بوابة شموس نيوز – خاص أن معركة الدولة مع الفساد تحتاج إلى تضافر جهود جميع الهيئات، خاصة أن جميع دول العالم تعاني من الفساد، ومن بينها مصر، حيث تتساوى خطورته مع الإرهاب. لان الفساد من شأنه أن يقضي على المساواة بين المواطنين ويؤدي إلى العشوائية في الإدارة، وتعميق الفجوة بين طبقات المجتمع، وانتشار الفوضى، وهناك أنواع للفساد كالإداري والمالي والأخلاقي. لذلك يجب تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالتنسيق مع الأجهزة الرقابية ووزارة التنمية من خلال تحويل أهداف الاستراتيجية إلى برامج عمل محددة، وسرعة إنجاز قانون الادارة المحلية بما يدعم وجود مجالس محلية وتطبيق اللامركزية مع ضرورة وجود شفافية في اعداد الخطط التنموية في كل محافظة ووحدة محلية. ويجب ان يكون قانون الادارة المحلية يتضمن انتخاب مجلس محلي لكل وحدة من وحدات الإدارة المحلية عن طريق الانتخاب المباشر ومعظم أعضاء المجالس المحلية من الشباب والفئات المتخصصة الواعية ويتمثل دورهم في توجيه طلبات الإحاطة والاستجواب وسحب الثقة من كافة مسئولي المحليات بما فيهم المحافظ ، كما عمل القانون الجديد على التقليل من السلطات التقديرية لأي من العاملين في المحافظات في اتخاذ القرار حتى لا تستغل هذه السلطة أو تكون موضعا للشبهات و فصل دور كل من الوحدات الرقابية اللصيقة بالقطاعات الخدمية بإنشاء لجان للتفتيش والمراقبة بوزارة الإدارة المحلية وهى تتبع الوزير وقد أناط بها المشرع مراقبة كافة الوحدات المحلية في البلاد ، كما يتم إنشاء لجان للتفتيش والمتابعة في المحافظات، وجود كثير من الأدوات التي نص عليها القانون الجديد لإنهاء جميع الخدمات التي تقدم للمواطنين للقضاء على الفساد ومراقبة جودة الأداء الخدمي ومدى فاعليته. الإدارة المحلية ملهاش دور من سنين طويلة، وفضلوا يضحكوا علينا ويقولولنا الفساد في المحليات للركب"، مما أدى إلى الإشارة للمشكلات التي تواجه الإدارة المحلية في مصر وتمنعها من تنفيذ مهامها، ومنها: غياب الاستقلالية، واختلال العلاقة بين المجالس الشعبية المحلية والمجالس التنفيذية، مما يجعل دورها شكلي فقط، وعدم قدرتها على تخصيص مواردها المالية المتاحة بالشكل الذي تراه، إلى جانب انتشار الفساد بين الوحدات المحلية. أ- تركيز اللامركزية علي المساءلة، حيث يؤدي الي توفير أداة قوية لمحاربة الفساد فاللامركزية لا تعبر فقط عن تحويل السلطات او المسئوليات وإنما تعني ايضا تحويل ونقل المساءلة، ويلاحظ ان وسائل مكافحة الفساد قد تكون مباشرة او غير مباشرة وتعتبر اللامركزية وسيلة غير مباشرة وفعالة في مكافحة الفساد، نظرا لما يؤدي اليه من ايجاد المساءلة والمحاسبة علي المستوي المحلي. ويمكن القول انه علي الرغم من امكانية حدوث الفساد علي جميع المستويات، فإن بعض الدراسات قد خلصت الي أنه أقل حدوثا في المستويات المحلية وهو ما تعكسه دراسة اللامركزية في أوغنذا والفلبين علي سبيل المثال، كما أنه وفقا للتقارير والدراسات الخاصة بالشفافية الدولية، فإن الفساد يمكن ان يعالج بصورة افضل في المستويات المحلية مقارنة بالمستويات القومية وهو ما تثبته التجربة الفنزويلية. ب- اللامركزية وتقليل حرية الحكومة المركزية في التصرف، فقد أظهرت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين الفساد وحرية التصرف، ولذلك فإن الإقلال من حرية البيروقراطية المركزية والتنفيذية في التصرف، وتقوية الحكومات المحلية من شأنه تقليل الفساد، وخصوما اذا ارتبط ذلك بتوافر شروط ومواصفات معينة علي المستوي اللامركزي او المحلي. ج – اللامركزية والمحاسبة، يمكن النظر الي اللامركزية باعتبارها أداة مهمة في