبدى تخوفه «من أنه بعدما جرت محاولة للانقلاب على السلطة وضرب موقع رئاسة الجمهورية يأتى اليوم دور القضاء». وانتقد محاولة توظيف قرار إطلاق سراح الضباط الأربعة بشكل انتخابى، معتبرا أن «هذا الأمر غير مقبول». ومن جانبه، تساءل روبرت فيسك فى مقال بصحيفة الإندبندنت عما إذا كان إطلاق سراح الضباط «محاولة تودد من أمريكا لسوريا». واعتبر أن قرار الإفراج يثبت أن الأممالمتحدة لم تكن أكثر من مطية لتحقيق أهداف أطراف دولية فى أعقاب اغتيال الحريرى. وقال: «مرة أخرى تبين أن حمار الأممالمتحدة الذى صعد إلى الحلبة الدولية بعد مقتل الحريرى وهو يعرج، تحول إلى بغل». ويختم فيسك مقاله بثلاثة أسئلة يجيب عنها بنفسه فيقول: « إذن من قتل الحريرى؟ حتى أمس كان اللبنانيون يعتقدون أنهم يعرفون. ومن صرح بأنه يريد أن يفتح بابا جديدا للسوريين؟ الرئيس أوباما. ومن وقف إلى جانب نجل الحريرى، سعد، قبل ثلاثة أيام مؤكدا له دعم الولاياتالمتحدة؟ إنها وزيرة خارجية أوباما هيلارى كلينتون طبعا.