" إن هدف اللون الرئيسي هو ان يخدم التعبير ، فلتصوير منظر خريفي لن احاول تذكر آية ألوان تناسب هذا الفصل فلن يلهمني إلا الإحساس الذي يحركه في داخلي " يجب أن يتناغم العمل الفني في نسيجه الداخلي " . هنري ماتيس تحقق الفنانة / انصاف الغربي .. في اللوحة رقم ( 1 ) ، مقولة هنري ماتيس من خلال عمل " كطبيعة صامتة " ، استطاعت نقل إحساسها العميق وغوصها فيما تراه ، حتي وصلت إلي العمق الأبعد والأقصي في التكوين مدركة ذروة للجمال إحستها بعد أن رأتها كامنة في ثنايا المشهد البصري ذاته ، وبفرشاتها وتقنيتها في إختيار اللون ودرجاته الرهيفة والمتقاربة ، وبنعومة ملساء موحية ، و برقة عكستها درجات الإضاءة والسطوع المتناغم وسط " دكانة " متدرجة من لون يحقق بحتمية إختياره ، التناغم المفترض والمكمل للعمل من ناحية ، والمحقق للإحساس الذي حرك المبدعة بأدواتها وتقنياتها في مزج الألوان وإختيار أنسبها درجةَ وسطوعا للتأثير به ، وصولاَ لهذا الجمال المتحقق بذاته في التكوين نفسه ، وفي فضاء اللوحة كمشهد بصري ، يدعو المتلقي – مهما كان حجم ونوعية مخزونه الإدراكي والمعرفي عن الجمال – يدعوه بسلاسة ، ومن خلال البساطة المتحققة بإرادة المبدعة وقدراتها ، يدعوه لوقفة تأمل وإستكناه المستتر من خلال الدلالات التي إهتمت المبدعة بتهيئتها لتكون قريبة من الحس والإدارك لها في بساطة متناهية ، ولتحصل معنا المبدعة علي درجة لنرقي بها ومعها إلي العمل التالي . لوحة رقم ( 2 ) لوحة رقم ( 3 ) لوحة رقم ( 4 ) اللوحات رقم ( 2& 3 & 4 ) تتجلي فيهم بصورة أوسع وأرحب بالركائز التي اشرنا إليها وتعتمدها المبدعة اسلوباَ خاصا ممتدا في كل اعمالها فيما يبدو ومما هو تحت أيدينا من اعمال ، ألا وهو إعتماد التناغم اللوني في العمل ، مع إستخدامها لوناَ وحيدا بدرجات من المزج مع تحقيق التباين والتضاد ، ودرجات الإضاءة والسطوع في توزيع هارموني علي سطح اللوحة ، وحتي حين تستعين بألوان أو لون اخر ، نجدها تحرص أن يكون محددا بل ومحجما كعنصر متمم ومكمل وضروي و في أضيق الحدود ، ولا يتجاوز وظيفة او هدفا محددا لإستخدامه . ، إذن هي لم تهتم بلون الماء أو الشجر ، او الخلفية الضبابية الرمادية المعروفة عن مناظر وصورالمسطحات المائية بقواربها ، أو التكوينات المألوفة في الأعمال المشابهة او حتي ما في المخزون البصري ، لكن جّل همها هو إستجلاء جمالا جديدا مخالفا للمألوف وبتقنية تجيد إستخدامها مع أداة لونية تكاد تكون وحيدة و محددة ولتحقق من خلال التناغم اللوني متعة بصرية جديدة للمتلقي ، من ناحية ، وتبرز في نفس الوقت عنصراَ ما من عناصر الجمال من خلال محدودية الألوان ، والمقدرة الفنية و من خلال التقنية ، إن للجمال نفسه ما هو مألوف وما هو غير مألوف يدركه المبدع ، كما يدركه ويحسه المتلقي ، إذا ما تحققت درجة كبيرة من الإجادة