كلمة الرئيس السيسى بمناسبة الذكرى ال52 لنصر حرب أكتوبر المجيدة.. فيديو    كامل الوزير يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر: ملحمة خالدة تلهم الأجيال    أسعار الذهب اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025    سعر الدولار اليوم الإثنين 6/10/2025 أمام الجنيه فى بداية التعاملات    التنمية المحلية: تنفيذ 87 حملة تفتيشية وإحالة 56 مخالفة للنيابات المختصة    إصابة 20 شخصًا إثر عملية إطلاق نار فى سيدنى    مصر تستضيف اليوم مفاوضات بين حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار بغزة    السعودية تتيح أداء العمرة لجميع حاملى التأشيرات.. انفوجراف    الرئيس السيسى: أوجه التحية للرئيس الأمريكى على مبادرته لوقف الحرب فى غزة    حدث في أمريكا .. قاضية فيدرالية تمنع ترامب من نشر الحرس الوطنى فى ولاية أوريجون    اجتماعات دورية بين حسين لبيب وإدوارد لحين عودة يانيك فيريرا من بلاده.. اعرف السبب    6 ملايين جنيه وراء اعتذار الزمالك عن عدم المشاركة فى بطولة أفريقيا لليد    الأهلي يكشف حقيقة تغريم عمر كمال وعرض أفشة للبيع في يناير    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى شبرا دون إصابات    السيطرة على مشاجرة أسفرت عن إصابة 3 أشخاص فى البدرشين    المفتى يشدد على ضرورة إصدار فتوى بلغة واضحة تراعى ثقافة المستفتى وظروفه    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    وزارة الثقافة تحتفل بذكرى أكتوبر ب500 فعالية فنية فى مختلف المحافظات    رئيس الرعاية الصحية يلتقي الغمراوي لبحث مباحثات توطين الصناعات الطبية    نجم ريال مدريد يقترب من الرحيل في الشتاء    أسعار الخضروات اليوم الاثنين 6-10-2025 في الشرقية    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    أجواء خريفية وشبورة صباحية اليوم.. العظمى بالقاهرة 30 والصغرى 21    الداخلية تكشف ملابسات سرقة دراجة نارية بالغربية بأسلوب «المغافلة»    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    الانتقال إلى دولة عربية وعدم الغناء في لبنان، تفاصيل تسوية وضع فضل شاكر قبل محاكمته    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    تعرف على أسعار السمك البلطى والبورى اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    أسعار النفط ترتفع 1.5% بعد إعلان «أوبك+» عن زيادة الإنتاج    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    هل يتجاوز محمد صلاح أحزانه في ليفربول ليحقق حلم الصعود للمونديال مع الفراعنة ؟    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    وظائف مصلحة الطب الشرعي 2025.. خطوات التقديم إلكترونيًا والشروط المطلوبة    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    أمين الإفتاء: الصبر على الزوجة والتحمل والاجتهاد في الموعظة له أجر وثواب من الله    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة بايدن ومستقبل العلاقات مع روسيا
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 03 - 2021

وفقا لاستراتيجية الأمن القومى الأمريكية (2017)، انتقلت روسيا من مجرد قوة كبرى إقليمية، كما كان يحلو لأوباما وصفها، إلى منافس للولايات المتحدة وخطر داهم على أمنها القومى وتهديدا للنظام الليبرالى الدولى الذى تقوده واشنطن ولمستقبل هذا النظام، خاصة منذ الأزمة الأوكرانية عام 2014 وضم شبه جزيرة القرم. وقد باتت روسيا، منذ ذلك الحين وحتى الآن، هدفا لموجات من العقوبات المتنوعة. وقد استهلت إدارة بايدن خطواتها الأولى بفرض عقوبات جديدة ضد موسكو فى 2 مارس الجارى ارتباطا بمحاولة «تسميم» المعارض نافالنى بغاز الأعصاب، حيث فرضت حزمة عقوبات استهدفت 7 من كبار المسئولين بجهاز الأمن الفيدرالى الروسى، واتخذ الاتحاد الأوروبى الخطوة ذاتها. ولا تستبعد موسكو المزيد من العقوبات الأمريكية ارتباطا باختراقات مدعى بها للفضاء الإلكترونى الأمريكى، خاصة وأن الآليات القانونية لفرض مثل هذه العقوبات قائمة بالفعل بعد أن باتت العقوبات الاقتصادية إحدى الأدوات الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية.
وكان بايدن فى خطابه الأول فى 4 فبراير الماضى حول السياسة الخارجية قد وجه تحذيرا لروسيا، مشددا على أنه سيتصدى لمحاولاتها تعطيل الديمقراطية الأمريكية واختراقها وأن التحالفات القوية «هى المفتاح لردعها»، مشيرا إلى أنه «لن نتردد فى رفع التكلفة على روسيا». ولم يحدد الرئيس الجديد كيف سيحقق ذلك، وما هى خياراته، حيث يجمع كتَّاب أمريكيون كثر أنها ستكون محدودة. وقد جاءت تصريحات بايدن بعد يوم من موافقة واشنطن وموسكو على تجديد العمل بمعاهدة ستارت الجديدة للسنوات الخمس القادمة، وهو ما اعتبر تطورا إيجابيا، إلا أنه لن يغير شيئا من توجه الإدارة الجديدة المعادى لروسيا.
