تحت إشراف 10 آلاف قاض، الوطنية للانتخابات تعلن استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ    الأعلى للجامعات يوافق على تشكيل اللجنة العليا للتنسيق    توافد المشايخ على انتخابات المجلس الأعلى للطرق الصوفية    وزيرا العمل والأوقاف يتفقدان مسجدًا عمره 85 سنة برأس غارب وتوجيهات بتطويره    أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 140 بجريدة الوقائع المصرية    ضمن استراتيجية إحلال «التوك توك».. «الإنتاج الحربي»: تجميع 911 سيارة «كيوت» خلال 2024    قبل الموافقة عليه بيومين.. مشروع قانون جديد "للإيجارات القديمة" يتيح شقة بديلة    هكذا وجدت نفسي بين رموز مبارك في عهد الإخوان!    استشهاد 20 فلسطينيا بينهم 9 أطفال في قصف إسرائيلي بحي التفاح    بنفيكا يخطط لإنقاذ جواو فيليكس من دكة تشيلسي    "صبحي" و"حبشي" يتفقدان نادي بورسعيد الرياضي (صور)    النصر السعودي يخطط للتعاقد مع نجم باير ليفركوزن    محمد الشناوي يودع شيفو: كلنا بنتشرف بيك يا حبيبى ونتعلم منك الأخلاق    "صبحي" و"حبشي" يتفقدان نادي بورسعيد الرياضي    رونالدو يُرشح خيسوس لتدريب النصر    النيابة: سائق تريلا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية تجاوز الحاجز الفاصل بين الاتجاهين    تغريم فتاة 10 آلاف جنيه بتهمة إزعاج نقيب المهن التمثيلية وإساءة استخدام السوشيال ميديا    أحمد السقا الذي أعرفه والذي لا أعرفه؟!    خلال احتفالية بذكرى 30 يونيو.. «الثقافة» تطلق مشروع توثيق تراث فرقة رضا    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    الصحة: تطعيمات المدارس ساهمت في منع تفشي الأمراض الوبائية    محافظة أسيوط تطلق أكبر حملة للتبرع بالدم في نقاط حيوية ثابتة (فيديو)    إسماعيل كمال يتفقد مستشفى أسوان التخصصي العام بالصداقة الجديدة    رئيس المنطقة الأزهرية يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية ويطمئن على دعم الطلاب    غلق وتشميع 35 محلا وكافيه غير مرخص فى أسوان    «الهلال الأحمر»: دراسة حالات أسر ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية لتقديم الدعم اللازم    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    وزارة المالية تعلن عن وظائف قيادية شاغرة.. الشروط وطريقة التقديم    توجيه عاجل من الرئيس السيسي بشأن ضحايا حادث المنوفية    سعر الفضة اليوم السبت 28 يونيو 2025| ارتفاع جديد.. وهذا سعر الإيطالي    فى ذكرى ميلاده.. أبرز مؤلفات عباس العقاد    مدير مركز القدس للدراسات: إسرائيل ترفض أى تهدئة وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    وكيل السلام الأممى يرفض انتهاك إسرائيل بالتواجد فى المنطقة العازلة مع سوريا    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    الجيش الروسي يحرر بلدة تشيرفونا زيركا في دونيتسك    مدرب بالميراس: لن نُغيّر أسلوبنا أمام بوتافوجو وسنسعى لإيقافهم    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    نجم مانشستر سيتي يكشف خطة بيب جوارديولا للفوز على يوفنتوس    مديرية الصحة في شمال سيناء تطلق حملة لتعزيز الوعي بأهمية وفوائد نقل الدم    الاتحاد الإفريقي يرحب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    منظمة أكشن إيد: مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى فخ مميت لأهالي غزة    الأرصاد تحذر: حرارة محسوسة 39 درجة بالقاهرة الكبرى.. وارتفاع الرطوبة يزيد الإحساس بالطقس    ضحى همام.. رحلت قبل أن تفرح بنجاحها في الإعدادية    تعليم المنوفية: إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية اليوم عقب اعتمادها من المحافظ    "كانت بتنشر الغسيل".. مصرع سيدة سقطت من الرابع في قنا    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    مصدر فلسطيني مسئول لسكاي نيوز عربية: حماس تضع 4 شروط لقبول صفقة التبادل    نقيب المحامين ينعي ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    محافظ أسيوط يتفقد المنطقة التكنولوجية وواحة سيليكون بأسيوط الجديدة    "الصحة" تعلن توقيع 10 بروتوكولات ومذكرات تفاهم بمؤتمر صحة إفريقيا    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إرادة جيل يطلق أولى دوراته التدريبية لتأهيل المرشحين استعدادا لانتخابات 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى كتاب يحكى قصتها .. ميشيل أوباما تبهر العالم وتوحد الألوان
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 11 - 2009

هذا كتاب شيق.. يثير الشغف ويلفت الانتباه.. يجعلك تلتهم صفحاته لتعرف كيف وصلت بطلته إلى هذه الدرجة من الشعبية، لا نبالغ إذا قلنا إن شعورك بالفضول تجاه الأحداث يبدأ من مجرد رؤية الغلاف، لأنه يحمل صورة سيدة تمتلك من الكاريزما والحضور ما يحرك فضول الناظر، ويجعله يسرع بقراءة السطور التى تحمل كلماتها قصة صعود هذه السيدة.
