أقل من شهر.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظتي القاهرة والجيزة    حى شرق أسيوط يزيل التعديات على مرسى نهر النيل ب«الدوان تاون»    من 8 ل12 ساعة.. قطع المياه عن عدة مناطق بمحافظة الدقهلية مساء السبت المقبل (تفاصيل)    الأسهم الأوروبية تنخفض عند الإغلاق مع استيعاب المستثمرين للأرباح الجديدة    بوتين يعلن اعتزامه زيارة الصين الشهر المقبل    الأهلي يختتم استعداداته لمباراة مازيمبي الكونغولي    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    مباحث الفيوم تلقي القبض على المتهمين بإشعال النيران في فتاة بسبب خلافات الجيرة    طرح البوستر الرسمي لفيلم السرب    مسرح فوزي فوزي بأسوان يشهد احتفالات ذكرى تحرير سيناء    هالة صدقي: «صلاح السعدني أنقى قلب تعاملت معه في الوسط الفني»    تخصيص غرف بالمستشفيات ل«الإجهاد الحراري» في سوهاج تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة    عضو بالشيوخ: ذكرى تحرير سيناء تمثل ملحمة الفداء والإصرار لاستعادة الأرض    بفستان أبيض في أسود.. منى زكي بإطلالة جذابة في أحدث ظهور لها    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    الجيش الأردني ينفذ 6 إنزالات لمساعدات على شمال غزة    الكرملين حول الإمداد السري للصواريخ الأمريكية لكييف: تأكيد على تورط واشنطن في الصراع    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    "أنا مشجع كبير".. تشافي يكشف أسباب استمراره مع برشلونة    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    تشكيل الزمالك المتوقع أمام دريمز الغاني بعد عودة زيزو وفتوح    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    في اليوم العالمي للملاريا.. أعراض تؤكد إصابتك بالمرض (تحرك فورًا)    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    تشيلي تستضيف الألعاب العالمية الصيفية 2027 السابعة عشر للأولمبياد الخاص بمشاركة 170 دولة من بينهم مصر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب "كعب عالي"
نشر في البوابة يوم 17 - 07 - 2014

يعد مصطلح الأدب النسوي إشكالية كبيرة، فعلى الرغم من تأكيد النقاد على وجوده، إلا أن المبدعات ينقسمن في ذلك، فبينما يرفض بعضهن هذا المصطلح، ويقف معاه أخريات، إلا أن ما يمكننا التأكيد عليه هو وجود مبدعات حقيقيات استطعن نقش أسمائهن بحروف من ماس في ذاكرة ووجدان القراء، وفي سجل الأدب العربي. "البوابة" تتوقف اليوم عند أبرزهن في لمسة وفاء، لهؤلاء اللاتي قدمن الكثير للأدب ولا زلن يقدمن وإن توقف عطاء بعضهن بالرحيل، إلا أن أعمالهن خالدة لا يمكن محو أثرها
رضوى عاشور..مناضلة تستعصى على الكسر!
قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية، يتميز مشروعها الأدبي بتيمات التحرر الوطني والإنساني، إضافة للرواية التاريخية. تمت ترجمة بعض أعمالها الإبداعية إلى الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والإندونيسية.
وصفها الناقد الكبير صلاح فضل بأنها أستاذة أكاديمية مهيبة، ومناضلة فكرية وروائية مبدعة فيما يتبقي لها من طاقة على الخلق والتخيل وهو كثير.
لعل أبرز تقنية تستخدمها رضوي عاشور كما يقول فضل، في روايتها "فرج" هي التقاط منطقها الصارم في توالي الأحداث ومفارقتها الدهشة باعتبارها " عجائب الحياة المعتادة" وكأنها معجزات يقوم بها قدر ساحر يخبئ للناس ما يذهلهم كل حين.
"لا أحتاج في حالة كتابة السيرة سوى النظر حولى وورائى وفى داخلى لأرى أو أتذكر" هذه هي رضوى عاشور. التي صدر لها مؤخرًا سيرتها الذاتية "أثقل من رضوى"، وهي تعد وفقًا للنقاد ملحمة تحدٍ ووصال، معركة تفاؤل تطل بوجه صبوح من بعيد، تميزه رغم دموعك التي تذرفها متوحدا مع آلام رضوى وهى على فراش المرض، كثيرا ما كانت تنتبه رضوى لاستسلام قلمها لتدوين تفاصيل الألم بإخلاص، فتعتذر على الفور لقارئها في رقة "على أن اعترف بالذنب يا سيدتى القارئة، أننى أشعر بالذنب لإشراكك في كل هذه التفاصيل التي أرجح أنها جعلتك تضعين بجوارك علبة مناديل ورقية لمسح دموعك أو التمخط المرة تلو المرة حتى تورم جفناك وصار أنفك أحمر.. كيف أكفر عن ذنبى؟".
وعن كل هذه العفوية والإخلاص في الكتابة تقول رضوى: لا أكتب بنيّة مبيّتة؛ اكتب فقط عندما تأتينى الرواية: مشهدها الأول، أو شخصية ما أتتبعها بعد ذلك، أو درجة صوت ما أنصت له بعناية، فاكتشف عالم الرواية. ولا يأتى هذا العالم من فراغ، فهو حصيلة المتراكم من المعارف والخبرات والعلاقة بالوجود والخيال. التاريخ حاضر في نصوصى لأسباب عدة، أولها أن لدى قناعة أن أي واقع نعيشه هو تاريخ من نوع ما، وثانيها أن وشائج الصلة، في تقديري، بين الرواية والتاريخ وشائج قوية، فالعناصر المشتركة بينهما متعددة.
أوثّق أحيانا أو أضمِّن وقائع في رواياتى بشخصياتها المتخيلة، لأن ذلك المزج بين الوثائقى والمتخيل أقرب لنقل تجربتى وقناعاتي.
