توقفت الحياة منذ اسبوع …انفصل الزمان عن المكان …وأصبحت الاأسطورة ضربا من الخرافات الشعبية…لم تعد تسمع زقزقة العصافير فوق الأشجار في الحديقة المجاورة…قثارة مهجورة بلا ألحان تذكر…مسابقة موسيقية مرة لا تستسيغها الآذان… اختفى الصبية، كأشباح المساء.. الملعب فارغ..صامت.. لا صرخات …لا همسات …لا إشارات…الحياة تدنو من اللاحياة…اكتظت الغرفة بالغبار ..وأوراق الأشجار الصفراء تتطاير من اليمين إلى اليسار، أو من اليسار إلى اليمين…مخلفة فوضى الحروب في الزوايا…كما تفعل بها الأسئلة التي لاحقتها منذ أسبوع…طيف مرير يعكر صفو أيامها : "هل يكن لي ذات الشعور الذي طالما حظيت به منذ كنا طفلين يجري الواحد منا وراء الآخر ليمسك به، أو يمسك بحلو الحياة من خلاله ؟هل أسرق منه متعة تناول العشاء منفردا …؟ هل أنا رفيقته الآن كما قال لي ذات يوم..؟" تتلاقفها أيادي الغياب ،ويشع النور من فجوات النافذة ليعلن عن بواكر الصباح … "لم أصدق عيني ،ولم أكذب قلبي …منذ أسبوع وأنا أطلب الله ان يبهج ناظري بنور جديد..وكنت أعلم أني لا أطلب المستحيل…طالما وثقت بك…والأشباح تسرق الحياة مني …تسرق الضوء وتخفي عني الحياة خارج المنزل..لكن هطل المطر وبشر بقدوم فصل جديد لن تتركه يمضي هباء … "كتبت هذه الكلمات على المرآة بأحمر شفاهها؛ تبتسم ببراءتها المعتادة..وبريق عينيها ينير كضوء المصباح على المرآة..طبعت قبلة بريئة عل المرآة…وأقفلت الباب على أنوثتها …مودعة زمن القبح والموت..أخذت المنشفة لتجفف شعرها الكستنائي القصير…وراحت ترقص على أنغام "صباح"وتردد معها:"ساعات ،ساعات،أحب عمري وأعشق الحياة…". سمعت رنين الجهاز الصغير…وبدأت تقرأ:"صباح الخير يا قهوتي المرة…سكنت القصيدة وكل الدواوين القادمة: فرشت أهدابي..فلن تتعبي نزهتنا ..على دم المغرب في غيم وردية..بيتنا نسبح في بريقها المذهب" فتحت النافذة…وجلست على كرسيها الهزاز مقابل الشرفة وارتشفت قهوتها…وضعت الفنجان فوق الطاولة..رفعت رأسها إل السقف وتهيئ لها ..همست لنفسها :"أعادني لنزهة الأحد..طبعا،سرقته مني القصيدة..لم أشك في أن الشمس ستشرق من جديد". صبرة آيت هشام /المغرب الأبيات الشعرية للأسطورة نزار قباني.