الكتاب الذى ألفته «إليزابيث لايتفوت» وصدرت ترجمته العربية عن دار كلمات عربية للنشر يحمل عنوان «ميشيل أوباما.. السيدة الأولى وبريق الأمل»، ويحكى قصة نجاح سيدة أمريكا الأولى، ويعرفنا كيف كان تأثيرها كبيرا فى نجاح زوجها «باراك أوباما» ليصبح أول رئيس أسمر ، بل ومن أصول أفريقية فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية،
وكيف بذلت قصارى جهدها لكى تكون زوجة إيجابية، وسيدة مجتمع راقية محبوبة، وسيدة عاملة من الطراز الأول، كيف نجحت فى تحقيق كل هذا دون أن تتأثر وظيفتها الأولى والأهم عند كل سيدة.. وظيفة الأمومة!
ولكن قبل الدخول إلى صفحات الكتاب يجب علينا توجيه التحية للمترجمة سمية ممدوح الشامى، والتى للأسف لم يوفر الكتاب عنها أى معلومات.. فهى تستحق أن نشيد بترجمتها التى نستطيع وصفها بالسهلة الممتنعة، حيث دخلت بحس راق إلى روح الكتاب، وتوحدت مع مؤلفته، وقدمت لنا ترجمة عميقة، متمكنة، وفى الوقت نفسه استطاعت أن تضعنا أمام لغة سهلة، بسيطة، رشيقة.
فى البداية تعرفنا الكاتبة كيف كانت نشأة ميشل، والعوامل التى كونت شخصيتها الطموحة، والمليئة بالإصرار، حيث ولدت فى أسرة بسيطة، تنتمى لأصول أفريقية، تتكون من أب يعمل فى حجرة الغلايات بمحطة تنقية المياه بشيكاغو، وأخ يكبرها بستة عشر شهرا، وكانت أمها ربة منزل عادية، ورغم تدهور صحة والدها، حرص هو وأمها أن يقتطعا من قوت الأسرة، ليستطيعا أن يعلما ابنيهما بشكل جيد، وأن يلحقاهما بجامعة برينستون، وهى من الجامعات التى يصعب الالتحاق بها على مستوى العالم، والتى اشتهرت بأنها تضم أبناء الطبقة شديدة الارستقراطية.
