شيخ الأزهر لطلاب جامعتي جورج واشنطن والجامعة الأمريكية: العالم اليوم فقد عقله.. ومحاولات إقصاء الدين سبب تعاسة الإنسان    استقرار أسعار الخضروات في سوق محطة مصر بالإسكندرية.. وكيلو الطماطم ب10 جنيهات    عاجل- السيسي يوافق على تعديل اتفاق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    البنك المصري لتنمية الصادرات ضمن قائمة فوربس لأقوي 50 شركة بمصر 2025    كاتس يوجه بتكثيف الهجمات على أهداف استراتيجية بإيران: لتقويض النظام وإزالة التهديدات    الطاقة الذرية الإيرانية: الاعتداء الإسرائيلي على منشأة خنداب للماء الثقيل لم يسفر عن خسائر    بعد تألقهم في بطولة كأس العالم ب تركيا.. أسيوط تكرم فريق ال «كيك بوكسينج»    ياسر إبراهيم يوجه رسالة لجماهير الأهلي قبل مواجهة بالميراس    أجواء حارة ونشاط ملحوظ لحركة الرياح بالإسكندرية    ضبط 49.1 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    انخفاض سعر الذهب اليوم فى مصر 19 يونيو 2025.. عيار 21 يسجل 4800 جنيه    تخفيض إنارة الشوارع والميادين.. محافظ أسيوط يتخذ إجراءات عاجلة لترشيد استهلاك الطاقة    وزير الإسكان يوجه رؤساء المدن الجديدة بالعمل على إجراءات ترشيد استهلاك الطاقة والمياه    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين إثر حادث تصادم بطريق سفاجا الغردقة    وكيل تعليم الغربية يتابع امتحانات الثانوية العامة لطلاب مدرسة stem    ضبط 49146 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    ماهيتاب ماجد المصري.. جولة بحساب أحدث عروس بالوسط الفني على انستجرام    تفاصيل حفل افتتاح مهرجان كناوة ونجوم اليوم الأول    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    عقب إصابته بطعنة نافذة في الرقبة.. فريق طبي بجامعة أسيوط ينجح في إنقاذ حياة شاب من الموت    وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للمجلس الوطنى للسياحة الصحية    رويترز: جنيف تحتضن اجتماع أوروبي إيراني لبحث الملف النووي الإيراني    مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص يشاركون الحكومة في دعم ذوي الهمم    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    بونو يحصل على التقييم الأعلى في تعادل الهلال وريال مدريد    "الأهلي وصراع أوروبي لاتيني".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    إعلان الفائزين في بينالي القاهرة الدولي الثالث لفنون الطفل 2025    هيفاء وهبي تعلن عن موعد حفلها مع محمد رمضان في بيروت    د.المنشاوي يعلن تقدم جامعة أسيوط عالميًا في 16 تخصصًا علميًّا    من فاتته صلاة فى السفر كيف يقضيها بعد عودته.. الأزهر للفتوى يجيب    بعد رسوب جميع الطلاب باستثناء طالبة فقط.. تحرك عاجل من «تعليمية الواسطى» ببني سويف    وزير خارجية إيران: إسرائيل ستدفع ثمن هجماتها علينا    الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة ترفع خطر إصابة الأطفال بالتوحد 4 أضعاف    عمرو يوسف بطلاً ل«موسم صيد الغزلان».. تأليف أحمد مراد وإخراج أحمد المرسي    مجلس مدينة الفتح والحماية المدنية بأسيوط يزيلان واجهة مخزن تجميع زيوت.. فيديو    إعلام عبري: 7 صواريخ إيرانية على الأقل أصابت أهدافها في إسرائيل    فوائد التين البرشومي، فاكهة الصيف الذهبية تعزز الذاكرة وتحمي القلب    بوتين يٌبدي استعداده للقاء زيلينسكي لكنه يشكك في شرعيته    طرح البرومو التشويقي الأول لمسلسل «220 يوم» (فيديو)    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    حزب الله بالعراق: دخول أمريكا في الحرب سيجلب لها الدمار    ملف يلا كورة.. ثنائي يغيب عن الأهلي.. مدير رياضي في الزمالك.. وتحقيق مع حمدي    إسرائيل: منظومات الدفاع الجوي الأمريكية اعترضت موجة الصواريخ الإيرانية الأخيرة    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    في حضور بيت العائلة، الإسماعيلية الأزهرية تكرم رئيس الإدارة المركزية لبلوغه سن التقاعد (فيديو وصور)    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    تعرف على موعد حفل محمد رمضان وهيفاء وهبي في لبنان    من قال (لا) في وجه من قالوا (نعم)؟!    