نعم تربطنى علاقة خاصة بالتاريخ لا بوصفه ماضيا فحسب بل أيضا بوصفه عناصر فاعلة ومتفاعلة تشكِّل واقعنا اليومي. ورغم ذلك، أكرر، لا أتعمد هذا ولا اخطط له مسبقا، اللهم إن أردت أن أجمع مادة تعمق مسار دفعتنى إليه الحكاية التي أحكيها. بمعنى آخر ليس الأمر فكرة اتخذ قرارا بتنفيذها، بل يتعلق بطريقة استقبال الوجود من حولنا وتنظيمنا غير الملحوظ للتجربة، فلا أرى الزمان والحدث المتخيل إلا في مكان بذاته، ولا أتعامل مع مكان إلا في إطار تشكّله في واقع تاريخى بعينه وهكذا. حالة الكتابة عندى سابقة للتوثيق التاريخي، ولكنها عندما تدخل في سياقه فلابد هنا أن تظهر الأحداث بوثائقها وأماكنها الحقيقية بل وحتى ببعض شخوصها كما في "الطنطورية" وغيرها من الروايات".
رضوى عاشور. أستاذة في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب في جامعة عين شمس، والرئيس الأسبق للقسم. ولدت في القاهرة في 26 مايو 1946. وهي زوجة الأديب مريد البرغوثي ووالدة الشاعر تميم البرغوثي. ويتوزع إنتاجها بين الرواية والقصة القصيرة والنقد الأدبي والثقافي. وتعد من أهم الكاتبات في العالم العربي، ومن أعمالها: ثلاثية غرناطة، فرج، أطياف، مريم والرحيل.
في 1977، نشرت رضوى عاشور أولى أعمالها النقدية، الطريق إلى الخيمة الأخرى، حول التجربة الأدبية لغسان كنفاني. وفي 1978، صدرت لها بالإنجليزية كتاب جبران وبليك، وهي الدراسة نقدية، التي شكلت أطروحتها لنيل شهادة الماجستير سنة 1972.
في نوفمبر 1979، وتحت حكم الرئيس أنور السادات، تم منع زوجها الفلسطيني مريد البرغوثي من الإقامة في مصر، مما أدى لتشتيت أسرتها.
في 1980، صدرت لها آخر عمل نقدي، قبل أن تلج مجالي الرواية والقصة، اشتغلت، بين 1990 و1993 كرئيسة لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب بجامعة عين شمس، نشرت بين 1999 و2012 أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة، من أهمها رواية الطنطورية (2011) ومجموعة تقارير السيدة راء القصصية.
في 2007، توجت بجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وأصدرت سنة 2008، ترجمة إلى الإنجليزية لمختارات شعرية لمريد البرغوثي بعنوان "منتصف الليل وقصائد أخرى".
صحراء ميرال الطحاوي ونسائها!
حظيت بإشادة النقاد في كل أعمالها، تمسك بتلابيب فكرتها جيدًا وتتمكن من أدواتها، وفي شهادة النقاد عنها ما يؤكد ذلك.
يقول الناقد شريف الجيار، إن الكاتبة د.ميرال الطحاوى، حولت خبرتها وتجاربها الحياتية في الكتابة بما يعرف بالموروث الثقافى إلى عمل أدبى مميز وهو "امرأة الأرق.. السيرة الذاتية لميرال الطحاوى "، مضيفا أن الحياة عند الطحاوى تمثل كفاحا دائما.
يتابع: الكتاب من أوله إلى آخره يرصد كيف تشكلت خبرتها وثقافتها الأولى في بيت الأب الذي فرض عليها بعض القيود الناتجة عن قيود المجتمع، ويوضح الكتاب كيف تجاوزت الكاتبة هذه الحواجز والقيود في مرحلة متقدمة من عمرها وتعاملها مع الثقافة العربية والعالمية.
وأشار الجيار إلى أن الأسطورة لها الحظ الأكبر في تركيب شخصية الكاتبة ميرال الطحاوى، كما أنها لم تستطع أن تخفى طريقة السرد الرائعة التي استخدمتها، لأنها كاتبة متميزة، إضافة إلى مكونها الشعرى الذي أثر على لغة كتابتها.
بينما اعتبر الناقد د.حسام عقل، إن تجربة الكاتبة تمثل تحديا في الكتابة الأنثوية في الأدب المعاصر خاصة في أدب السيرة الذاتية والذي هو متدنٍ جدا، مشيرا إلى أن الطريقة التي استخدمها أدونيس في كتابة أدب السيرة الذاتية وتجربة ميرال الطحاوى يصدران من مشكاة واحدة.
وعن مسيرتها كأديبة، كشفت ميرال الطحاوي أن الأديبة غادة السمان والكاتبة نوال السعداوي كان لهما تأثير كبير في تغيير مسار حياتها، ففي البداية كان حلمها أن تدرس بالجامعة لأنها اعتقدت أن الإنسان يفقد الكثير من تجربته إذا لم يلتحق بالجامعة، ثم بعد إنهاء الجامعة حاولت الالتحاق بالدراسات العليا لكي تتعرف على الأدب العربي في العصر الحديث عن كثب، وقد تأثرت في هذا – كما تقول - بالكاتبة غادة السمان التي كانت نموذجًا لي في التمرد.
وبعد حصول ميرال على الماجستير كتبت مجموعتها القصصية "ريم البراري المستحيلة"، واعتقدت في ذلك الوقت أن الكتابة تحتاج إلى الإقامة في القاهرة، وهي لم تكن تقيم فيها مثل الكاتبات في ذلك الوقت كنوال السعداوي التي كانت ميرال تتابع كتاباتها، وسألت نفسها: ماذا يمكن أن تكتب وأنا فتاة قروية لم تتعرض لتجارب كثيرة في حياتها، وقررت حينها أن تكتب ما تعرفه، فالإنسان هو ابن تجربته، ولذلك كتبت عن الأسرة الداخلية والعلاقات بينها وحياة السيدات في القرى، وهكذا بدأت مشروعها الروائي.
وتؤكد: كنت أعتقد أنني أكتب عن أشياء خيالية أو فنتازية، ولكن الواقع في أحيان كثيرة يكون أكثر خيالية، ولكن اخترت الكتابة في هذه المنطقة الكتابة عن نفسي وعن الفتاة التي تحارب للتخلص من التقاليد الغربية المفروضة عليها، وهذا هو عالمي الروائي.
وعن تناول النقد لأعمالها تقول: إنني كلما أصدر رواية يقول النقاد إن هذا العمل سيرة ذاتية، وقد كان يغضبني ذلك في الماضي وأعتقد أن هذا يرضي شغف الرجال لمعرفه شيء خاص من حياة المرأة، ومعظم النقاد من الرجال الذين يقرؤون للمرأة يسألون عن تجاربها وخبراتها، ولهذا فقد كتبت في أعمالي بزمن غير محدد وذلك لعدة أسباب، الأول حتى لا يتم إسقاط العمل على، والثاني أن الزمن في القرية غائم وطويل.
عن اللغة في أعمالها قالت: أشعر أنني كان يمكن أن أكون أبسط مما كتبت لأنني على الأقل أواجه مشكلة في الترجمة، فألفاظي قد تكون صعبة لقارئ لا يعرف الخلفية العربية لهذه الألفاظ، وأتذكر أنه عند ترجمة أحد أعمالي أرسلت لي المترجمة 40 صفحة بكلمات لا تفهمها!.
وعن وجود ما يسمى بالأدب النسائي تقول: كنت أخجل من مصطلح أدب نسائي، وقد يكون ذلك لأن الكلمة ليس لها مدلول لطيف وتدل على أنه يمكن التعرض للقضايا بشكل سطحي ورديء ولذلك كنت أنكر وجود كتابة نسوية، ولكن بعدما نضجت لم أعد أخجل من هذا المفهوم بل سعيت إلى تصحيحه.
وميرال الطحاوي هي كاتبة وروائية مصرية من جيل التسعينيات؛ تم اختيار روايتها الأولى "الخباء" كأحسن رواية لعام 1996. وفي عام 2000 كانت أول كاتبة مصرية تحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عن روايتها "الباذنجانة الزرقاء". ورشحت روايتها "بروكلين هايتس" لجائزة البوكر العربية، وحصلت على جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لعام 2010.
وكما يقول النقاد فقد شقت "ميرال" طريقها بخطى ثابتة، وحفرت اسمها بين كبار الأدباء المصريين، واستطاعت أن تكون من أبرز الكتاب في العالم العربي، تُرجمت أعمالها إلى نحو 16 عشرة لغة أجنبية.
تخرجت "ميرال" في كلية الآداب بجامعة الزقازيق، وبعد تخرجها أخلصت لموضوع أدب الصحراء، وكان شاغلها في أعمالها الأدبية والنقدية، وحصلت على درجة الماجستير من كلية الآداب في جامعة القاهرة، ثم نالت درجة الدكتوراة من الكلية نفسها في موضوع "روايات الصحراء في الأدب العربى"، وتعمل حاليا أستاذا مساعدا للأدب العربى في جامعة نورث كارولينا الأمريكية.
فرضت "ميرال" اسمها بين أهم الأدباء مجموعتها القصصية الأولى "ريم البراري المستحيلة" الصادرة عام 1995، ثم رسخت أقدامها بروايتها "الخباء" عام 1996 والتي ألقت فيها الضوء على عالم البدو بصورة ساحرة وإدراك للتفاصيل، ثم أصدرت رواية "الباذنجانة الزرقاء عام 1998، ثم رواية "نقرات الظباء"، و"بروكلين هايتس"، وهي عن شاعرة مصرية اسمها "هند" تسافر مع ابنها الصغير إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد مرورها بتجربة زواج لم تنجح.
وتعرض الرواية لمعيشة "هند" في أمريكا وذكريات الطفولة التي لا تفارقها في فترة السبعينيات في مصر والتي شهدت تحولات كبيرة في المجتمع. يقول الناقد الدكتور صلاح فضل عن هذه الرواية "تطلق عليها اسم أحد أحياء مدينة نيويورك بروكلين هايتس.
وهي توزع فصولها على طرقاتها وحدائقها ونواصيها، لا لتجعل البطولة السردية للمكان المنفي، بل لتفجر في قلب هند - قرينتها البعيدة - ينابيع الإلهام المتمثلة في ثلاثة مصادر أساسية، هي مشاهد الحياة اليومية في الغربة لامرأة تكتب الشعر وتصحب ابنها الصبي الذي يشغل حيزا كبيرا من كينونتها وأفقها، والذكريات الدفينة اللاهثة وراء الماضي الطفولي البعيد في قرية تل فرعون بأقصى أطراف الدلتا، أما المصدر الثالث الثري فهو خلاصة الحكايات المدهشة عن عوالم الجالية الأجنبية في بروكلين، خاصة العربية والإسلامية التي تقطن برج بابل الأمريكي الجديد".
ما يميز ميرال الطحاوي أنها تصوغ بقلمها موضوعات تغوص فيها بعمق، وعلى وجه الأخص عالم النساء والصحراء، تقول الناقدة الدكتورة وجدان الصائغ في كتابها "شهرزاد وغواية السرد" عند تعرضها لرواية "نقرات الظباء": "تصوغ الروائية ميرال الطحاوي في روايتها نقرات الظباء سيرة ذاتية أنثوية من نمط خاص متخذة من الأنثروبولوجي والتاريخي والسياسي والثقافي أدوات فنية لرسم وقائع وأحداث جرت على طرف الصحراء موطن البداوة وهو مكان له دلالاته الترميزية. إذ تعرض الرواية لثنائية السادة والعبيد، الحضارة والبداوة، والمجموعة السائدة في المجتمع وغير القابلة للتغيير".
ومن نقاط التحول المهمة في حياة ميرال الطحاوي أنها كانت منتمية إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكانت ترتدي الحجاب وخلعته مبررة ذلك بقولها "توقفت عن أن أنظر لنفسي باعتباري عورة وجسدا"، وكانت قد بدأت الكتابة في مجلة "الدعوة" ثم مجلة "لواء الإسلام"، وصدر كتابها الأول "مذكرات مسلمة" بمقدمة لزينب الغزالي.
وتقول ميرال عن هذا التحول: " أعتقد أن الإخوان المسلمين أهدوني فكرة الكتابة، وبعد ذلك تغيرت عندي أفكار كثيرة فتركتهم. لقد حدثت مفارقات داخل هذا الانتماء فاخترت أن احتفظ فقط بفكرة الكتابة، أي أن أصبح كاتبة ضمن سياقي الأدبي وليس ضمن سياق الإسلام السياسي كما كانوا يرغبون".
ويرى النقاد أن "ميرال" تكتب بلغة فصحى سهلة وسلسة، وتضمنها كلمات نستخدمها في حياتنا اليومية على أنها "عامية" لكنها تأتي بها في صورتها الأقرب إلى الفصيحة، فهي تستخدم كلمات مثل "تخربش" و"تعفر" و"تتمخطر".
سلوى بكر..مبدعة تعمل في صمت
هي مبدعة مصرية جادة شقت طريقها في عالم القصة والرواية بدأب وتميزت بحس نضالي ناضج وكفاءة فنية عالية. وصفها النقاد بأنها تمردت على النعومة الأنثوية في الكتابة وآثرت موقف الرفض والجنوح الغالب إلى اليسار.
وقد سعت إلى استكمال مشروعها الإبداعي بتنمية قدراتها التقنية حيث عمدت في رواياتها الأخيرة إلى البحث في طيات التاريخ عن صفحات ترتكز عليها في إضاءة الواقع المعاصر.
في روايتها " كوكو سودان كباشي"، وهو اسم أحد الشخصيات في جبال النوبة السودانية، لخصت قصة اختطافه واسترقاقه وتجنيده في حرب بعيدة، مما يكاد يجعله رمزا للحرية المستلبة الشرود والطاقة النبيلة المهدرة.
لكن سلوي بكر تدخل إلى هذا العالم بتلقائية شديدة حيث تختار شخصية الراوية محامية نشطة تهتم بقضايا المطحونين ومشاكل حقوق الإنسان مما يجعلها قريبة في منظورها ورؤيتها مما تريد التعبير عنه بل نجدها تجسد في مطلع الرواية مشكلة أنثوية مزمنة يندر أن تبرز بمثل هذا الاستقصاء في الأدبيات السائدة وهي طغيان صورة الأب على مخيال الفتاة المعجبة به مثل كل الفتيات إلى الحد الذي يكاد يعطل طاقتها في اختيار من تقترن به.
تعد سلوى بكر من بين النجوم الأدبية الصامتة، فهي لا تتقن فن إبراز الذات، رغم أنها تعد من بين أبرز الكاتبات والمثقفات في مصر. 
سلوى بكر تترك شخوص رواياتها تتحدث عنها، إذ إن اهتمامها الأكبر منصب على النساء المهمشات في المجتمع، المنبوذات والمعاقات جسديًا وعقليًا، أو اللواتي أصبحن ذوات سوابق إجرامية بسبب ظروف حياتهن المزرية، واخترن الهرب إلى الفانتازيا أو الجنون من أجل إيجاد طريقة للتعامل مع قدرهن.
حول ذلك تقول الكاتبة المصرية: "أنا أكتب حول النساء اللواتي نادرًا ما يراهن أحد. شخصيات رواياتي هن نساء يبقين خارج دائرة الضوء ولا يستفيد منهن أي شخص". من خلال ذلك تهدف سلوى بكر إلى الابتعاد عمدًا عن الأدب الذكوري، الذي يرى المرأة من خلال المنظار الأبوي كزوجة أولًا ومن ثم كعشيقة. وتتابع بكر بالقول: "أكتب عن الأرامل أو المنبوذات الوحيدات، اللواتي ما تزال لديهن أمنيات".
وهذا المعنى هو محور أحد أشهر رواياتها، بعنوان "العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء"، التي صدرت بالألمانية عن دار لينوس للنشر سنة 1997، وتعد من كلاسيكيات الأدب النسائي العربي. تعرض الرواية، بكثير من الفكاهة والسخرية، قصص مجموعة من النساء يجتمعن في سجن النساء في مدينة الإسكندرية، ويشعرن بتعاطف لم يشعرن به من قبل.
الرواية تتحدث عن أمنياتهن وأشواقهن، التي لا تلعب في المجتمع المصري حتى الآن أي دور يذكر.
وترى بكر أن أوضاع النساء تحسنت بعد الثورة فتقول: "النساء يكافحن اليوم بشكل أكبر من أجل حقوقهن، ولهذا فإن أوضاعهن قد تحسنت".
تتابع: قبل الثورة لم يكن أحد يتحدث حول قضايا مثل التحرش الجنسي أو الاغتصاب، إذ جرت العادة على أن تلقى الضحية باللوم على نفسها، وبالأخص الفتيات الشابات، اللواتي كنّ يصمتن بسبب الخوف والخجل. أما الآن فقد بدأن بالتغلب على مشاعر الذنب وإيصال قضايا الاغتصاب إلى المحكمة. فالنساء الشجاعات يسمين الأمور بأسمائها، وتلك النساء تقول: "لن نرضى بترهيبنا بعد الآن، فنحن لسن المذنبات بل أنتم. هذا تغير كبير".
سلوى بكر، المولودة سنة 1949، تنحدر من أسرة متواضعة في أحد ضواحي القاهرة، إذ كان والدها يعمل في السكك الحديدية. درست سلوى إدارة الأعمال ثم علوم المسرح في جامعة عين شمس، وبعد تخرجها من الجامعة عملت في البداية ناقدة للأفلام والمسرحيات، قبل أن تبدأ بشق طريقها الأدبي في منتصف الثمانينيات.
