فقدت الجوائز الأدبية التي شهدها العام المنقضي ذلك الجدل والصخب الذي لازم بعضها طوال السنوات الماضية، وكانت الاعتراضات التي صاحبت حصول البعض عليها أقل حدة من ذي قبل، في جو عام أصبح يدين الجوائز الأدبية بأكثر مما يشجعها، علي أساس أنها تدفع الكاتب ل"الاستقواء علي الكتابة والقراء" وفق التعبير الذي سكّته الروائية سحر الموجي في إحدي ندوات مؤتمر الرواية الماضي. وعلي الرغم من خروج روائيين كبار من القائمة القصيرة لجائزة "البوكر" التي تأسست في أبو ظبي عام 2007، مثل الروائي خيري شلبي عن روايته "أسطاسية"، والجزائري واسيني الأعرج عن روايته "أنثي السراب"، إلا أن الأمر مر مرور الكرام، بعكس ما حدث العام الماضي، حينما أقام الروائي إبراهيم عبد المجيد الدنيا ولم يقعدها، وكذلك الروائي أحمد صبري أبو الفتوح لخروجهما من الترشيحات، في حين وصل للقائمة القصيرة روايات ست لكتّاب أغلبهم شباب وهم: خالد البري وميرال الطحاوي ومحمد الأشعري وبنسالم حميش ورجاء عالم وأمير تاج السر، وهو الأمر الذي ترجعه بعض التكهنات إلي رغبة القائمين علي الجائزة في استبعاد كتّاب الستينيات والتركيز علي الكتّاب الشباب، هذا وتميل التوقعات إلي فوز السوداني أمير تاج السر بها. ولم يكن الاعتراض هذا العام من الأدباء الذين خرجت أعمالهم من القائمة، وإنما حدث اعتراض ورفض من عدد من الأدباء لترشيح أعمالهم ومنهم: جمال الغيطاني ورضوي عاشور ويوسف القعيد. وربما كانت جائزة "القذافي العالمية للآداب" هي الأكثر جدلا، حيث فاز بها الناقد الدكتور جابر عصفور في دورتها الأولي بعد أن رفضها الكاتب الإسباني خوان جويتسلو الذي بعث برسالة إلي الروائي إبراهيم الكوني رئيس لجنة تحكيم الجائزة، يعلن فيها رفضه الحصول علي الجائزة ولاسيما أن قيمتها تبلغ 150 ألف يورو "200 ألف دولار"، بينما رحّب بها عصفور وجاء في حيثيات فوزه "لجهوده الخلاقة في تنمية الفكر الأدبي ومساهمته في حركة التنوير والتقدم ودراساته المعمقة في قضايا الأدب والنقد والصورة الفنية ومفهوم الشعر وعصر الرواية". وبهدوء شديد مرّت جائزة نجيب محفوظ بالجامعة الأمريكية، التي حصلت عليها ميرال الطحاوي عن روايتها "بروكلين هايتس"، بعد أن تسربت أخبار فوز ميرال بها، قبل تسلمها الجائزة بأيام عديدة، وأيضا في ظل الترحاب الذي لاقته الرواية، وهي بشكل عام جائزة لم تعد تثير الجدل كثيرا، مع وجود عرف بمنحها لمصري وعربي بالتبادل، بخلاف السنوات الأولي لإنشائها عام 1996 . والهدوء نفسه شهدته جائزة "يوسف إدريس" في القصة القصيرة، التي يمنحها المجلس الأعلي للثقافة كل عام، وقد فاز بها القاص الشاب إيهاب عبد الحميد عن مجموعته "قميص هاواي"، قبل انطلاق ملتقي الرواية العربية الخامس بساعات قليلة، خاصة مع تأكيد بعض الصحف علي استحقاق عبد الحميد لها. أما جائزة "ملتقي القاهرة الخامس للإبداع الروائي"، فكانت أكثر الجوائز إثارة للتكهنات والاعتراضات، فقبل الإعلان عن الفائز بالجائزة بأيام دارت التكهنات حول عدد من الأسماء كل لسببه الخاص، فقال البعض إنها ستذهب للروائي خيري شلبي تقديرا لمشواره الطويل، والبعض قال إنها ستذهب للروائي جمال الغيطاني خاصة بعد أن أصلح علاقته بوزير الثقافة، في حين تسرب خبر وصول الروائي الليبي إبراهيم الكوني إلي مصر ومكوثه بالفندق قبيل الإعلان عن الجائزة، مما جعل التوقعات تتجه نحوه، وكان قيام الكوني بإهداء القيمة المالية للجائزة إلي أطفال قبائل الطوارق في مالي والنيجر قد أثار موجة من الجدل والتساؤل حول سبب عدم إهدائها لأطفال فلسطين أو العراق، في حين أشارت بعض التقارير الصحفية والمقالات إلي عدم استحقاقه للجائزة لعلاقته الوثيقة بالحكومة الليبية.