مكافحة الفساد من خلال مواجهتها للنقص في الشفافية والمحاسبة في النظام الحكومي المركزي، فاللامركزية المالية تحديدا قد تؤدي الي توفير دافع مهم للسلوك الرقابي، وقد أثبتت الدراسات ذلك، حيث إن اللامركزية في جانب النفقات الحكومية قد ارتبطت بوضوح بدرجة اقل من الفساد. د – تقليل انحراف المسئولين علي المستوي اللامركزي، وهو ما أثبتته الدراسات وخصوصا في المناصب التي يتم توليها من خلال الانتخاب، حيث يحاول اصحاب هذه المناصب تعظيم فرص اعادة انتخابهم من خلال زيادة الاهتمام بالأهداف الاجتماعية ورغبات الاهالي علي المستوي المحلي وبتراجع الانحراف لأن من المفترض ان المُنتخب سيتجه الي الأفضل والأقدر علي خدمته. ه – تقليل الدافع للفساد الحكومي ففي حالات عديدة ومتكررة يكون انخفاض الرواتب والمكافآت للموظفين من الأسباب الرئيسية التي تدفعهم الي الحصول علي الرشاوي او الكسب غير المشروع والتربح وغير ذلك من أعراض الفساد، بينما إعطاء السلطة للمسئولين المحليين في تخصيص الموارد المحلية يجعل من السلطات المحلية غير مجبرة علي انتظار قرارات وموافقات البيروقراطية المركزية بل تتمتع السلطات المحلية بالاستقلالية في مجال الموارد المحلية وتخصيصها مما يمكنها من تحسين الحالة المالية للموظفين المحليين من خلال أداء جيد لهم وزيادة المكافأة عليه مما قد يسهم في الحد من الفساد. و – امكانية تحقيق مساءلة أكبر من خلال عملية التحول الديمقراطي، فقد انطوي التحول الديمقراطي في عديد من الدول النامية علي اتساع نطاق اللامركزية، فتبني اللامركزية لتكريس الديمقراطية بالمحليات يمكن ان يوفر أداة مهمة لمحاربة الفساد فتجربة تايلاند علي سبيل المثال في تعزيز اللامركزية قد نتج عنها مستويات أكبر من المشساركة المباشرة علي المستوي الشعبي مما دفع الجماهير الي التحرك ومكافحة الفساد، كما ساعدت المشاركة المجتمعية في كولومبيا علي ايجاد حكومات محلية فعالة وأكثر عرضة للمساءلة، كما أدي ذلك ايضا الي تحقيق تقدم في مكافحة الفساد في فيتنام وباكستان. وتوضح هذه الأمثلة والنماذج أن اللامركزية تسهم في حالات ونماذج معينة وبتوافر بعض الشروط والمتطلبات في مكافحة الفساد دون ان يعني ذلك أن اللامركزية مسئولة تماما وحدها عن التحسن في محاربة الفساد، بل يتطلب الأمر إضافة الي توسيع نطاق اللامركزية أن يكون هناك إصلاح اقتصادي حقيقي وادارة جيدة ونظام تقييم للنتائج والمخرجات، اضافة الي التنافس في مجال تقديم الخدمات. 3- الآثار السلبية اللامركزية (زيادة الفساد): ذهب بعض الباحثين الي نتائج معاكسة لما تقدم وخلصوا الي أن الفساد يمكن ان يكون أكثر انتشارا في الدول اللامركزية، وذلك لأن تداخل اختصاصات الخدمات العامة في ظل غياب التنسيق المركزي سيؤدي الي حدوث انقسامات غير محدودة وانتشار الرشاوي وتتعدد الوسائل والأساليب غير الأخلاقية من جانب المسئولين الفاسدين وتتعدد طرق إخفائها ويجد هذا الوضع تفسيره في ان اللامركزية وتفويض السلطة يمكن ان تساعد في ظهور سبل وطرق ومستويات جديدة للفساد، بالإضافة الي كون الحكومة المحلية اكثر ضعفا بالمقارنة بالحكومة المركزية واكثر ندرة في الكفاءات مقارنة بالمستوي المركزي فضلا عن عامل اخر قد يساعد علي زيادة الفساد علي المستوي اللامركزي وهو فقدان الثقة في نزاهة السلطات المحلية ومدي البعد عن العاصمة حيث تتجه احتمالات الفساد الي التزايد مع زيادة البعد عن العاصمة. كما يري البعض ان اللامركزية قد لا تؤدي دائما الي نتائج ايجابية في مكافحة الفساد السياسي خصوصا مع سيطرة النخب المحلية حيث تثبت التجربة الروسية وتجربة دول امريكا اللاتينية مع اللامركزية ان كثافة الخدمات العامة قد ترتفع بعد الاتجاه الي اللامركزية ولكن النخب المحلية تستطيع تحويل هذه الخدمات لتحقيق مصالحهم الشخصية علي حساب الشعب وربما يدفعنا ذلك الي التساؤل عن درجة الفائدة المتوخاة من تحويل بعض الخدمات الي اللامركزية في مصر مثل العلاج علي نفقة الدولة وهل يقضي ذلك علي الفساد الذي كان موجودا علي المستوي المركزي ام يزيد منه؟ ويمكن القول ان احتمال قيام اللامركزية بدورها كأداة لمحاربة الفساد قد يعوقها عدم قدرة الحكومة علي تصميم وتطبيق اللامركزية جيدا فالإدارة الضعيفة لمبادرات اللامركزية تساعد في مضاعفة بؤر الفساد وقد يفسر ذلك ايضا بضعف استعداد النظام السياسي لتطبيق اللامركزية الحقيقية مما يؤدي الي ظهور المشاكل والازمات مع تطبيق اللامركزية، ولذلك تثبت خبرة الفلبين والارجنتين علي سبيل المثال ان هناك موجات من المركزية واللامركزية اي تفويض السلطة والرجوع عن هذا التفويض في مرحلة لاحقة. كما يمكن ان تؤدي اللامركزية علي الاقل في الامد القصير الي زيادة الفساد في ادارات المحافظات والبلديات والتي لا تكون مؤهلة غالبا للتعامل مع المسئوليات الجديدة ولذلك فقد حذر البنك الدولي من ان تفويض وتحويل جزء كبير من موارد الدولة الي المستويات المحلية التي لا تمتلك خبرة سابقة كبيرة يؤدي الي المخاطرة بالمال العام والذي يساء استخدامه ففي ماليزيا علي سبيل المثال ادت سياسة الحزب الحاكم التي انتهجها لرفع حصص الاغلبية المأساوية في الاقتصاد الي زيادة ملحوظة في المحسوبية والمحاباة وفساد الادارة المحلية. وينشأ الفساد في ظل اللامركزية في احيان كثيرة لنقص المحاسبة والشفافية حيث يؤدي التكتم والسرية غالبا الي اساءة استخدام الموارد العامة ولذلك تلجأ عديد من النظم والحكومات الي إقامة مؤسسات وآليات بهدف زيادة الشفافية والمحاسبة في الحكومات اللامركزية. ويشمل ذلك ضرورة الالتزام بقواعد معينة للسلوك والتصرف او أداء قسم معين قبل تولي الوظيفة ووجود ضوابط وتوازنات علي مستوي الحكومة المحلية وزيادة مشاركة المواطنين كما انه تتم الاستعانة في بعض الحالات بالأجهزة المتخصصة في مكافحة الفساد لرقابة سلوك وانشطة موظفي الحكم المحلي. ويمكن القول إن تغليب المصالح الشخصية والسياسات الحزبية ومحاباة الأقارب تعتبر من اهم اسباب انخفاض المحاسبة والشفافية في الحكم اللامركزي حيث يقوم اعضاء المجالس المحلية الذين تسيطر عليهم النزعة الانانية بالاستفادة من الفرص الجديدة التي تتيحها الهياكل والابنية اللامركزية للحصول علي منافع شخصية، وفي هذه الحالة الاداة التي يمكن من خلالها ان تصبح الموارد التي كانت مركزية قريبة من النخبة المحلية والتي يمكن ان تمارس عملية نهب واستيلاء عليها مما يؤدي إلي تآكل وتراجع المحاسبة والشفافية ويساعد علي ظهور ونمو الفساد ويمكن في هذا الصدد الاشارة الي مثال من الهند حيث ادي إيجاد مجالس منتخبة ولا مركزية الموارد الي تزايد الفساد علي المستوي المحلي في ولاية كارناتاكا. ويستخلص مما تقدم ان البعض يري في اللامركزية احد التطبيقات الناجحة لمكافحة الفساد بينما يري البعض الاخر ان اللامركزية تهيئ الظروف المناسبة لانتشار الفساد ويمكن اثارة تساؤل في هذا الصدد يتعلق بمدي تأثير الفساد علي اللامركزية فمن الملاحظ ان الموظفين الفاسدين علي المستوي المركزي يمكن ان يمثلوا تيارا معارضا للامركزية لما يترتب علي الاخيرة من تنازلهم عن سلطات ومهام واختصاصات للمستويات المحلية مما يضعف من قدراتهم علي الاستئثار بالسلطة او القرار او اتخاذ القرارات فيما يتعلق بتوزيع الموارد ولذلك ورغبة في الاستئثار بهذه المهام والسلطات والاختصاصات فانهم يمثلون معارضة اللامركزية.