ويبدو أن الحضور الطاغى لباراك أوباما وزوجته ميشيل، ساهم فيه بشدة الإحساس بمدى ترابط أسرتهما، وهو الأمر الذى ورثته ميشيل عن أبويها، وكان دربها فى تربيتها لابنتيها، تقول عن أسرتها « نشأت فى أسرة تنتمى للطبقة العاملة، فى منطقة ساوث سايد بشيكاغو، ظلت والدتى تعود من العمل وتعتنى بشئوننا حتى أنهينا الدراسة الثانوية، وكان والدى من العمال البسطاء الذين يعملون فى نوبة العمل المسائية التى تنتهى عند منتصف الليل، وقد ظل يعتنى بنا طوال حياته، الشىء الوحيد المذهل فى حياتى، هو أن رجلا كوالدى استطاع أن يعول أسرة مكونة من أربعة أفراد، دون أن يكون له دخل سوى راتب عامل بسيط»، ولكى نتخيل مدى العناء الذى كان يحمله السود فى أمريكا،
يكفينا معرفة أن جد ميشيل والذى كان يعمل نجارا، حرم من عضوية النقابة، بسبب لون بشرته، مما منعه من العمل بالمقاولات فى المدينة التى كان يعيش بها، مما زاد من رغبة أبويها فى أن يصنعا ابنا وابنة ناجحين، وجعلهما يضحيان بحجرة المعيشة، التى تعد أحد عوامل الترفيه الأساسية للأسر الأمريكية، حتى يعطيا كلا من طفليهما مساحة صغيرة فى البيت، لتكون مساحته الخاصة، إلى جانب تخصيص حجرة أخرى للاستذكار، مما يعكس مدى اهتمامهما بالتعليم، وهو الأمر الذى يلفتنا إلى أهمية دور الأسرة فى تعليم الأبناء.
فى قراءتنا للكتاب، سوف ندخل بانسيابية إلى عالم ميشيل الخاص، والأبعاد النفسية لدى سيدة أمريكا الأولى، ولعلنا نندهش عندما نعرف أنها رغم حبها للرياضة، وامتلاكها لقوام قوى، رشيق، ورياضى، كانت تكره الدخول فى منافسات رياضية، لأنها كما قال أخوها لم تكن تتمتع بروح رياضية، وكانت تحب أن تكون الفائزة دائما، ولكن كان هناك سبب آخر مهم يعكس ما الذى كان يدور بداخلها فى هذا الشأن، كانت لا تحب أن يتم اختيارها للاشتراك فى المسابقات «لأنها لم تحب أن يكون السبب الوحيد لمشاركتها فى الأنشطة الرياضية هو أنها طويلة وسوداء وقوية البنية».
كانت مثل أى زوجة، عندما يتغيب زوجها عن المنزل كثيرا نظرا لانشغاله بالعمل السياسى، كانت تشعر أن هناك مشكلة، وكانت تقول له أثناء شجارهما «لم أكن أعرف أننى سأضطر لتربية البنات وحدى» ولكن بعد فترة بدأت تشعر أن الأمر لا يعد إهمالا منه تجاه الأسرة، بل إنه فقط اختار طريقه، ويسعى فى سبيل تحقيق أهدافه، وأن هذه هى الضريبة،
وعندما دخلت الأمور فى المنطقة الجادة، كانت خير دعما له، لدرجة أنه قال عند فوزه فى الانتخابات «لم أكن لأقف هنا من دون الدعم المستمر الذى جعل ميشيل أوباما أفضل أصدقائى، وسكن أسرتى، وحب حياتى، والسيدة الأولى القادمة لهذه البلاد، تمنحنى إياه طوال الستة عشر عاما الأخيرة».
الملفت فى أمر ميشيل أوباما،
أنها سياسية إلى النخاع، تستغل أبسط الأشياء فى التعبير عن أهدافها، حتى أناقتها الشديدة، والتى جعلت سيدات وفتيات أمريكا يقلدونها كما يقلدن نجمات السينما، حتى هذه الأناقة لا تخل أحيانا من أهداف سياسية، فعندما ظهرت فى أحد البرامج بفستان رائع أرجوانى اللون، أثار ذكاءها فى اختيار اللون ضجة كبيرة وقتها، وسار على دربها الرجال قبل السيدات من الذين يحملون نفس الأهداف، فاللون الأرجوانى ينتج عند مزج اللونين الأحمر والأزرق،
والرسالة كانت واضحة فاللون الأحمر فى أمريكا هو لون الولايات التى تميل للحزب الجمهورى، أما الأزرق فيرمز للولايات التى تميل للحزب الديمقراطى، فما هذا الوعى الذى يستطيع أن يبعث برسالة تهدف إلى توحيد الولايات بهذه الطريقة غير المباشرة، كما أنها فى إحدى المرات، ظهرت فى أحد البرامج وهى ترتدى فستانا أسود اللون، ومزين بورود بيضاء، مما يعنى بالطبع الهدف الأسمى والأهم فى حياتها،
والذى يعنى المساواة بين البيض والسود، وهو الأمر الذى خدعها ذكاؤها ذات مرة بسببه عندما صرحت بأن نجاحها فى فترة الانتخابات يجعلها «للمرة الأولى فخورة ببلادها التى لم تكن تساوى بين البيض والسود» وهو التصريح الذى جلب لها العديد من المشكلات والذى استغله أعداؤها هى وزوجها فى حشد الأصوات ضدهما، ولكن أوباما استطاع بذكائه المعروف، أن يتخطى هذه المحنة.
