رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بشكاوى تداعيات ارتفاع الحرارة في بعض الفترات    موعد غلق باب تنسيق المرحلة الثانية 2025.. آخر فرصة لطلاب الثانوية    جامعة بنها تبدأ مقابلات اختيار القيادات الأكاديمية والإدارية    وزير الكهرباء يتفقد مركز التحكم الإقليمي بالقاهرة    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم السبت    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    تفاصيل.. إيران تعدم عالمًا نوويًا بتهمة التجسس لصالح الموساد الإسرائيلي    باكستان ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة: بريطانيا لن تصمت إذا احتُجز 50 مواطنًا لها بغزة    استشهاد 36 فلسطينيًا في غزة منذ فجر اليوم بينهم 21 من طالبي المساعدات    بالفيديو.. احتجاجات في بيروت بعد قرار حكومي بحصر السلاح    طبيب الأهلي السابق يشيد بعمرو السولية    لحظة بلحظة قرعة كأس الكونفدرالية 25/26 .. يشارك بها الزمالك والمصري    مدرب نيوكاسل يونايتد يوضح مستقبل إيزاك    رسميًا... مانشستر يونايتد يتعاقد مع سيسكو ويكمل مثلثه الهجومي    رفع آثار تسرب زيت بطريق الزنكلون بعد انقلاب سيارة نقل بالشرقية - صور    كارثة على كوبري بلبيس.. وفاة أم وابنتها وإصابة الزوج في حادث مروع (صور)    الحرارة 42.. الأرصاد تحذر: ذروة الموجة الحارة الثلاثاء والأربعاء    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    حريق هائل يلتهم محلين لقطع غيار "التكاتك" بالعصافرة شرق الإسكندرية    حسين الجسمي يرد على رسالة نجيب ساويرس بعد حفله بالساحل الشمالي    "الثقافة" تطلق المرحلة الثانية من مبادرة "المليون كتاب"    ما هو الصبر الجميل الذي أمر الله به؟.. يسري جبر يجيب    زوجة أكرم توفيق توجه رسالة رومانسية للاعب    أحمد كريمة: أموال تيك توك والسوشيال ميديا حرام وكسب خبيث    نائبة وزير الصحة تتابع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي وافتتاح 6 وحدات جديدة    الضرائب: 3 أيام فقط وتنتهي مهلة الاستفادة من التسهيلات الضريبية المقررة وفقًأ للقانون رقم 5 لسنة 2025    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية وتخطيط المرحلة الثانية    افتتاح مونديال ناشئين اليد| وزير الرياضة يشكر الرئيس السيسي لرعايته للبطولة    خلال استقباله وزير خارجية تركيا.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية مواصلة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة.. التأكيد على رفض إعادة الاحتلال العسكرى لغزة وضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير الفلسطينيين    في ذكرى ميلاد النجمة هند رستم| بنت البلد رغم أنها من عائلة أرستقراطية    حميد الشاعري يشعل أضخم حفلات العلمين الجديدة ب«دويتوهات» متنوعة | صور    الري: تنفيذ 561 منشأ للحماية من أخطار السيول بشمال وجنوب سيناء    تعرف على موعد فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 9 أغسطس 2025    هدفه بناء الشخصية ونهضة المجتمع.. إطلاق مركز القيادات الطلابية بجنوب الوادي    حملات مرورية مكثفة.. إيجابية عينة المخدرات ل 156 سائقًا على الطرق السريعة    بلاغ ضد البلوجر مروة حلمي: تدعي تلفيق الاتهامات لصديقها شاكر    «100 يوم صحة» قدمت 37 مليون خدمة طبية مجانية خلال 24 يوما    وفاة طبيبة أثناء تأدية عملها بالقصر العيني.. وجمال شعبان ينعيها بكلمات مؤثرة    غرفة العمليات الرئيسة بتعليم الدقهلية تتابع سير امتحانات الدور الثاني الإعدادية والدبلومات    بمشاركة المصري.... اليوم قرعة الأدوار التمهيدية من البطولة الكونفيدرالية    "السلاموني": زيادة سعر توريد أردب القمح ساهم في ارتفاع معدلات التوريد ل3.940 مليون طن    24 أغسطس.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    موعد مباراة مصر واليابان فى بطولة العالم لناشئي كرة اليد    أزمة سياسية وأمنية فى إسرائيل حول قرار احتلال غزة.. تعرف على التفاصيل    خلال تفقده لأعمال تطوير الزهراء للخيول العربية.. وزير الزراعة: هدفنا إعادة المحطة لمكانتها الرائدة عالميًا    5 أبراج نشيطة تحب استغلال وقت الصباح.. هل أنت منهم؟    الرئاسة الفلسطينية: الولايات المتحدة لديها القدرة على وقف الحرب فورا    سعر الذهب اليوم السبت 9 أغسطس 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية بعد صعوده 30 جنيهًا    تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. توقعات كليات ومعاهد تقبل من 50% أدبي    عودة خدمات إنستاباي إلى العمل بعد تعطلها مؤقتا    إعلام أمريكي: مقتل شرطي في إطلاق نار بالقرب من مركز السيطرة على الأمراض في أتلانتا    علي معلول: جاءتني عروض من أوروبا قبل الأهلي ولم أنقطع عن متابعة الصفاقسي    تامر عاشور يغني "قولوله سماح وتيجي نتراهن" في حفل مهرجان العلمين    هل تأثم الزوجة إذا امتنعت عن زوجها بسبب سوء معاملتها؟ أمين الفتوى يجيب    متي يظهر المسيخ الدجال؟.. عالم أزهري يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توظيف الكارثة فى صناعة التاريخ
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 04 - 2010

البركان الذى انفجر فى أيسلندا وعطل حركة الملاحة الجوية فى أوروبا هو واحد من 140 بركانا فى هذه الدولة الجزيرة الواقعة فى شمال المحيط الأطلسى، من هذه البراكين هناك 30 بركانا ناشطا. وقد مرت أيسلندا بكوارث مدمرة من جراء نشاط هذه البراكين لعل أفظعها كان فى عام 1784 حيث قضى على نحو ربع السكان!.
