تراجعت الأسهم الأوروبية واليورو بشكل حاد اليوم الثلاثاء، وارتفعت السندات الألمانية إلى مستوى قياسي، إذ أدى قلق المستثمرين بشأن مصير البنوك في منطقة اليورو، وتأثير إجراءات التقشف على النمو الاقتصادي إلى عزوفهم عن المخاطرة. وستكون إيطاليا المثقلة بديون كبيرة، أحدث بلد في منطقة اليورو يعلن خطة للتقشف لثلاث سنوات بقيمة 24 مليار يورو في وقت لاحق من اليوم، وذكر معهد أبحاث آي.إس.إيه.إي أن ترقب هذه الإجراءات أسهم جزئيا في تراجع ثقة المستهلكين الإيطاليين إلى أدنى مستوى في عام لشهر مايو. وانهار مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 2.8% إلى أدنى مستوى له منذ مطلع سبتمبر، وعمقت أسهم البنوك خسائر المؤشر مع استئناف التداول في معظم البر الرئيسي للقارة الأوروبية، بعد عطلة نهاية الأسبوع التي تولى خلالها البنك المركزي الاسباني إدارة بنك الادخار الصغير كاخاسور. ومن المرجح أن تكون عملية الإنقاذ هذه، بداية لعدة عمليات إنقاذ للبنوك الصغيرة في إسبانيا، لكن محللين في البلاد أشاروا إلى أن هذه العمليات جرى التخطيط لها لفترة طويلة، وهي جزء من جهود لضبط القطاع المصرفي وليست تهديدا لاستقراره المالي. بيد أن الأسواق ظلت في حالة قلق من أن يؤدي مزيد من المتاعب في جنوب أوروبا إلى تداعيات سلبية على البنوك الأكبر حجما في منطقة اليورو، التي أقرضت المليارات للقطاعين العام والخاص في المنطقة، وارتفع الدولار الذي ينظر إليه كملاذ آمن من مخاوف ديون أوروبا 1 % أمام اليورو والإسترليني. وتراجعت الأسهم في أوروبا وآسيا أكثر، بسبب مخاوف من أن تؤدي إجراءات التقشف التي تعلنها حكومات أوروبية -تفاقمت ديونها وعجز ميزانياتها أثناء الأزمة المالية- إلى إعاقة الانتعاش الاقتصادي العالمي. وقال راج بادياني من مؤسسة آي.اتش.إس جلوبل إنسايت "الأسر تستعد لإجراءات تقشف قاسية، بعد أن أدت أزمة الديون السيادية في اليونان إلى زيادة التركيز على المستويات المرتفعة للدين العام في إيطاليا". ويظهر النظام المالي العالمي علامات على احتقان متزايد، لكنه بالرغم من ذلك ما زال بعيدا عن الهلع الذي أعقب انهيار بنك الاستثمار ليمان براذرز في سبتمبر 2008. وارتفع فارق تكلفة مبادلة السندات الأمريكية لأجل عامين -وهو مقياس رئيسي لاحتقان النظام المالي- إلى مستويات قياسية جديدة في عام واحد قرب 60 نقطة أساس من 51 نقطة أساس أمس الاثنين، وكان قد وصل إلى 160 نقطة أساس في الأسابيع التي تلت انهيار ليمان براذرز. وقال أوليفييه بلانشار كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي في مقابلة مع صحيفة "هناك بالفعل خطر من أن تقوم بعض الدول تحت ضغط السوق بالمبالغة في التقشف"، وأضاف "هذا سيكون خطأ". وهوى مؤشر نيكي الرئيسي للأسهم اليابانية 3 % مسجلا أدنى مستوى منذ ديسمبر كانون الأول 2009 معمقا خسائره التي مني بها منذ أول ابريل إلى نحو 17 % بينما هبطت الأسهم في بقية منطقة آسيا والمحيط الهادي 3.6 %. وأدى القلق بشأن تصاعد اللهجة العدائية بين الكوريتين الشمالية والجنوبية بسبب غرق سفينة حربية كورية جنوبية إلى زيادة التوترات في أسواق الأسهم في آسيا، وقال ناوتو كان وزير المالية الياباني للصحفيين "مشكلات اليورو متجذرة جدا لأن الدول الأعضاء في منطقة اليورو تشترك في عملة واحدة لكن السياسات المالية متروكة لكل بلد". وقال بلانشار إن الأسواق ستظل قلقة حتى تنقشع الشكوك بشأن دفع الاتحاد الأوروبي للقروض التي وعد بها الحكومة اليونانية وبشأن سجل اليونان في سداد ديونها.