بين الاعتراض على الفتوى وحرية الرأي!    دور الإعلام في نشر ودعم الثقافة في لقاء حواري بالفيوم.. صور    السفير السعودي بالقاهرة يلتقي نظيره الإيراني لبحث التطورات الإقليمية    «مصر للطيران للأسواق الحرة» توقع بروتوكول تعاون مع «النيل للطيران»    المغرب 7,57م.. أوقات الصلاة في المنيا والمحافظات الخميس 19 يونيو    ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    حسام صلاح عميد طب القاهرة ل«الشروق»: انتهاء الدراسات الفنية والمالية لمشروع قصر العينى الجديد    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هناك أهم من الرئيس؟
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 03 - 2009

العنوان البديل لهذه المقالة هو كيف نستطيع أن نؤثر فى السياسات المختلفة، وما هى الوسيلة الناجعة لهذا التأثير. وفى الواقع فإن نجاح هذا التأثير يتطلب بالضرورة معرفة من يصنع السياسة التى نود التأثير فيها.
الفكرة الذائعة الانتشار أنه فى أى دولة أو وحدة إدارية فإن الرئيس، والرئيس وحده، له هذه السلطة المطلقة. ولكن هل هذا صحيح؟ الإجابة السليمة عن هذا السؤال تحدد فاعلية أى مجهود منا فى التأثير على السياسة، أى سياسة. من هنا تأتى مركزية السياسة فى حياتنا.
وعلى الرغم من كره البعض للسياسة، لا نستطيع الإفلات منها، فهى تحاصرنا وتتحكم فى مصائرنا، ولذلك نحاول عن وعى أم لا التأثير فيها، مهما كان موقعنا فى المجتمع أو اهتماماتنا، أيا كانت سنوات عمرنا أو خصائصنا المهنية أو الشخصية. رجل الفن الذى يعتقد أنه يهرب من السياسة، لكنه يعيش فى قلق من مقص الرقيب ويجتهد لحماية موهبته الإبداعية. ربة البيت تخشى من «بلاوى السياسة» وتحذر أولادها من التجمعات الطلابية الاحتجاجية أو زوجها من الانضمام للإضرابات، ولكنها تعتمد على السياسة بخصوص الدعم وأسعار السلع وتحاول التأثير فيها إذا استطاعت.
زحمة المرور التى يعانى منها الناس هى نتاج لسياسة معينة، وجود المقطورات أو غيابها أيضا سياسة. السياسة تحاصرنا. بعضها واضح للعيان ولا يحتاج لشرح، والبعض الآخر ظاهره غير باطنه، كقمة جبل الثلج العائم، تماما كالإفراج المفاجئ عن أيمن نور، الرئيس السابق لحزب الغد.
بالإضافة إلى مركزية السياسة فى حياتنا اليومية، فلنتفق على نقطة أخرى: جوهر السياسة هو صنع القرار Decision Making. فالقرار يحسم بين البدائل المتعددة. هو المطبخ السياسى بكل عناصره وتفاعلاته، عالم مصغر Microcosm لما يحدث فى العالم الأوسع. ولذلك يحاول كل مهتم بسياسة معينة أن يكون قريبا منه إن لم يكن بداخله. وهكذا تطور مفهوم جماعات الضغط أو اللوبى سواء كانوا من رجال الأعمال أو بائعى السلاح.
وهكذا كثرت النظريات من العلوم المختلفة لتحلل كيفية صنع القرار: أكد علم النفس على أهمية عنصر المقومات الشخصية، وتم استدعاء فرويد وفرضياته لإقناعنا، بينما قام علماء الاجتماع بالتحليل المفصل لهياكل المجتمع وطبقاته لتتبع تأثيرها على قرارات مجتمعهم.
أما الاقتصاديون فاعتبروا أنفسهم أفضل المتخصصين فى تقديم النظرية المثلى لتُرشِد وترَشِّد guide and rationalize قرار المستهلك الذى يجوب الأسواق للشراء بأرخص الأسعار. ولم يعادل علماء الاقتصاد فى غرورهم إلا متخصصو علم السياسة، الذين يأخذون صنع القرار كجوهر حقلهم وهدف أبحاثهم وبالتالى يصرون على أنهم أكثر العارفين بدخائله.