اضطرت سلوى بكر لنشر أول كتاب لها على نفقتها الخاصة، إلا أن ذلك تغير بعدما ترك الكتاب انطباعات إيجابية لدى النقاد. في عهد مبارك قضت بكر فترة قصيرة في السجن، ورغم أنها تعالج في رواياتها أوضاع النساء في مصر، إلا أنها تنأى بنفسها عن الناشطات النسويات، وترى سلوى بكر في تلك النساء قبل كل شيء سيدات من الطبقة الغنية، يختلفن في تفكيرهن وأسلوب حياتهن بشكل كبير عن معظم النساء المصريات.
وبالنسبة للمؤلفة المصرية، فإن هناك عداوة متجذرة ضد المرأة تخترق كل طبقات المجتمع المصري وترسم معالم النقاش في أوساط الأحزاب الليبرالية، وتشير إلى أن "المثقفين المصريين يناقشون السياسة والثقافة، إلا أن حقوق المرأة لا تلعب في نقاشاتهم أي دور، وفي نهاية الأمر فإن صورتهم عن المرأة هي تمامًا كصورة الإخوان المسلمين عنها".
ورغم تحقيق سلوى بكر لنجاح دولي كمؤلفة، إلا أن شهرتها في وطنها ما تزال محدودة، وهو ما يولد عندها شعورًا بالمرارة بسبب طريقة عمل آلة الثقافة في مصر، فقد حصلت أعمالها على جوائز دولية عديدة، مثل جائزة دويتشه فيله للآداب في ألمانيا سنة 1993.
لكنها لم تحصل على أي جائزة أو تقدير في مصر. كما أنها لا تجني دخلًا أقل من نظرائها الرجال وحسب، بل وإن الجوائز الأدبية في مصر لا تمنح بناء على معايير موضوعية، حسب رأيها. وتقول سلوى بكر: "الفنانون الذكور الذين يتمتعون أيضًا بعلاقات جيدة مع الحكومة هم من يحصلون عندنا على الجوائز الأدبية. وعندما أقوم بنشر كتاب ما، أجني منه القليل من المال، وهذا بالنسبة لي نوع من الفساد".
سحر الموجي..حكائة صوفية
سحر الموجي مبدعة مصرية ، تجمع بين الحياة الأكاديمية بتدريس الأدب الانجليزي في الجامعة، والحياة الإعلامية بالكتابة في الصحف والعمل بالإذاعة الموجهة لأوربا.
استطاعت أن تجمع بين الأدب الانجليزي وتدريسه مع الاهتمام بجيل جديد من الكتاب الشبان، للمساهمة في الارتقاء بالوعي الثقافي لدى الشعب المصري.
تخرجت من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، حاصلة على الماجستير في الشعر الانجليزي والدكتوراة في الشعر الأمريكي.
د.سحر بدأت كحكائة في "انا الحكاية" ثم "حكايات عن الثورة". صدر لها عدة روايات منها "ن" الصادرة عن دار الهلال والطبعة الثانية عن " دار الشروق" و"سيدة المنام" و"دارية" و"آلهة صغيرة".
تولي الكاتبة سحر الموجي اهتماما خاصا لفكرة الذات، ويصف النقاد كتاباتها بأن بها ملمحًا صوفيًا وعن ذلك تقول: هو جزء من تركيبتي، ولأنه رؤيتي للحياة، ولأن هذا البعد الصوفي موجود طوال الوقت في حياتنا سواء أحسسنا به أم لا، أدركناه أم لم ندركه.
فمثلًا عالجت في قصصي فكرة الصراع مع النفس، في نفس الوقت الذي تظهر فيه قاعدة الاستغناء وهي ألا تطلب، وهي قاعدة صوفية أصلا، ولها ما يوازيها في الصوفية الإسلامية وان كانت أقرب لتصوراتي عن الحياة، وعن السعادة، التي أرى أنها تكمن في ألا تتوقع ما ستأتيك به الحياة.
فالاستغناء تصور حقيقي للسعادة في قاموسي، أن تستطيع أن تصل للحظة نشوة حقيقية صوفية، وأنت وحيد تماما لمجرد أنك تجلس وتنظر إلى القمر، وتشعر بتوحد ذاتك معه، بأنكما أصبحتما شخصا واحدا، وليس اثنين، وهذا في حد ذاته بعد روحي للرحلة التي هي الحياة، لأن الحياة في تصوري ليست هي الإنجاز على مستوى العمل المادي، بل هي الإنجاز على مستوى الروح، أن تشعر وأنت في ذروة الألم، وفي ذروة انشطار قلبك انك ستخرج من هذا الألم، وأنك لن تفقد أبدا ايمانك في الحياة.
"أكتب بإحساسي"، هكذا تؤكد الموجي، وتقول: المحرك الأساسي لي عند الكتابة ليست الفكرة، بل الاحساس، ولذلك فإني لا أحب الشعر الجديد الذي يعتمد في كتابته على الذهنية، وما يهمني أثناء الكتابة، هو كيف أعطي لاحساسي شكلا يقرأ به، كيف التقطه، كيف ألتقط لحظة لشخص يجري، وأثبته في الهواء، وأكتب أحاسيسه، من فرح، وخوف وترقب وفزع في نفس اللحظة. الكتابة بالنسبة لي دافعها الأساسي وجداني وليس ذهنيا، الذهن يعطيها الشكل فقط، لأن الكتابة الحقيقية، لا تأتي إلا من لحظة وجع حقيقي.