هذا النجاح الساحق، لم يأت فقط لأنها موهوبة، وطموحة، وتمتلك أهدافا مهمة، فكم من الأشخاص يتمنون تغيير العالم، ولكنهم لم يمتلكوا أبدا القدرة على تحقيق جزء صغير من حلمهم، ولكن هى استطاعت تحقيق أغلب أحلامها، لأنها كانت تعمل طوال الوقت، وتؤكد الكاتبة أن كل من تعامل مع ميشيل ستجده يردد عبارة واحدة، هى «إنها فى قمة النشاط، مستعدة دائما، وقادرة على الإنجاز»،
ويقول أخوها كريج إنها تجتهد أكثر مما يجتهد أى شخص عرفه فى حياته، وهو ما جعلها تحصل بسهولة على وظيفة مرموقة فى مؤسسة المحاماة المعروفة «سيدلى آند أوستن» وتصبح عضوا مهما فى فريق العمل، وحتى فى التخصص الذى اختارته كانت متميزة، حيث كانت تعمل فى قضايا الملكية الفكرية التى تتطلب قدرا كبيرا من الوعى والثقافة إلى جانب المهارة فى مهنة المحاماة.
الطريف فى الأمر أن اللقاء الأول لباراك مع ميشيل كان لقاء بين رئيس ومرؤوسيه، وكانت ميشيل هى الرئيس وباراك هو المرؤوس!.. فعلا هذا ما حدث، حيث كانت ميشيل رغم أنها تصغره بثلاث سنوات تسبقه فى الدراسة، وجاء باراك ليتدرب فى المؤسسة التى كانت تعمل بها، وأوكلت إليها مهمة تدريبه، وعلى سبيل الترحيب به، دعته إلى الطعام فى اليوم الأول، ولكنه منذ هذا اللقاء أثار إعجابها وقالت بعد ذلك فى أحد اللقاءات «نال إعجابى بسرعة لأنه ليس مغرورا رغم تمتعه بذكاء حاد، ولأننى وجدت أن تجربته مثيرة، وأنه شخص تستمتع بالحديث معه»،
أما هو فلم يتخل عن غرور الرجل، فيقول «كنت أرى لمعة تتراقص فى عينيها السوداوين الواسعتين كلما نظرت إليها، ولمحة خافتة جدا من الحيرة، وأنها تعرف فى أعماقها كم هى ضعيفة، وأنها لو تركت لنفسها العنان، ولو للحظة، فإن خططها ستنهار تماما» وعندما طلب الخروج معها صدته على الفور من منطلق أنه لا يصح أن تخرج مدربة مع تلميذها، ولكن بعد فترة قصيرة انهارت مقاومتها «رأيت أننى من الممكن أن أواعد هذا الشاب، لقد أبهرنى، أبهرنى حقا».
أبهرها لدرجة جعلتها تستنفذ كل ما أوتى لها من قوة، كى تدعمه، ليس لأنه زوجها، ولكن لأنها آمنت به إيمانا تاما، إنه حقا جاء من أجل التغيير، التغيير الذى طالما حلمت به كمواطنة أمريكية من أصول أفريقية، التغيير الذى أهدته إلى روح جدها النجار المحروم من عضوية النقابة بسبب لونه، ولكن إذا كان شعار أوباما هو «التغيير»، فشعار ميشيل لم يكن أبدا أقل، بل كان لابد منه لكى يحدث التغيير، شعار آمنت به طوال حياتها، ووضعته أمامها وحققت كل معانيه حرفيا ومجازيا، شعار من كلمتين...نعم أستطيع!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.