وعلى الرغم من حجم الكارثة الحالية وما ألحقته من أضرار بيئية واقتصادية واجتماعية، فإنه لا يقاس بحجم الكوارث التى سبق أن خرجت من فوهات براكين إندونيسيا.
ففى شهر أبريل نيسان 1815 انفجر فى إندونيسيا بركان «تامبورا» وكان الأضخم والأعنف فى التاريخ الحديث. أدى انفجار هذا البركان إلى تصاعد كميات من الغبار التى عمت العالم كله تقريبا. وحجبت الشمس لفترات طويلة مما أدى إلى هبوط الحرارة إلى درجات لا سابق لها. فكان شتاء ذلك العام الأشد برودة وظلاما فى العصر الحديث.
سوء حظ الجنرال نابليون بونابرت أن خاض معركة واترلو وسط تداعياتها. فخسر المعركة وطوت خسارته صفحة تاريخه العسكرى ومجده الإمبراطورى.
وفى عام 1888 انفجر فى إندونيسيا أيضا بركان آخر هو «كراكاتوا» الذى أودى بحياة أكثر من 35 ألف إنسان. وقد سحبت الأمواج العالية التى أطلقها الانفجار الآلاف من الجثث من إندونيسيا إلى شرق أفريقيا.
وكان ذلك من سوء حظ الانتفاضة الإسلامية الإندونيسية الأولى ضد الاحتلال الهولندى، والتى أجهضت فى ذلك العام. وبسبب الدمار الذى ألحقه هذا الانفجار فى المدن والقرى الإندونيسية، إنسانيا واقتصاديا، فقد تأخر الاستقلال حتى عام 1945.
ليست الكوارث الطبيعية وحدها تلعب أدوارا رئيسية فى توجيه مسار أحداث التاريخ. هناك كوارث من صنع الإنسان نفسه تلعب دورا مماثلا أيضا.
إن إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكى فى اليابان فى شهر أغسطس 1945، وضع نهاية للحرب العالمية الثانية، ونصّب واشنطن زعيمة على عالم ما بعد الحرب. إلا أن ثمن ذلك كان مئات الآلاف من الضحايا، إضافة إلى ما لحق بالبيئة من دمار وخراب.
وكان تمرد الاتحاد السوفيتى على الزعامة الأمريكية الحافز وراء تسلّحه النووى. ثم لحقت به دول عديدة أخرى، بريطانيا وفرنسا، ثم الهند وباكستان وبعد ذلك إسرائيل.. حتى بات السلاح النووى قاب قوسين أو أدنى من المنظمات الإرهابية على اختلاف عقائدها وتوجهاتها.
وعلى الرغم من سقوط الكرملين فى عام 1989 وانتهاء الحرب الباردة لمصلحة واشنطن، فإن القاعدة المستمرة منذ ناجازاكى وهيروشيما هى أن العالم كله لا يزال يعيش تحت مظلة خطر التسلح النووى وخطر انتشاره. فكان مؤتمر القمة النووية الأخير الذى عقد فى واشنطن للحد من هذا الخطر.. ومن احتمال وصول السلاح النووى إلى دول لا يمكن الوثوق بحكمتها وبقدرتها على التحكم بعدم استخدامه لدى أول مشكلة تواجهها.
يبقى أن صناعة الكارثة لأهداف سياسية، أو تحت ضغط عوامل سياسية شىء، وصناعتها لأهداف دينية وتحت تأثير معتقدات دينية شىء آخر. من ذلك مثلا المشروع الاستيطانى اليهودى فى فلسطين القائم على أساس الإيمان بنظرية شعب الله المختار والأرض الموعودة من الله لهذا الشعب. وهو ما وصفه البابا شنودة بأنه محاولة لتصوير الله سبحانه وتعالى وكأنه «سمسار عقارات»!!.