وعن الأدب النسوي تقول: المرأة كتبت في المائة سنة الأخيرة فقط من عمر الإنسانية، ووعينا الجمعي؛ ولا وعينا أيضا ليس داخلا في تركيبته اعتبار المرأة مبدعة، أو منتجة للفن، إضافة إلى نقطة أخرى، هي أن النقاد يعتبرون كتابة المرأة، سواء صرحوا بهذا أم لم يصرحوا، كتابة متعلقة على الذات، وهي كتابة مفزعة للرجل لأنه يعتبرها كاشفة لأسراره، ولأنها ليست من تركيبته إن المرأة مبدعة، ومن ناحية أخرى، فإن الكتابة صادقة، ولذلك فإن النقاد يسعون إلى تحجميها بقولهم إنها كاتبة ذات، ويعتبرونها كلاما فارغا لأنها صادمة لوعيهم الذكوري.
يتهمها النقاد أنها تكتب عن قهر الرجل الشرقي للمرأة، من أجل ترجمة رواياتها، فتجيب في ثقة قائلة: لست مهتمة بالترجمة، فمن الممكن أن أترجم لنفسي، وقضية اتهام أي كاتب منطلق أنه يكتب ليترجم قضية خطيرة، لأن هذا معناه أنه لايكتب من أجل الكتابة ذاتها. وهو اتهام في مصداقية الإبداع. نجيب محفوظ كان يكتب لأنه كان مهموما بالكتابة، وليس من أجل أن يترجم، وقد ترجمت أعماله للغات عدة.
حصلت الموجي على أكثر من جائزة فقد أخذت رواية "دارية" سنة 1998 جائزة أندية الفتيات بالشارقية، وكانت أولى دورات هذه الجائزة وهي بالأساس لمسودات روايات لكاتبات على مستوي العالم العربي ؛ وكانت الجائزة هي نشر النص الفائز. أما الجائزة الثانية فكانت من نصيب رواية "ن" سنة 2007، وكانت جائزة كفافيس للنبوغ للشاعر كوستنتين كفافي الشاعر اليوناني المصري.
نعمات البحيري..امرأة مشعة
كان عام1984 هو تاريخ بزوغ شمس الكاتبة نعمات البحيري عندما خرجت علينا بمجموعتها القصصية الأولى "نصف امرأة" لتعلن عن نفسها ككاتبة لها لون وطعم جديدان كما يشير النقاد، فالسرد عندها متدفق متحرر من تقاليد القص التقليدية يحمل داخله روحه التأويلية شارحا في كل موضع موقف الساردة من العالم والناس من حولها.
ومن "نصف امرأة"، إلى "العاشقون" روايتها التي كتبتها على شكل متتاليات قصصية، راحت نعمات البحيري تتقدم في مشروعها الروائي بخطي ثابتة واثقة فكتبت "ارتحالات اللؤلؤ" وهي في كل أعمالها تقريبا تبتغي صنع مستقبل جديد صحيح أنه خارج من رحم الماضي لكنه ليس بالضرورة امتدادا له فالماضي يمكن التمرد عليه بل كسره وفك قيوده للتطلع إلى غد أكثر إشراقا ونصاعة وإنسانية.
وجاءت مجموعتها القصصية "ضلع أعوج" بعد ذلك، ولعل الكاتبة كانت ومن طرف خفي تريد أن تذكرنا بتلك المقولة التي رددناها أجيالا أن المرأة مخلوقة من ضلع أعوج فكانت في مجموعتها كما يقول الناقد الدكتور مصطفى الضبع عنها كأنها أرادت بها أن تكون صرخة تضع فيها سؤالها الحاسم: من المسئول عن اعوجاج العالم ومن يتحمل مسئولية التقويم؟..
كانت نعمات البحيري مشروعا أدبيا شديد السطوع كما يصفها النقاد، أراد القدر له أن يتوقف في ألق توهجه. حين داهمها السرطان قادتها بوصلتها شديدة الحساسية والرهافة إلى ردعه وتجاوزه عن طريق الهروب إلى الأمام وليس إلى الخلف فاستنفرت سلاحها الوحيد الإبداع الفاتك بكل أعدائها كالظلم والإحباط واليأس والتخاذل والخنوع والاستسلام وتركت العقل ليمارس حيلة من حيله النبيلة يدفعها بها دفعا إلى إيجاد حالة من التوازن لكي تتقبل عن سعة صدر وأفق خبرة الألم المضافة إلى كم الخبرات الإنسانية التي عاشتها حتى قبل أن تعرف الكتابة، فراحت تدون التجربة في مراحلها القاسية كشكل من أشكال الدفاع.
وجاءت روايتها "يوميات امرأة مشعة" فتحا شجاعا حيث لم تكتف الكاتبة بسرد أدق تفاصيل ما جرى لها في أزمتها الصحية وإنما استخدمت نفس الأسماء الحقيقية لأبطالها الواقعيين فوقفت عارية من كل الأقنعة وكأنها تتحدي أزمتها لتعلن بكل الشجاعة أنها هي بطلة اليوميات.
نعمات محمد مرسي البحيرى أديبة وروائية وقاصة مصرية، ولدت بالقاهرة بحى العباسية البحرية عام 1953 ثم عادت مع أمها لتعيش طفولتها المبكرة في بيت جدها في تل بنى تميم بشبين القناطر قليوبية.
تخرجت في كلية التجارة عام 1976، جامعة عين شمس شعبة محاسبة، وهي من جيل الثمانينيات في كتابة القصة القصيرة والرواية، كما أنها كانت عضوا في عديد من الهيئات مثل، اتحاد كتاب مصر، أتيليه الكتاب والفنانين، نادي القصة بالقاهرة، جمعية الفيلم.
تقول البحيري في أحد حواراتها السابقة: "ارهاصاتي كأديبة بدأت في الجامعة بكتابة المقال القصصي، لأنني اعتدت أن أفرز كل ما بداخلي على الورق في شكل حكايات كلما واجهتني أية
مشكلة، وأن أضع لها التصورات الممكنة لحلها.
ومع الوقت وجدتني أطرح عوالم خاصة تحمل رؤية مستقبلية للنهوض بواقعنا. وبعدها اكتشفت أن كل ما كتبت عبارة عن بنى لنصوص قصصية. فذهبت بأوراقي إلى نادي القصة،
وحين قرأتها على بعض الأدباء أثنوا عليها واعتبروني قاصة ممتازة، مما شجعني على
المضي قدما في هذا الطريق. وتجرأت فأرسلت قصة قصيرة إلى مجلة خطوة التي كان يشرف
عليها يحيي الطاهر عبدالله ود. السيد البحراوي. وقد فوجئت بالقصة منشورة.
وكان عنوانها "نصف امرأة"، وهو الذي صار عنوان أولى مجموعاتي
القصصية.
احتفى بكتابتها عديد من النقاد من كل الأجيال، منهم إبراهيم فتحى وفريدة النقاش والدكتور سيد
البحراوى ود.محمد الرميحى، والدكتور مصطفى الضبع والدكتور مجدى توفيق ومن الشعراء
جمال القصاص وشعبان يوسف وعواد ناصر وحلمى سالم.
ومن القصاصين والروائيين محمد مستجاب وفؤاد قنديل وعبد الرحمن مجيد الربيعى وسيد الوكيل وأميرة الطحاوى، ومن الباحثات الأجنبيات كتبت عنها كارولين سيمور الأمريكية وميرلين بوث الأمريكية وأديزونى ايلو الإيطالية.
ترجم لها عديد من القصص للإنجليزية وللفرنسية وللإيطالية وللكردية، وسافرت ضمن وفود ثقافية كثيرة، وكتبت عن أسفارها ونشرت عنها.
كتبت الدراما التليفزيونية لقصتها القصيرة "نساء الصمت" وقامت بإنتاجها شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات.
صدر لها عديد من المجموعات القصصية والروايات منها "نصف امرأة"، "العاشقون"، "ارتحالات اللؤلؤ"، "ضلع أعوج"، رواية "أشجار قليلة عند المنحنى"، "حكايات المرأة الوحيدة".
كما كتبت البحيري للأطفال وتقول عن ذلك: "لقد أردت أن أعيش طفولتي التي حرمت منها عن طريق الكتابة للأطفال، وأن أقوم باللعب على الورق، كما أنني أحسست بأهمية الحفاظ على القيم الأصيلة التي تحاول الميديا الأمريكية هدمها لدى أطفالنا عن طريق العنف الشديد وترسيخ الإحساس بالدونية. كذلك أركز دائما على ضرورة العمل والتفكير والشعور بالمسئولية".
تقول عن روايتها "العاشقون": الإحساس بالقهر يلازمني منذ الطفولة. وأري أنه لا يوجد فرق كبير بين تسلط الأب والأم حملة سلطة الموروث الذي يهمش البنت ويدفع بالولد إلى المقدمة،
وبين تسلط الحاكم. وفي رواية العاشقون عانيت أيضا من تسلط الأطباء والممرضين، فتجدني انتقدهم بشدة لطريقتهم القاسية في العلاج بالإشعاع. وقد استطعت في هذه الرواية إيجاد عالم مماثل للعالم الخارجي الكبير الذي يقهر الإنسان كما أنها أول رواية تتحدث عن صراع الإنسان مع السرطان.
فتحية العسال..امرأة الصعاب
"لم أنل أي شهادة أكاديمية ولا حتى شهادة ابتدائية، ولم يساهم أحد في تعليمي، إنما كل ذلك كان نتيجة ردة فعل على وضعي، أخرجني والدي من المدرسة وأنا بعمر عشر سنين لأنه خاف عليّ باعتباري بنت (مفتحة حبتين)، فقررت أن اعوض كل شيء حرمت منه، وابتدأت اعلم نفسي، وأول شيء فعلته محاولة كتابة اسمي، فيما بعد رأى أبي اصراري وعنادي على العلم فبدأ يساعدني في بعض الكتب الدراسية، عند اتقاني القراءة والكتابة، اصبح والدي يعطيني الصحيفة لأقرأ له اخبار (هتلر) كون نظارته مكسورة".
هكذا تكتب الراحلة عن نفسها في مذكراتها، وتتابع: علمت نفسي بنفسي عبر التحدي وسألت نفسي هل بناء الإنسان بالتحدي ام بالقدرات وما الفرق بين الطموح والوصول؟!! فإذا كنت تريد الوصول فينبغي عليك الالتواء، والفرق بين الطموح والتطلعات كبير، فأنا دائما اطمح أن اكون امرأة فاعلة، لكن عندما أكون متطلعة يعني القيام بعمل لا أقدر عليه.
وكانت تؤكد: انا لا افرق ابدًا ما بين الابداع الادبي والسياسة بلا شك هما مرتبطان ببعض، فمسرحية "بلا اقنعة" التي تتحدث عن المرأة وضرورة تحديد موقعها والارض التي تقف عليها هذا سياسة، وفي مسرحية "سجن النساء" عندما تحدثت عن السجينات وقلت أنهن نتيجة لمجتمع فاسد فهذا أيضا سياسة وابداع، وعندما كتبت مسرحية "البين بين" عن الإنسان المعاصر الضائع كنت أتحدث سياسة، حيث يطمح حسن الشخصية الأساسية بأن يكون اغنى رجل واشرف رجل، هذا التناقض والطموح المستحيل يقوده إلى الانتحار، وبعد انتحاره تجري له محاكمة بين السماء والأرض يحاكمه اليمين والوسط واليسار وكل منهم يلومه من موقعه.
اعتبرها النقاد كاتبة مكافحة مثال للعصامية، والدأب الشديد لتعليم نفسها، لتصبح من أكبر كتاب السينما والتليفزيون. دخلت المعتقل وكانت بروحها تشعر من معها من النساء، بأنهن يناضلن في درب آخر.
وهي امرأة الصعاب كما كانوا يلقبها النقاد، جعلت من المستحيل الذي لم يقدر عليه غيرها واقعا عايشته هي، لتثبت للعالم كله أن لا شيء يقف أمام الاصرار والنجاح.