وفى ملاحظاته أمام مؤتمر ميونخ الافتراضى لسياسات الأمن فى 19 فبراير الماضى، ذكر بايدن: «إن بوتين يسعى لإضعاف المشروع الأوروبى وحلفنا حلف شمال الأطلسى، لأنه من الأسهل على الكرملين أن يتنمر ويهدد دولا منفردة بدلا من التفاوض مع مجتمع قوى ومتحد بشكل وثيق عبر الأطلسى».
وخلص بايدن إلى القول بأن التصدى «لتهور الروس واختراق شبكات الحاسوب، فى الولايات المتحدة وعبر أوروبا والعالم، أصبح أمرا بالغ الأهمية لحماية أمننا الجماعى». ولا يبدو أن بايدن كسابقيه يمتلك استراتيجية واضحة بشأن التعامل مع روسيا فما تزال العلاقات معها واحدة من القضايا القليلة التى يمكن للكونجرس بمجلسيه الاتفاق حولها، حيث ينظر الحزبان الديمقراطى والجمهورى إلى روسيا على نطاق واسع باعتبارها تهديدا للمصالح الأمريكية. كذلك لا يوجد «لوبى» روسى داخل الولايات المتحدة يمكنه الدفاع عن مواقف موسكو بجانب حقيقة تواضع حجم المبادلات التجارية والمصالح الاقتصادية بين الجانبين.
ومن المرجح أن تعمل إدارة بايدن على استغلال توجهها الخاص بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان لتعزيز دعمها الدبلوماسى والمادى لجماعات المعارضة ليس فقط فى روسيا بل وبيلاروس أيضا. ومن المهم الإشارة فى هذا السياق إلى أنه فى عام 2014، اضطلع وزير الخارجية بلينكن بدور مؤثر فى فرض عقوبات ضد روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية وضم شبه جزيرة القرم، كما دعا إلى تسليح أوكرانيا، لكن دعوته لم تلق نجاحا.
***
والحقيقة أن بايدن، سواء فى خطابه الأول أو فى ملاحظاته أمام مؤتمر ميونخ، أقر ضمنا بأوجه ضعف عديدة تمثل قيودا على قدرة بلاده على مواجهة التحديات التى تحدث عنها ومواجهة صعود الصين والنفوذ المتزايد لروسيا، ومن ذلك إقراره صراحة بأنه «يجب على الولايات المتحدة أن تجدد مزاياها الدائمة حتى تتمكن من مواجهة تحديات اليوم من موقع قوة. وهذا يعنى إعادة بناء أسسنا الاقتصادية على نحو أفضل، واستعادة مكانتنا فى المؤسسات الدولية، ورفع قيمنا فى الداخل والتحدث للدفاع عنها فى جميع أنحاء العالم، وتحديث قدراتنا العسكرية مع القيادة بالدبلوماسية فى الوقت ذاته، وإعادة تنشيط شبكة التحالفات والشراكات الأمريكية التى جعلت العالم أكثر أمانا لجميع الناس».
ويقدر خبراء أمريكيون أن المهمة الصعبة التى يجب على بايدن التصدى لها هى صياغة استراتيجية شاملة للتعامل مع روسيا بما يحقق التوازن الصحيح بين احتوائها وإشراكها فى المجالات ذات الاهتمام المشترك، وأنه لكى تحقق الإدارة الجديدة ذلك، عليها التخلى عن «التصورات والتقديرات الخاطئة التى اتسمت بها التحليلات الأمريكية لسياسات روسيا ومنها أن روسيا قوة متراجعة، وإجراء تقييم دقيق لنوع التهديد الذى تشكله روسيا بوتين حقا، وكيف يمكن للولايات المتحدة التصدى له بفاعلية. والمشكلة هنا أن بايدن نفسه يعتقد أن روسيا، رغم ما تمتلكه من قوة تدميرية سواء كانت ترسانة أسلحة نووية أو سياسات «عدوانية» يشنها بوتين بحسب بايدن، إلا أنها ليست فى وضع يسمح لها بمنافسة استراتيجية مع الولايات المتحدة، وأن أعمال روسيا قاصرة على ردود الفعل أو انتقامية. ويتحفظ خبراء أمريكيون، ومنهم سفراء سابقون لدى روسيا على هذا التقييم مؤكدين أن لدى روسيا أوراقا كثيرة وعناصر قوة شاملة تؤهلها لأن تكون منافسا عنيدا لأمريكا.
