درجنا على اعتبار نزلة البرد (Common cold) والإنفلونزا (Influanza) مرضا واحدا ربما لتشابه الأعراض وظهورها فى آن واحد فى فصلى الشتاء والخريف. الواقع أنهما مرضان مختلفان لأن المسبب لهما مختلف. حالات نزلة البرد: مرض فيروسى ممكن أن يسببه فيروس أو أكثر من مائتى فيروس قادرة على إصابة الإنسان بما نسميه نزلة البرد. يصيب الفيروس الجهاز التنفسى العلوى أى الأنف والحلق فتبدأ أعراض التهاب الحلق فى غضون يومين أو ثلاثة بعد التعرض لمصدر العدوى. تملك الفيروسات قدرة مذهلة على الانتشار فى الجو حينما تنطلق عبر الرزاز المتناثر من المريض سواء فى عسطة أو سعالة أو حتى كلامه العادى أو ضحكة وربما أيضا علقت من المريض على فراشه أو أى من الأدوات المحيطة به تلتمس الفرصة لإصابة أى إنسان آخر سليم يخالط المريض أو يلمس بعضاً من أدواته التى سبق واستعملها. وتبدأ الأعراض: احتقان فى الحلق. سيلان الأنف وصعوبة فى التنفس. السعال والعطس. ألم فى العضلات. صداع محتمل. احتقان فى العين وربما تساقط دموع. ارتفاع فى درجة الحرارة. والملاحظ أن أعراض نزلة البرد قد تكون أقل من وطأة الإنفلونزا فلا ترتفع درجة الحرارة بصورة عالية، ويظل الصداع محتملا وإن كان السعال والعطس مزعجين إلا أن نزلة البرد تترفق قليلا بمريضها. حالات الإنفلونزا أكثر شراسة وإن انحصرت فيروساتها فى ثلاثة أسماء وشهيرة A B C لكنها تهاجم الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسى كله، والذى يشمل الأنف والحلق والشعب الهوائية بل الرئة ذاتها. تعرف الإنفلونزا أيضا بكلمة (Flu) وهو التعبير الشائع فى أمريكا للنوبات الوبائية، التى يشنها فيروس A، B فى غارات قد تقتل العشرات. تبدأ أعراض الإنفلونزا بإيقاع سريع بعد العدوى، التى تتماثل وطريقة العدوى فى نزلات البرد عبر انتشار رزاز المريض أو ملامسة أشياء استعملها. ترتفع درجة الحرارة إلى معدلات قد تتعدى الأربعين درجة مئوية خاصة عند الأطفال، وكبار السن مما يستدعى تدخلا سريعا لخفض درجة الحرارة بأى وسيلة ومنها حمامات الماء الفاتر والبارد. الإحساس بالقشعريرة والبرودة. صداع شديد متصل. سعال جاف فى البداية. ألم فى كل العضلات. فقدان للشهية والمذاق. إسهال أو قىء خاصة فى حالات الأطفال. الإنفلونزا قد تتفاقم مشكلتها إذا ما تحولت للالتهاب الرئوى، لذا يجب مراجعة الطبيب فى أسرع وقت ممكن إذا ما تطورت الشكوى لألم فى الصدر أو إحساس بالاختناق أو مصاحبة البلغم للسعال المستمر. من المعروف أن الإصابة بأى من الفيروس A أو B يعقبها تكوين أجسام مضادة فى الجسم قد تقى الإنسان من إصابة جديدة بنفس الفيروس لكن القدرة المذهلة لكل من الفيروسين A، B على التحور وتغيير تركيبتهما تجعل هذه الأجسام المضادة عديمة الفائدة مما يحمل خطر الإصابة مجددا بالفيروس نفسه فى صورته الجديدة، بل يجعل ايضا استخدام الفاكسين المضاد للفيروس بلا فائدة تذكر. أما فيروس C فهو أكثر ثباتا فى تركيبه ولم يعرف لسبب فى هجمات وبائية كرفيقيه. هل هناك علاج لنزلات البرد أو الإنفلونزا؟ ليس هناك فى الواقع أى علاج رادع لنزلات البرد أو الإنفلونزا، ولكنها كلها أدوية لعلاج الأعراض إذ إنه لم يعرف حتى اليوم دواء لعلاج الفيروسات وإنما أدوية لرفع كفاءة الأجهزة المناعية للجسم فى مواجهة غزو الفيروسات. الراحة فى الفراش أول ما يجب أن تفعله إذا ما أصابتك الإنفلونزا أو نزلة البرد. تناول السوائل بكثرة لتعويض الجسم ما يفقده إلى جانب التأثير الخافض للحرارة. المضادات الحيوية لا دور لها إذا تعقدت الأمور بإصابة بكتيرية مع الفيروس. للتغلب على أعراض ارتفاع الحرارة وألم الحلق والصداع يمكن تناول بعض من الأدوية المحتوية على مادة الباراسيتامول أو الأستيا مينوفين المعروفة بالبانادول أو التلينول دون إفراط لتأثيرهم على الكبد خاصة المصاب بفيروساته. أدوية علاج السعال قد تضر أكثر مما تنفع خاصة فى حالات الأطفال فلا داعى لاستخدامها. لعلاج احتقان الأنف قد يصف الطبيب أحد العلاجات المضادة للاحتقان، أو قطرات للأنف استعملها بحساب، خاصة إذا كنت مصابا بارتفاع ضغط الدم لأنها تساهم فى ارتفاع الضغط. الغريب أن العديد من المصادر الطبية تشير إلى أن حساء الدجاج له فاعلية قد تفوق كل الأدوية فى علاج الإنفلونزا ونزلات البرد. يتحدث الجميع عن محتواها الغذائى الفعال، خاصة إذا أضيف إليها البصل والملح والفلفل الأسود! كما أن تأثيرها المباشر وتصاعد البخار من طبق الحساء الساخن يساعد على ترطيب الأنف والجيوب الأنفية. يأتى أيضا الزبادى فى مرتبة تالية لحساء الدجاج، خاصة إذا أضيف له العسل فإلى جانب سهولة هضمه واحتوائه على البكتيريا الهاضمة فإن للعسل تأثيرا ملطف للسعال. هل من وقاية فعالة من نزلة البرد أو الإنفلونزا؟ لا يوجد حتى اليوم لقاح واقٍ من نزلات البرد لكن هناك نوعين من اللقاح الواقى من الإنفلونزا بنوعيها A, B نظريا أو بمعنى آخر إذ لم يحدث أن غيرا جلدهما وتحورا لنوع أشد فتكا. إذا فكرت فى أن تلجأ للقاح الواقى من الإنفلونزا يستحسن أن تأخذه فى شهرى أكتوبر أو نوفمبر حتى يتمكن جسدك من إنتاج الأجسام المضادة لمقاومة الإنفلونزا ما بين شهرى ديسمبر ومارس موعدها الموسمى. جرعة من فيتامين «ج» قد تكون مفيدة وأخرى من الزنك قد تختصر أيام الأزمة. تكرار غسل الأيدى بالماء والصالون أمر على بساطته يعد أفضل وسيلة للوقاية. استخدام المناديل الورقية والتخلص منها فورا وعدم تغطية الفم باليد وقت العطس أو السعال. ملاحظة عدم تداول الأشياء الشخصية كالأكواب والمناشف. تجنب الزحام الشديد والأماكن المغلقة واختر وقتا لزيارة مريضك لا يزعجه ولا ينقل لك العدوى، أقصد بالطبع حينما يتعافى من أى منهما نزلة البرد أو هجمة الإنفلونزا.