ولدت الكاتبة المصرية فتحية العسال عام 1933، بإحدى القرى الريفية، حيث تأثرت بالكثير من الأحداث في نشأتها والتي ساهمت في تكوين شخصيتها، كرؤيتها لخيانة أبيها لأمها وحرمانها من التعليم.
وكانت الكاتبة المتألقة فتحية العسال هي أول أديبة عربية، يتم عرض عمل أدبي لها على خشبة المسرح وهي مسرحية "المرجيحة"، وقد قدمت للمسرح بعدها العديد من المسرحيات الناجحة، مثل "لام ألف همزة لا، والبين بين، وبلا أقنعة"، التي تم اعتقالها بسببها لأنها تتحدث عن رفضها لاتفاقية كامب دافيد، ومسرحية "سجن النساء" التي كتبتها بين جدران السجن.
فاطمة ناعوت..شاعرة لا تخشى السياسة!
من الهندسة المدنية إلى الأدب، ومنهما إلى معترك السياسة، هكذا تنقلت فاطمة ناعوت، الشاعرة والكاتبة الصحفية، بين مجالات عدة اختتمتها بنشاطها السياسي، وهجومها الشديد على تيار الإسلام السياسي.
بدأت مشوارها شاعرة قبل أن تهتم بالترجمة والكتابة الصحفية، أصدرت أول دواوينها الشعرية في الهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان "نقرة إصبع"، وقبل هذا نشر لها عشرات القصائد والمقالات والترجمات في عديد من الصحف والمجلات العربية والعالمية، كما ترجمت بعض قصائدها إلى عدة لغات.
يرى النقاد أن الملمح الذي يميزها هو "الحكائية"، التي لاتحمل في طياتها أبطالا ولا أحداثا وانما شعور فلسفي، شعور محض بحالة إنسانية.
اللغة محور هام وقدرة جديدة لدى ناعوت، حيث تستخدم اللغة طاقة داخلية وخارجية بازاء النص كتمرين للحاسة المنطقية التي تجعلنا فيما بعد نقول عن النص أنه حديث أو جديد أو مبتكر وتحديدا القدرة على استخدام ما جعله النقاد غير شعري وتحويله إلى مادة شعرية باقتدار ووفق الناقد رولان بارت، حققت فاطمة في نصها "فوق كف امرأة"، تجاوزًا موضوعيا كبيرا لما تكتبه المرأة عادة حين تكون كاتبة أو شاعرة، لم تتحدث فاطمة عن عقد الحرية لدى المرأة العربية عموما ولا تلك السياقات الباهتة في أدبيات الرومنتيك وحين تاتي فاطمة رومانتيكية فانها تقفز إلى ناحية أخرى بعيدة عن السائد النمطي انها تتركنا نكتشف فقط:
حبيبُها،
الواقفُ عند باب البيتِ الريفيّ
يسألُها من فوق ظهر الملكة
" تأمرينَ بشيء ؟"
فيما جلبابُه
يؤكدُ نظريتي القديمةَ
عن علاقةِ الزرقةِ
بالجَمال.
سعاد سليمان..مسكونة بالمهمشين
تختار الكاتبة المصرية سعاد سليمان حكاية معتادة، استهلكتها الأقلام لتكون موضوعًا لروايتها القصيرة التي أحدثت دوي مؤخرًا، "آخر المحظيات"، مع ذلك وفقًا لعمار على حسن، استطاعت أن تمنحها جاذبية ما، عبر لغة شاعرية مقتصدة، وتقنية بناء ماكرة، حاولت من خلالها أن تعطي روايتها عمقًا واتساعًا، وإن بدت الكاتبة، في المجمل، لا تزال واقفة فوق المساحة التي جربتها، ونجحت فيها، وهي فن القصة القصيرة، الذي أبدعت فيه مجموعتين لافتتين هما: "هكذا ببساطة" و"الراقص"، إضافة إلى رواية الفانتازيا السياسية "غير المُباح".
غادرت سليمان عالم المهمشين، المحبّذ لديها، الذي صنعت من ثناياه لوحات سردية بالغة الإحكام والجمال، لتتخذ شخصيات تنتمي إلى الشريحة العليا من الطبقة الوسطى وتمنحها أدوار البطولة في رواية تحكي فيها قصة زوجة اكتشفت خيانة زوجها بعد موته، عبر الضغط على أزرار هاتفه الجوال، الذي كان محرمًا عليها الاقتراب منه في حياته، وكذلك ملفاته الورقية المكدسة في مكتبته.
إنها حكاية رامي، الحقوقي والمترجم في الأمم المتحدة وابنة عمه "زينة" التي تزوجها وأنجب منها هربًا من عشيقته الفنانة التشكيلية التي تنتمي إلى أسرة مفككة، فوالدها طبيب قلب شهير تنكر لها، وأمها عجوز متصابية منحدرة من سلسلة محظيات متوالية عبر تاريخ مصر الحديث، وطليقها سادي مربوط بعلاقة شاذة مع أمه إذ يحكي لها تفاصيل لقاءاته الحميمة بزوجته.
تبدأ الرواية بأسئلة توجهها الزوجة إلى زوجها الراحل: "لماذا مت؟ وكيف تموت من دون أن أشفي غليلي منك؟ لماذا الآن؟ كيف أسترد حقي منك؟"، لتدور طول الوقت في سلسلة من الأسئلة اللاهثة خلف أجوبة ناقصة، فتصنع منها تقنية متنامية للتشويق، والتقدم المتمهل نحو نهاية تنطوي على مفارقة.
بينما يقول محمد عبد النبي عن مجموعتها "هكذا ببساطة"، أنها تتحدث عن اللمسة السحرية التي تؤكد وجودنا وتمنحنا صكّ الاعتراف بنا من قِبل الآخر، هذه اللمسة هي حجر الزاوية في معظم قصص مجموعة "هكذا ببساطة" لسعاد سليمان الصادرة على نفقتها. العلاقة المتوترة بين الرجل والمرأة تتسع أحيانًا لتستوعب داخل آليتها كل علاقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.