في جلسة ملتهبة لمجلس الشعب، رفض أحمد فتحي سرور، الثلاثاء الماضي، طلبات عدد من نواب المعارضة والمستقلين بإدراج قضية شهيد الطوارئ على جدول أعمال المجلس، فيما استمات مفيد شهاب، وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، في الدفاع عن قانون الطوارئ وتبرئته من دم خالد سعيد الذي سقط في الإسكندرية نتيجة عنف مخبري شرطة، بينما تصر الداخلية على أنه توفي إثر ابتلاع جرعة مخدرات زائدة. دفاع شهاب عن الطوارئ دفعه عن غير قصد إلى تكذيب الداخلية، والاعتراف بمسئولية المخبرين عن مقتل خالد، فقال نصا: "ما علاقة قانون الطوارئ بهذا الموضوع؟ مخبر ضرب ضابط"! اعتراف شهاب بمسئولية المخبرين عن مقتل شهيد الطوارئ مر مرور الكرام، رغم أهميته الشديدة، لأن شهاب لا يمثل نفسه وإنما يمثل حكومة تعتبر الداخلية، التي تصر على النفي، جزءا منها، ما يوحي بتضارب شديد بين مسئولين حكوميين تزامن مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها الشديد إزاء مقتل شاب مصري على يد منتسبين لوزارة الداخلية ومطالبتها بتحقيق حول الموضوع. الأهم من هذا التضارب كان سؤال شهاب عن علاقة الحادث بقانون الطوارئ، وهو السؤال الذي طرحته "الشروق" على النائب الإخواني حمدي حسن نائب الإسكندرية، الذي تقدم ببيان عاجل حول مقتل خالد مطالبا باستقالة وزير الداخلية. حسن أكد ل"الشروق" أن قانون الطوارئ هو المتهم الأول والرئيسي بقتل خالد سعيد، حيث أدى استمراره ل 30 سنة متصلة إلى فقدان أفراد الشرطة لمهنيتهم بشكل كامل، وأصبحوا يمارسون عملهم في غياب تام للدستور والقانون وقواعد المهنية. وأضاف حسن أن طول فترة تمديد الطوارئ أدت لوجود جيل كامل في الداخلية لم يمارس عمله في ظل القانون الطبيعي، وبالتالي فان هذا الجيل لا يخضع لضوابط الدستور أو القانون، وتعود على ممارسة عمله بشكل مطلق ودون أي رادع، وأصبحت أساليب التعامل غير القانونية تنتقل تلقائيا من جيل لآخر. النائب حمدي حسن قال أيضا: إن جريمة قتل خالد لم تكن الأولى التي يرتكبها جهاز الشرطة، وأن هذه الأحداث تكررت كثيرا بطول البلاد خصوصا في الصعيد وسيناء والسلوم، مضيفا أنه "لا يمكن نسيان حالة الطفل محمد يحيى عبد الله الذي أغرقه أحد الضباط بالكحول وأحرقه بالنار في سيوه، هذه الجريمة التي مرت دون معرفة أو عقاب المتسبب فيها". وصرح حسن أن بيان الداخلية احتوى على عدة أكاذيب، من بينها التهم التي حاولوا إلصاقها بخالد، ومنها تهربه من الخدمة العسكرية، قبل أن يتضح أنه بريء منها، وأنه أمضى خدمته العسكرية كمجند شرطة، واعتبر حسن هذا البيان استخفافا بالرأي العام، لأن الداخلية كانت تعتقد أنه لا أحد في مصر قادرا على البحث وراء أكاذيبها. وأضاف حسن أن بيان الداخلية جريمة جديدة تضاف للجريمة الأصلية التي راح ضحيتها خالد سعيد، كما أن سحل المتظاهرين الذي خرجوا ليظهروا تضامنهم مع خالد ومطالبتهم بالقصاص له جريمة جديدة تضاف لجرائم الداخلية المتراكمة، وكلها تنبئ عن عدم احترام لدستور أو قانون أو رأي عام. واعتبر حمدي حسن الإعلام هو المفجر الحقيقي لهذه القضية، لأنه من أيقظ الرأي العام للاهتمام بها، وقال: "لولا اهتمام الرأي العام لسارت القضية كما تريد الداخلية، هات المواطن واسحله ولا حد يقدر يكلمك". وحول أسباب تمادي الداخلية في تبرئة المتهمين رغم تدني درجتهما في جهاز الشرطة قال حسن: "الداخلية تحاول حماية أفرادها بالقانون أو بغير القانون، لأنها كانت تدرك أنه لا أحد في مصر قادر على التعقيب على أقوالها، ومن يخالف ذلك يعتبر متعديا على وزارة الداخلية"، وأضاف: "الداخلية تتعامل مع المجتمع بنظرات فوقية متغطرسة". وقال حسن: "زمان كان التعذيب للسياسيين بس، وكان بيتم في السجون والمعتقلات، لكن دلوقتي التعذيب للجميع وقدام كل الناس، وبيستخسروا حتى يطلبوله الإسعاف يمكن تلحقه قبل ما يموت". وحول سير التحقيقات حاليا قال حسن: إن تصريحات مفيد شهاب في مجلس الشعب يجب أن تعتبر اعترافا رسميا بدور منتسبي الداخلية في قتل خالد، وهو ما يتضارب مع بيانات الداخلية والنيابة التي ترتكب هي الأخرى مهازل متعددة في التحقيقات حول القضية". وأضاف حسن أن "سماح النيابة بصرف المتهمين والتحقيق الإداري أعطاهم الفرصة لممارسة الضغط والتهديد على الشهود حتى يرفضوا الشهادة أو يشهدوا بما يبرئ أفراد الشرطة". وختم حسن حديثه ل"الشروق" قائلا: "التحقيقات تسير بطريقة جيدة إلى حد ما، ونحن نتابعها بمنتهى الدقة، ولن ندع أي محاولة للتلاعب بسير التحقيقات تمر دون عقاب".