ورغم العقوبات الغربية التى فرضت عليها بسبب الأزمة الأوكرانية عام 2014، لا تزال روسيا قادرة على الصمود، كما أن تدخلها فى سوريا أتاح لها الفرصة لمد نفوذها فى مواقع أخرى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل وأفريقيا جنوب الصحراء. وقد لا تكون روسيا قوة عظمى فى نظر الكثيرين فى الغرب، إلا أنها لاعب مستقبل مهم لا غنى عنه فى مناطق مختلفة حول العالم. وتستفيد موسكو من تحالفاتها المرنة مع تركيا وإيران، وترتيبات أسعار النفط مع العربية السعودية (صيغة أوبك+) وعلاقاتها العسكرية وصادراتها من السلاح إلى العديد من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، فضلا عن علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل. وبالرغم من كل ما يقال عن روسيا من انتقادات غربية، إلا أنه يصعب تجاهل حقيقة أنها تتبنى سياسة خارجية نشطة. فمنذ فترة من الوقت تسعى موسكو، جنبا إلى جنب مع واشنطن، إلى ايجاد تسوية سياسية فى أفغانستان، كما شهد العامان الماضيان طفرة فى العلاقات الروسية الأفريقية أبرزها استضافة أول قمة روسية إفريقية فى سوتشى فى أكتوبر2019، أعلنت فيها روسيا عن نفسها كشريك أمنى للقارة.
ويضاف إلى ذلك أن مصداقية روسيا لا تدعمها تجربتها فى سوريا فقط، بل أيضا الدعم السياسى والمادى الروسى لمادورو فى فنزويلا، التى لا تزال متماسكة رغم قيادة الولايات المتحدة تحالف أعلنت دوله (50 دولة) عدم اعترافها بنظامها الحاكم. وفضلا عن ذلك تدعم روسيا كوبا، رغم الضغوط الأمريكية، وتعمل على تعزيز علاقاتها بها. وإلى جانب النظم اليسارية فى أمريكا اللاتينية، تسعى روسيا إلى التواصل مع البرازيل، عضو مجموعة بريكس، والأرجنتين والمكسيك، حيث تعاقدت الدول الثلاث على شراء مصل «سبوتنيك V» الروسى لمواجهة وباء «كوفيد 19» فيها.
***
ومن المهم التأكيد على أن السياسة الخارجية الروسية النشطة لا ترتبط بالنظام العالمى بقدر ارتباطها بمكانة روسيا فى هذا النظام، حيث يؤكد القادة الروس دائما أن مشكلتهم مع الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الباردة أنها لا ترغب فى التعامل مع بلادهم على قدم المساواة وأنها تجاهلت مطالب روسيا باحترام مصالحها الأمنية الوطنية فى عملية توسيع الناتو شرقا. وإزاء ذلك، ومنذ بدايات العقد الثانى من القرن الحالى، بدأ الكرملين فى رسم مسار عكسى لسياساته السابقة إزاء الغرب. وقد تعلمت روسيا من تجربة الاتحاد السوفيتى الذى كانت تحركه الأيديولوجية والطموح الجيوسياسى الضخم، حيث تبحث عن الفرص والمصالح، وفقا لكل حالة على حدة، بعيدا عن أى أيديولوجية ودون فرض لأى نموذج على الآخرين.
والخلاصة هى أن ما صدر عن بايدن وأركان إدارته من تصريحات وما اتخذته من خطوات فعلية تجاه روسيا لا يمثل مفاجأة لموسكو، وأن التفاعل بين البلدين بشأن قضايا الاستقرار الاستراتيجى وما يهم مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومى، بما فى ذلك الأمن الإلكترونى والأوبئة وتغير المناخ، ستسير جنبا إلى جنب مع الإدانات والعقوبات المتواصلة بسبب ما أسماه بايدن تصميم روسيا على الإضرار بالديمقراطية الأمريكية وتعطيلها. وقد تركز العقوبات الجديدة ضد روسيا على عناصر أكثر أهمية مثل البنوك والمؤسسات المالية وقطاع الطاقة بدلا من استهداف الأفراد الأمر الذى ثبت عدم فاعليته. وستكون روسيا وسياساتها محل تنسيق أكبر بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وهو ما يعنى إمكانية توقيع عقوبات مشتركة، كما حدث بالفعل فى حالة نافالنى الذى حضر محاكمته الأخيرة فى موسكو دبلوماسيين من نحو عشرين سفارة غربية والمزيد من القيود على نقل التكنولوجيا إلى روسيا. ومع ذلك من غير المنتظر أن تصل المنافسة الأمريكية مع روسيا، ارتباطا بأوكرانيا، إلى حد الدخول فى تحالف عسكرى غربى مع أوكرانيا ونشر قوات مسلحة فى أراضيها، وهو ما يعكس القيود على النوايا الاستراتيجية الأمريكية تجاه كييف.
مدير المجلس المصرى للشئون الخارجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.