وعلى الرغم من هذا الجدال وثرائه المعرفى، فإن معظم نظرياته ترتكز على فكرة مبسطة وحتى مضللة: إذا كنت تريد فهم القرار، فابحث عن الرئيس على قمة المجتمع، فى أمريكا، فرنسا أو حتى مصر، دون الغوص فى أعماق هذا المجتمع. استسهال عقيم ومضر أيضا، لأن صناعة القرار ليست للأسف بهذه السهولة.
الرئيس أو المدير هو صاحب القرار رسميا، ولكن قد يختلف الأمر فعليا. فحالة التعقيد التى يعيشها العالم ومجتمعاته المتشابكة لا تسمح لرئيس أو مدير أن يلم بكل العناصر اللازمة لصنع قراره، فيعتمد على مساعديه وتقاريرهم ويصبح هؤلاء إذن جزءا من صنع القرار حتى دون معرفة شخصية. يجتمع الرئيس بمستشاريه ويسمع لهم، فيصبحون أيضا جزءا من صناعة القرار، ثم هناك مديرة أو مدير مكتبه، ينظم فى جدوله المشحون من يقابله أو لا، وفى أى وقت، ويشرح واقعة حدثت أو لم تحدث، وهو أكبر الملتصقين به وبالتالى تأثيره فى صنع القرار لا ينازع. ثم هناك الجماعات «غير الرسمية» من الأقارب والأصدقاء والخلان.
وهكذا لا يستطيع الرئيس أو المدير مهما كان اجتهاده أن يتجنب التأثر بما يراه أو يسمعه. قد يعتقد الرئيس أو المدير أنه الحاكم الأعلى وينفرد بالقرار ولكن ليس هذا صحيحا. قد ينفرد باتخاذه أو التوقيع عليه، ولكن ليس بصنعه. وفى فترة الرئيس عبدالناصر فى الخمسينيات والستينيات كان بعض الضباط الأحرار خارج الوزارة، ومع ذلك كانوا يؤثرون فى إدراك الرئيس أكثر من كثير من الوزراء، ومن ناحية أخرى فإن علاقة عبدالناصر بالأستاذ هيكل لا تحتاج إلى تفصيل فالوثائق المختلفة تؤكدها. وقبل تعيينه وزيرا فى فترة السادات، كان المهندس عثمان أحمد عثمان يصاحب الرئيس فى تمشيته اليومية المنتظمة، وبالتالى كان حديثه ذا تأثير ليس فقط فى سياسات البناء وتنمية المجتمع، ولكن أيضاً فى «السياسات العليا» (أصر على مصاحبة السادات إلى القدس بينما استقال إسماعيل فهمى وزير الخارجية). ولا يكون الوضع مختلفا مع الرئيس مبارك أو أى رئيس آخر فى هذا العالم المتشعب العلاقات.
قد يكون التأثير على القرار حتى من الخارج. باح لى زميل دراسة عمل لبلده الأفريقى بالأمم المتحدة بصعوبة الاتصال أحيانا بوزير خارجيته فى العاصمة عشية التصويت على قرار مهم، فاعتمد على نفسه فى اتخاذ القرار. ولذلك أصبحت خشيته أن يبيع من يخلفه صوت بلاده لمن يدفع أكثر، خاصة فى فتره الضائقة المالية التى تعانيها بعض هذه البلاد، وتأخر أو عدم وصول الرواتب. وهكذا فإن «شراء الأصوات» يعكس واقعًا معيشًا فى الانتخابات المحلية كما فى القرارات الدولية.
لا يمكن اختزال صنع القرار وليس اتخاذه فقط فى قمة السلطة التى نراها عادة وتركز عليها وسائل الإعلام، فقد يكون القرار قد صنع فعلا قبل أن يصل إلى مكتب الرئيس. لذلك إذا كنا نبغى التأثير فى سياسة معينة داخليا أو خارجيا فلنبتعد عن هذا التبسيط المخل. باختصار يجب أن يكون لنا تصور سليم عن صنع القرار وتشعباته لكى نقرر متى وعلى أى مستوى يكون صوتنا مسموعا وفاعلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.