طالب نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري السابق، بضرورة احترام السيادة الوطنية للدول العربية في المشرق، والحقوق الوطنية المشروعة لشعوبها، محذراً من مغبة التقسيم الرسمي أو الضمني للأراضي السورية في سياق وقف الاشتباكات بين الأطراف المتنازعة، أو محاولات طمس حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على الأرض التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما فيها القدسالشرقية، مستغلة انشغال المنطقة بأزمات وصراعات متعددة. وحذر نبيل فهمي -في الجلسة الرئيسية الأولى لمؤتمر الشرق الأوسط الذي ينظمه مركز فالداي الروسي بموسكو يومي 19 و20 فبراير الجاري، في الجلسة الافتتاحية الرئيسية التي شارك فيها وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وبثينة حداد مستشارة الرئيس السوري- من أن انهيار منظومة الدولة الوطنية في المشرق، وتفكيك النسيج الاجتماعي يهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها لتعدد الطوائف والجاليات وتنوعها في مختلف دول المنطقة وعبر حدودها.
كما حذر الدول الكبرى والإقليمية من تكرار أخطاء الماضي في فيتنام وأفغانستان في محاولة فرض مواقفها على الشعوب الوطنية، أو باستغلال الدين والإيديوليجيات العقائدية تحقيقاً في معارك جيوبوليتيكية وصراع المصالح والهيمنة بينهما، لأغراض قصيرة الأجل، في غياب منظور استراتيجي معمق وحكيم، وهي أخطاء دفع ثمنها المجتمع الدولي بأكمله، ثمناً غالياً مع تفشي التطرف والإرهاب، الذي استثمر إحباط المجتمعات والشعوب من ازدواجية المعايير، وعدم احترام حقوق الإنسان، وفرض حكم القوي على الضعيف.
وثمن «فهمي» استعادة روسيا نشاطها وتنامي دورها السياسي والدبلوماسي دولياً وفي الشرق الأوسط، وناشدها التمسك بنظرة وسياسات استراتيجية داعمة للاستقرار بالمنطقة وحقوق وشعوب الشرق الأوسط، وهما أمران ضروريان لمكافحة التطرف والإرهاب وحماية المصالح الشرق أوسطية ومصالح الدول المجاورة بما فيها روسيا.
وأكد «فهمي» أن الأحداث والتطورات بسوريا أثبتت فشل أي طرف في فرض رأيه أو حسم الأمور بمفرده سياسيًا أو عسكريًا، وأنه قد آن الآوان لجهد ومسيرة جادة، تشمل الأطراف الدولية الرئيسية، خاصة روسيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول الدائمة بمجلس الأمن الدولي، وتضم الأطراف الشرق أوسطية العربية؛ مصر والسعودية والعراق والأردن، وغير العربية؛ إيرانوتركيا، فضلاً عن ممثلين الحكومة السورية والمعارضة، تحت غطاء الآلية التفاوضية بالأمم المتحدة ومن خلال: أ) حوار سوري / سوري حول مستقبل سوريا. ب) حوار استراتيجي للدول الداعمة لهذا الجهد حول سبل دعم هذا الحوار دون التدخل في الخيار الوطني السوري. ت) حوار عربي / عربي يعقبه مباشرة حوار عربي مع كل من تركياوإيران حول علاقات حسن الجوار بالمنطقة، وآلية حل المنازعات والخلافات بينهم.
وانتقد «فهمي» بشدة محاولات بعض الدول غير العربية استغلال اضطراب الحالة السورية لإعادة انتشار قواتها عبر الحدود مثلما فعلت تركيا، كما انتقد محاولات إيران استغلال الفضاء العربي لنشر نفوذها وفرض هينمتها بما يتناقض مع القانون الدولي.
وختم نبيل فهمي ملاحظاته بالتأكيد على أنه بقدر ما التعاون والتنسيق الدولي والإقليمي مطلوب بل ضروري، فمن الخطورة بمكان محاولة الدخول في صفقات سياسية تتعارض مع القانون الدولي أو تمس الحقوق المشروعة للشعوب، وحذر تحذيراً شديداً من خطورة التفكير في صفقات كبرى، وأكد رفضه الكامل لمحاولات البعض الوصول إلى مواءمات أو مقايضة في الساحة السورية، مقابل تأجيل أو إغفال كامل للحق الفلسطيني في إقامة دولته، مؤكداً أن طمس الحق المشروع للشعوب يولد بركان من الغضب. وأن تجاهل المطالب الفلسطينية وإستمرار إسرائيل في توسعها الاستيطاني، وفي فرض قوانينها على الأراضي الفلسطينية المحتلة تأكيداً على سيادتها لها، سيتحول لصراع من شعبين فى دول مستقلة إلى صراع حول الهوية داخل الدولة الواحدة يؤدي حتماً إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار.