«خيبة الأمل» هى الكلمة الأولى التى ينطق بها أغلب الدبلوماسيين والمحللين العرب إذا ما سئلوا عن تقييمهم للعام الأول من حكم الرئيس الأمريكى باراك أوباما. فالعرب بنوا آمالا عريضة على الرئيس الديمقراطى الذى غذى هذه الآمال منذ أول إطلالة له على العالم العربى بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية عبر حوار لقناة العربية الفضائية. ويزيد مع حدة خيبة الأمل العربية حقيقة الوجود الأمريكى «الثقيل» فى كل الأزمات العربية من العراق حتى الصومال وفلسطين حتى الصحراء المغربية يجعل أنظار الكثيرين من العرب تنتظر دائما المقبل من واشنطن. ويقول محمد الحجار عضو كتلة المستقبل فى البرلمان اللبنانى: إن السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط اعتراها الكثير من المشاكل وتميزت بسياسة الكيل بمكيالين تجاه القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ولم نر أى موقف إيجابى تجاه القضية، وسمعنا أن إدارة أوباما تعمل على وقف الاستيطان ثم حدثت تراجعات كثيرة فى هذا الموقف ولا نعرف حتى الآن ماذا يدور ومبعوث أوباما يأتى إلى المنطقة ويرحل دون حسم الأمر وعدم وجود شىء ملموس على الأرض من قبل إسرائيل ورفض مطلق لإقامة الدولة الفلسطينية. ويريدون دولة على مقاس ما تريده إسرائيل لتكون دولة غير قابلة للحياة، وهو أمر مرفوض ومطلوب من الإدارة الأمريكية إذا كانت تريد فعلا إيجاد حل لهذه المشكلة أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية لتجميد الاستيطان وعلى أوباما أن يطرح مبادرة تتوافر فيها عناصر إقناع يقبل بها الجانب الفلسطينى. استمرت الأوضاع السياسية والأمنية فى العراق غير مستقرة على الرغم مما بذلته إدارة الرئيس أوباما طبقا للاتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد، فإن الولاياتالمتحدة ستسحب جميع قواتها فى العراق البالغ عددها 117 ألف جندى بنهاية عام 2011، كما حدد الرئيس الأمريكى باراك أوباما نهاية أغسطس 2010 موعدا نهائيا لنهاية المهام القتالية للقوات الأمريكية فى العراق، وذلك تمهيدا لإعادة خمسين ألف جندى إلى الولاياتالمتحدة، إلا أن الولاياتالمتحدة قد تتراجع عن تنفيذ تلك التعهدات فى ظل عودة الأوضاع الأمنية فى العراق للتردى من جديد وهو ما يستدل عليه بتفجيرات بغداد المتتالية والتى أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى. ويقول السفير العراقى السابق نبيل نجم إنه منذ تولى إدارة أوباما مقاليد السلطة والرئاسة فى الولاياتالمتحدة توقعنا أن التغيير سيكون فى الشكل وليس المضمون، وبالتالى لم نلمس تحولا فى موقف الإدارة الأمريكية إزاء القضايا الرئيسية فى المنطقة سوى تغيير فى أسلوب التعاطى فى مثل هذه القضايا وشهدنا تراجعا فى المواقف الأمريكية وخاصة تجاه قضية فلسطين ووقف الاستيطان. وقال السفير نجم إن أوباما ورث ورثا كبيرا من الإدارة السابقة، إذ تواجه قواته فى العراق مأزقا كبيرا وتتعرض حياة جنوده للخطر وكذلك الشركات العاملة تحت أغطية مختلفة وهى ذات بعد أمنى وعسكرى إلى جانب الخسائر المادية التى تتكبدها الولاياتالمتحدة والتى تقدر بمليارات الدولارات والتى تصرف على حرب العراق. ويأتى التحرك السورى الإسرائيلى نحو عودة محادثات السلام ورعاية تركيا لشهور عديدة من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وسوريا فى 2008 وجاء العدوان على غزة وانسحبت سوريا من العملية ردا منها على العدوان الإسرائيلى على غزة وبالرغم من رغبة الولاياتالمتحدة فى علاقات حثيثة مع سوريا، إلا أنها تباطأت فى دفع المباحثات بين سوريا وإسرائيل. ويقول سامى مبيض محلل سياسى سورى من الزاوية التى ترى بها سوريا الأمور سيتم الحكم على أداء أوباما من منطلق جهوده المتعلقة بقضية مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وحتى الآن لم نر شيئا ملموسا وذلك بفضل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة فى إسرائيل، والكونجرس الأمريكى غير المتعاون، والذى جعل الأحد عشر شهرا الأولى لأوباما فى الحكم بلا لون فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وعلى مستوى القضية الفلسطينية لم تبد إدارة أوباما إلى الآن سوى مقاربة متحيزة استمرت من خلالها فى تقديم الدعم العسكرى والأمنى والسياسى لإسرائيل، وعلى الرغم من تعهداتها بدفع عملية التسوية قدما والتزام الرئيس أوباما بدعم إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، فإن الإدارة الأمريكية لم تحقق نجاحا يذكر على هذا الصعيد، وأخفقت فى التقريب بين وجهات نظر الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى. ويقول فهمى الزعارير المتحدث الرسمى باسم حركة فتح وعضو المجلس الثورى إزاء تمسك إسرائيل بموقفها وتراجع الرئيس أوباما عن موقفه الداعى لتجميد الاستيطان بصورة كاملة فى الضفة الغربية والقدس الشرقية خلال لقائه مع الرئيس أبومازن ونتنياهو فى البيت الأبيض فى سبتمبر الماضى، إذ حث أوباما إسرائيل على ممارسة ضبط النفس فيما يخص التوسع الاستيطانى وأوضح الزعارير أن تراجع أوباما عن موقفه السابق الذى كان يعتبر وقف الاستيطان بشكل كامل شرطا لاستئناف العملية السلمية وأكدت عليه وزارة الخارجية الأمريكية عن إمكانية التخلى عن تجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات. لحقه تعهد الإدارة الأمريكية باستخدام حق النقد الفيتو فى مجلس الأمن لمنع إقرار تقرير الأممالمتحدة حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأكد أن موقف أوباما تجاه عملية التسوية التى أدعت تبنى مقاربة مختلفة وأكثر حيادا تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط، بالضغط على إسرائيل وبدا أن عملية التسوية والدعم الأمريكى لإسرائيل مساران منفصلان بالنسبة للإدارة الأمريكية. وأكد فهمى الزعارير أن هناك محاولات أمريكية جزء منها حدد فى الموقف النظرى من خلال الخطابات التى ألقاها أوباما ولكن فعليا لا يوجد تحول جوهرى فى مسار عملية السلام وقال إن الشعب الفلسطينى يشعر بأن الوعود التى قطعها أوباما فى خطابه وحملت رياح التغيير كرئيس منتخب للولايات المتحدة لم تتحقق، وأوضح أن حكومة اليمين المتطرف هى حكومة احتلال وتتجه نحو التخلص من حقوق الشعب الفلسطينى وتتشدد فى رفضها دفع ثمن السلام، مطالبا المجتمع الدولى المتمثل فى اللجنة الرباعية التى تضم روسياوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة الضغط على إسرائيل لإجبارها على المواءمة والانصياع لقرارات الشرعية الدولية.