بعد ثلاث سنوات على الحرب المدمرة بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، يعيش الجنوبيون على وقع التحذيرات الإسرائيلية للحزب الشيعي والحكومة اللبنانية، ويتوقعون، "مسلمين بقضاء الله"، نزاعا جديدا سيخرجون منه "منتصرين". قرب بلدة عيتا الشعب الحدودية، ترتفع لوحة كبيرة كتب عليها "أن عدتم، عدنا". وفي هذه المنطقة، تسلل حزب الله إلى الجانب الآخر من الحدود في 12 يوليو 2006 وخطف جنديين إسرائيليين، ما استدعى هجوما إسرائيليا استمر 34 يوما وتسبب بمقتل أكثر من 1200 شخص في الجانب اللبناني غالبيتهم مدنيون و160 في الجانب الإسرائيلي معظمهم عسكريون. وتقول حياة، وهي ربة منزل أربعينية، في بلدة قانا التي تعرضت في 2006 لغارات إسرائيلية تسببت إحداها بمقتل 29 شخصا بينهم 16 طفلا، "بالطبع، نحن خائفون. كل يوم، سيل من المعلومات عن احتمال وقوع حرب جديدة". ويندد المسئولون اللبنانيون وقيادات حزب الله باستمرار بما يعتبرونه "تهديدات إسرائيلية" للبنان. وخلال الأشهر الأخيرة حذر المسئولون الإسرائيليون مرارا من استمرار تسليح حزب الله، محملين إياه إلى جانب الحكومة اللبنانية، مسؤولية أي نزاع قد يندلع على الحدود. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الثلاثاء "إننا قلقون لآخر المستجدات في لبنان وتدفق الأسلحة والقذائف والصواريخ في انتهاك فاضح للقرار الدولي رقم 1701" الذي وضع حدا للعمليات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله في أغسطس 2006. وقال نتانياهو انه يحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية أعمال حزب الله، مضيفا "أن حزب الله يشارك في الحكومة اللبنانية ويطور قوة عسكرية في ظل هذه الحكومة". ويقدر الإسرائيليون ترسانة صواريخ حزب الله بأربعين ألفا مقابل 14000 في 2006. وفي منزلها الواقع على تلة مطلة على المقبرة التي دفن فيها ضحايا الغارة تتبادل حياة مع جاراتها الحديث عن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة والتحليلات والتقارير الصحافية حول الحرب. وتقول "هذه المرة، يقال أن بيروت ستتعرض للقصف، أين سنختبئ؟". من جهتها ترى الحاجة ديبة أن "سوريا وإيران ستشاركان في الحرب هذه المرة، إذا وقعت، ولن يقتصر الأمر على حزب الله". وتضيف بصوت خافت كمن يشي بسر "يقال أيضا أنهم (الإسرائيليون) سيهاجمون عبر البقاع (شرق)". وتصاعدت حدة التصريحات خلال اليومين الماضيين. فقد حذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأربعاء إسرائيل من مغبة شن حرب على سوريا ستتحول إلى "حرب شاملة" لن تسلم منها المدن الإسرائيلية كما قال. ورد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان الخميس بالقول أن الرئيس السوري بشار الأسد "سيخسر الحرب والسلطة" إذا شن حربا على إسرائيل. واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الأربعاء أن إسرائيل "ليست جاهزة للسلام"، وهي "تهدد لبنان يوميا". وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله صرح في يناير أن أي مواجهة مقبلة مع إسرائيل "ستغير وجه المنطقة". ويرفض خالد وزوجته ديما في يارين حيث يملكان دكانا صغيرا قريبا جدا من الحدود أن يعيشا مجددا جحيم حرب يوليو 2006. وتقول ديما "فور وقوع الانفجار الأول، نوضب أغراضنا ونرحل". إنما رغم هذا القلق الظاهر والمترافق مع طلعات جوية إسرائيلية يومية في الأجواء اعتاد عليها الجنوبيون، يؤكد غالبية هؤلاء انهم "مسلمون بقضاء الله وقدره". ويقول حسن سرور (39 عاما) في عيتا الشعب بينما يحفر بمعوله الأرض قرب منزل دمر في حرب 2006، "أننا نعيد البناء اليوم. وإذا حصلت حرب، سنبني مجددا". ولم تتم بعد إعادة بناء حوالي 30% من المساكن المدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي في عيتا الشعب. بينما ارتفعت أبنية جديدة على مسافة قليلة من الحدود الإسرائيلية. ويضيف حسن "نحن اعتدنا الاحتلال والحرب والدمار. أين تريدوننا أن نذهب هذه أرضنا". ولا تتضمن المساكن الجديدة ملاجئ تحت الأرض، خلافا لما هي الحال عليه في الجهة المقابلة من الحدود في شمال إسرائيل. ويقول حسن "لم بناء الملاجئ في 2006، قتل اثنان من جيراننا، لان المبنى تدمر فوقهم، ولم يكن في الإمكان سحبهم". إلا أن جزءا من هذا التسليم مرده أيضا إلى الثقة العمياء بقدرات حزب الله "الذي هزم إسرائيل في 2006 وسيهزمها مرة أخرى"، كما يقول عقل حمود من بيت ليف. ويؤكد عقل أن "كل شيء جاهز: السلاح، التجهيزات (...) لا ينقصنا إلا سلاح الجو"، في إشارة إلى ما قاله نصر الله في فبراير من العام الماضي عندما دافع عن "حق المقاومة" في "امتلاك أي سلاح (...) حتى المدفعية المضادة للطيران".