ويتلاقى مع هذا المشروع، مشروع الحركة المسيحانية الصهيونية فى الولايات المتحدة التى تؤمن بالعودة الثانية للمسيح، وبأن من شروط هذه العودة إقامة صهيون وبناء الهيكل اليهودى (على أنقاض المسجد الأقصى). وفى حسابات هذه الحركة التى تقول إنها تضم 70 مليون أمريكى، أنه لابد من وقوع معركة حربية يسقط فيها الملايين من الناس تعرف فى أدبياتهم باسم «هرمجيدون» وذلك نسبة إلى سهل مجيدو الذى يمتد من القدس إلى عسقلان على البحر المتوسط حيث يدعون أن المعركة سوف تقع هناك.
وتقول نظريتهم الدينية الكارثية أيضا إن المسيح سوف يظهر فوق أرض المعركة وسوف يرفع إليه بالجسد المؤمنين به ومن بينهم 114 ألف يهودى فقط فيما يباد الباقون من اليهود مع المسلمين فى أرض المعركة. ثم ينزل المسيح إلى الأرض ليملأها عدلا وسلاما. ويستمر ذلك مدة ألف عام (يسمونها الألفية) ينتهى بعدها الزمن.. ويكون اليوم الآخر.
تحاول هذه الحركة الواسعة النفوذ أن تؤثر على القرار السياسى الأمريكى فى الشرق الأوسط لجر المنطقة والعالم إلى كارثة «هرمجيدونية» تكون المدخل إلى ما يعتقدون أنه الطريق الوحيد إلى خلاص العالم وإلى سيادة العدالة والسلام فيه لمدة ألف عام.
ويعتقد هؤلاء بأن على الإنسان أن يعمل على تحقيق هذا السيناريو «الإلهى»، لا أن ينتظر حدوثه، كما يؤمنون أن الله يختار شعبا ممن يشاء من شعوب العالم للقيام بهذه المهمة الإلهية من خلال تمكينه من القوة العسكرية والاقتصادية والمعنوية؛ وان هذا الشعب المختار لتنفيذ الإرادة الإلهية هو الشعب الأمريكى، ولذلك منحه الله القدرة العلمية والمادية والإمكانات العسكرية والسياسية لتنفيذ المشيئة الإلهية.
وقد وضع فيلسوف هذه الحركة الدينية الأمريكية جون نلسون داربى هذا السيناريو والذى تبناه من بعده تلميذه القس سكوفيلد فى كتابه الذى صدر فى عام 1903 والذى يعرف ب«إنجيل سكوفيلد.
ومن المؤمنين بهذه النظرية اليوم قساوسة اليمين الإنجيلى فى الولايات المتحدة أمثال جيرى فولويل (الذى توفى منذ أشهر) وبات روبرتسون الذى ترشح لمنصب الرئاسة الأميركية وهول ليندسى وفرانكلين جراهام الذى أقسم ثلاثة رؤساء سابقين اليمين الدستورية أمامه، وسواهم من قادة الحركة المسيحانية الصهيونية.
إن التكامل بين ما تتمتع به الولايات المتحدة من قوى لم يسبق أن عرفتها دولة أخرى من قبل فى تاريخ الإنسانية، وبين تأثير هذا الفكر الدينى على صناعة القرار الأمريكى فى الشرق الأوسط، يمكن أن يؤدى إلى انفجار أشد فظاعة من انفجار براكين أيسلندا واندونيسيا.. وحتى من مأساة هيروشيما وناجازاكى!.
أليس غريبا جر العالم إلى هذا المصير الكارثى باسم الله وتحت شعار العمل على تحقيق إرادته؟!.
وكان تأثير هذه الحركة قد وصل إلى البيت الأبيض وخصوصا فى عهدى الرئيسين السابقين رونالد ريجان وجورج بوش الابن. وقد نقل عن الرئيس ريجان قوله «إنه يتمنى أن يكرمه الله بالضغط على الزر النووى حتى تقع معركة هرمجيدون، فيساهم بذلك فى تحقيق الإرادة الإلهية».
ونقل عن الرئيس جورج بوش قوله «إن الله أوحى له باجتياح العراق». ووجد من قادة الحركة المسيحانية الصهيونية من يفسر الاجتياح بأنه انتقام إلهى من عملية سبى اليهود فى عهد نبوخذ نصر.. وأنه يقع فى إطار التمهيد الذى لا بد منه لتحقيق العودة الثانية للمسيح!!.
إن حدوث الكارثة الطبيعية، كانفجار البراكين أو وقوع الزلازل والأعاصير شىء، وصناعتها بيد الإنسان على أنها تنفيذ للإرادة الإلهية شىء آخر. ومن سوء حظ الإنسانية أنها تقع بين مطرقة هذا وسندان ذاك!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.