لا تعتبر حركة «حفل الشاى» ظاهرة جديدة، فهى تمثل أقلية صغيرة نسبيا من الأمريكيين فى أقصى يمين الساحة السياسية، ولن تحدد نتيجة انتخابات 2010. وفى الواقع، سوف يخسر كلا الحزبين إذا قبلا الفكرة المضحكة التى تقول إن هذه الحركة الاحتجاجية التى خلقها الإعلام هى صوت الشعبوية الحقيقية. فسوف يضيع الديمقراطيون وقتهم فى ملاحقة أصوات لن يفوزوا بها. وسوف يحول الجمهوريون حزبهم إلى معقل ضئيل للغضب بلا أمل فى بناء أغلبية دائمة. ويخلق التركيز المتواصل لوسائل الإعلام على حفل الشاى صورة مشوهة للغاية عما يفكر فيه معظم الأمريكيين، كما يشوه مناقشاتنا السياسية. ومن ثم، ففى الأسبوع الماضى أسدت كل من صحيفة النيويورك تايمز وقناة سى بى إس نيوز خدمة عامة عبر إجراء دراسة متأنية عن أعضاء حركة حفل الشاى. وتشير نتائجهما إلى أن حركة حفل الشاى هى بالضرورة عودة ظهور ليمين متطرف قديم مناهض للحكومة، كان موجودا دائما معنا ويشكل نحو خمس سكان البلاد. ونشرت النيويورك تايمز أن مؤيدى حركة حفل الشاى «يميلون لأن يكونوا من الذكور، البيض، الجمهوريين، المتزوجين ويزيد عمرهم على 45 عاما» وهذه هى شعبوية الأثرياء. كما أنه من المتوقع أن يصف أنصار الحركة أكثر من غيرهم رؤاهم بأنها «محافظة للغاية»، وهم بالتأكيد أكثر ميلا من الباقين للاعتقاد فى أن المشكلات التى تواجه السود تم تضخيمها. وتشير هذه النتيجة الأخيرة إلى حقيقة مقلقة يحجم الأمريكيين البيض عن مناقشتها: إن جزءا من الغضب الموجه إلى الرئيس أوباما دافعه لون بشرته. ويستدعى هذا القول إدانات فورية من المدافعين عن أولئك الذين يجلبون الأسلحة النارية إلى المسيرات ويهددون باستخدام العنف «لإعادة بلدنا إلى الوراء» ويطلقون شعارات قديمة عن حقوق الولايات والكونفيدرالية. لذلك، فلنكن واضحين: معارضة الرئيس مدفوعة بالعديد من العوامل التى لا علاقة لها بالعرق. غير أن العرق بالتأكيد جزء مما يحدث. وهاهو سؤال الاستطلاع إجمالا: «هل تعتقد أن المشكلات التى تواجه السود تم تضخميها فى السنوات الأخيرة، أم التهوين منها، أم تم وضعها فى حجمها الحقيقى؟». وأجاب 28% من جميع الأمريكيين و19% فقط من أولئك الذين لا يؤيدون حركة حفل الشاى بأن هذه المشكلات تم تضخيمها. ولكن الرقم بين مؤيدية حفل الشاى كان 52%. ومن المحتمل أن يكون عدد أنصار الحركة الذين يرون أن مشكلات السود لقيت اهتماما مبالغا فيه ثلاثة أضعاف من يرون هذا الرأى من بين بقية الأمريكيين. وقال 11% من بين جميع الأمريكيين إن سياسات إدارة أوباما تمالئ السود على حساب البيض؛ وبينما يقول بهذا الرأى 25% من المتعاطفين مع حركة حفل الشاى. ومرة أخرى، ما يحدث هنا يتجاوز مسألة العرق، لكن العرق موجود فى الصورة. كما أن المتحمسين لحركة حفل الشاى يصطفون دائما إلى جانب الموسرين ضد الفقراء، وهو ما يجعلهم على خلاف مع معظم الأمريكيين. وأوضح الاستطلاع أن 38% فحسب من الأمريكيين قالوا إن «تقديم مكاسب حكومية للفقراء يشجعهم على أن يظلوا فقراء» بينما يؤمن 73% من أنصار حفل الشاى بهذا الرأى. ويتفق 50% من بين جميع الأمريكيين على أن «على الحكومة الفيدرالية الإنفاق على خلق فرص العمل، حتى لو كان ذلك يعنى زيادة عجز الموازنة» بينما لا يؤيد هذا الرأى سوى 17% فحسب من مناصرى الحركة. ويؤيد 54% من الأمريكيين زيادة الضرائب على الأسر التى يزيد دخلها على 250 ألف دولار سنويا من أجل توفير الرعاية الصحية لغير المؤمن عليهم، بينما يوافق على هذا الرأى 17% من أنصار حفل الشاى. ولا شك أن هذه أول حركة «شعبوية» على الإطلاق تقودها شبكة تليفزيونية: حيث يقول 63% من أعضاء الحركة إنهم يعتمدون بدرجة كبيرة على قناة فوكس نيوز «للحصول على المعلومات عن السياسة والأحداث الجارية» مقارنة مع 23% من البلد ككل. ولا شك أن خمس عدد السكان الأمريكيين يستحقون تغطية إخبارية مثل غيرهم، ولدى فوكس كامل الحرية فى إرضاء مشاهديها. ولكن الأمر الذى لا معنى له، فهو السماح لشريحة من الرأى العام، ليست على صلة بأمريكا «الحقيقية»، بالسيطرة على الإعلام وتشوية خطابنا السياسى. ولا تكمن المشكلات التى تواجه الديمقراطيين فى جانب اليمينيين الذين لم يصوتوا لصالحهم أبدا، وإنما فى تراجع الحماس بين مؤيديهم، ومن المستقلين والمعتدلين المتشائمين الذين ينتظرون من الحكومة حل المشكلات بكفاءة، وليس لديهم ثقة كافية فى قدرتها على القيام بذلك. وقد أظهرت دراسة نشرها مؤخرا مركز أبحاث «بيو» انعدام ثقة واسع النطاق فى الحكومة، وفى البنوك والمؤسسات المالية والشركات الكبرى أيضا. نعم، هناك غضب شعبوى حقيقى، لكنك لن تجد الكثير منه فى حفلات الشاى. Washington Post Writers Group