قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن «الظاهرة السلبية الثانية التي زادت من تعقيد الزواج في عصرنا هذا، ظاهرة تفسير الكفاءة بين الزوجين تفسيرًا يصدم أبجديات الدين». وحدد خلال تقديمه لبرنامج «الإمام الطيب»، المذاع عبر فضائية «CBC»، صباح الخميس، أن «الدين الإسلامي أرسى لأول مرة في تاريخ الإنسانية مبدأ المساواة بين الناس، وشهد له علماء التاريخ والحضارات ممن أكدوا هذا السبق، وشهدوا أن البشرية قبل الإسلام لم تكن تعرف هذا المبدأ ولا تتصور له معنى أو مفهومًا». ونوه أن «أعراف المجتمعات وأنظمتها الحضارية شرقًا وغربًا قبل الإسلام، مبرمجة على مبدأ ثابت وهو التفرقة بين الناس، وتقسيمهم إلى طبقات كل طبقة قانعة بدرجتها ووضعها في السلم الاجتماعي لا يطرأ على بالها أن تغيره أو تبدله». وأشار إلى أن «الشعور بالطبقية بين الناس، كان شعورًا طبيعيًا تزيده الثقافات العامة والعادات والتقاليد رسوخًا واستقرارًا ماثلًا في جمهورية أفلاطون، وفلسفة أرسطو الاجتماعية، وثقافة اليونان، وأنظمة الأديان الهندية، وأعراف جاهلية العرب». واستطرد: «وانسلخت على هذه الأمم قرون متطاولة على هذا النظام، قبل أن يظهر نبي الإسلام يصرخ صرخته الأولى في التاريخ: (الناس سواسية كأسنان المشط) وقبل أن يجلجل صوته الشريف في خطبة الوداع: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لفصل لعربي على أعجمي أو لأعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت، قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم)». وأكمل: «وقبل بيان النبي الحاسم: (الناس رجلان؛ بر تقي كريم على الله عز وجل، وفاجر شقي هين على الله عز وجل) ليهدم الطبقية ويدمر القبلية ويطيح بالعنصرية، ويرجع بميزان التفاضل بين المتساوين إلى الفضائل والأعمال والميزات السلوكية في خاصة الفرد ذاته بقطع النظر عن أسرته أو مولده». واستشهد بالحديث النبوي: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، مختتمًا: «ولا نعدو الحقيقة لو قلنا إن فقه النبوة في تلك القضية الخطيرة توارى كثير منه خلف ضباب كثيف من مواريث الجاهلية الأولى، وكانت النتيجة التعسة لتلك المفارقات حرمان كثير من ربات الحجال وذوات النعمة والثراء في مجتمعات الوفرة والرخاء من حقوقهن أن يكن زوجات وأمهات».