قعدة على النيل ضمت أدباء عرب كانت كفيلة أن تتحول بعد كلام الترحيب والسلامات إلى شبه مائدة مستديرة للنقاش حول الأدب العربي والجوائز والثقافة العربية وأين تأثير مصر الآن، غلفتها موضوعات ساخرة، جعلت من القعدة الثقافية ل"خفيفة الظل"، فالضحك يعلو ويخفت حسب النكتة المطروحة. الجلسة دعا إليها المهندس إبراهيم المعلم رئيس مؤسسة الشروق، وضمت الأديب الكويتي طالب الرفاعي والروائي السوري خالد خليفة والكاتب التونسي الحبيب السالمي والكاتب اليمني أحمد زين، والكاتبين المصريين أحمد سمير وهشام أصلان وكاتب هذه السطور. قبل وصول كل الضيوف، تحدث طالب الرفاعي مع المهندس إبراهيم المعلم حول روايته الجديدة التي ستصدر قريبا عن دار الشروق. وعرفت أن الرفاعي سافر إلى بانكوك وغيرها لإجراء أبحاث حول موضوع الرواية التي تتناول قصة حقيقية عن تصحيح جنسي لبنت كويتية تحولت إلى ولد. موضوع جرئ في الثقافة الشرقية، خاصة أننا لا نتحدث في مثل هذه الأمور، ونتكتم عليها، أحيانا بدافع ديني، والأكثر بدافع مجتمعي. ثم تناقش الرفاعي والمعلم حول عنوان الرواية الجديدة، الرفاعي يميل إلى جعله "حابي"، وهو إله الفيضان في مصر القديمة، وكان يتم تصوير"حابي" في صورة إنسان يحمل فوق رأسه نباتات مائية، يحمل علامات مزودجي الجنس، فتظهر ملامح الذكورة في عضلات أرجله وذراعيه، وتظهر ملامح الأنوثة في الصدر والبطن. وربما تكون صورة الغلاف لوحة من الفنان عادل السيوي عن "مزدوجي الجنس". سمة هذه اللقاءات كثرة الأحاديث الجانبية التي عادة ما تنتقل من حيزها الضيق لتشمل كل التربيزة إذا كان الموضوع المطروح يهم كل الجالسين، ثم يبدأ الانتقال كخفة ريشة بين الموضوعات، فمن أحاديث خالد خليفة الساخرة وحكاياته عن زيارة الأديب إبراهيم أصلان إلى سوريا، وكيف كل النساء تحبه، إلى تأكيده أن السوريين الآن يبحثون عن مؤلفات نجيب محفوظ، إلى كلام الحبيب السالمي عن توقعات الناس لمن سيفوز بجائزة ملتقى الرواية العربية، قائلا:"سيكون مفاجأة لا يتوقعها أحد، وخارج كل التصورات"، ثم تحدث عن سعاد حسني، وهنا أكد الكل أنها أعظم ممثلة مصرية. "قول لي عملك أية قلبي قلبي اللى أنت ناسيه قول لي وأنت الغالي عليه غالي عليه قول لي" دندنة مسموعة من خالد خليفة تفصل بين الموضوعات وبعضها، ليبدأ وهو يضحك حكاية جديدة تخص الدراما السورية أو الجوائز العربية ونشر الكتب الذي بدا من وجهة نظره قليلا، ثم نظر إلى المهندس إبراهيم المعلم وكأنه يسأله عن رأيه. قال المعلم:"لا توجد احصائيات دقيقة عن النشر"، ويجب معرفة أن الكتاب الجامعي هو الأكبر في سوق النشر.لكنه والأضعف في التأليف. ويجب أن تزدهر حركة النشر بما يتناسب مع مكانة مصر". كانت قعدة خارج السياق، حسب وصف الصديق هشام أصلان، فيها قدر كبير من الاستمتاع والونس، خاصة مع الجدل حول فوز عمل مكتوب بالعامية المصرية بجائزة أدبية، مناصفة مع رواية "مسك التل" لسحر الموجي. المهندس إبراهيم المعلم يرى أن رواية الموجي لم تلق الاهتمام الكافي من جانب الجوائز، خاصة الجوائز العربية. لكن هشام أصلان قال إن الموجي نفسها تدافع عن الكتابة بالعامية، وعن "المولودة" لنادية كامل في حصولها على جائزة ساويرس. وقال أحمد سمير:" إن من يدافع عن الكتابة بالعامية يسأل هل العمل فكرته ولغته تصل للقارئ أم لا؟"، موضحا أنه لا يوافق على هذا الرأي. غالبية الموضوعات التي طُرحت خرج منها قضايا أخرى، وكأنها سلسلة مترابطة متشابكة، فمسألة الكتابة بالعامية، تفرعت عنها قضيتا التعليم والإعلام، وكيف أن التعليم الذي كان يجمع كل فئات الشعب أصبح متعدد الأشكال والأنواع، مما يجعل المصريين بعيدين عن " التفكير الجمعي في قضايا الوطن". أما الإعلام فأخذ ختام القعدة، حيث سأل المعلم لماذا لا يعرف القارئ المصري الكثير عن الروايات العربية؟ فأحمد زين وخالد خليفة والحبيب السالمي وطالب الرفاعي قالوا:" الوضع الآن أفضل من الأول". لكن هشام أصلان وأحمد سمير وإبراهيم المعلم قالوا إن هذا تقصيرا من الصحافة الثقافية في مصر.