قرية الأندلس باسبانيا لا أنعي وفاتك ولا أرثيك ببكائي لأنك فنان غير عادي فأنت وهج الإبداع الذي شكل بدم الوطن وألوان النضال أنت من ينشف مداد البحر لإنصافك ويعجز التعبير عن وصفك. لذا أودعك بفرح وأنا أعلم بأن نفسك المطمئنة رجعت لبارئها لتدخل في عباده وتدخل جنته، فحزني عميق على فقدان أخ نفيس وحبيب في الله له عندي شأن كبير وتقدير باسق خلد باحترام متبادل لما يتميز به من أخلاق فاضلة، رحمك الله ، فرغم أن الحظ لم يوفر لنا الاتصال المباشر على أرض الواقع، فقد كنت لي من مدة طويلة سندا حميما وناصحا مؤيدا وصديقا طاهرا بمعنى كلمة الصداقة وأستاذا في الإبداع أحاوره وأتبادل معه القراءات و النقد، وكم كنا نتطارح حكاية الوطن ومحنته فقد أحببت فيك الجولان أكثر وعشت سعادتها في فترة سلمها عبر لوحاتك وأحسست بعمق محنة سوريا الحبيبة ومحنة لاجئيها المتشردين وعذابك وأنت ترى عائلتك تعاني من بعدك وتتمزق… ومن خلال لوحاتك أحسست بسمو قيمة المرأة العربية وشموخها الأصيل ودورها الهادف بمقام في نهضة حضارة عروبة تحطمت بالفتن ولم تتنازل عن شرفها فبدا عنقها يتمدد الى الأعال في نخوة أنثوية جسدتها حورياتك حاملة معها حكاية الوطن بسعادته وحزنه، مرة تحكي باعتزاز عن كنوزه الذهبية المتضمنة في لغته العربية وأخرى توثق فيها جذوره التاريخية شاهدة على ما قدم الأجداد للإنسانية منذ بداية الحضارات وصولا للإسلام وما حمل من غنى البحوث والعلوم والفن… وكم أشرت أخي رحمك الله بمغفرته في لوحاتك لدلالات ومفاهيم تبر بالمضامين حين مزجت حوريتك مثلا بفرس أصيل عربي النوع كعلامة ايقونية لفرسان حموا البلاد والدين بفخر، وما أحوجنا اليهم اليوم وما أبكانا عليهم معك بدموع استشعرنا قطراتها تتساقط على وجه أنثاك بحزن عميق وعلى وجه فرسها، يتمرغان بوجع يوحي بأمل يسري في الوجدان بين الألوان والرموز المؤشرة لإحالات واعظة واعدة ورموز عريقة مستوحية من حكايات شعبية موزعة قصديا أثث بها مساحات فضائك التشكيلي وفضاء ذهن المتلقي ليستشف شفرتها بجمال ويتفاعل معها برغبة الدفاع ووجوب الحماية والاحتفاظ بأصولها والافتخار بالانتماء لها على الأمل في التحرير وفي العودة. وكم تمنيت العودة أخي عايش طحيمر وما تم ما تمنيت، لكنها ستتم بإذن الله ومعونته ثم بكفاح أبطال خططت لهم النصر عبر حكايات فنك البصري المتنوع الشاسع الراسخ الخالد بفضل الذي لا يهزم. رحمك الله أخي المبدع الإنسان عايش طحيمر فما توفيت لكنك لبيت دعوة خالقك والتحقت بربك الأعلى مبيض الوجه بما قدمت رسالتك النبيلة الشاهدة على نضالك الباقي الذي ستردده الأجيال وتتعلم منه لتواصل نهج خريطته التي خططتها باعتزاز، إن شاء الله. فأقول لك يا حبيبنا وحبيب الله نم يا غالي مرتاح البال، فربك أكرمك بندائه لكونك أنهيت مهمتك وأديت الأمانة بصبر وفلاح في دنيانا الفانية لتلقى ربك رافع الرأس عزيز النفس وتنعم في الدار الآخرة الباقية بما أوعد الحق تعال به الشهداء في سبيله فتدوم بين أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله. فافرح يا سيدي وسيد البطولة عايش طحمير بعلم المجد سيحلق إن شاء الله في سماء العروبة مرفرفا يأبى الاندحار والدنس، وسيبقى بإذن الحق إبداعك حيا ناطقا مصونا وبذرة بقائه مغروسة في أرض النقاء الوارف بسخاء كثراء لأجيال مجد الحاضر والمستقبل إن شاء الله.