طالبت قيادات دينية إسلامية ومسيحية بسرعة تطوير الخطاب الديني والتصدي للفضائيات الدينية المتطرفة التي تغذى النعرات الطائفية وتؤدي إلى الاستغراق في الشكليات الدينية وتجاهل التعاليم الدينية السمحة التي تركز على الارتقاء بالسلوكيات وتحض على التعاون والتسامح، وجاء ذلك خلال افتتاح أعمال مؤتمر الخطاب الثقافي والتماسك الاجتماعي الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بالإسكندرية، وتستمر أعماله يومين بمشاركة نخبة من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية وعدد من المفكرين والمثقفين ورجال الإعلام. وقال الشيخ الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف: إن الدعوة الإسلامية يجب أن يتصدى لها العلماء المشهود لهم بالكفاءة العلمية والدينية، محذرا من الفضائيات الدينية التي تستعين بعناصر غير مؤهلة وتتسبب في شيوع أفكار دينية خاطئة تؤدي إلى التركيز على الشكل والبعد عن الجوهر وزيادة التعصب والانغلاق ورفض الآخر. ومن جانبه أكد الدكتور القس أندريا زكي، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، أن الأديان لا تلغي العقل، وإنما تسعى لإعمال العقل واحترام النصوص المقدسة، وهذا يعني إن ندرس أسباب نزولها ونجتهد في الفقه والتفاسير وفقا لواقعنا، مشيرا إلى أن العلم متغير بينما الدين ثابت، ولا يمكن أن نربط الثابت بالمتغير. ومن جانبه دعا الدكتور السيد ياسين، مستشار مركز الدراسات السياسية بالأهرام، إلى تطوير الخطاب الثقافي في مصر، بحيث يتسم بالانفتاح الحضاري، مشيرا إلى أن الخصوصية الثقافية لكل دولة أو حضارة لا يعنى الانغلاق على النفس، موضحا أن الحضارة الإسلامية الأولى تفاعلت مع كل الحضارات الأخرى وتأثرت بالحضارة اليونانية وأثرت فيها بشكل خاص. وأشار الدكتور السيد ياسين إلى أن الخطاب الثقافي لا بد أن يغذى مبدأ قبول التنوع والاختلاف والاعتراف بالآخر، كما يجب أن يهتم بدعم الحوار والتواصل بين الحضارات المختلفة، موضحا أهمية أن يساهم الخطاب الثقافي في سد الفجوة بين ثقافة النخبة وثقافة الجماهير، مع ضرورة التركيز على الجانب العقلي والمقاصد العليا للأديان، بمعنى فهم مغزى النصوص الدينية وأهدافها دون التوقف عند النص الحرفي فقط. ومن جانبه أكد الدكتور أحمد زايد، أستاذ الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن الخطاب الثقافي في المجتمع يجب أن يعمل على تماسك المجتمع، وألا يساهم في إثارة النعرات الطائفية والدينية التي تهدد سلامة المجتمع، كما لا بد أن يساعد على التواصل الحضاري والفكري مع الحضارات والثقافات الأخرى. ونبه إلى ضرورة الارتقاء بمنظومة التعليم والتربية والتركيز على القيم السلوكية السمحاء للأديان وقبول التنوع الديني والثقافي في المجتمع، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية من خلال إرساء قيم العدل والمساواة والمواطنة، والتي تنعكس ايجابيا على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.