في الإبداع ، بمكونات و آليات بسيطة ومحدودة تدعمها رؤية بصرية وفكرية يمتلكها المبدع ذاته . لوحة رقم ( 5 ) لوحة رقم ( 6 ) قادتنا اعمال المبدعة / أنصاف غربي … إلي الإضاءة الفكرية الذكية للفنان العالمي / هنري ماتيس ، والتي تتعلق باللون والتناغم في العمل الإبداعي ، كتقنية ومذهب إبداعي إستظل به العديد من الفنانيين بعده ، حتي صارت مدرسة عالمية و من خلالها ظهرات قدرات ، وتقنيات حديثة علي ايدي المبدعين وصار للجمال مرجعيات عدة ، يتبادلها المبدع مع المتلقي ، وبحجم المخزون الفكري والبصري لديهما يكون الحصاد الّحسيّ للجمال في كامل تألقه . ونحن نقترب من ختام قراءتنا للمتاح لنا من أعمالها ، تستوقفنا اللوحتين رقم ( 5 & 6 ) لنجد إبهارا جماليا حصدته ريشة الفنانة بالمرتكز السابق الإشارة إليه ( اللون والإتساق و التناغم علي مسطح اللوحة نفسها ) وكما اشرنا تلك هي عبقرية مبدعتنا في قدرتها المتميزة وحرفيتها الخاصة في الإستخدام الأمثل للون ودرجاته ودون مزاحمة بلون لن يضيف جديدا وهاما للعمل نفسه ، وفي الإطار والهدف الذي تسعي إليه الفنانة . * الجياد من الأيقوانات الشهيرة عند العديد من الفنانيين ، لما لها – اي الجياد – من جمال شكلي وحركي مألوف لدي المبدع والمتلقي ، ويجد كل منهما – المبدع والمتلقي – إحساساَ ورؤية بصرية ممتعة كبيرة ، ومع الإطلالة الإولي علي العملين نلمس وعيّ وقدرة الفنانة في إستخدام آلياتها المتمكنة منها ومن نقطة الإرتكاز الفكرية التي تنطلق منها ، فكما قلنا هي لا ترسم جيادا في لوحة ، هي تجسد صورة ما أو إحساسا جماليا في مخيلتها الوجدانية أو البصرية ، هو ليس وليد رؤية آنية او رؤية مسيقة تسترجعها ، بل تجميع رؤيات ، ولقطات متعددة مخزونة لديها بصورة ما ، وفي مكان ما ، تعرف كيف تستعيدها مرة اخري ن وقادرة أن تعيد تجسيمها ووضعها في عمل فني علي لوحة بألوان ومفرادت متناثرة تستقطبها ، وتعيد توزيعاها ونثرها علي اللوحة لتكمل هندسيا وفنيا مكملات الجمال الذي إستشعرته ، وترغب في مشاركتنا معها فيه . إذن ليست الجياد هي العمل ، لكن " جمال حركة الجياد وألوانها " هي الصورة نفسها ، بل هي لقطة " للجمال " يدركها الفنان فيما حوله ، ويعيد تصديرها ، أو عرضها علينا ، إذا مّا غفلنا نحن عن إقتناصها في لحظتها . في اللوحة رقم ( 6 ) تحديدا تبرز وتتحقق مقولة هنري ماتيس عن اللون، والتناغم والإتساق في اللوحة ، بقدر ما يحق للمبدعة ان تفخر ونفخر معها ، بقدراتها الإبداعية ، وعمق وعيها الفكري والبصري ، وفي حرفية إستخدامها لآلياتها ، ونجاحها في عدم الإفراط الذي ينزلق إليه الكثير من المبدعين بدعوي الحداثة ، والإبتكار ، والإضافة ، بمعني متي يستدير الفنان معطيا ظهره لعمله ولا يعود إليه مرة اخري ، متيحا لنا ولنفسه مساحة لإدراك الجمال الكامن في عمل المبدع لوحة رقم ( 1 )